Anda di halaman 1dari 2

‫خطبة الجمعة ‪ 19‬فبراير ‪2010‬‬

‫اإلسالم حرر العقل وحثه على النظر في الكون‬

‫اللھم لك الحمد حمداً كثيراً مباركا ً ملئ السماوات وملئ األرض وملئ ما بينھما‪ .‬الحمد! الذي ھدانا لھذا وما كنا‬
‫لنھتدي لوال أن ھدانا ﷲ‪ .‬الحمد! تعالى الذي أنعم علينا بنعمة العقل‪ .‬الحمد! الذي حرر عقل االنسان من قيود‬
‫األوھام والخرافات والكھنوت‪ .‬الحمد! الذي حرر عقل اإلنسان من معتقالت التقليد واتباع الھوى‪.‬‬
‫عباد ﷲ اتقوا ﷲ حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون‪.‬‬
‫نستكمل في ھذه الخطبة ان شاء ﷲ خصائص االسالم‪ .‬في خطبة اليوم سنتكلم عن المعقولية والمنطق في االسالم‪.‬‬
‫تمتاز العقيدة و الشريعة االسالمية بالبساطة والمنطق والمعقولية ألن مبادئھا واضحة بسيطة مفھومة يعقلھا كل ذي‬
‫عقل ويفھمھا كل ذي ثقافة ويستجيب لھا كل ذي فطرة سليمة‪.‬‬
‫إن العقل من أعظم نعم ﷲ على اإلنسان فبه يدرك ويميز‪ ،‬ويفھم و يستنبط‪ ،‬ويبتكر ويخترع‪ ،‬ويبني ويعمر‪ .‬وقد‬
‫حرص اإلسالم على تحرير العقول من كل سلطان يكبلھا ويعيقھا عن أداء دورھا في الحياة‪.‬‬
‫من بساطة اإلسالم ومعقوليته أنه أمر اإلنسان أن يفكر ويقدر ‪ ..‬ليصل إلى حقيقة اإليمان بواجد الوجود سبحانه‬
‫ويقر جز ًما واعتقادًا بوحدانيته المتفردة وقدرته المطلقة‪ .‬فھناك الكثير من األمثلة في القرآن التي تحث على التفكير‬
‫ٰ‬
‫ت‬
‫اوا ِ‬ ‫والتقدير للوصول إلى الحق كقصة سيدنا إبراھيم ورحلة البحث عن الخالق " َو َك َذلِكَ نُ ِري إِ ْب َرا ِھي َم َملَ ُكوتَ ال ﱠ‬
‫س َم َ‬
‫ض َولِيَ ُكونَ ِمنَ ا ْل ُموقِنِينَ "]األنعام‪ .[75:‬وأستمر في بحثه حتى أن ھداه ﷲ إلى الحق‪ .‬فقال تعالى على لسان‬ ‫َو ْاألَ ْر ِ‬
‫ش ِر ِكينَ " ]األنعام‪.[79:‬‬ ‫ض َحنِيفًا ۖ◌ َو َما أَنَا ِمنَ ا ْل ُم ْ‬
‫ت َو ْاألَ ْر َ‬
‫اوا ِ‬ ‫سيدنا إبراھيم "إِنﱢي َو ﱠجھْتُ َو ْج ِھ َي لِلﱠ ِذي فَطَ َر ال ﱠ‬
‫س َم َ‬
‫رغب اإلسالم في النظر في الكون‪ ،‬وحث على التدبر والتفكر في المخلوقات‪ ،‬وذلك للتعرف على عظيم قدرة ﷲ‬
‫ت ﱢألُولِي ْاألَ ْلبَا ِ‬
‫ب"‬ ‫ف اللﱠ ْي ِل َوالنﱠ َھا ِر َآليَا ٍ‬
‫اختِ َال ِ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬
‫ض َو ْ‬ ‫اوا ِ‬
‫س َم َ‬ ‫تبارك وتعالى وحكمته‪ ،‬قال تعالى‪" :‬إِنﱠ فِي َخ ْل ِ‬
‫ق ال ﱠ‬
‫]آل عمران‪ .[190:‬فيزداد بذلك اإليمان فيكون ما يكون من العبدوية الحقة‪ .‬قال تعال بعد أن بين في اآليه السابقة‬
‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬
‫ض‬ ‫اوا ِ‬
‫س َم َ‬
‫ق ال ﱠ‬ ‫عظمة خالق ھذا الكون‪" :‬الﱠ ِذينَ يَ ْذ ُكرُونَ ﱠ َ‬
‫ﷲ قِيَا ًما َوقُ ُعودًا َو َعلَ ٰى ُجنُوبِ ِھ ْم َويَتَفَ ﱠكرُونَ فِي َخ ْل ِ‬
‫اب النﱠا ِر" ]آل عمران‪[191:‬‬ ‫َربﱠنَا َما َخلَ ْقتَ ٰ َھ َذا بَا ِط ًال ُ‬
‫س ْب َحانَكَ فَقِنَا َع َذ َ‬
‫ومن بساطة ومعقولية اإلسالم أنه حرص على تحرير العقول من كل سلطان يكبلھا ويعيقھا عن أداء دورھا في‬
‫الحياة‪ .‬حررھا من قيود األوھام والخرافات والكھنوت‪ ،‬فحرّ م إتيان العرافين والكھنة وتصديقھم‪ ،‬واالعتقاد في‬
‫التمائم والرقى الشيطانية والودع‪ ..‬وكل ما كان من ھذا الباب‪.‬‬
‫عندما تحكمت الكنيسة الغربية بالسلطة والشعب‪ ..‬حاولت إجبار الناس على تبني نظريات علمية خاصة بھا‪..‬‬
‫واعتبرت الخروج عليھا والتفكير والنظر وإعمال العقل في مسائل الدين والدنيا‪ ،‬ھرطقة وكفرا‪ ..‬ودفع العلماء ثمنا ً‬
‫باھظا ً لخروجھم على تعاليم الكنيسة فصلب بعضھم وسجن آخرون‪ ..‬وعندما ضعف سلطان الكنيسة وانتصر‬
‫العلماء‪ ..‬طالبوا بالفصل الكامل بين الدين والعلم‪ ..‬وإبقاء الدين مجرد عالقة خاصة بين الفرد والرب‪ ..‬ومن ھنا‬
‫نشأت الخصومة بين الدين والعلم‪ ..‬انزوى بعدھا الدين في زاوية مھملة من زوايا المعابد‪ ..‬وانطلق العلم‪ ..‬المفيد منه‬
‫والضار‪ ..‬يتحكم باإلنسان والحياة‪ .‬فجاءت نظريات تطلق العقل بال حدود مما أدى إلى االنحراف‪ ..‬فالعقل مثل كل‬
‫الحواس‪ ..‬محدود بالزمان والمكان‪ ..‬ويختل ميزانه إن حاول الحكم علي غير المحدود‪ ..‬مثل أمور الروح والقدر‬
‫وأسماء ﷲ وصفاته وغيرھا من المسائل التي ال حكم للعقل عليھا‪ .‬ولھذا حدد اإلسالم مجال النظر العقلي في النافع‬
‫والمفيد‪ .‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪) :‬تفكروا في خلق ﷲ وال تفكروا في ﷲ فإنكم لن تقدروه قدره( أبو‬
‫نعيم في الحلية مرفوعا بسند ضعيف ومعناه صحيح‪.‬‬
‫إن عبادة العقل والتحاكم إليه ليس بجديد‪ ،‬بل ھو من يوم أن قال إبليس لربه‪" :‬أَنَا َخ ْي ٌر ﱢم ْنهُ َخلَ ْقتَنِي ِمن نﱠا ٍر َو َخلَ ْقتَهُ‬
‫ين" ]األعراف‪ .[12:‬لقد جعل إبليس لنفسه رأيا ً مع أمر ﷲ‪ ..‬استخدم عقله خارج حدود قدرته فضل وأض ّل‪.‬‬ ‫ِمن ِط ٍ‬
‫ورا ۖ◌ لﱠ َمن تَبِ َعكَ ِم ْن ُھ ْم َألَ ْم َألَنﱠ َج َھنﱠ َم ِمن ُك ْم أَ ْج َم ِعينَ "]األعراف‪.[18:‬‬ ‫ْ‬ ‫فكانت النتيجة أن "قَا َل ْ‬
‫اخ ُر ْج ِم ْن َھا َمذ ُءو ًما ﱠمد ُْح ً‬
‫ومن المعقولية أيضا ً أنﱠ اإلسالم حرر العقل من معتقالت التقليد والھوى إلغراقھا لصاحبھا في الضالل‪" :‬قَالُوا بَ ْل‬
‫ش ْيئًا َو َال يَ ْھتَدُونَ " ]البقرة‪ .[170:‬ثم ھو يأمر بالتثبت من‬ ‫نَتﱠبِ ُع َما أَ ْلفَ ْينَا َعلَ ْي ِه آبَا َءنَا ۗ◌ أَ َولَ ْو َكانَ آبَا ُؤ ُھ ْم َال يَ ْعقِلُونَ َ‬
‫ٰ‬
‫ص َر َوا ْلفُؤَ ا َد ُك ﱡل أُولَئِكَ َكانَ َع ْنه ُ‬ ‫س لَكَ بِ ِه ِع ْل ٌم ۚ◌ إِنﱠ ال ﱠ‬
‫س ْم َع َوا ْلبَ َ‬ ‫كل أمر قبل االعتقاد به واقتفائه " َو َال تَ ْقفُ َما لَ ْي َ‬
‫ُوال" ]اإلسراء‪ .[36:‬مسؤولية يحس معھا اإلنسان بعظم التبعة وھو يقدم على األمر‪ ،‬فال يأخذ األمور‬ ‫سئ ً‬ ‫َم ْ‬
‫باستخفاف‪ ،‬وال يأخذھا بال تثبت‪.‬‬
‫ومن بساطة ومعقولية الشريعة االسالمية أنھا تقبل التوبة من كل من يطرق باب ﷲ ‪ Υ‬تائبًا منيبًا صادقًا يقول ﷲ‬
‫ﷲِ َمتَابًا‪] ".‬الفرقان‪ ..[71:‬توبة مباشرة إلى ﷲ ال تحتاج إلى‬ ‫صالِ ًحا فَإِنﱠهُ يَت ُ‬
‫ُوب إِلَى ﱠ‬ ‫َاب َو َع ِم َل َ‬
‫تعالى " َو َمن ت َ‬
‫وساطة بين الخالق والمخلوق وقد نعت اإلسالم بشدة على أولئك الذين يخدعون الجماھير بكراسي االعتراف وبيع‬
‫صكوك الغفران ومنح الجنة وحرمان النار‪.‬‬
‫ومن بساطتھا ومعقوليتھا أنھا ربطت اإليمان بالحياة والعقيدة بالعمل الصالح ‪ ..‬فھناك الكثير من األحاديث الواردة‬
‫عن رسول ﷲ تذكرنا بأن المسلم ال يكون عند ﷲ مسل ًما إال إذا سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن ال يكون عند ﷲ‬
‫ﷲُ َع ْنھُ َما ع َْن النﱠبِ ﱢي َ‬
‫صلﱠى ﱠ‬
‫ﷲُ َعلَ ْي ِه‬ ‫ض َي ﱠ‬
‫ﷲِ ب ِْن َع ْم ٍرو َر ِ‬ ‫مؤمنًا إال إذا أمنه الناس على دمائھم وأموالھم ‪ .‬ع َْن َع ْب ِد ﱠ‬
‫ع ْنهُ‪ (.‬رواه البخاري‪ .‬وعن أبي‬ ‫ﷲُ َ‬ ‫سانِ ِه َويَ ِد ِه َوا ْل ُم َھا ِج ُر َمنْ ھ ََج َر َما نَ َھى ﱠ‬ ‫سلِ َم ا ْل ُم ْ‬
‫سلِ ُمونَ ِمنْ لِ َ‬ ‫َو َسلﱠ َم قَا َل )ا ْل ُم ْ‬
‫سلِ ُم َمنْ َ‬
‫ھريرة مرفوعاً )المؤمن من أمنه الناس على دمائھم وأموالھم( رواه الترمزي والنسائي‪.‬‬
‫ھذا ھو اإلسالم في بساطته و معقوليته وواقعيته‪.‬‬
‫أقول قولي ھذا واستغفر ﷲ العظيم لي ولكم فيا فوز المستفرين ويا نجاة التائبين استغفروا ﷲ العظيم‪.‬‬

‫المراجع‬
‫خصائص التصور اإلسالمي ‪ -‬سيد قطب‪،‬‬
‫نظرات في رسالة التعاليم ‪ -‬محمد عبد ﷲ الخطيب‪،‬‬
‫اإلسالم شريعة الزمان والمكان د‪ /‬عبدﷲ ناصح علوان‬
‫الفكر اإلسالمي الوسط مصطفى الطحان‬

Anda mungkin juga menyukai