Anda di halaman 1dari 9

‫‪1‬‬

‫‪Sami Aldeeb, dr en droit‬‬


‫‪Responsable du droit arabe et musulman‬‬
‫‪Institut suisse de droit comparé‬‬
‫‪Dorigny‬‬
‫‪1015 Lausanne‬‬
‫‪Tél. 0041 21 6924968‬‬
‫‪Fax 0041 21 6924949‬‬
‫‪Email : saldeeb@bluewin.ch‬‬
‫‪Homepage : www.sami-aldeeb.com‬‬

‫عالمية حقوق النسان وتنوع الثقافات والمرجعيات‬


‫اطروحات وحلول في العالم العربي والغربي‬

‫د‪ .‬سامي الذيب‬


‫مسؤول عن القسم العربي والسلمي‬
‫المعهد السويسري للقانون المقارن – لوزان‬

‫)محاضرة أعطيت لمنظمة العفو الدولية في الرباط في ‪(27/2/2000‬‬

‫أود أول أن أشير إلى أنى لن أتكلم عن السلم بل عن المسلمين‪ .‬فالسلم مثله مثل المسيحية‬
‫واليهودية تعبير مبهم ل وجود له على ارض الواقع‪ ،‬فان وجدتموه فادعوه يشرب القهوة عندي‪.‬‬
‫بينما الموجود هو المسلمون الذين يجتمعون على أمور ويفترقون على أخرى‪.‬‬

‫وليس القصد هنا الطعن في المسلمين بل تبيين نقاط الختلف بين حقوق النسان كما يفهمها‬
‫قطاع واسع منهم وبين حقوق النسان كما حددتها المم المتحدة‪ .‬كما سوف نبين كيف حاول‬
‫المسلمون أنفسهم حل هذا الختلف من اجل حياة افضل‪.‬‬

‫هذا وكلمي عن المم المتحدة ل يعني بحد ذاته قبول لهذه المنظمة بقدر ما هو قبول لحقوق‬
‫النسان‪ .‬فأنا من المطالبين بخروج العرب من هذه المنظمة التي ل تحترم مبادئها‪ .‬ويكفي هنا‬
‫ذكر آلف الطفال العراقيين الذين ماتوا ويموتون يوميا بسبب قرارات هذه المنظمة الجائرة‪.‬‬

‫تنقسم مداخلتي إلى خمسة محاور‬


‫‪ (1‬نقاط الخلف في مفهوم القانون‬
‫‪ (2‬نقاط الخلف في مفهوم حقوق النسان‬
‫‪ (3‬رد المسلمين على نقاط الخلف‬
‫‪ (4‬انتقال الخلف مع المهاجرين المسلمين إلى الغرب‬
‫‪ (5‬رد الغربيين على نقاط الخلف‬
‫‪2‬‬

‫‪ (1‬نقاط الخلف في مفهوم القانون‬

‫باختصار شديد هناك ثلثة مفاهيم للقانون‬

‫أ( القانون نتيجة اتفاق ديمقراطي‪ :‬فالشعب يقرر ما هو القانون الذي يحكمه تماما كما يقرر نوعية‬
‫جبنة ‪ Fromage de Gruyère‬التي يريد أن يأكلها‪ :‬مع ثقوب كبيرة أم صغيرة‪ ،‬مع ملح أم دون‬
‫ملح‪.‬‬

‫ب( القانون نتيجة قرار ديكتاتوري‪ :‬فالدكتاتور يضع القانون الذي يحكم الشعب دون أخذ رأيهم‬
‫ويقطع راس المخالفين‪.‬‬

‫ج( القانون نتيجة الدين والوحي‪ :‬يقوم شخص بادعاء النبوة وانه على اتصال بال فيفرض قانون‬
‫باسم ال على شعب بعد إحكام السيطرة عليه بالترهيب والترغيب‪ .‬ثم يقوم اتباعه بقطع رؤوس‬
‫المخالفين‪ .‬وهكذا يجتمع الدكتاتور والنبي في خانة واحدة‪ .‬وعلى سبيل المثال يقول كل من‬
‫الحاخام والفيلسوف اليهودي موسى ابن ميمون‪ 1‬والشيخ المسلم محمد متولي الشعراوي‪ 2‬بأن كل‬
‫من يرفض تطبيق شريعة ال يجب قتله‪.‬‬

‫والقانون الناتج عن الوحي نص ل يتغير بخلف القانون الديمقراطي‪ .‬فليس هناك طبعة ثانية‬
‫منقحة للتوراة والنجيل والقرآن‪ .‬فما ُكتب فقد ُكتب‪ .‬وما على الناس إل تنفيذ النص الديني أو‬
‫التحايل عليه وتحميله ما قد يحتمل أو ما ل يحتمل من التفاسير لتيسير أوضاعهم والحد من‬
‫سطوته عليهم‪ .‬ولو إنهم اعتبروه نصا تاريخيا إبن زمانه ومكانه لما احتاجوا لمثل هذا التحايل‬
‫على النص الديني‪.‬‬

‫ويلحظ انه كلما كان النص الديني مشبعا بالقواعد القانونية الدنيوية‪ ،‬كلما كان تعامل الشعب معه‬
‫أكثر صعوبة وأقل حرية‪ .‬وهذا هو وضع التوراة والقرآن بما يتضمنا من تفاصيل قانونية مملة‬
‫بخلف النجيل الذي هو نص أخلقي وليس نص قانوني إل نادرا‪ .‬وهذا ما جعل الغربيين‬
‫المسيحيين يأخذون بالقانون الروماني الوضعي العلماني‪.‬‬

‫‪ (2‬نقاط الخلف في مفهوم حقوق النسان‬

‫مفهوم القانون يؤثر على مفهوم حقوق النسان ذاته‪ .‬ويمكن هنا التفريق بين المفهوم الديكتاتوري‬
‫الديني لحقوق النسان والمفهوم الديمقراطي العلماني الوضعي لتلك الحقوق‪.‬‬

‫أ( المفهوم الديمقراطي العلماني الوضعي لحقوق النسان‬

‫حسب هذا المفهوم‪ ،‬تنبع حقوق النسان عن الشعب الذي يقرر حقوقه من خلل ممارسته لسيادته‪.‬‬
‫فالعلن العالمي لحقوق النسان وغيره من وثائق صادرة عن المم المتحدة نابعة عن إرادة‬
‫البشر بقصد تأمين العيش بسلم‪ .‬وليس في هذه الوثائق أي ذكر ل الذي تم إبعاده لنه يفرق ول‬
‫يوحد‪ .‬وهذا المفهوم لحقوق النسان يتميز في كونه يقر مبدأ المساواة أمام القانون دون تمييز على‬
‫أساس الدين أو الجنس‪.‬‬
‫‪Moïse Maïmonide : Le livre de la connaissance, PUF, Paris, pp. 99-100 1‬‬
‫‪ 2‬محمد متولي الشعراوي‪ :‬قضايا إسلمية‪ ،‬دار الشروق‪ ،1977 ،‬ص ‪.29-28‬‬
‫‪3‬‬

‫ب( المفهوم الديكتاتوري الديني لحقوق النسان‬

‫حسب هذا المفهوم‪ ،‬تنبع حقوق النسان ليس عن الشعب بل عن شخص خارج عنه‪ .‬فالسيادة‬
‫حسب هذا المفهوم ليس للشعب‪ ،‬بل ل )أو الديكتاتور(‪ .‬فل يحق للشعب اخذ قرار حيثما وجد‬
‫نص واضح الدللة‪ .‬وعلى خلف المفهوم الديمقراطي‪ ،‬فإن هذا المفهوم لحقوق النسان يتميز في‬
‫كونه ل يقر المساواة أمام القانون دون تمييز على أساس الدين أو الجنس‪ .‬وهذا المفهوم تسير‬
‫عليه كل من النظم العربية السلمية الحالية والتيارات السلمية المعارضة لهذه النظم‪ .‬ونجد‬
‫تأثير هذا المفهوم في مجالت عدة نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬في مجال الحقوق السياسية‪ :‬إذا ما تمعنا في القرآن وجدناه يفرق ما بين حزب ال وحزب‬
‫الشيطان‪ .‬وبناء على هذه النظرة قام الفقهاء قديما‪ ،‬ومنهم ابن تيمية‪ ،‬بمنع نشوء أحزاب‬
‫سياسية ل تأخذ الدين قاعدة لها‪ .‬وهذه الخلفية سبب لعدم نشوء ثقافة وممارسة سياسية تقبل‬
‫بتعدد الحزاب بصورة ديمقراطية في العالم العربي السلمي‪ .‬ونجد امتدادا لهذه النظرة في‬
‫مشروع الدستور السلمي الذي وضعه الزهر ومشروع الدستور السلمي الذي وضعه‬
‫حزب التحرير السلمي )الفلسطيني(‪ .‬وكل منهما يرفض وجود حزب غير إسلمي‪.3‬‬

‫‪ -‬في مجال حقوق المرأة‪ :‬كلنا نعرف نقاط التمييز ضد المرأة النابعة من منطلق ديني‪.‬‬
‫ونذكر منها تعدد الزوجات‪ ،‬والطلق بيد الرجل‪ ،‬وعدم المساواة بين الرجل والمرأة في‬
‫الميراث‪ ،‬وحرمانها من الوصول إلى مناصب عامة مثل القضاء وغيره‪ .‬وإن كان صحيحا‬
‫انه حدث تقدم في بعض الدول العربية السلمية في إزالة بعض اوجه التمييز ضد المرأة‪ ،‬إل‬
‫أن التيارات السلمية ما زالت ترفض مثل هذا التقدم من منطلق ديني‪ .‬وقد تحفظت الدول‬
‫العربية ضد وثائق المم المتحدة التي تقر بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة‪ .‬وكان تحفظها‬
‫من منطلق ديني‪.‬‬

‫‪ -‬في مجال حرية الرأي‪ :‬نعرف جميعًا الحدود لحرية الرأي التي ترتكز على منطلق ديني‪.‬‬
‫ويكفي هنا ذكر شنق محمود محمد طه في السودان‪ ،‬وقتل فرج فودا في مصر‪ ،‬وحادثة أبو‬
‫زيد الذي طلقته محكمة النقض المصرية من امرأته بدعوى الردة فهربا إلى هولندا‪.‬‬

‫‪ -‬في مجال الحرية الدينية‪ :‬ما زالت أكثرية المسلمين وأنظمتهم تعتبر المسلم الذي يترك‬
‫دينه مقترفًا لجريمة الردة مع أن الردة ليست جريمة بل حق مقدس‪ .‬فليس لحد أن ُيجَبر في‬
‫عبادة ال بخلف ما يقتنع فيه ضميره‪ .‬وإن كانت قوانين الدول العربية ل تنص جميعها على‬
‫قتل المرتد عمل بالحديث النبوي )من غير دينه فاقتلوه(‪ ،‬فإنها تمنع المرتد من الزواج‪،‬‬
‫وتعتبر الردة بعد الزواج سببا لفصله عن زوجته وحرمانه من أطفاله ومن حقه في الميراث‬
‫وتصفية ميراثه‪ ،‬كما انه يحرم من عمله ويضطر على ترك بلده للنجاة من الموت‪ .‬ونشير هنا‬
‫انه بخلف من يترك السلم فان من يترك دينه ليدخل السلم ُيرحب به‪ .‬وهذا يعني أن‬
‫الحرية الدينية في اتجاه واحد‪.‬‬

‫‪ -‬في مجال القليات الدينية‪ :‬صحيح أن لهل الذمة حقوق اعترف بها المسلمون ولكن لم‬
‫يتم العتراف بمن ل يدين بغير دين سماوي‪ .‬فحتى يومنا هذا ترفض الدول العربية‬
‫العتراف بالبهائيين وتعتبرهم مرتدين‪ .‬وحقوق أهل الذمة ما زالت تخضع لقيود مخالفة‬
‫‪ 3‬انظر ترجمة الدستورين في كتابي ‪Sami A. Aldeeb Abu-Sahlieh : Les musulmans face aux‬‬
‫‪.droits de l'homme, Winkler, Bochum, 1994, pp. 528 et 541‬‬
‫‪4‬‬

‫لحقوق النسان حتى يومنا هذا‪ .‬وعلى سبيل المثال يمنع الذمي أن يتزوج من مسلمة بينما‬
‫يسمح للمسلم اخذ نساء الذميين‪ .‬والذمي الذي يتزوج من مسلمة يعتبر مقترفًا إثما ل ُيغتفر‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى وجود آلف من المسيحيين الذين يعملون في السعودية ُيحرمون من حق إقامة‬
‫شعائرهم الدينية وُيمنعون من إقامة كنائس لهم هناك رغم أن السعودية هي التي تبني الجوامع‬
‫في الدول الغربية‪.‬‬

‫‪ -‬العقوبات الجسدية وسلمة الجسد‪ :‬ما زال عدد من الدول السلمية ينفذ العقوبات‬
‫الشرعية مثل الجلد وقطع الطراف والرجم والعدام وعقوبة القصاص )العين بالعين والسن‬
‫بالسن( من منطلق ديني‪ .‬وهذه العقوبات الشرعية مخالفة لحقوق النسان أدانتها منظمة العفو‬
‫الدولية‪ .‬وما زال المسلمون يمارسون ختان الذكور والناث في عدد من الدول السلمية من‬
‫منطلق ديني‪ .‬حتى أن شيخ الزهر جاد الحق اصدر فتوى يقول فيها‪) :‬الختان للرجال سنة‬
‫وهو من الفطرة وهو للنساء مكرمة فلو اجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم المام لنه‬
‫من شعائر السلم وخصائصه(‪ .4‬وقد بينت في كتابي )ختان الذكور والناث عند اليهود‬
‫والمسيحيين والمسلمين(‪ 5‬بأن كل من الختانين مخالف لروح القرآن‪.‬‬

‫‪ -‬الرق‪ :‬ما زال هناك حتى في عصرنا من يدافع عن الرق من منطلق ديني إسلمي‪.‬‬
‫ونذكر في هذا المجال العالم السلمي الباكستاني الكبير المودودي‪ ،6‬وعضو البرلمان‬
‫المصري الشيخ صلح أبو إسماعيل‪ ،7‬والستاذ الجامعي المصري احمد حمد احمد‪ .‬وقد‬
‫اقترح هذا الخير قانونا موحدا للجيوش السلمية يوضح فيه إمكانية استرقاق السرى‬
‫وتقسيم نساء العداء على جنود المسلمين كسبايا‪ .‬وهذا القانون في نظره يجب أن يحل محل‬
‫معاهدات جنيف‪.8‬‬

‫‪ (3‬رد المسلمين على نقاط الخلف‬

‫بطبيعة الحال ل يتفق كل المسلمين مع هذه المخالفات لحقوق النسان ذات المنطلق الديني‪ .‬فالعالم‬
‫العربي السلمي يعرف اتجاهات فكرية كثيرة منها المتزمتة دينيا ومنها الرافضة لمثل هذا‬
‫التزمت‪ .‬ونذكر هنا بعضها على سبيل المثال‪:‬‬

‫‪ -‬المتزمتون دينيًا‪ :‬هذا التجاه ل ينتقد مخالفات حقوق النسان المذكورة أعله إل نادرًا‪ .‬ل‬
‫بل يطالب النظمة السياسية في اتخاذ مواقف اكثر اتفاقًا مع مفهومهم للدين والقرآن‪ ،‬والتخلي‬
‫عن القوانين الحالية‪ .‬وقد وضع عدد من التجاهات المتزمتة مشاريع دساتير مختلفة تتفق مع‬
‫مفهومها للدين‪ .9‬وإذا ما طبقت هذه الدساتير فمن المؤكد بان انتهاكات حقوق النسان في‬

‫‪ 4‬نص الفتوى كامل في كتابي‪ :‬سامي الذيب‪ :‬ختان الذكور والناث عند اليهود والمسيحيين والمسلمين‪ :‬الجدل‬
‫الديني‪ ،‬رياض الريس‪ ،‬بيروت‪ ،‬عام ‪ ،2000‬ص ‪.448-439‬‬
‫‪ 5‬سامي الذيب‪ :‬ختان الذكور والناث عند اليهود والمسيحيين والمسلمين‪ :‬الجدل الديني‪ ،‬رياض الريس‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫عام ‪.2000‬‬
‫‪ 6‬أبو العلى المودودي‪ :‬السلم في مواجهة التحديات المعاصرة‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الكويت‪ ،1978 ،‬ص ‪.109-63‬‬
‫‪ 7‬صلح أبو إسماعيل‪ :‬الشهادة‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1984 ،‬ص ‪.79-78‬‬
‫‪ 8‬احمد حمد احمد‪ :‬نحو قانون موحد للجيوش السلمية‪ ،‬مكتبة الملك فيصل السلمية‪ ،‬الدوحة‪ ،1988 ،‬المواد‬
‫‪ 52‬و ‪.194-191‬‬
‫‪ 9‬انظر ترجمة لخمسة من هذه الدساتير في كتابي ‪Sami A. Aldeeb Abu-Sahlieh : Les musulmans‬‬
‫‪.face aux droits de l'homme, Winkler, Bochum, 1994, pp. 523-569‬‬
‫‪5‬‬

‫الدول السلمية سوف تزداد حدة‪ ،‬خاصة في مجال الحزاب السياسية وحرية الرأي وحقوق‬
‫المرأة وغير المسلمين وتطبيق قانون العقوبات‪ .‬ونشير هنا إلى أن الجامعة العربية قد‬
‫وضعت مشروعا لقانون عقوبات موحد لجميع الدول العربية يتفق مع موقف المتزمتين‪ .‬وان‬
‫دخل هذا المشروع حيز التنفيذ فسوف يكون نكسة كبرى لعالمنا العربي والسلمي‪.‬‬

‫‪ -‬إبقاء الوضع كما هو‪ :‬بمواجهة التجاه المتزمت دينيا هناك التجاه الحكومي في بعض‬
‫الدول مثل مصر التي ل تريد تغيير الوضع‪ .‬فمن جهة ل تريد تغيير مواد قوانين الحوال‬
‫الشخصية المخالفة لحقوق النسان في مجال المرأة وغير المسلمين‪ ،‬وذلك حتى ل تغيظ‬
‫التجاه الديني المتزمت‪ .‬ومن جهة أخرى ترفض ترك قانون العقوبات لحلل الشريعة‬
‫السلمية مكانه كما يطالب التجاه المتزمت‪.‬‬

‫‪ -‬التفريق بين المكي والمدني في القرآن‪ :‬هناك اتجاه يفرق بين القرآن المكي )الذي نزل في‬
‫مكة قبل استلم النبي محمد الحكم( والقرآن المدني )الذي نزل في المدينة بعد استلم النبي‬
‫محمد الحكم(‪ .‬فمن المعروف أن القرآن المدني هو الذي يحتوي على اليات ذات الطابع‬
‫القانوني التي تخلق مشاكل في مجال حقوق النسان في أيامنا عند المسلمين‪ ،‬بينما القرآن‬
‫المكي فهو ل يتضمن قواعد قانونية بل يكتفي بوضع مبادئ عامة تؤكد على مبدأ المساواة‬
‫بين الجميع دون تمييز جنسي أو ديني‪ .‬ولذا فالقرآن المكي ل يتعارض مع حقوق النسان‪.‬‬
‫ولهذا السبب يعتبر البعض أن القرآن المكي هو الذي يعبر عن روح السلم بخلف القرآن‬
‫المدني الذي تضمن تنازلت من قبل النبي محمد لهل زمانه‪ .‬وعليه فإن القرآن المكي ينسخ‬
‫القرآن المدني‪ .10‬وقد قادت هذه النظرية الجريئة صاحبها وهو الستاذ محمود محمد طه‬
‫السوداني إلى حبل المشنقة عام ‪1985‬بتحريض من الزهر وتصفيق من عدد من الهيئات‬
‫الدينية السلمية الخرى‪.‬‬

‫‪ -‬التفريق بين القرآن والحديث‪ :‬هذا التجاه يقول بأن القرآن هو وحده كلم ال وله وحده‬
‫الطاعة‪ .‬أما الحديث فأكثره ملفق ومنسوب زورا للنبي ول طاعة له‪ .‬ومن بين مؤيدي هذا‬
‫التيار العقيد معمر القذافي ومواطنه القاضي مصطفى كمال المهدوي الذي كتب كتابا بعنوان‬
‫)البيان بالقرآن(‪ .11‬وقد تعرض هذا القاضي إلى محاكمة بالردة وحملة شرسة من قبل رجال‬
‫الدين المسلمين في بلده وخارجه‪ .‬وقد انتهت محاكمته بحكم متناقض اقر بتبرئته وفي نفس‬
‫الوقت بمنع كتابه‪ .‬ومن مؤيدي هذا التجاه نذكر المصري رشاد خليفة الذي اشتهر بنظريته‬
‫‪12‬‬
‫حول العجاز العددي للقرآن‪ ،‬مرتكزًا على العدد ‪)19‬الذي جاء في سورة المدثر ‪. (74:30‬‬
‫ولكنه بعد ذلك اصدر كتيبًا يرفض فيه الحديث النبوي الذي اعتبره من كلم البشر‪ ،‬ل بل من‬
‫عمل الشيطان‪ .13‬وعلى اثر إعلنه عن هذا الموقف‪ ،‬سقطت شهرته وصدر ضده عدد من‬
‫الفتاوى تعتبره مرتدًا‪ .‬وقد تم اغتياله على يد أحد المسلمين في عام ‪.1990‬‬

‫‪ -‬تأويل القرآن‪ :‬هناك عدة محاولت لتأويل القرآن للتغلب على المشاكل الناتجة عن بعض‬
‫آياته‪ .‬وقد لجأت حركات نسائية مغاربية تضم نساء من تونس والجزائر والمغرب إلى هذا‬
‫السلوب‪ .‬فبدل من التخلي عن نصوص القرآن المعارضة لحقوق النسان حاولت هذه‬
‫الحركات تقديم تأويل تقدمي لهذه النصوص للغاء هذه المعارضة ولسكات المتزمتين دينيًا‪.‬‬
‫وقد أصدرت مشروعًا للحوال الشخصية يلغي كل أنواع التمييز ضد المرأة وغير المسلمين‬
‫‪ 10‬عرضت هذه النظرية في كتاب محمود محمد طه‪ :‬الرسالة الثانية من السلم‪ ،‬أم درمان‪.1986 ،‬‬
‫‪ 11‬مصطفى كمال المهدوي‪ :‬البيان بالقرآن‪ ،‬الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والعلن‪ ،‬مصراتة‪1990 ،‬‬
‫‪ 12‬رشاد خليفة‪ :‬معجزة القرآن الكريم‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت‪.1983 ،‬‬
‫‪Rashad Khalifa: Quran, Hadith and Islam, Islamic productions, Tucson, 1982 13‬‬
‫‪6‬‬

‫أطلقت عليه اسم )مائة إجراء ومقتضيات من اجل تقنين مغارب بروح المساواة في مادة‬
‫الحوال الشخصية وقانون السرة(‪ .‬وهذا المشروع‪ ،‬انطلقا من هذا التأويل التقدمي‪ ،‬يلغي‬
‫تعدد الزوجات‪ ،‬ويلغي حق الرجل في تطليق امرأته بإرادته المنفردة‪ ،‬ويمنح المساواة بين‬
‫الرجل والمرأة في الميراث‪ ،‬ول ينص على مانع الردة للزواج‪ ،‬ويسمح بزواج المسلمة من‬
‫رجل غير مسلم‪ ،‬ول يحرم الغير مسلم من ميراث المسلم‪ .‬وقد تم نشر هذا المشروع أيضا في‬
‫لبنان بتحريض مني من قبل )منظمة حقوق الناس(‪.‬‬

‫‪ -‬إلغاء مفهوم الوحي‪ :‬إن كانت التجاهات السابقة الذكر تحاول التشديد على ضرورة‬
‫احترام شرع ال أو محاولة التحايل عليه بالمراوغة أو التأويل‪ ،‬فإن هناك من رأى اختصار‬
‫الطريق برفض فكرة الوحي والنبياء جملة وتفصيل لعطاء النسان الحق في تقرير‬
‫المصير بدل من إخضاعه لرادة خارجية غيبية‪ .‬ونذكر في هذا المجال الطبيب والفيلسوف‬
‫الكبير محمد بن زكريا الرازي الذي يعتبر أحد اكبر الشخصيات في الحياة الفكرية السلمية‬
‫على مر عصورها حسب قول الستاذ عبد الرحمن بدوي‪ .‬وقد كان الرازي قد كتب كتابًا‬
‫عنونه )مخاريق النبياء( لم يبقى لنا منه إل فقرات ضمن ردود أعدائه عليه‪ .‬كما هناك كتابه‬
‫المسمى )الطب الروحاني(‪ .‬ويتبين من هذا وذاك أن الرازي يؤكد على أن العقل يكفي وحده‬
‫لمعرفة الخير والشر فل مدعاة لرسال النبياء لقيادة البشر‪ .‬فإرسال النبياء هذا تفضيل ل‬
‫تبرير له لبعض القوم على بعض ومدعاة للشقاق بين الناس‪ .‬فالعقل هو المرجع للنسانية‬
‫وليس الوحي‪ .14‬وفي عصرنا هناك موقف مشابه اتخذه الفيلسوف المصري زكي نجيب‬
‫محمود الذي يطالب قبل أن يتاح لنا استنبات زرع جديد أن تقتلع من تربتنا الثقافية نظرة‬
‫العربي بأن السماء قد أمرت وعلى الرض أن تطيع‪ ،‬وأن الخالق قد خط وخطط وعلى‬
‫المخلوق أن يقتنع بالقسمة والنصيب‪ ،‬وأن المنقول إذا ما تناقض مع المعقول ضحينا بالمعقول‬
‫ليسلم المنقول‪ .15‬وهناك المفكر والكاتب المصري حسين فوزي الذي التقيت به في ‪ 8‬سبتمبر‬
‫‪ 1977‬وسألته كيف يمكن التعامل مع الحركات السلمية التي تطالب بتطبيق شرع ال الذي‬
‫جاء في الكتب السماوية علي يد النبياء‪ .‬وكان رده أن ال قد خلق البشرية في ستة أيام ثم‬
‫ذهب ليستريح في اليوم السابع كما جاء في التوراة‪ .‬وبما انه رأى قبل استراحته أن كل ما‬
‫عمله حسن حسب قول التوراة‪ ،‬فلم يكن هناك داع لرجوعه للعمل في اليوم الثامن‪ .‬وعليه لم‬
‫يكن له مجال لرسال النبياء‪ .‬فالنبياء لم يحصلوا على أي تفويض من ال بل كل منهم جاء‬
‫بناء علي تفويض ذاتي ل دخل ل فيه‪ ،‬وما إدعاؤهم بان ال أرسلهم للبشرية إل حيلة للسيطرة‬
‫على الغير وإسكات معارضيهم‪.16‬‬

‫‪ (4‬انتقال الخلف مع المهاجرين المسلمين إلى الغرب‬

‫إذا ما نظرنا في كتب الفقهاء القدامى نرى انهم يمنعون إقامة المسلمين في ديار الكفار ويطالبونهم‬
‫بالهجرة منها إلى ديار السلم حتى يتمكنوا من تطبيق الشريعة‪ .17‬ولكن مع تغير الوضاع‬
‫القتصادية والجتماعية اخذ المسلمون يهاجرون للدول الغربية بحثًا عن لقمة العيش وطلبا للعلم‪.‬‬
‫وقد حمل المهاجرون المسلمون معهم عاداتهم كما حملوا ملبسهم‪ .‬وإن حاولوا التأقلم مع محيطهم‬
‫الجديد الغير مسلم‪ ،‬إل أن بعضهم حاول العيش هناك على طريقة تتفق وما يعتقد بأنه جزء من‬

‫‪ 14‬عبد الرحمن بدوي‪ :‬من تاريخ اللحاد في السلم‪ ،‬سينا للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،1993 ،‬ص ‪.241-234‬‬
‫‪ 15‬زكي نجيب محمود‪ :‬تجديد الفكر العربي‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،1974 ،‬ص ‪.294‬‬
‫‪ 16‬انظر حول فكر حسين فوزي كتابي ‪Sami A. Aldeeb Abu-Sahlieh : L’impact de la religion sur l'ordre‬‬
‫‪.juridique, cas de l'Egypte, Editions universitaires, Fribourg, 1979, p. 134‬‬
‫‪ 17‬انظر مقالي‪Sami A. Aldeeb Abu-Sahlieh : La migration dans la conception musulmane, in Oriente :‬‬
‫‪moderno, année XIII, no 7-12, 1994, pp. 219-283‬‬
‫‪7‬‬

‫معتقده الديني‪ .‬وقد حدث نتيجة لذلك تصادم بين معتقدات المسلمين المهاجرين وبين النظام‬
‫القانوني والجتماعي للدول الغربية المضيفة‪ .‬ونعطي هنا بعض المثلة على ذلك التصادم‪:‬‬

‫‪ -‬الحرية الدينية‪ :‬يحاول المسلمون في الغرب التبشير بمعتقداتهم الدينية من خلل القناع‪،‬‬
‫ل في اجتذاب عدد من الغربيين إلى ديانتهم‪ .‬إل أن بعض‬‫ولهم الحق في ذلك‪ .‬وقد نجحوا فع ً‬
‫الساليب تؤخذ عليهم لكونها صيد في المياه العكرة كما هو المر عندما يفرض اعتناق‬
‫ل على من يريد التزوج من مسلمة )انظر النقطة التالية(‪ .‬وهناك محاولت‬ ‫السلم وإن شك ً‬
‫للضغط المباشر وغير المباشر على المسيحية التي تتزوج مسلم لكي تغير دينها )من خلل‬
‫حرمانها من الميراث أو من الحضانة إلخ(‪ .‬وعلى العكس من الحرية التي يتمتع بها‬
‫المسلمون في التبشير بدينهم في الغرب‪ ،‬فإنهم يرفضون العتراف بنفس الحرية للخرين‪.‬‬
‫ومن يتجرأ من المسلمين على تغيير دينه حتى في الغرب يعيش في حالة خوف دائم من‬
‫المسلمين‪ .‬وأنا اعرف شخصيًا مغاربة وسوريين وعراقيين مسلمين اصبحوا مسيحيين‬
‫ولكنهم يخفون هويتهم بسبب هذا الخوف‪.‬‬

‫‪ -‬الزواج‪ :‬ل تقبل الدول الغربية بالنتماء الديني كمانع للزواج‪ .‬وعليه فإن الرجال‬
‫المسلمين قد تزوجوا مع كثير من المسيحيات الغربيات‪ .‬إل أن هؤلء المسلمين رفضوا أن‬
‫تتزوج أخواتهم وبناتهم مع الرجال الغير مسلمين من منطلق ديني إل إذا تحولوا إلى السلم‪.‬‬
‫وقد أدى مثل هذا الزواج دون تغيير الدين إلى مشاكل أوصلت بعض المسلمين إلى السجن أو‬
‫حملتهم إلى خطف النساء المسلمات التي تجرأت على مخالفة الشريعة السلمية‪.‬‬

‫‪ -‬الميراث‪ :‬ل يفرق القانون الغربي بين الرجل والمرأة في الميراث كما تفعل الشريعة‬
‫السلمية‪ .‬وقد حدثت بعض قضايا طالبت فيها النساء المسلمات القضاء الغربي عدم تطبيق‬
‫الشريعة السلمية ومعاملتهن بالتساوي مع الرجال في الميراث‪.‬‬

‫‪ -‬الحجاب‪ :‬أثار الحجاب ضجة كبيرة في دول غربية من بينها فرنسا وسويسرا‪ .‬وفي هذا‬
‫البلد الخير يفرض الدستور على المدارس العامة اتخاذ موقف محايد من الدين‪ .‬فالدين ل‬
‫ُيدرس في هذه المدارس بل ُتدرس مكانه الثقافة الدينية التي قد يعلمها أستاذ ملحد‪ .‬ول يحق‬
‫لدارة المدرسة وضع الصليب في قاعات التدريس لن ذلك يعتبر مخالفًا لمبدأ الحياد الديني‪.‬‬
‫وبنفس المنطق لم يسمح لمعلمة سويسرية تزوجت من جزائري وأسلمت من لبس الحجاب‬
‫في المدرسة العمومية لن الحجاب يعتبر رمزا دينيًا‪ .‬وقد تدخلت المحكمة الفدرالية للتأكيد‬
‫على هذا المبدأ‪.‬‬

‫‪ -‬المقابر‪ :‬ليس كل الدول الغربية تقبل بالمقابر الدينية التي تعتبر نوعا من التمييز الديني‬
‫وتفريق بين الناس على أساس الدين‪ .‬والمسلمون‪ ،‬حتى من تزوج منهم مع مسيحية وعاش‬
‫معها في نفس السرير لمدة خمسين عام وانجب منها البنات والبنين‪ ،‬يرفض أن يدفن في‬
‫المقابر العامة قرب زوجته بعد وفاته وذلك من منطق ديني يقول أن ال يعذب الكفار في‬
‫قبورهم ولذا يجب عدم مجاورتهم‪ .‬وهذا ما جعل المسلمين يطالبون في سويسرا بمقابر لهم‬
‫منفصلة عن مقابر )الكفار(‪ .‬إل أن طلبهم هذا يقابل بالرفض والستهجان‪ .‬وأنا شخصيا من‬
‫الرافضين لمطلب المسلمين لنه مطلب عنصري في نظري‪ .‬فما داموا يعيشون مع‬
‫المسيحيين فلماذا يجب أن ينفصلوا عنهم في مماتهم؟ فهل التسامح بين البشر يتوقف عند باب‬
‫القبر؟‬
‫‪8‬‬

‫‪ -‬ختان الذكور والناث‪ :‬هناك عدد متزايد من المهاجرين المسلمين من الدول التي تمارس‬
‫ختان الناث‪ .‬وقد أدانت المم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات والدول‬
‫الغربية هذه الممارسة التي تعتبر خرقا لسلمة الجسد‪ .‬وقد أدى ذلك إلى قضايا أمام المحاكم‬
‫أثارت ضجة كبيرة في الغرب‪ .‬ونشير هنا إلى أن سكوت المنظمات المذكورة والدول الغربية‬
‫عن ختان الذكور ليس لنه مفيد للصحة بل لن إدانته تعرض تلك المنظمات والدول الغربية‬
‫إلى غضب اليهود الذين يعتبرونه جزء هام من معتقدهم‪ .‬وهذا الموقف الذي يميز بين الذكور‬
‫والناث بسبب الخوف من اليهود هو خرق صارخ لحقوق النسان وتعدي على الطفال‪ .‬وأنا‬
‫أدين بشدة هذا الموقف الذي يتنافى مع الخلق والمبادئ النسانية‪ .‬ونشير هنا إلى أن الحق‬
‫في سلمة الجسد لم يتم ذكره في الميثاق العالمي لحقوق النسان ومعاهدة حقوق الطفل‬
‫والمعاهدة الوروبية لحقوق النسان‪ .‬ول نستبعد في أن يكون سكوت هذه الوثائق عن حق‬
‫أساسي في هذه الهمية هو أيضًا بسبب الخوف من اليهود‪.‬‬

‫‪ (5‬رد الغربيين على نقاط الخلف‬


‫كما حاول المسلمون التوفيق بين نظرتهم لحقوق النسان ونظرة المم المتحدة لتلك الحقوق‪،‬‬
‫حاول الغربيون الوصول إلى حل مع المسلمين لتفادي حصول مشاكل تضر بالسلم الداخلي‬
‫وبمصالحهم وبمصالح المهاجرين المسلمين على السواء‪ .‬ونذكر في هذا المجال بعض من تلك‬
‫المحاولت‪:‬‬
‫‪ -‬الحوار الديني المسيحي السلمي‪ :‬منذ عدة عقود حاول المسيحيون تنظيم عدة لقاءات مع‬
‫كل من اليهود والمسلمين ليجاد إمكانية تفاهم بينهم‪ .‬وقد كانت حقوق النسان من المواضيع‬
‫الكثر بحثًا‪ .‬ولكن مثل هذه الحوارات الدينية لم تؤدي إلى أي نتيجة في مجال احترام حقوق‬
‫ل حل مشكلة الزواج المختلط والتي تزداد حدة يوما بعد‬
‫النسان‪ .‬فحتى يومنا هذا لم يتم مث ً‬
‫يوم‪ .‬والسبب في عدم حصول نتيجة هو فقدان عنصر الصراحة وسيطرة الخوف في تلك‬
‫الحوارات‪ .‬فالكل يحرص كل الحرص على عدم إثارة ما قد يعصف بتلك الحوارات‪ .‬ول‬
‫أكون مبالغًا إن قلت أن الفائدة الفعلية الوحيدة من تلك المؤتمرات هو الكل والشرب‪.‬‬
‫‪ -‬الحلول التشريعية‪ :‬أمام مطالب المسلمين بتطبيق شريعتهم حتى في المجالت التي تخالف‬
‫حقوق النسان يرد الغربيون بأن تلك الشريعة تصطدم مع النظام العام والدستور‪ .‬فليس‬
‫للمسلمين فرض شريعتهم على المجتمع الغربي لن ذلك يعني قلب للديمقراطية في الغرب‪.‬‬
‫وهناك من يطالب باتخاذ موقف أكثر صرامة مع المسلمين‪ .‬فمنهم من يطالب برفض تجنسهم‬
‫أو منحهم اللجوء السياسي إل إذا وافقوا على احترام الدستور والقوانين الداخلية وحقوق‬
‫النسان‪ .‬ومنهم من يرى انه يجب ترحيل المسلمين إلى بلدهم لنه ليس في إمكان المسلمين‬
‫احترام القوانين الغربية التي تخالف شريعتهم السلمية‪.‬‬

‫‪ -‬الحلول الوقائية‪ :‬يعتبر موضوع الزواج المختلط أحد المجالت التي يصطدم بها القانون‬
‫الغربي بالشريعة السلمية‪ .‬وبما انه ل يمكن منع المسلم من الزواج من مسيحية‪ ،‬هناك من‬
‫يطالب بأن يقوم الزوج المسلم بالتعهد كتابة على احترام القانون الغربي واحترام وما يتم‬
‫التفاق عليه بينه وبين زوجته في جميع المجالت بما في ذلك احترام حرية الدين للزوجة‬
‫والطفال والعتراف بالحقوق المتبادلة بين الزوجين وكذلك مكان الدفن حتى يتم تفادي‬
‫التضارب بين المعتقدات الدينية للزوج المسلم وحقوق النسان‪.18‬‬

‫‪ 18‬انظر في هذا المجال كتيبي ‪Sami Aldeeb : Mariages entre partenaires suisses et‬‬
‫‪musulmans, connaître et prévenir les conflits, Institut suisse de droit comparé,‬‬
‫‪9‬‬

‫‪ -‬الحلول الفلسفية‪ :‬كما فعله الفلسفة المسلمون أمثال الرازي وزكي نجيب محمود وحسين‬
‫فوزي‪ ،‬هناك من يطالب بفتح باب الجدل الفلسفي فيما يخص العلقة بين الدين والقانون‬
‫عمومًا‪ .‬وهذا التجاه يرى أن الستمرار في العتقاد بان هناك اله في العلء يأمر وإنسان‬
‫على الرض يجب أن يطيع سوف يعيق التقدم في مجال حقوق النسان‪ .‬فبدل من العتماد‬
‫على الوحي في تيسير أمور الناس‪ ،‬يجب العتماد على العقل الذي هو هبة ال للجميع دون‬
‫تمييز بين ذكر وأنثى وبين مؤمن وغير مؤمن‪ .‬وعليه يجب حذف فكرة الوحي تماما ما دام‬
‫انه ليس هناك أي وسيلة علمية للتصال بال لمعرفة إرادته كلما حلت بالناس مشكلة يجب‬
‫حلها‪ .‬وإلغاء فكرة الوحي يعني إلغاء القداسة عن الكتب المقدسة فتصبح مجرد كتب تاريخية‬
‫مرتبطة بزمان ومكان معينين وتدخل ضمن تحايل البعض لفرض سيطرتهم على الخرين‬
‫باسم ال‪ .‬وإلغاء فكرة الوحي يعيد للنسان حقه في تقرير مصيره بذاته دون وسيط خارجي‪.‬‬
‫وهذا هو القرب من الحديث القائل‪) :‬كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته(‪ ،‬والحديث القائل‪:‬‬
‫)إن العلماء هم ورثة النبياء(‪ .‬وقد قام النبياء أو من ندعوهم كذلك بدورهم في زمنهم وهم‬
‫مشكورون على ذلك‪ .‬وعلينا نحن أن نتحمل دورنا في زمننا بدل من التكال عليهم‪ .‬ونحن‬
‫نعتقد بأنه إذا لم يصبح التلميذ افضل من معلمه فإن البشرية ترجع إلى الوراء ول تتقدم‪ .‬وبدل‬
‫من ركوب الطيارات والسيارات سوف نستمر في ركوب الحمير والدراجات‪.‬‬
‫وننبه هنا إلى أن إلغاء الوحي ل يعني بحسد ذاتسه اللحساد بسال‪ .‬فمسن الجسور الحكسم علسى فيلسسوفنا‬
‫الرازي باللحاد لمجرد رفضه للوحي والنبوة‪ .‬فكتاباته تبين انه رجسسل مسؤمن بسال‪ .‬واليمسان بسسال‬
‫سابق لمجيء النبياء ويبقى بعد رفض نبسسواتهم‪ .‬وبعسسض العسسرب قبسسل مجيسسء النسسبي محمسسد كسسانوا‬
‫يؤمنون بال‪ ،‬وقد ورثنا عنهم كلمة )ال(‪ .‬وفي القرآن كثير من اليات التي تبين إمكانية الوصسسول‬
‫إلى معرفة ال من خلل العقل والتمعن في مخلوقاته‪.‬‬

‫‪.Lausanne, 3ème édition, 1998‬‬

Anda mungkin juga menyukai