Anda di halaman 1dari 55

‫خلصة الصول‬

‫‪1‬‬

‫تمهيد في تعريف أصول الفقه وذكر مبادئه‬


‫الكتاب ليس في‬ ‫تعريفه ‪:‬‬
‫صيغته النهائية‬ ‫أصول الفقه له تعريفان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬باعتبار مفرديه ‪.‬‬
‫فالصول جمع أصل ‪ ،‬وهو لغة ‪ :‬ما يستند وجود‬
‫الشيء إليه ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬يطلق عدة اطلقات ‪ ،‬ومنها الدليل ‪،‬‬
‫وهو المراد هنا ‪ ،‬فأصول الفقه ‪ :‬أدلته ‪.‬‬
‫والفقه لغة ‪ :‬الفهم‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬معرفة الحكام الشرعية العملية من‬
‫أدلتها التفصيلية ‪.‬‬
‫والتعريف الثاني ‪ :‬باعتباره علما ً على هذا الفن ‪،‬‬
‫فهو ‪ :‬أدلة الفقه الجمالية ‪ ،‬وكيفية الستفادة منها ‪،‬‬
‫وحال المستفيد ‪.‬‬
‫وثمرته ‪ :‬هي القدرة على استنباط الحكام الشرعية‬
‫على أسس سليمة ‪ ،‬ومعرفة أن الشريعة صالحة لكل‬
‫زمان ومكان ‪ ،‬لقدرتها على إيجاد الحكام لما يستجد‬
‫مّر العصور ‪.‬‬ ‫من حوادث على َ‬
‫ونسبته إلى غيره ‪ :‬وهي مرتبته من العلوم الخرى أنه‬
‫من العلوم الشرعية ‪ ،‬وهو للفقه ‪ ،‬كعلوم الحديث‬
‫للحديث ‪ ،‬وأصول النحو للنحو ‪.‬‬
‫وفضله ‪ :‬ما ورد في الحث على التفقه في دين الله‬
‫تعالى ‪ ،‬وهذا متوقف على أصول الفقه ‪ ،‬فيثبت له‬
‫ما ثبت للفقه من الفضل ‪ ،‬لنه وسيلة إليه ‪.‬‬
‫وواضعه ‪ :‬هو المام محمد بن إدريس الشافعي –‬
‫) الرسالة ( وهو‬ ‫رحمه الله – وذلك بتأليف كتاب‬
‫أول كتاب في الصول ‪.‬‬
‫واستمداده ‪ :‬أي مصادره التي بنيت عليها قواعده ‪:‬‬
‫‪ – 1‬استقراء النصوص من الكتاب والسنة‬
‫الصحيحة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ – 2‬الثار المروية عن الصحابة والتابعين ‪.‬‬


‫‪ – 3‬اللغة العربية ‪.‬‬
‫‪ – 4‬إجماع السلف الصالح ‪.‬‬
‫‪ – 5‬اجتهاد أهل العلم واستنباطاتهم وفق الضوابط‬
‫الشرعية ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬فرض كفاية ‪ ،‬إل لمن أراد الجتهاد فهو‬
‫فرض عين في حقه ‪.‬‬
‫ومسائله ‪ :‬وهي مباحثه التي يستفيد منها المجتهد‬
‫في استنباط الحكام الشرعية ‪.‬‬
‫وشرفه ‪ :‬وهو علم شريف لشرف موضوعه ‪ ،‬وهو‬
‫العلم بأحكام الله تعالى المتضمنة للفوز بسعادة‬
‫الدارين ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الباب الول ‪ :‬في أدلة الحكام الشرعية‬


‫الدلة جمع دليل ‪ ،‬وهو في اللغة ‪ :‬ما أرشد إلى‬
‫المطلوب‬
‫وفي الصطلح ‪ :‬ما يستفاد منه حكم شرعي علمي‬
‫على سبيل القطع أو الظن ‪.‬‬
‫والدلة هي ‪ :‬الكتاب والسنة والجماع والقياس ‪،‬‬
‫وهذه أدلة متفق عليها بين جمهور المسلمين ‪ ،‬وأما‬
‫الستصحاب ‪ ،‬ومذهب الصحابي ‪ ،‬وشرع من قبلنا ‪،‬‬
‫سدّ الذرائع فأدلة‬
‫والمصالح المرسلة ‪ ،‬والعرف ‪ ،‬و َ‬
‫مختلف فيها ‪ ،‬وهي عند القائلين بها دلئل على حكم‬
‫الله تعالى ‪.‬‬
‫والدلة كلها ترجع إلى الكتاب فهو الصل ‪ ،‬والسنة‬
‫مخبرة عن حكم الله تعالى ‪ ،‬ومبينة للقرآن ‪،‬‬
‫والجماع والقياس مستندان إليهما ‪ ،‬وسائر الدلة ل‬
‫ينظر إليها ما لم تستند إلى الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 1‬الكتاب‬
‫وهو كلم الله تعالى ‪ ،‬المنزل على رسوله محمد ج‬
‫‪ ،‬المبدوء بسورة الفاتحة ‪ ،‬المختوم بسورة الناس ‪.‬‬
‫ومن خصائصه ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أنه كلم الله تعالى ‪ ،‬وهو اللفظ والمعنى‬
‫جميعا ً ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أنه نزل بلسان عربي مبين ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أنه متعبد بتلوته في الصلة وغيرها ‪.‬‬
‫‪ – 4‬أنه مكتوب في المصاحف ‪.‬‬
‫‪ – 5‬أنه محفوظ في الصدور ‪.‬‬
‫‪ – 6‬أنه محفوظ من التغيير والتبديل والزيادة‬
‫والنقصان ‪.‬‬
‫وهو قطعي الثبوت ‪ ،‬لنه منقول بالتواتر ‪ ،‬أما‬
‫القراءة غير المتواترة فل تسمى قرآنا ً ‪ ،‬وأما دللته‬
‫على الحكام فقد تكون قطعية ‪ ،‬وقد تكون ظنية ‪،‬‬
‫وهو الكثر ‪.‬‬
‫وقد اشتمل القرآن على كل ما يحتاجه الناس ‪،‬‬
‫وهو ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أحكام اعتقادية ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أحكام أخلقية سلوكية ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أحكام عملية ‪ ،‬وهي المتعلقة بأفعال المكلفين‬
‫‪ ،‬وهي نوعان ‪:‬‬
‫‪ – 2‬معاملت ‪ ،‬وتسميتها‬ ‫‪ – 1‬عبادات ‪.‬‬
‫بذلك مجرد اصطلح ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬السنة‬
‫وهي أقوال النبي ج وأفعاله وتقريراته ‪.‬‬
‫أما أقواله فإما قول صريح وهو المرفوع حقيقة ‪،‬‬
‫وإما فيه معنى القول كقول الصحابي ‪ :‬أمر رسول‬
‫الله ج بكذا أو نهى عن كذا ‪.‬‬
‫وهي حجة قاطعة على من سمعها ‪ ،‬فإن كانت‬
‫منقولة إلى الغير فهي عند الجمهور إما متواتر أو‬
‫آحاد ‪.‬‬
‫فالمتواتر لغة ‪ :‬المتتابع ‪ ،‬واصطلحا ً ‪ :‬ما نقله جماعة‬
‫كثيرون ‪ ،‬يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب ‪،‬‬
‫وأسندوه إلى شيء محسوس ‪.‬‬
‫وهو يفيد العلم ‪ ،‬وهو القطع بصحة نسبته إلى من‬
‫ل عليه بتصديقه إن كان خبرا ً‬ ‫ُنقل عنه ‪ ،‬والعمل بما د ّ‬
‫‪ ،‬وتطبيقه إن كان طلبا ً ‪.‬‬
‫والحاد لغة ‪ :‬جمع ) أحد ( بمعنى واحد ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما سوى التواتر ‪.‬‬
‫وحديث الحاد حجة مطلقا ً في العقائد والحكام ‪،‬‬
‫لنها تفيد الظن الراجح بصحة نسبتها إلى رسول‬
‫الله ج إذا تحققت فيها شروط الصحيح ‪ ،‬أو مادون‬
‫ذلك وهو الحديث الحسن ‪ ،‬وقد تفيد العلم القاطع إذا‬
‫احتفت بها قرائن أو تلقتها المة بالقبول ‪ ،‬وهذا‬
‫يعرفه أهل الحديث خاصة ‪ ،‬وغيرهم تبع لهم ‪.‬‬
‫وأما أفعاله ج فالصل هو التأسي به ج ‪ ،‬ول يحكم‬
‫على الفعل بالخصوصية إل بدليل ‪ ،‬ثم ما فعله على‬
‫وجه العبادة فالصحيح أن حكمه الستحباب ‪ ،‬وما فعله‬
‫بيانا ً لمجمل فهو تشريع لمته ‪ ،‬منه ما هو واجب ‪،‬‬
‫ومنه ما هو مندوب ‪.‬‬
‫وما فعله بمقتضى العادة فل حكم له في ذاته ‪،‬‬
‫وليس من التشريع ‪ ،‬إل إذا كان له صفة مطلوبة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫وأما ما ل يظهر فيه وجه القربة فهو محتمل‬


‫للعادة أو العبادة ‪ ،‬وأقل أحواله الباحة ‪.‬‬
‫ويقابل الفعال التروك ‪ ،‬وهي ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن يترك الفعل لعدم وجود المقتضي له ‪ ،‬فل‬
‫يكون سنة ‪.‬‬
‫ب‬
‫‪ - 2‬أن يترك الفعل مع وجود المقتضي له ‪ ،‬بسب ِ‬
‫ع ‪ ،‬فهذا ل يكون سنة ‪ ،‬لكن إذا زال المانع كان‬ ‫مان ٍ‬
‫فعل ما تركه مشروعا ً غير مخالف لسنته ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن يترك الفعل مع وجود المقتضي له وعدم‬
‫المانع ‪ ،‬فيكون تركه سنة ‪.‬‬
‫وهذا النوع من السنة أصل عظيم ‪ ،‬وقاعدة جليلة‬
‫به ُتحفظ أحكام الشريعة ‪ ،‬و ُيوصد باب البتداع في‬
‫الدين ‪.‬‬
‫وإذا تعارض قوله ج مع فعله ‪ ،‬فإما أن يكون الفعل‬
‫مخصصا ً للقول ‪ ،‬أو محمول ً على بيان الجواز ‪ ،‬أو أنه‬
‫ناسخ للقول ‪ ،‬أو غير ذلك مما تتم معرفته باستقراء‬
‫مواضع التعارض والنظر في الدلة والقرائن التي‬
‫يستفاد منها في تحديد المراد ‪.‬‬
‫وأما تقريره ج فهو ترك النكار على قول أو فعل ‪،‬‬
‫أو رضاه عنه ‪ ،‬أو استبشاره به ‪ ،‬أو استحسانه له ‪،‬‬
‫وهو دليل على الجواز على الوجه الذي أقره ‪،‬‬
‫وشرط ذلك أن يعلم بوقوع الفعل أو القول كأن يقع‬
‫في حضرته ‪ ،‬أو في غيبته ويبلغه أو نحو ذلك ‪ ،‬فإن‬
‫لم يعلم فهو حجة لقرار الله عليه ‪.‬‬
‫ومنزلة السنة في المرتبة الثانية بعد القرآن ‪ ،‬وأما‬
‫في الحتجاج ووجوب التباع فهما سواء ‪ ،‬والسنة‬
‫كالقرآن قد تكون دللتها على الحكام قطعية ‪ ،‬وقد‬
‫تكون ظنية ‪.‬‬
‫والحكام الواردة في السنة ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أحكام موافقة لحكام القرآن ومؤكدة لها ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬أحكام مبينة لحكام القرآن إما في بيان‬


‫مجمل ‪ ،‬أو تخصيص عام ‪ ،‬أو تقييد مطلق ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أحكام مبتدأة سكت عنها القرآن ‪ ،‬وجاءت بها‬
‫السنة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 3‬الجماع‬
‫وهو اتفاق المجتهدين بعد وفاته ج في عصر من‬
‫العصور على حكم شرعي ‪.‬‬
‫وينقسم باعتبار ذاته إلى ‪ :‬قولي وسكوتي ‪،‬‬
‫ي كل واحد من المجتهدين رأيه في‬ ‫فالقولي أن ُيبد َ‬
‫المسألة ‪ ،‬وهذا إن وجد فهو حجة قاطعة بل نزاع ‪.‬‬
‫وأما السكوتي فهو أن يقول بعض المجتهدين قول ً‬
‫ويسكت الباقون ‪ ،‬وهذا ليس بحجة على الراجح ‪.‬‬
‫والجماع باعتبار قوته وضعفه ينقسم إلى ‪ :‬قطعي‬
‫‪ ،‬وهو ما يعلم وقوعه من المة بالضرورة ‪ ،‬وهذا حجة‬
‫قاطعة ‪ ،‬ل يحل لحد مخالفته ‪.‬‬
‫وإلى ظني ‪ :‬وهو ما ُيعلم بالتتبع والستقراء ‪ ،‬وهو‬
‫غير ممكن إل في عصر الصحابة رضي الله عنهم ‪،‬‬
‫وبعدهم متعذر غالبا ً لكثرة الختلف وانتشار المة ‪.‬‬
‫والجماع ليس دليل ً مستقل ً إذ ل يوجد مسألة‬
‫مجمع عليها إل وفيها دليل شرعي يعلمه ولو بعض‬
‫المجتهدين ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 4‬القياس‬
‫وهو إلحاق فرع بأصل لعلة جامعة بينهما ‪.‬‬
‫وهو مسلك اجتهادي قائم على نصوص الكتاب‬
‫قدَ النص ‪ ،‬ول اعتبار‬ ‫والسنة ‪ ،‬ول ُيعدل إليه إل إذا ُ‬
‫ف ِ‬
‫بقياس يصادم النص أو الجماع ‪.‬‬
‫وكيفية القياس أن ينص الشارع على حكم في‬
‫مسألة لها وصف منصوص عليه ‪ ،‬أو مستنبط ‪ ،‬ثم‬
‫ص الشارع‬‫ُيوجد ذلك الوصف في مسألة أخرى لم ي َن ُ ّ‬
‫على عينها ‪ ،‬ولكنها تساوي المنصوص عليها ‪ ،‬فيجب‬
‫إلحاقها بها في حكمها ‪ ،‬لن الشارع الحكيم ل يفرق‬
‫بين المتماثلت في أوصافها ‪ ،‬ول يجمع بين‬
‫المختلفات ‪.‬‬
‫وأركان القياس أربعة ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أصل ‪ :‬ويسمى المقيس عليه ‪ ،‬وهو ما ورد‬
‫النص بحكمه ‪.‬‬
‫‪ – 2‬حكم الصل ‪ :‬وهو الحكم الشرعي الذي ورد به‬
‫النص في الصل ‪ ،‬ويراد تعديته إلى الفرع ‪.‬‬
‫‪ – 3‬الفرع ‪ :‬ويسمى المقيس ‪ ،‬وهو ما لم يرد نص‬
‫بحكمه ‪.‬‬
‫‪ – 4‬العلة ‪ :‬وهي المعنى المشترك بين الصل‬
‫والفرع ‪ ،‬الذي بني عليه الحكم الشرعي ‪ ،‬وهي أهم‬
‫أركان القياس ‪.‬‬
‫وللقياس شروط ‪ ،‬فحكم الصل له شرطان ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن يكون ثابتا ً بنص أو إجماع ‪.‬‬
‫دى حكم الصل‬ ‫ع ّ‬
‫‪ – 2‬أن يكون معقول المعنى ؛ لي ُ َ‬
‫إلى الفرع ‪.‬‬
‫والفرع له شرطان ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن تكون العلة مقطوعا ً بوجودها فيه كوجودها‬
‫في الصل ‪ ،‬وهذا هو قياس الولى والمساواة ‪ ،‬أو‬
‫يغلب على الظن وجودها ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ – 2‬أل يكون حكم الفرع منصوصا ً عليه بنص يخالف‬


‫حكم الصل ‪ ،‬فإن كان موافقا ً له جاز من باب تكثير‬
‫الدلة ‪.‬‬
‫والعلة لها أربعة شروط ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن تكون وصفا ً ظاهرا ً منضبطا ً ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أن تكون وصفا ً مناسبا ً لترتيب الحكم عليه ‪،‬‬
‫يعلم من قواعد الشرع اعتباره ‪ ،‬فإن كان طرديا ً ل‬
‫مناسبة فيه لم يصح التعليل به ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن تكون وصفا ً متعديا ً ‪ ،‬فإن كان قاصرا ً على‬
‫حكم الصل امتنع القياس بها ‪ ،‬لعدم تعديها إلى‬
‫الفرع ‪.‬‬
‫‪ – 4‬أن تكون العلة ثابتة بمسلك من مسالك الثبات‬
‫‪ ،‬وهي ثلثة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النقل ‪ ،‬وهو النص واليماء ‪ - 2 ،‬الجماع ‪- 3 ،‬‬
‫الستنباط بواسطة السبر والتقسيم ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫وأما الدلة المختلف فيها فهي ‪:‬‬


‫‪ – 1‬مذهب الصحابي ‪:‬‬
‫وهو من اجتمع بالنبي ج مؤمنا ً ومات على ذلك ‪.‬‬
‫والمراد بمذهبه ‪ :‬قوله ورأيه فيما ل نص فيه من‬
‫الكتاب أو السنة ‪ ،‬ويدخل في ذلك الفعل والتقرير ‪،‬‬
‫وله ثلثة أوجه ‪:‬‬
‫الوجه الول ‪ :‬إذا اشتهر ولم ينكر ‪ ،‬فهذا حجة عند‬
‫الجمهور ‪ ،‬وعده بعضهم إجماعا ً سكوتيا ً ‪ ،‬وتقدم‬
‫ضعفه ‪.‬‬
‫الوجه الثاني ‪ :‬إذا لم يشتهر ولم يخالفه غيره ‪،‬‬
‫وهذا هو محل النزاع ‪ ،‬والظهر – والله أعلم– أنه‬
‫يؤخذ به حيث ل دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو‬
‫غيرها مما يعتبر ‪ ،‬لن الخذ بما أدى إليه اجتهاد‬
‫الصحابة أولى من اجتهاد من جاء من بعدهم ‪ ،‬لكنه‬
‫ليس حجة ملزمة كنصوص الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫وأقوى مذهب الصحابي ش ‪ :‬قول الخلفاء‬
‫الربعة ‪ ،‬ثم من اشتهر من الصحابة بالفقه والفتيا ‪.‬‬
‫الوجه الثالث ‪ :‬إذا خالفه غيره من الصحابة ‪ ،‬وهذا‬
‫ليس بحجة عند جميع الفقهاء ‪ ،‬فإن وجد مرجح‬
‫لقوله أو قول غيره كان العمل بالدليل ل بقول‬
‫الصحابي ‪.‬‬
‫ويستثنى من ذلك تفسيرهم للنصوص من الكتاب‬
‫والسنة ‪ ،‬فهو حجة ‪ ،‬ومقدم على تفسير من بعدهم ‪،‬‬
‫لنهم أهل اللسان ‪ ،‬وقد شهدوا التنزيل ‪ ،‬فلهم من‬
‫الفهم التام ‪ ،‬ومعرفة مراد الشارع ما ليس لغيرهم ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ – 2‬الستصحاب ‪:‬‬
‫وهو لغة ‪ :‬طلب الصحبة واستمرارها ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬استدامة إثبات ما كان ثابتا ً أو نفي ما‬
‫كان منفيا ً ‪.‬‬
‫وهو ثلثة أنواع كلها حجة ‪:‬‬
‫‪ – 1‬استصحاب البراءة الصلية حتى يرد ما ينقل‬
‫عنها ‪ ،‬وهذا هو المراد عند إطلق لفظ‪:‬‬
‫الستصحاب ‪.‬‬
‫‪ – 2‬استصحاب الدليل الشرعي حتى يرد الناقل ‪.‬‬
‫‪ – 3‬استصحاب الوصف المثبت للحكم الشرعي‬
‫حتى يثبت خلفه ‪.‬‬
‫والستصحاب بأنواعه الثلثة ل يثبت حكما ً جديدا ً ‪،‬‬
‫وإنما يدل على استمرار الحكم السابق الثابت بدليله‬
‫المعتبر ‪ ،‬وعليه فليس دليل ً مستقل ً تستفاد منه‬
‫الحكام ‪ ،‬لكنه طريق من طرق إعمال الدلة ‪ ،‬ول‬
‫يفزع إليه إل عند فقد الدليل الخاص في حكم‬
‫المسألة ‪ ،‬فهو آخر مدار الفتوى ‪ ،‬وذلك بأن يستفرغ‬
‫المجتهد وسعه في البحث عن الدليل فل يجده ‪،‬‬
‫فيرجع إلى الستصحاب ‪ .‬وأما استصحاب حكم‬
‫الجماع في محل النزاع فليس بحجة على الصحيح ‪.‬‬
‫وقد قام على الستصحاب جملة من القواعد‬
‫الفقهية ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬اليقين ل يزول بالشك ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصل في الشياء الباحة إل ما دل الدليل على‬
‫تحريمه ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الصل في الشياء الطهارة إل ما دل الدليل‬
‫على نجاسته ‪.‬‬
‫‪ – 4‬الصل في العادات الباحة إل ما نهى عنه‬
‫الشرع ‪.‬‬
‫‪ – 5‬الصل براءة الذمة حتى يقوم الدليل على‬
‫خلف ذلك ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ – 6‬الصل بقاء ما اشتغلت به الذمة حتى يتيقن‬


‫البراءة والداء ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 3‬شرع من قبلنا ‪:‬‬


‫والمراد به ‪ :‬الحكام التي شرعها الله تعالى للمم‬
‫السابقة على ألسنة رسله إليهم ‪ ،‬مما جاء في‬
‫التوراة والنجيل وغيرهما ‪ ،‬وهو أربعة أنواع ‪:‬‬
‫شرعت للمم قبلنا ‪ ،‬وجاء الكتاب‬ ‫الول ‪ :‬أحكام ُ‬
‫والسنة بجعلها شرعا ً لهذه المة ‪ ،‬فهذا حجة بل‬
‫ريب ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أحكام شرعت للمم قبلنا وجاء الكتاب‬
‫والسنة بنسخها وأنها ليست شرعا ً لهذه المة ‪ ،‬فهذا‬
‫ليس بشرع لنا ‪ ،‬بل خلف ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أحكام لم يرد لها ذكر في الكتاب ول في‬
‫السنة ‪ ،‬كالمأخوذة من السرائليات ‪ ،‬فهذا ليس‬
‫بشرع لنا إجماعا ً ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬أحكام ورد لها ذكر في الكتاب أو السنة ‪،‬‬
‫لكن لم يأت ما يدل على أنها شرع لنا أو ليس بشرع‬
‫عدّ من أدلة‬
‫لنا ‪ ،‬وهذا محل خلف بين أهل العلم هل ي ُ َ‬
‫التشريع أو ل ؟ والراجح ‪ :‬أنه شرع لنا ‪ ،‬وهو مذهب‬
‫الجمهور ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ – 4‬المصالح المرسلة ‪:‬‬


‫وهي جمع مصلحة ‪ :‬وهي جلب منفعة أو دفع‬
‫مضرة ‪.‬‬
‫والمرسلة ‪ :‬أي المطلقة التي لم يقيدها الشرع‬
‫باعتبار ول بإلغاء ‪.‬‬
‫والمصالح ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ما شهد الشرع باعتبارها بدليل معين من نص‬
‫أو إجماع أو قياس ‪ ،‬وهذه معتبرة باتفاق ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ما شهد الشرع بإلغائها ‪ ،‬وهذه ملغاة باتفاق ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما لم يشهد لها الشرع باعتبار ول بإلغاء بدليل‬
‫معين ‪ ،‬ولكن فيها وصف مناسب لتشريع حكم معين‬
‫من شأنه أن يحقق منفعة أو يدفع مفسدة ‪.‬‬
‫وهذه هي المصلحة المرسلة ‪ ،‬والقول بأنها حجة‬
‫ومصدر من مصادر التشريع في المعاملت وسياسة‬
‫أمور الناس وجيه جدا ً ‪ ،‬وقد جاء الخذ بالمصلحة‬
‫المرسلة عند جميع الفقهاء ‪ ،‬لتفاقهم على أن‬
‫تحصيل المصالح وتكميلها ‪ ،‬وتعطيل المفاسد‬
‫وتقليلها أصل شرعي ‪ ،‬لكن بشروط ثلثة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن تلئم مقاصد الشرع ‪ ،‬بأن تكون من جنس‬
‫المصالح التي قصد الشارع تحصيلها ‪ ،‬ل تخالف أصل ً‬
‫من أصوله ‪ ،‬ول تنافي دليل ً من أدلة أحكامه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن تكون معقولة في ذاتها ‪ ،‬فتتلقاها العقول‬
‫السليمة بالقبول ‪ ،‬لكونها جرت على الوصاف‬
‫المناسبة المعقولة ‪ ،‬وعليه فل تجري في العبادات‬
‫لنها مبنية على التوقيف ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن يكون الخذ بها لحفظ ضروري كحفظ الدين‬
‫و النفس والموال ‪ ،‬أو لدفع حرج لزم في الدين‬
‫تخفيفا ً وتيسيرا ً ‪.‬‬
‫وجميع شرائع الدين ترجع إلى تحقيق ثلث‬
‫مصالح ‪:‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫شرع لها حفظ » الضروريات «‬ ‫‪ - 1‬درء المفاسد ‪ .‬و ُ‬


‫الخمس ‪ :‬الدين ‪ ،‬والنفس ‪ ،‬والعقل ‪ ،‬والمال ‪،‬‬
‫والعرض ‪.‬‬
‫شرع لها ما يرفع الحرج عن‬‫‪ - 2‬جلب المصالح ‪ .‬و ُ‬
‫المة في العبادات والمعاملت وغيرها ‪ ،‬وهي المعبر‬
‫عنها بـ» الحاجيات « ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الجري على مكارم الخلق ومحاسن العادات ‪.‬‬
‫شرع لها أحكام » التحسينيات « ‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 5‬العرف ‪:‬‬
‫وهو ما ألفه الناس واعتادوه من القوال‬
‫والفعال ‪.‬‬
‫وهو بمعنى العادة ‪ ،‬إل أن العادة لغة أعم من‬
‫العرف ‪ ،‬لطلقها على عادة الفرد والجماعة ‪ ،‬بخلف‬
‫العرف فإنه يختص بالجماعة ‪.‬‬
‫وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عرف صحيح ‪ :‬وهو الذي ل يخالف نصا ً ‪ ،‬ول‬
‫يفوت مصلحة معتبرة ‪ ،‬ول يجلب مفسدة راجحة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬عرف فاسد ‪ :‬وهو ما خالف نصا ً ‪ ،‬أو فوت‬
‫مصلحة معتبرة ‪ ،‬أو جلب مفسدة راجحة ‪.‬‬
‫والعرف معتبر في الشرع ‪ ،‬ولكنه ليس دليل ً‬
‫مستقل ً من أدلة الفقه ‪ ،‬وإنما هو أصل من أصول‬
‫الستنباط يرجع إلى أدلة الشريعة المعتبرة ‪.‬‬
‫فإذا نص الشرع على حكم وعلق به شيئا ً ولم يرد‬
‫لذلك حد في الشرع ول في اللغة فإنه ُيرجع فيه إلى‬
‫العرف الجاري ‪.‬‬
‫كمة « »‬‫ح ّ‬
‫م َ‬
‫ومن قواعد الفقهاء ‪ » :‬العادة ُ‬
‫المعروف عرفا ً كالمشروط شرطا ً « ‪.‬‬
‫والحكام المبنية على العرف والعادة تتغير إذا‬
‫تغيرت العادة بتغير الزمان ‪ ،‬وهذا معنى قول بعض‬
‫العلماء ‪ » :‬الحكام تتغير بتغير الزمان والمكان « ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 6‬سّد الذرائع وإبطال الحيل ‪:‬‬


‫والذرائع ‪ :‬جمع ذريعة ‪ ،‬وهي لغة ‪ :‬الوسيلة المؤدية‬
‫إلى الشيء ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬الوسيلة الموصلة إلى الشيء الممنوع‬
‫المشتمل على مفسدة ‪ ،‬أو المشروع المشتمل على‬
‫مصلحة ‪.‬‬
‫ثم صارت في عرف الفقهاء مختصة بالول ‪ ،‬وهو‬
‫ما أفضى إلى فعل محرم ‪ ،‬فهي فيه حقيقة عرفية ‪،‬‬
‫سدّ الذرائع ‪ :‬الحيلولة دون الوصول إلى‬ ‫ومعنى َ‬
‫المفسدة إذا كانت الذريعة تؤدي إليها‪.‬‬
‫والذريعة تأخذ حكم المقصود ‪ ،‬فإن كان المقصود‬
‫الذي أفضت إليه الذريعة حراما ً كانت الذريعة حراما ً ‪،‬‬
‫وإن كان واجبا ً أو مندوبا ً فالذريعة مثله ‪ ،‬كما تقدم‬
‫في قاعدة ‪ » :‬الوسائل لها أحكام المقاصد « ‪.‬‬
‫وقد قسم الصوليون الفعال المباحة التي تفضي‬
‫إلى المفاسد إلى ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما يكون إفضاؤه إلى المفسدة نادرا ً وقليل ً ‪،‬‬
‫ح مصلحته ‪ ،‬ويبقى له حكم الصل ‪ ،‬وهو‬ ‫ج ُ‬‫فهذا ت َُر ّ‬
‫الباحة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ما يكون إفضاؤه إلى المفسدة كثيرا ً وغالبا ً ‪،‬‬
‫فهذا ترجح مفسدته ‪ ،‬وُيمنع منه سدا ً للذريعة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ما يحتال به المكلف ليستبيح به المحرم ‪،‬‬
‫وظاهر تلك الحيلة الباحة في الصل ‪ ،‬وهذا النوع‬
‫كالذي قبله ‪ ،‬فيمنع منه سدا ً للذريعة ‪.‬‬
‫وسد الذرائع تابع ومؤكد لصل المصالح ‪ ،‬لنه يمنع‬
‫من السباب والوسائل المفضية إلى المفاسد ‪،‬‬
‫ويشهد لهذا الصل من نصوص الشريعة شواهد‬
‫كثيرة ‪ ،‬وليس المعتبر في سد الذرائع النية السيئة‬
‫من الفاعل ‪ ،‬بل مجرد كون الفعل يفضي إلى ما‬
‫حرمه الشرع ‪.‬‬
‫أحكام الحيل ‪:‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫ع الحيل في‬ ‫من ْ َ‬


‫سدّ الذرائع َ‬
‫رتب العلماء على أصل َ‬
‫الشريعة السلمية ‪ ،‬لكنها بوجه عام ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫‪ - 1‬متفق على بطلنه ‪ ،‬وهو ما هدم دليل ً شرعيا ً أو‬
‫ض مصلحة معتبرة ‪.‬‬
‫ق َ‬‫َنا َ‬
‫‪ - 2‬متفق على جوازه ‪ ،‬وهو ما جاءت الشريعة‬
‫بالذن فيه ‪ ،‬لما فيه من تحقيق مصلحة راجحة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬مختلف فيه بسبب التردد في موافقته لمقصد‬
‫الشارع أو مخالفته له ‪ ،‬فمن رأى أنه غير مخالف‬
‫للمقصد أجاز الحيلة فيه ‪ ،‬ومن رآه مخالفا ً منع‬
‫الحيلة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الباب الثاني‬
‫في الحكام الشرعية‬
‫الحكام ‪ :‬جمع حكم ‪ ،‬وهو لغة ‪ :‬المنع ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما اقتضاه خطاب الشرع المتعلق‬
‫بأفعال المكلفين ‪ ،‬من طلب أو تخيير أو وضع ‪.‬‬
‫والحكم الشرعي له ثلثة أركان ‪ :‬حاكم ‪ ،‬ومحكوم‬
‫عليه ‪ ،‬ومحكوم به ‪.‬‬
‫أما الحاكم فهو الله تعالى ‪ ،‬لن الحكم له وحده ‪،‬‬
‫سواء كان ذلك في كتابه أو على لسان رسوله ج ‪.‬‬
‫وأما المحكوم عليه فهو المكلف ‪ ،‬وهو البالغ العقل‬
‫‪ ،‬فمن اجتمع له الوصفان صار أهل ً لثبوت الحكام‬
‫في حقه ‪ ،‬فتلزمه الواجبات ‪ ،‬ويؤاخذ بأقواله وأفعاله‬
‫‪.‬‬
‫وقد يعتري هذه الهلية ما يزيلها أو ينقصها أو‬
‫يؤثر فيها بتغيير بعض الحكام ‪ ،‬وتسمى » عوارض‬
‫الهلية « وهي إما عوارض كونية ‪ :‬كالصغر ‪ ،‬والجنون‬
‫‪ ،‬والعته ‪ ،‬والنسيان ‪ ،‬والغفلة ‪ ،‬والنوم ‪ ،‬والغماء ‪،‬‬
‫والمرض ‪ ،‬والحيض ‪ ،‬والنفاس ‪ ،‬والموت ‪ ،‬أو عوارض‬
‫مكتسبة ‪ :‬كالجهل ‪ ،‬والخطأ ‪ ،‬والهزل ‪ ،‬والسفه ‪،‬‬
‫والسفر ‪ ،‬والسكر ‪ ،‬والكراه ‪.‬‬
‫وهذه العوارض في الجملة إنما هي في حق الله‬
‫تعالى ‪ ،‬أما في حقوق المخلوقين فل تمنع من‬
‫ضمان ما يجب ضمانه إذا لم يرض صاحب الحق‬
‫بسقوطه ‪.‬‬
‫وأما المحكوم به ‪ :‬فهو فعل المكلف الذي تعلق به‬
‫حكم الشارع ‪ ،‬وله شرطان ‪ :‬كونه ممكنا ً ‪ ،‬وكونه‬
‫معلوم الصفة ‪.‬‬
‫والحكم نوعان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬حكم تكليفي ‪ :‬وهو ما دل عليه خطاب الشرع‬
‫من طلب فعل أو ترك أو تخيير ‪ ،‬وهو خمسة ‪:‬‬
‫الواجب ‪ ،‬والمندوب ‪ ،‬والمحرم ‪ ،‬والمكروه ‪ ،‬والمباح ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ -2‬حكم وضعي ‪ :‬وهو ما دل عليه خطاب الشرع‬


‫من كون هذا الشيء سببا ً في شيء آخر أو شرطا ً له‬
‫أو مانعا ً منه أو صحيحا ً أو فاسدا ً أو رخصة أو عزيمة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الحكام التكليفية ‪:‬‬


‫‪ - 1‬الواجب ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬الساقط واللزم ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما طلب الشرع فعله طلبا ً جازما ً ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬يثاب فاعله امتثال ً ‪ ،‬ويستحق تاركه‬
‫العقاب ‪ .‬والفرض بمعنى الواجب عند الجمهور خلفا ً‬
‫للحنفية ‪.‬‬
‫ويدل على الوجوب أمور كثيرة منها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬صيغة المر المطلق ؛ إما بفعل المر الصريح ‪،‬‬
‫أو المضارع المقرون بلم المر ‪ ،‬أو اسم فعل المر ‪،‬‬
‫أو المصدر النائب عن فعل المر ‪ ،‬وسيأتي في باب »‬
‫المر « بيان دللة ذلك على الوجوب ‪.‬‬
‫َ‬
‫ض ‪ ،‬أو لفظة » على « ‪،‬‬ ‫فَر َ‬ ‫ب أو َ‬ ‫مَر أو ك َت َ َ‬
‫‪ -2‬صيغة أ َ‬
‫ق على المؤمنين‬ ‫»ح ّ‬ ‫ق على العباد « ‪ ،‬أو‬ ‫أو » ح ّ‬
‫«‪.‬‬
‫‪ - 3‬الذم على ترك الفعل ‪ ،‬أو الوعيد بالعقاب على‬
‫تركه ‪ ،‬أو وصف من تركه بالمخالفة ‪.‬‬
‫عدم‬ ‫‪ - 4‬نفي المسمى الشرعي عن الفعل إذا ُ‬
‫بعض أجزائه ‪.‬‬
‫‪ - 5‬تسمية الشرع العبادة ببعض أجزائها ‪.‬‬
‫والواجب باعتبار الفعل نوعان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬معين ‪ :‬وهو الكثر ‪ ،‬وهو الواجب الذي ل يقوم‬
‫غيره مقامه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬مبهم ‪ :‬وهو الواجب المبهم في أقسام‬
‫محصورة يتحقق المتثال بفعل أحدها ‪.‬‬
‫وباعتبار الوقت نوعان ‪ -‬أيضا ً ‪: -‬‬
‫‪ -1‬مضيق ‪ :‬وهو ما تعين له وقت بقدر فعله ل يزيد‬
‫عليه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬موسع ‪ :‬وهو ما كان وقته المعين يزيد على‬
‫فعله ‪.‬‬
‫وباعتبار الفاعل نوعان ‪:‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 1‬واجب عيني ‪ :‬وهو ما طلب الشرع فعله من‬


‫كل مكلف بعينه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬واجب كفائي ‪ :‬وهو ما طلب الشرع حصوله من‬
‫جماعة المكلفين ‪ ،‬بحيث لو قام به بعضهم خرج من‬
‫تخلف عنه من المأثم ‪ ،‬وقد يكون الواجب الكفائي‬
‫عينيا ً إذا لم يوجد من يقوم به غيره ‪.‬‬
‫والواجبات تتفاضل حسب الحوال والشخاص‬
‫والوقات ‪ ،‬وهذا يتضمن تفاضلها في الثواب ‪ ،‬وطلب‬
‫الفضل أكمل ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬المندوب وهو لغة ‪ :‬اسم مفعول من الندب ‪ ،‬وهو‬


‫الدعاء إلى الفعل ‪ ،‬والصل ‪ :‬المندوب إليه ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما طلب الشرع فعله طلبا ً غير جازم ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬يثاب فاعله امتثال ً ‪ ،‬ول يعاقب تاركه ‪.‬‬
‫ويسمى ‪ :‬سنة ‪ ،‬ومستحبا ً ‪ ،‬وتطوعا ً ‪ ،‬ونفل ً ‪.‬‬
‫والمندوب على مراتب ‪ ،‬فأعلى المندوبات ‪ :‬السنن‬
‫المؤكدة ‪ ،‬ثم غير المؤكدة ‪ ،‬ثم الفضيلة والدب ‪،‬‬
‫وتسمى ‪ » :‬سنة الزوائد « ‪.‬‬
‫والمندوب تطوع قبل الشروع فيه وبعده ‪ ،‬فمن‬
‫شرع فيه فالولى إتمامه ‪ ،‬وإن قطعه جاز ‪ ،‬ول قضاء‬
‫عليه ‪.‬‬
‫ويدل على المندوب أمور منها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬صيغة المر إذا ورد ما يدل على صرفها من‬
‫الوجوب إلى الندب ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الندب إلى الفعل والترغيب فيه ‪ ،‬وذلك بذكر ما‬
‫ب عليه من الثواب ‪.‬‬‫ُرت ّ َ‬
‫‪ - 3‬فعل الرسول ج للشيء من غير قرينة تدل‬
‫على الوجوب ‪.‬‬
‫والمندوب خادم للواجب ‪ ،‬ومكمل له ‪ ،‬وجابر‬
‫للنقص الحاصل فيه ‪.‬‬
‫والمندوبات تتفاضل كالواجبات ‪ ،‬وهذا يرجع إلى‬
‫حال النسان وما هو أنفع له ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 3‬المحرم وهو لغة ‪ :‬الممنوع ‪.‬‬


‫واصطلحا ً ‪ :‬ما طلب الشارع تركه طلبا ً جازما ً ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬يثاب تاركه امتثال ً ‪ ،‬ويستحق فاعله‬
‫اختيارا ً العقاب ‪.‬‬
‫ويدل على المحرم أمور منها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬لفظ التحريم ‪ ،‬أو لفظ النهي ‪ ،‬أو نفي الحل ‪،‬‬
‫أو لفظ ل ينبغي ‪ ،‬أو لفظ زجر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬صيغة المضارع المقرون بل الناهية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الوعيد على الفعل بالعقاب ‪ ،‬أو وصفه بأنه‬
‫كبيرة ‪ ،‬أو أنه من الذنوب ‪ ،‬أو لعن فاعله ‪ ،‬أو أنه من‬
‫العدوان أو الظلم أو الساءة ‪ ،‬أو أن الله تعالى ل‬
‫يحبه أو ل يرضاه لعباده ‪.‬‬
‫والمحرم قسمان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬محرم لذاته ‪ :‬وهو ما حرمه الشارع ابتداءً‬
‫لمفسدة راجعة إلى ذاته ‪.‬‬
‫‪ - 2‬محرم لغيره ‪ :‬وهو ما كان مشروعا ً في الصل‬
‫ولكن اقترن به عارض اقتضى تحريمه ‪.‬‬
‫والمحرمات تتفاوت في نفس تحريمها ‪ ،‬وهو‬
‫النهي الشرعي ‪ ،‬وفي متعلقها ‪ ،‬وهو العقاب ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 4‬المكروه ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬ضد المحبوب ‪.‬‬


‫واصطلحا ً ‪ :‬ما طلب الشارع تركه طلبا ً غير جازم ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬يثاب تاركه امتثال ً ‪ ،‬ول يعاقب فاعله ‪.‬‬
‫ويدل على المكروه في أحكام الشرع أمور منها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬لفظ الكراهة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬صيغة النهي مع القرينة الصارفة عن التحريم ‪.‬‬
‫وقد وقع في كلم الشافعي وأحمد وبعض‬
‫المحدثين استعمال لفظ الكراهة بمعنى التحريم‬
‫تورعا ً ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫سع والمعلن والمأذون فيه ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬المباح وهو لغة ‪ :‬المو ّ‬


‫واصطلحا ً ‪ :‬ما ل يتعلق به أمر ول نهي لذاته ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬أنه ل ثواب في فعله ول عقاب في تركه ‪،‬‬
‫إل إذا اقترن بفعله أو تركه نية صالحة فيثاب على‬
‫نيته ‪.‬‬
‫وهذا المباح الباقي على أصل الباحة ‪ ،‬فإن كان‬
‫وسيلة لمأمور به أو منهي عنه فحكمه حكم ما كان‬
‫وسيلة إليه ‪.‬‬
‫ومن أسمائه ‪ :‬الحلل ‪ ،‬والجائز ‪.‬‬
‫ويدل على المباح في أحكام الشرع أمور منها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النص على الحل ‪ ،‬وهي من أقوى صيغ‬
‫الباحة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬التصريح برفع الحرج أو الثم أو الجناح أو ما‬
‫في معنى ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 3‬صيغة المر إذا وردت بعد حظر ما كان مباحا ً‬
‫في الصل ‪.‬‬
‫‪ - 4‬صيغة المر إذا وردت لفادة نسخ الحظر وإعادة‬
‫الحكم إلى الباحة ‪.‬‬
‫‪ - 5‬استصحاب الصل بناء على أن الصل في‬
‫الشياء الباحة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الحكام الوضعية‬
‫وهي سبعة ‪ -‬كما تقدم ‪ : -‬السبب ‪ ،‬والشرط ‪،‬‬
‫والمانع ‪ ،‬والصحيح ‪ ،‬والفاسد ‪ ،‬والرخصة ‪ ،‬والعزيمة ‪.‬‬
‫‪ - 1‬فالسبب لغة ‪ :‬ما يتوصل به إلى غيره ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما يلزم من وجوده الوجود ‪ ،‬ويلزم من‬
‫عدمه العدم ‪.‬‬
‫‪ -2‬والشرط ‪ - :‬وهو بالسكون ‪ -‬لغة ‪ :‬اللزم ‪ - ،‬وبالفتح‬
‫‪ : -‬العلمة ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ما يلزم من عدمه العدم ‪ ،‬ول يلزم من‬
‫وجوده الوجود ‪.‬‬
‫ويفارق الركن ‪ :‬في أن الركن داخل في ماهية‬
‫الشيء وجزءٌ من حقيقته ‪ ،‬والشرط ليس كذلك ‪.‬‬
‫والشرط باعتبار مصدر اشتراطه نوعان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬شرط شرعي ‪ :‬وهو ما جعله الشرع شرطا ً إما‬
‫بالتنصيص عليه ‪ ،‬أو باليماء والشارة إليه ‪ ،‬وهذا هو‬
‫المراد عند الطلق ‪ ،‬وهو إما شرط وجوب ‪ ،‬أو شرط‬
‫صحة ‪.‬‬
‫علي ‪ :‬وهو ما وضعه الناس لنفسهم‬ ‫ج ْ‬
‫‪ - 2‬شرط َ‬
‫في عقودهم ومعاملتهم ‪ ،‬فما وافق الشرع فهو‬
‫شرط صحيح ‪ ،‬وما خالفه فهو فاسد ‪.‬‬
‫‪ - 3‬والمانع لغة ‪ :‬الحائل بين الشيئين ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما يلزم من وجوده العدم ‪ ،‬ول يلزم‬
‫من عدمه الوجود ‪ ،‬وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬مانع الحكم ‪ :‬وهو الوصف الذي يترتب على‬
‫وجوده عدم ترتب الحكم على سببه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬مانع السبب ‪ :‬وهو الوصف الذي يلزم من‬
‫وجوده عدم تحقق السبب ‪.‬‬
‫‪ - 4‬والصحيح لغة ‪ :‬السليم من المرض ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما ترتبت آثار فعله عليه عبادة كان أم‬
‫عقدا ً ‪.‬‬
‫‪ - 5‬والفاسد لغة ‪ :‬الذاهب ضياعا ً وخسرا ً ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫واصطلحا ً ما ل تترتب آثار فعله عليه عبادة كان أم‬


‫عقدا ً ‪.‬‬
‫والباطل بمعنى الفاسد عند الجمهور ‪ ،‬إل في‬
‫مسائل يسيرة فرقوا فيها بينهما ‪ ،‬ليس مخالفة‬
‫لقاعدة الترادف ‪ ،‬وإنما لما قام عندهم من الدليل ‪.‬‬
‫ول يحكم بالصحة لحكم وجد سببه إل إذا تحققت‬
‫الشروط وانتفت الموانع ‪ ،‬فإن لم يوجد الشرط ‪ ،‬أو‬
‫وجد ولكن قام المانع لم يتم الحكم ‪.‬‬
‫وشروط العبادات والمعاملت كل ما تتوقف صحتها‬
‫عليه ‪ ،‬ويعرف ذلك بالتتبع والستقراء الشرعي ‪.‬‬
‫‪ - 6‬والرخصة لغة ‪ :‬السهولة ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬استباحة المحظور شرعا ً مع قيام‬
‫سبب الحظر ‪ ،‬وهي ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ - 2‬إباحة المحرم‬ ‫‪ - 1‬إباحة ترك الواجب‬
‫‪ - 3‬تصحيح بعض العقود التي يحتاجها الناس مع‬
‫اختلل بعض ما تصح به ‪.‬‬
‫‪ - 7‬والعزيمة لغة ‪ :‬القصد المؤكد ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما شرع من الحكام الكلية ابتداء ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الباب الثالث‬
‫طرق استنباط الحكام وقواعده‬
‫عمدة أصول الفقه كيفية استنباط الحكام من‬
‫الدلة ‪ ،‬ول يتم ذلك إل بدراسة دللت اللفاظ‬
‫وقواعد الستنباط ‪ ،‬ومعرفة مقاصد الشريعة ‪ ،‬وما‬
‫يتعلق بتعارض الدلة ‪.‬‬
‫وفي هذا ثلثة فصول ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬في القواعد الصولية ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬في مقاصد التشريع ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬في تعارض الدلة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الفصل الول ‪ :‬في القواعد الصولية‬


‫وهي القواعد المتعلقة بألفاظ النصوص من جهة‬
‫إفادتها للمعاني ‪ ،‬والحاطة بهذه القواعد تستلزم‬
‫الوقوف على أقسام اللفظ بالنسبة للمعنى ‪ ،‬وهي‬
‫أربعة ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬باعتبار دللة اللفظ على المعنى وضعا ً ‪،‬‬
‫وهو ثلثة ‪ :‬الخاص ‪ ،‬ويدخل تحته ‪ :‬المطلق والمقيد‬
‫والمر والنهي ‪ ،‬الثاني ‪ :‬العام ‪ ،‬الثالث ‪ :‬المشترك ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬باعتبار الظهور والخفاء ‪ ،‬ويدخل‬
‫سر والمحكم ‪ ،‬ويقابلها‬ ‫تحته ‪ :‬الظاهر والنص والمف ّ‬
‫المجمل والخفي والمشكل والمتشابه ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬باعتبار استعماله في المعنى الموضوع‬
‫له ‪ ،‬ويدخل تحته ‪ :‬الحقيقة والمجاز والصريح والكناية‬
‫‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬باعتبار كيفية دللة اللفظ على المعنى ‪،‬‬
‫ويدخل تحته ‪ :‬عبارة النص وإشارته ودللته واقتضاؤه‬
‫ومفهومه ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫القسم الول ‪ :‬وضع اللفظ للمعنى‬


‫‪ - 1‬الخاص ‪:‬‬
‫ص بكذا أي ‪:‬‬‫خ ّ‬
‫وهو لغة ‪ :‬التفرد ‪ ،‬يقال ‪ :‬فلن ُ‬
‫انفرد به ل يشاركه فيه أحد‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬اللفظ الموضوع للدللة على معنى‬
‫واحد على النفراد ‪ ،‬إما من الجناس كإنسان ‪ ،‬أو‬
‫النواع كرجل وامرأة وفرس ‪ ،‬أو الشخاص كزيد‬
‫وخالد ‪ ،‬ومنه أسماء العداد كمائة وألف ‪.‬‬
‫وحكمه أنه يدل على معناه الموضوع له دللة‬
‫ن في نفسه ‪ ،‬ل إجمال فيه ول‬ ‫قطعية ‪ ،‬لنه ب َي ّ ٌ‬
‫إشكال ‪ ،‬وأنواعه ‪:‬‬
‫المطلق ‪ ،‬والمقيد ‪ ،‬والمر ‪ ،‬والنهي ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫المطلق والمقيد‬
‫المطلق ‪ :‬هو اللفظ الدال على فرد معين أو أفراد‬
‫غير معينين ‪ ،‬مثل ‪ :‬طالب وطلب ‪.‬‬
‫والمقيد ‪ :‬هو اللفظ الدال على فرد غير معين أو‬
‫أفراد غير معينين مع اقترانه بصفة تحدد المراد منه ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬طالب مجد ‪ ،‬وطلب مجدون ‪.‬‬
‫وحكم المطلق أنه يجب العمل به على إطلقه إل‬
‫بدليل يدل على تقييده ‪.‬‬
‫وحكم المقيد أنه يعمل به بقيده ‪ ،‬لن العمل‬
‫بنصوص الكتاب والسنة واجب على ما تقتضيه دللتها‬
‫‪ ،‬حتى يقوم دليل على خلف ذلك ‪.‬‬
‫وإذا ورد نص مطلق ونص مقيد واتحدا في الحكم‬
‫والسبب حمل المطلق على المقيد فقيد به ‪ ،‬وإن‬
‫اختلف السبب أو الحكم لم يحمل المطلق على‬
‫المقيد ‪ ،‬ويعمل بكل واحد منهما على ما ورد عليه‬
‫من إطلق أو تقييد ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫المر‬
‫وهو اللفظ الدال على طلب الفعل على جهة‬
‫الستعلء ‪.‬‬
‫وصيغه ‪ :‬فعل المر ‪ ،‬والمضارع المقرون بلم‬
‫المر ‪ ،‬واسم فعل المر ‪ ،‬والمصدر النائب عن فعله ‪،‬‬
‫والتصريح بلفظ المر وما في معناه ‪ ،‬والمر بلفظ‬
‫الخبر كالمر بلفظ الطلب ‪.‬‬
‫وصيغة المر تفيد الوجوب إن تجردت عن دليل‬
‫صارف ‪ ،‬وإل فهي بحسبه ‪ ،‬كالندب ‪ ،‬والدليل‬
‫الصارف قد يكون نصا ً صريحا ً ‪ ،‬وقد يكون خفيا ً ‪ ،‬وقد‬
‫يكون قرينة من دليل خارجي ‪ ،‬والمر بعد الحظر‬
‫يعود إلى ما كان عليه قبله ‪.‬‬
‫والمر إن قيد بما يدل على الفورية أو بما يفيد‬
‫التراخي عمل به ‪ ،‬وإل فهو للفور ‪ ،‬وإن قيد بما يدل‬
‫ل به ‪ ،‬وإن‬ ‫م َ‬
‫ع ِ‬
‫على المرة الواحدة أو بما يفيد التكرار ُ‬
‫تجرد عن ذلك لم يدل على إيقاع المأمور به أكثر من‬
‫مرة ‪.‬‬
‫وإن توقف فعل المأمور به على شيء كان ذلك‬
‫الشيء مأمورا ً به ‪ ،‬فإن كان المأمور به واجبا ً كان‬
‫ذلك الشيء واجبا ً ‪ ،‬وإن كان المأمور به مندوبا ً كان‬
‫ذلك الشيء مندوبا ً ‪.‬‬
‫والمر للنبي ج أمر للمة ‪ ،‬وكذا خطابه لواحد من‬
‫الصحابة ش ‪ ،‬إل بدليل على الخصوصية فيهما ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫النهي‬
‫وهو اللفظ الدال على طلب الترك على جهة‬
‫الستعلء ‪.‬‬
‫وصيغته ‪ :‬المضارع المقرون بل الناهية ‪ ،‬وقد‬
‫يستفاد طلب الترك من التصريح بلفظ التحريم أو‬
‫النهي أو الوعيد على الفعل ‪ ،‬أو ذم الفاعل ‪ ،‬ومن‬
‫ذلك نفي الجزاء أو القبول ‪.‬‬
‫والنهي بلفظ الخبر كالنهي بلفظ الطلب ‪ ،‬وهو‬
‫لنفي الصحة ‪ ،‬فيستلزم فساد المنفي عبادة كان أم‬
‫عقدا ً ‪ ،‬وقد يكون لنفي الكمال بدليل يفيد ذلك ويدل‬
‫على نقصان المنفي ‪.‬‬
‫وصيغة النهي تفيد تحريم المنهي عنه إن تجردت‬
‫عن دليل صارف ‪ ،‬وإل فهي بحسبه كالكراهة‬
‫والرشاد ‪ ،‬وتقتضي فساده إن عاد النهي إلى ذات‬
‫المنهي عنه أو شرطه ‪ ،‬فإن جاء دليل يفيد البطلن‬
‫ل به ‪ ،‬فإن عاد النهي إلى أمر خارج لم‬ ‫م َ‬
‫ع ِ‬
‫أو الصحة ُ‬
‫يقتض الفساد ‪.‬‬
‫والمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده ‪ ،‬والنهي‬
‫عن الشيء يستلزم المر بضده ‪.‬‬
‫وما ل يتم اجتناب المنهي عنه إل به فهو منهي‬
‫عنه ‪ ،‬وهذا مع ما تقدم في باب المر داخل تحت‬
‫القاعدة العظيمة ‪ » :‬الوسائل لها أحكام المقاصد «‬
‫فوسائل المأمورات مأمور بها ‪ ،‬ووسائل المنهيات‬
‫منهي عنها ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬العام ‪:‬‬
‫وهو لغة ‪ :‬الشامل ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما دل على متعدد غير محصور دفعة‬
‫بوضع واحد ‪ ،‬وصيغه ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما دل على العموم بذاته ‪ ،‬مثل ‪ :‬كل ‪ ،‬جميع ‪،‬‬
‫وكافة ‪ ،‬وعامة ‪ ،‬ونحوها ‪.‬‬
‫ي‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أسماء الشرط ‪ ،‬مثل ‪ :‬من ‪ ،‬وأين ‪ ،‬وأ ّ‬
‫‪ - 3‬أسماء الستفهام ‪ ،‬مثل ‪ :‬من ‪ ،‬وما ‪ ،‬وأين ‪،‬‬
‫ي‪.‬‬
‫وأ ّ‬
‫‪ - 4‬السماء الموصولة ‪ ،‬مثل ‪ :‬الذي ‪ ،‬والذين ‪،‬‬
‫وما ‪.‬‬
‫‪ - 5‬النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط أو‬
‫الستفهام أو المتنان ‪.‬‬
‫‪ - 6‬المعرف بـ » أل « الستغراقية مفردا ً كان أم‬
‫مجموعا ً ‪.‬‬
‫‪ - 7‬المعرف بالضافة مفردا ً كان أم مجموعا ً ‪.‬‬
‫وأما المفرد المعرف بـ » أل « الجنسية فل يفيد‬
‫العموم ‪ ،‬وكذا المعرف بـ » أل « العهدية إن كان‬
‫المعهود خاصا ً ‪ ،‬فإن كان عاما ً فالمعرف بها عام ‪.‬‬
‫وأما الجمع المنكر فليس من صيغ العموم ‪،‬‬
‫والفرق بينه وبين العام أن العام يستغرق جميع‬
‫أفراده بل حصر ‪ ،‬والجمع المنكر يتناول جميع أفراده‬
‫من غير استغراق ‪.‬‬
‫وألفاظ الجموع من حيث دللتها على الذكور‬
‫والناث ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما يدخل فيه الذكور والناث بل خلف ‪ ،‬كلفظ ‪:‬‬
‫ن«‬ ‫م ْ‬‫» الناس « و » القوم « و » الطائفة « و » َ‬
‫المستعملة في العاقل ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ما يخص كل جنس بل خلف ‪ ،‬كلفظ ‪ » :‬الرجال‬
‫والذكور « و » النساء والناث « ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 3‬ما فيه خلف ‪ ،‬وهو جمع المذكر السالم ‪ ،‬مثل ‪:‬‬


‫» مسلمين ‪ ،‬محسنين « وضمير جمع المذكر المتصل‬
‫بالفعل ‪ ،‬مثل ‪ » :‬آمنوا ‪ ،‬أقيموا « ‪.‬‬
‫وهذا الخلف لفظي ‪ ،‬لتفاق الفريقين على دخول‬
‫النساء في عموم الحكام الشرعية ‪ ،‬ما لم يرد‬
‫مخصص ‪.‬‬
‫والعام من حيث دللته ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عام أريد به العموم قطعا ً ‪ ،‬وهو العام الذي‬
‫صحبته قرينة تنفي احتمال تخصيصه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬العام الذي يراد به قطعا ً الخصوص ‪ ،‬وهو العام‬
‫الذي صحبته قرينة تنفي بقاءه على عمومه ‪.‬‬
‫‪ - 3‬عام مخصوص ‪ ،‬وهو العام المطلق الذي لم‬
‫تصحبه قرينة تنفي احتمال تخصيصه ‪ ،‬ول قرينة‬
‫تنفي دللته على العموم ‪ ،‬ودللته على جميع أفراده‬
‫ظنية ‪ ،‬لن كل عام يحتمل التخصيص غالبا ً ‪ ،‬وهذا هو‬
‫أكثر العمومات في الكتاب والسنة‪.‬‬
‫والتخصيص ‪ :‬هو إخراج بعض أفراد العام ‪.‬‬
‫ودليل التخصيص نوعان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬متصل ‪ :‬وهو ما ل يستقل بنفسه ‪ ،‬بل يكون‬
‫جزءا ً من النص العام ‪.‬‬
‫‪ - 2‬منفصل ‪ :‬وهو ما يستقل بنفسه ‪ ،‬ول يكون‬
‫جزءا ً من النص العام ‪.‬‬
‫فالمتصل أربعة أنواع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الستثناء ‪ ،‬وهو إخراج بعض أفراد العام بـ » إل‬
‫« أو إحدى أخواتها ‪.‬‬
‫ومن شرطه ‪ :‬أن يكون متصل ً بالمستثنى منه‬
‫حقيقة أو حكما ً ‪ ،‬فإن حصل فاصل من سكوت أو‬
‫كلم لم يصح الستثناء ‪ ،‬إل أن يكون المجلس واحدا ً ‪،‬‬
‫وأن يبقى من المستثنى منه شيء إل إن كان‬
‫الستثناء من عدد ‪ ،‬فإن كان من صفة صح وإن خرج‬
‫الكل ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫وإذا وقع الستثناء عقيب جمل ‪ ،‬فإن وجد قرينة‬


‫تدل على المراد عمل بها ‪ ،‬وإن تجرد عن القرينة عاد‬
‫إلى الجميع ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الصفة ‪ :‬وهي ما أشعر بمعنى يتصف به بعض‬
‫أفراد العام من نعت أو بدل أو حال ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الشرط ‪ :‬والمراد الشرط اللغوي ‪ ،‬وهو تعليق‬
‫شيء بشيء بـ » إن « الشرطية أو إحدى أخواتها ‪،‬‬
‫وهو مخصص ‪ ،‬سواء تقدم أم تأخر ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الغاية ‪ :‬وهي نهاية الشيء المقتضية ثبوت‬
‫الحكم لما قبلها ‪ ،‬وانتفاءه عما بعده ‪ ،‬وصيغتها » إلى‬
‫« و » حتى « ‪.‬‬
‫والمنفصل سبعة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الحس ‪ :‬أي الدراك بالحواس ‪.‬‬
‫‪ - 2‬العقل ‪.‬‬
‫‪ - 3‬النص ‪ :‬وهو أربعة أقسام ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تخصيص الكتاب بالكتاب ‪.‬‬
‫‪ - 2‬تخصيص السنة بالسنة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬تخصيص السنة بالكتاب ‪.‬‬
‫‪ - 4‬تخصيص الكتاب بالسنة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬القياس المعتمد على نص ‪.‬‬
‫‪ - 5‬المفهوم ‪.‬‬
‫‪ - 6‬فعل النبي ج ‪.‬‬
‫‪ - 7‬تقريره ‪.‬‬
‫ويجب العمل بعموم اللفظ العام حتى يثبت‬
‫تخصيصه ‪ ،‬ول يلزم البحث عن مخصص ‪ ،‬لن العمل‬
‫بنصوص الكتاب والسنة واجب على ما تقتضيه دللتها‬
‫حتى يقوم دليل على خلف ذلك ‪ ،‬لكن على الفقيه‬
‫أن يتثبت في كل حكم دللة النص عليه ظنية ‪،‬‬
‫لحتمال وجود مخصص ‪ ،‬لكون هذا هو الغالب في‬
‫نصوص العام ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫وإذا ورد العام على سب خاص فإن دل دليل على‬


‫العموم أو على تخصيص العام بما يشبه السبب عمل‬
‫به ‪ ،‬وإل فالعبرة بعموم اللفظ ل بخصوص السبب ‪.‬‬
‫والعام إذا دخله التخصيص فأخرج منه بعض الفراد‬
‫ص‪.‬‬
‫خ ّ‬‫بقي حجة فيما لم ي ُ َ‬
‫وذكر بعض العام بحكم العام ل يقتضي تخصيصه ‪،‬‬
‫لن المخصص يجب أن يكون منافيا ً للعام ‪ ،‬إل إذا جاء‬
‫تقييده بوصف فإنه يقتضي التخصيص ‪ ،‬وفائدة ذكره‬
‫إما لنفي احتمال إخراجه من العام ‪ ،‬أو التفخيم له‬
‫بإظهار مزيته على غيره ‪.‬‬
‫ول يجوز التخصيص بقضايا العيان على الراجح ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ -3‬المشترك ‪:‬‬
‫وهو اللفظ الموضوع للدللة على معين أو أكثر‬
‫بأوضاع متعددة ‪ ،‬ويقع في السماء والفعال والحروف‬
‫‪ ،‬مثل ‪ :‬لفظ ) القرء ( فهو مشترك بين الطهر‬
‫والحيض ‪ ،‬ولفظ ) المولى ( فهو مشترك بين العبد‬
‫والسيد ‪.‬‬
‫وحكم المشترك أنه ل يجوز استعماله إل في معنى‬
‫واحد من معانيه ‪ ،‬وهذا قول الكثرين ‪ ،‬ويعرف ذلك‬
‫بالقرينة الدالة على المراد ‪ ،‬وهي تحتاج إلى اجتهاد‬
‫ونظر ‪ ،‬وذلك مما يختلف فيه المجتهدون ‪.‬‬
‫ويرى آخرون ‪ :‬جواز استعمال المشترك في جميع‬
‫معانيه إذا لم يمنع من ذلك مانع ‪ ،‬وعزاه شيخ السلم‬
‫ابن تيمية لكثر الفقهاء ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫القسم الثاني ‪ :‬استعمال اللفظ في المعنى‬


‫ويدخل تحته الحقيقة والمجاز والصريح والكناية ‪.‬‬
‫‪ - 1‬الحقيقة ‪ :‬وهي لغة ‪ :‬فعيلة بمعنى فاعلة ‪ ،‬من حق‬
‫الشيء ‪ :‬إذا ثبت ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬اللفظ المستعمل فيما وضع له ‪ ،‬وهي‬
‫ثلثة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬حقيقة لغوية ‪ :‬وهي التي يعرف حدها باللغة ‪،‬‬
‫كلفظ ‪ :‬الشمس والقمر ‪ ،‬والسماء والرض ‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 2‬حقيقة شرعية ‪ :‬وهي التي يعرف حدها بالشرع ‪،‬‬
‫كلفظ ‪ :‬اليمان والسلم ‪ ،‬والكفر والنفاق ‪ ،‬والصلة‬
‫والزكاة والصوم والحج ‪.‬‬
‫‪ - 3‬حقيقة عرفية ‪ :‬وهي التي يعرف حدها بعرف‬
‫الناس وعاداتهم ‪ ،‬كلفظ ‪ :‬البيع ‪ ،‬والنكاح ‪ ،‬والدرهم‬
‫والدينار ‪ ،‬ونحو ذلك ‪.‬‬
‫وحكم الحقيقة ‪ :‬أنه يجب حمل اللفظ على حقيقته‬
‫ول يعدل عنه إلى المجاز إل إذا تعذرت الحقيقة ‪.‬‬
‫وفائدة معرفة أقسام الحقيقة أن يحمل اللفظ على‬
‫معناه الحقيقي في موضع استعماله ‪ ،‬فما حكم به‬
‫الشرع وبين معناه وجب الرجوع فيه إلى المعنى‬
‫الشرعي ‪ ،‬فإن لم يكن للفظ معنى شرعي قدمت‬
‫الحقيقة العرفية في تفسيره ‪ -‬وهي عرف الصحابة‬
‫ش ‪ ، -‬فإن لم يكن للفظ عرف شرعي ول عرفي‬
‫سر بحسب اللغة ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ف ّ‬
‫‪ - 2‬المجاز ‪ :‬وهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له‬
‫لعلقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الصلي ‪.‬‬
‫وقد اختلف في وقوعه في القرآن ‪ ،‬فمن أهل العلم‬
‫من نفاه مطلقا ً ‪ ،‬ومنهم من أثبته ‪ ،‬والظهر‬
‫التفصيل ‪ ،‬و أن المجاز واقع في القرآن ما عدا آيات‬
‫الصفات ‪ ،‬فهي محمولة على حقيقتها ووجهها اللئق‬
‫بالله تعالى ‪ ،‬ويمتنع حملها على المجاز ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫وحكم المجاز ‪ :‬أنه ل يحمل اللفظ على المعنى‬


‫المجازي إل إذا تعذر حمله على معناه الحقيقي ‪ ،‬فإذا‬
‫م َ‬
‫ل على المجاز مع وجود القرينة الدالة على‬ ‫ح ِ‬
‫تعذر ُ‬
‫ذلك ‪ ،‬وتعلق الحكم الشرعي به ‪.‬‬

‫والقرينة ثلثة أنواع ‪:‬‬


‫‪ - 1‬قرينة حسية ‪ :‬وهي التي تدرك بالحس ‪ ،‬وهو‬
‫المشاهدة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬قرينة حالية ‪ :‬وهي التي تدرك من الحال التي‬
‫تدل على المعنى المراد من الكلم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬قرينة شرعية ‪ :‬وهي تدرك من أدلة الشرع‬
‫وقواعده ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الصريح ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬الواضح من القول والفعل ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬هو اللفظ الذي ظهر معناه ظهورا ً تاما ً‬
‫لكثرة استعماله ؛ سواء كان حقيقة أم مجازا ً ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬ثبوت الحكم الشرعي بمجرد التلفظ به من‬
‫غير افتقار إلى نية المتكلم به ‪ ،‬وذلك لوضوح معناه ‪،‬‬
‫وعدم احتمال غيره ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الكناية ‪ :‬وهي لغة ‪ :‬من كّنى الشيء ‪ :‬إذا ستره ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬هي اللفظ الذي استتر المعنى المراد به‬
‫‪ ،‬فل يفهم إل بقرينة ‪.‬‬
‫وحكمها ‪ :‬أنه ل يثبت الحكم الشرعي بمجرد اللفظ‬
‫حتى يقترن بالنية التي تحدد المراد ‪.‬‬
‫وهذا داخل تحت أصل عظيم من أصول الشريعة ‪،‬‬
‫وهو » أن المور بمقاصدها « وبه يتبين أن الكناية ل‬
‫تتصل بنصوص الكتاب والسنة ‪ ،‬وإنما بتصرفات‬
‫المكلفين وما يترتب على أقوالهم من أحكام ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫القسم الثالث ‪ :‬دللة اللفظ على المعنى‬


‫‪ - 1‬الواضح الدللة ‪:‬‬
‫وهو ما دل على المراد منه بنفس صيغته من غير‬
‫توقف على أمر خارجي ‪ ،‬وهو أربعة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النص ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬الظهور والرفع ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما دل على معنى سيق الكلم لجله‬
‫دللة تحتمل التأويل أو التخصيص أو النسخ ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬أنه يجب العمل به ‪ ،‬ول يعدل عنه إل بدليل‬
‫يصرفه عن ظاهره من تخصيص أو تقييد أو تأويل ‪.‬‬

‫‪ - 2‬الظاهر ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬الواضح والبّين ‪.‬‬


‫واصطلحا ً ‪ :‬ما دل على معنى متبادر لذهن السامع‬
‫من غير تأمل ‪ ،‬دون أن يكون مسوقا ً لذلك المعنى مع‬
‫احتمال التأويل أو التخصيص أو النسخ ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬أنه يجب العمل بالمعنى الظاهر إل بدليل‬
‫يصرفه عن ظاهره ‪ ،‬من تأويل أو تخصيص أو تقييد‬
‫ونحوها ‪.‬‬
‫ول ‪ :‬وهو الرجوع والعود ‪.‬‬ ‫والتأويل لغة ‪ :‬من ال ْ‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬له ثلثة معان ‪:‬‬
‫منها اثنان عند السلف ‪ ،‬وهما ‪ :‬الحقيقة التي يؤول‬
‫إليه الكلم ‪ ،‬وهذا هو المراد به في الكتاب والسنة ‪،‬‬
‫والتفسير والبيان ‪.‬‬
‫ومعنى عند المتأخرين ‪ :‬وهو صرف اللفظ عن‬
‫الحتمال الراجح إلى الحتمال المرجوح بدليل ‪ ،‬وهذا‬
‫هو المراد عند الصوليين ‪ ،‬وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تأويل صحيح مقبول ‪ :‬وهو أن يكون اللفظ قابل ً‬
‫ل عليه دليل صحيح من نص أو قياس‬ ‫للتأويل ‪ ،‬ود ّ‬
‫صحيح أو أصل عام من أصول التشريع ‪.‬‬
‫‪ - 2‬تأويل فاسد مردود ‪ :‬وهو ما ليس عليه دليل‬
‫صحيح ‪ ،‬كتأويل المعطلة في باب السماء والصفات ‪،‬‬
‫وهو من باب تحريف الكلم عن مواضعه ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫سر الشيء ‪:‬‬ ‫سر ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬اسم مفعول من ف ّ‬ ‫‪ - 3‬المف ّ‬


‫إذا وضحه وشرحه ‪.‬‬
‫صل على‬ ‫واصطلحا ً ‪ :‬ما دل بنفسه على معناه المف ّ‬
‫وجه ل يبقى معه احتمال للتأويل ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬أنه يجب العمل به على الوجه الذي ورد‬
‫تفصيله عليه ‪ ،‬ويقبل النسخ في زمن الوحي إذا كان‬
‫من الحكام التي يدخلها النسخ ‪.‬‬
‫ويتفق التفسير مع التأويل بمعنى التفسير في أن‬
‫سر جاء‬ ‫كل ً منهما فيه بيان للمراد من النص ‪ ،‬لكن المف ّ‬
‫بيانه من قبل الشارع ‪ ،‬فهو قطعي في بيان المراد ‪،‬‬
‫أما المؤول فهو تبيين من المجتهد ‪ ،‬فل يكون قطعيا ً‬
‫في تعيين المراد ‪.‬‬

‫‪ - 4‬المحكم ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬اسم مفعول من أحكم الشيء‬


‫إذا أتقنه ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬ما دل بنفسه دللة واضحة على معناه ل‬
‫تحتمل تأويل ً ول نسخا ً ‪.‬‬
‫ويدخل تحته نصوص العقائد كالتوحيد وأصول‬
‫اليمان ‪ ،‬وأصول العبادات ‪ ،‬ومكارم الخلق ‪،‬‬
‫والقواعد العامة التي قامت عليها شرائع السلم‬
‫كرفع الحرج ‪ ،‬ومنع الضرر ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬والحكام‬
‫الفرعية الجزئية التي اقترن بها ما يدل على تأبيدها ‪.‬‬
‫وحكم المحكم ‪ :‬أنه يجب العمل به قطعا ً ‪ ،‬ول يمكن‬
‫صرفه عن ظاهره ‪ ،‬ل بتأويل ول بتخصيص ول بنسخ ‪،‬‬
‫سر ‪ ،‬ثم‬‫وهو أعلى أقسام » الواضح الدللة « ثم المف ّ‬
‫النص ‪ ،‬ثم الظاهر ‪ ،‬ويظهر أثر هذا الترتيب عند‬
‫التعارض ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬غير الواضح الدللة ‪:‬‬


‫وهو ما ل يدل على المراد منه بنفس الصيغة ‪ ،‬بل‬
‫يتوقف فهم المراد منه على أمر خارجي ‪ ،‬وهو أربعة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الخفي ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬المستور والمكتوم ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬هو اللفظ الذي يدل على معناه دللة‬
‫ظاهرة ‪ ،‬لكن في انطباق معناه على بعض الفراد‬
‫خفاء وغموض ‪ ،‬يحتاج كشفه إلى نظر وتأمل ‪.‬‬
‫ومن أسباب الخفاء أن يكون لبعض أفراد المعنى‬
‫اسم خاص ‪ ،‬أو وصف يمتاز به ‪ ،‬أو غير ذلك ‪.‬‬
‫وحكمه ‪ :‬أنه ل يعمل به إل بعد إزالة الخفاء ‪ ،‬وذلك‬
‫بنظر المجتهد وتأمله في اللفظ ‪ ،‬وهذا بالرجوع إلى‬
‫النصوص في الموضوع ‪ ،‬ومراعاة مقاصد الشريعة ‪،‬‬
‫فإن ظهر أن اللفظ يتناول هذا الفرد بوجه من الوجوه‬
‫ل من أفراده وأخذ حكمه ‪ ،‬وإن كان ل يتناوله لم‬ ‫ع َ‬
‫ج ِ‬
‫ُ‬
‫يأخذ حكمه ‪ ،‬وهذا مما يختلف فيه نظر المجتهدين ‪.‬‬
‫‪ - 2‬المشكل ‪ :‬وهو في اللغة ‪ :‬اسم فاعل من أشكل‬
‫المر ‪ :‬إذا التبس ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬هو اللفظ الذي ل يدل بصيغته على‬
‫المراد منه ‪ ،‬وإنما يتوقف فهم المراد منه على قرينة‬
‫خارجية يمكن التوصل إليها عن طريق البحث ‪.‬‬
‫ويرد الشكال في موضعين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬اللفظ المشترك ‪ ،‬لنه ‪ -‬كما تقدم ‪ -‬موضوع‬
‫لغة لكثر من معنى ‪ ،‬وليس في صيغته ما يدل على‬
‫معنى معين مما وضع له ‪ ،‬فافتقر إلى قرينة خارجية‬
‫تعينه ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬النصان اللذان ظاهرهما التعارض ‪ ،‬فإن‬
‫الشكال ينشأ من اجتماعهما مع أن كل نص بمفرده‬
‫ظاهر الدللة ول إشكال فيه ‪.‬‬
‫وحكم المشكل ‪ :‬إن كان الشكال بسبب الشتراك‬
‫وجب النظر في المعاني التي يحتملها اللفظ ثم‬
‫الجتهاد في تعيين المعنى المراد بالقرائن أو بالدلة‬
‫من الكتاب أو السنة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫وإن كان بما ظاهره التعارض فعلى المجتهد أن يبذل‬


‫وسعه في درء التعارض مستندا ً إلى نصوص أخرى أو‬
‫أصول شرعية عامة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬المجمل ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬اسم مفعول من أجمل الكلم ‪:‬‬
‫إذا أو جزه ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬هو اللفظ الذي ل يدل بصيغته على‬
‫المراد منه ول توجد قرينة تساعد على معرفته ‪ ،‬و ل‬
‫ن ممن أجمله ‪.‬‬ ‫تفهم دللته إل ببيا ٍ‬
‫وأسباب الجمال ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عدم تعيين المراد إما لكون اللفظ مشتركا ً بين‬
‫معنيين أو أكثر ‪ ،‬أو لغرابته ‪.‬‬
‫‪ - 2‬عدم معرفة الصفة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬عدم معرفة المقدار ‪.‬‬
‫وحكم المجمل ‪ :‬التوقف فيه حتى يتبن المراد منه‬
‫من جهة الكتاب والسنة ‪ ،‬فإن كان بيانه وافيا ً صار‬
‫سرا ً ‪ ،‬وإن كان بيانه غير كاف‬ ‫المجمل بعد البيان مف ّ‬
‫بل فيه بقية خفاء صار المجمل من قسم المشكل ‪،‬‬
‫فيحتاج من المجتهد إلى نظر وتأمل لزالة إشكاله‬
‫ومعرفة المراد منه ‪.‬‬
‫فإن كان اللفظ مجمل ً من جهة ومبينا ً من جهة‬
‫أخرى فإنه يعمل بما كان مبينا ً منه ‪ ،‬ويطلب بيان ما‬
‫أجمل منه من غيره ‪.‬‬
‫وأعلم أن الحكام التي تحتاج المة إلى معرفتها ل‬
‫بد أن يبينها الرسول ج ‪ ،‬ول بد أن تنقلها المة ‪ ،‬فما‬
‫ترك الله ورسوله حلل ً إل بينا ً ‪ ،‬ول حراما ً إل بينا ً ‪ ،‬لكن‬
‫قد يكون بعضه أظهر بيانا ً من بعض ‪.‬‬
‫‪ - 4‬المتشابه ‪ :‬وهو لغة ‪ :‬اسم فاعل من تشابه‬
‫الشيئان ‪ :‬إذا أشبه كل منهما الخر ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬هو اللفظ الذي ل تدل صيغته على‬
‫المراد منه ‪ ،‬وليس ثمة قرائن تبينه ‪ ،‬واستأثر الله‬
‫بعلم حقيقته ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫وهو مقابل المحكم ‪ ،‬وكلهما في القرآن ‪ ،‬ومن‬


‫أمثلته ‪ :‬نصوص صفات الله تعالى باعتبار كيفيتها ل‬
‫باعتبار معانيها ‪ ،‬والروح ‪ ،‬ووقت قيام الساعة ‪،‬‬
‫وحقائق ما أخبر الله به من نعيم الجنة وعذاب النار ‪،‬‬
‫وغير ذلك ‪.‬‬
‫ده إلى الله تعالى ‪،‬‬ ‫وحكمه ‪ :‬وجوب اليمان به وَر ّ‬
‫وهي طريقة الراسخين في العلم ‪ ،‬بخلف ما عليه‬
‫المنحرفون عن الحق من اتباع المتشابه طلبا ً للفتنة‬
‫وتحريفا ً لكتاب الله تعالى ‪.‬‬
‫وهذا في المتشابه الذي استأثر الله بعلمه ‪ ،‬أما‬
‫المتشابه الذي يحتاج إلى بيان فيجب البحث عن بيانه ‪،‬‬
‫وذلك برده إلى المحكم ‪.‬‬
‫والمتشابه بالمعنى المتقدم ليس من مباحث‬
‫الصول ‪ ،‬لنه ل يتصل به شيء من التكاليف ‪ ،‬وإنما‬
‫ُيذكر من باب تتمة القول في دللت النصوص ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫القسم الرابع ‪ :‬كيفية دللة اللفظ على المعنى‬


‫‪ - 1‬عبارة النص ‪ :‬وهي دللة اللفظ على المعنى‬
‫المتبادر فهمه من نفس صيغته ‪.‬‬
‫‪ - 2‬إشارة النص ‪ :‬وهي دللة اللفظ على معنى غير‬
‫مقصود من سياقه ‪ ،‬لكنه لزم للمعنى الذي سيق‬
‫الكلم لفادته ‪ ،‬وهذا التلزم قد يكون ظاهرا ً ‪ ،‬وقد‬
‫يكون خفيا ً ل يدرك إل بتأمل ‪.‬‬
‫‪ - 3‬دللة النص ‪ :‬وهي دللة اللفظ على ثبوت حكم‬
‫المنطوق به للمسكوت عنه لشتراكهما في علة الحكم‬
‫‪.‬‬
‫وهذه العلة تدرك بمجرد فهم اللغة من غير حاجة‬
‫إلى بحث واجتهاد ‪ ،‬وتسمى » مفهوم الموافقة « عند‬
‫من يقول ‪ :‬إن الدللة لفظية ‪ ،‬وتسمى » القياس‬
‫الجلي « عند من يقول ‪ :‬الدللة قياسية ‪ ،‬وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من‬
‫المنطوق ‪ ،‬ويسمى » فحوى الخطاب « و » قياس‬
‫الولى « ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يكون المسكوت عنه مساويا ً للمنطوق ‪،‬‬
‫ويسمى » لحن الخطاب « و » قياس المساواة « ‪.‬‬
‫‪ - 4‬اقتضاء النص ‪ :‬وهو المعنى الذي ل تستقيم دللة‬
‫ضي ‪ -‬بكسر الضاد ‪: -‬‬ ‫الكلم إل بتقديره ‪ ،‬والمقت ِ‬
‫ضى ‪ -‬بالفتح ‪ : -‬هو‬‫الحامل على التقدير ‪ ،‬والمقت َ‬
‫ضى ما ثبت به من‬ ‫الشيء المقدر ‪ ،‬وحكم المقت َ‬
‫الحكام ‪.‬‬
‫‪ - 5‬مفهوم المخالفة ‪ :‬وهو ما خالف المسكوت عنه‬
‫المنطوق في الحكم ‪ ،‬ويسمى » دليل الخطاب « ‪،‬‬
‫وهو ستة أنواع ‪:‬‬
‫مفهوم الصفة ‪ ،‬ومفهوم الشرط ‪ ،‬ومفهوم الغاية ‪،‬‬
‫ومفهوم العدد ‪ ،‬ومفهوم الحصر ‪ ،‬ومفهوم اللقب ‪.‬‬
‫‪ - 1‬مفهوم الصفة ‪ :‬دللة اللفظ الموصوف بصفة‬
‫على نقيض حكمه عند انتفاء تلك الصفة ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫والمراد بالصفة ‪ -‬هنا ‪ -‬مطلق اللفظ الذي يرد مقيدا ً‬


‫للفظ آخر ‪ ،‬وليس بشرط ول غاية ول عدد ول لقب ول‬
‫حصر ‪ ،‬وليس المراد خصوص النعت النحوي ‪ ،‬بل ما هو‬
‫أعم من ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 2‬مفهوم الشرط ‪ :‬دللة اللفظ المقيد بشرط على‬
‫نقيض حكمه عند انتفاء الشرط ‪ ،‬والمراد بالشرط ‪:‬‬
‫الشرط اللغوي ‪.‬‬
‫‪ - 3‬مفهوم الغاية ‪ :‬دللة اللفظ المقيد بغاية على‬
‫نقيض حكمه عند انتفاء تلك الغاية ‪.‬‬
‫‪ - 4‬مفهوم العدد ‪ :‬دللة اللفظ المقيد بعدد على‬
‫نقيض حكمه عند انتفاء ذلك العدد ‪.‬‬
‫‪ - 5‬مفهوم الحصر ‪ :‬هو إثبات الحكم لشيء بصيغة‬
‫ونفيه عما عداه بمفهوم تلك الصيغة ‪ ،‬ومن صيغه ‪:‬‬
‫النفي والستثناء ‪ ،‬وإنما ‪.‬‬
‫‪ - 6‬مفهوم اللقب ‪ :‬دللة اللفظ الذي علق الحكم‬
‫فيه بالسم على انتفاء ذلك الحكم عن غيره ‪.‬‬
‫ومفهوم المخالفة حجة عند الجمهور بجميع أقسامه‬
‫بالشروط المعتبرة ‪ ،‬عدا مفهوم اللقب ‪.‬‬
‫وشروطه ستة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أل يوجد دليل خاص في المحل الذي يثبت فيه‬
‫مفهوم المخالفة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أل يكون القيد خرج مخرج الغالب ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أل يكون خرج مخرج الجواب عن سؤال معين ‪.‬‬
‫‪ - 4‬أل يقصد الشارع تهويل الحكم وتفخيمه ‪.‬‬
‫‪ - 5‬أل يكون القيد أريد به إفادة التكثير والمبالغة ‪.‬‬
‫‪ - 6‬أل يقصد بالسياق التنبيه على معنى يصلح‬
‫للقياس عليه بطريق المساواة أو الولوية ‪.‬‬
‫والشرط الجامع لهذه الشروط ‪ :‬هو أل يظهر‬
‫لتخصيص الحكم بالمنطوق فائدة غير نفي الحكم عن‬
‫المسكوت عنه ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬في مقاصد التشريع‬

‫والمراد بها ‪ :‬المعاني والحكم التي لجلها شرع الله‬


‫تعالى الشرائع ‪.‬‬
‫والحكام الشرعية ‪ -‬على قول أهل السنة ‪ -‬مبنية‬
‫على مصالح الخلق فضل ً من الله تعالى ورحمة ‪ ،‬وليس‬
‫هذا واجبا ً على الله ‪.‬‬
‫والقول الجامع أن الشريعة لم تهمل مصلحة قط ‪،‬‬
‫لن الله تعالى أكمل لنا الدين ‪ ،‬وأتم النعمة ‪.‬‬
‫والمصالح المقصودة بالتشريع ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الضروريات ‪ :‬وهي المصالح التي تتوقف عليها حياة‬
‫الناس ‪ ،‬بحيث إذا فقدت اختل نظام الحياة ‪ ،‬ولحق‬
‫الناس الشقاء في الدنيا والعذاب في الخرة ‪.‬‬
‫وهذه الضروريات خمس ‪ :‬الدين ‪ ،‬والنفس ‪،‬‬
‫والعقل ‪ ،‬والمال ‪ ،‬والعرض ‪.‬‬
‫وجاءت الشريعة لحفظها بأمرين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬ما يدرأ عنها الختلل الواقع أو المتوقع ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الحاجيات ‪ :‬وهي المور التي يحتاج إليها الناس‬
‫لرفع الحرج عنهم ‪ ،‬ول يحصل بفواتها فوات ضروري‬
‫لهم ‪ ،‬ولكن يلحقهم بذلك حرج ومشقة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬التحسينيات ‪ :‬وهي الخذ بمحاسن العادات والخلق ‪،‬‬
‫وتجنب مساوئها ‪.‬‬
‫والمصالح بأنواعها الثلثة تجب مراعاتها على هذا‬
‫الترتيب ‪ ،‬وعلى الفقيه أن ينظر في المسائل‬
‫المتعلقة بأحد هذه المصالح على هذا العتبار ‪.‬‬
‫وقد استفاد العلماء بمراعاة مقاصد التشريع جملة‬
‫من القواعد والضوابط العامة ‪ ،‬وبنوا عليها أحكاما ً‬
‫كثيرة ‪ ،‬وبقدر مراعاتها تتضح للفقيه مناهج الفتوى ‪،‬‬
‫ويستطيع على ضوئها الستدلل والترجيح بين‬
‫المصالح ‪ ،‬ومن هذه القواعد ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الضرر يزال ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬يدفع الضرر العام بتحمل الضرر الخاص ‪.‬‬


‫‪ - 3‬يرتكب أخف الضررين لتقاء أشدهما ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الضرورات تبيح المحظورات ‪.‬‬
‫‪ - 5‬الضرورة تقدر بقدرها ‪.‬‬
‫‪ - 6‬المشقة تجلب التيسير ‪.‬‬
‫‪ - 7‬إذا اختلف عليك أمران فإن أيسرهما أقرب إلى‬
‫الحق ‪.‬‬
‫والفقيه بحاجة إلى معرفة مقاصد الشريعة ‪ ،‬وذلك‬
‫لتيسير عملية الجتهاد وإعطاء الحوادث الجديدة ما‬
‫يناسبها من الحكام ‪ ،‬إما عن طريق القياس أو غيره ‪،‬‬
‫وبذلك تتضح صلحية الشريعة لكل زمان ومكان ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬في تعارض الدلة‬


‫والتعارض لغة ‪ :‬التقابل والتمانع ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬تقابل الدليلين بحيث يخالف أحدهما‬
‫الخر ‪.‬‬
‫وليس بين أدلة الشرع تعارض في حقيقة المر ‪،‬‬
‫لن أدلة الشرع حق ‪ ،‬والحق ل يتناقض ‪ ،‬بل يصدق‬
‫بعضه بعضا ً ‪ ،‬وإنما يوجد ذلك في نظر المجتهد إما‬
‫ل في فهمه ‪.‬‬ ‫ص في علمه ‪ ،‬أو خل ٍ‬ ‫لنق ٍ‬
‫فإذا وجد التعارض فلدرئه ثلثة مسالك ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬إعمال الدليلين ‪ ،‬وهذا أحسن المسالك ‪ ،‬لنه‬
‫عمل بكل الدليلين ‪ ،‬والصل إعمال الدليل ل إهماله ‪،‬‬
‫وذلك بتخصيص العام بالخاص ‪ ،‬أو حمل المطلق على‬
‫المقيد ‪ ،‬أو تأويل أحد الدليلين على معنى مناسب من‬
‫غير تكلف ‪ ،‬كحمل أحدهما على حال والخر على حال‬
‫أخرى ‪ ،‬أو هذا في زمان وذاك في آخر ‪.‬‬
‫عدل إلى النسخ ‪ ،‬فيكون‬ ‫الثاني ‪ :‬فإن تعذر العمال ُ‬
‫المتأخر ناسخا ً للمتقدم ‪.‬‬
‫والنسخ ‪ :‬رفع حكم شرعي عملي أو لفظه بدليل‬
‫شرعي متأخر عنه ‪.‬‬
‫والنسخ ثابت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ج ‪،‬‬
‫وهو قليل ‪ ،‬وينقسم باعتبار النص المنسوخ إلى ما‬
‫نسخ حكمه وبقي لفظه ‪ ،‬وهذا أكثرها ‪ ،‬وما نسخ‬
‫لفظه وبقي حكمه ‪ ،‬وما نسخ حكمه ولفظه ‪ ،‬وينقسم‬
‫باعتبار الناسخ إلى نسخ القرآن بالقرآن ‪ ،‬ونسخ‬
‫القرآن بالسنة ‪ ،‬ونسخ السنة بالقرآن ‪ ،‬ونسخ السنة‬
‫بالسنة ‪ ،‬على خلف في بعضها ‪.‬‬
‫ويعرف النسخ إما بدللة اللفظ عليه صراحة ‪ ،‬أو‬
‫بقرينة في سياق النص ‪ ،‬أو بخبر الصحابي ‪ ،‬أو‬
‫بالتاريخ ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الثالث ‪ :‬فإن تعذر النسخ فالترجيح ‪ ،‬وهو تقديم أحد‬


‫الدليلين المتعارضين ‪ ،‬لما فيه من مزية معتبرة ‪ ،‬تجعل‬
‫العمل به أولى من الخر ‪.‬‬
‫وأوجه الترجيح كثيرة منها ما يتعلق بالسند ‪،‬‬
‫كالترجيح بكثرة الرواة مع التقان ‪ ،‬أو بمزيد حفظهم‬
‫وإتقانهم ‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالمتن ‪ ،‬كالترجيح بالنقل‬
‫عن البراءة الصلية ‪ ،‬أو يكون راوي أحد الخبرين هو‬
‫صاحب القصة أو المباشر لها دون الخر ‪ ،‬وقد يكون‬
‫الترجيح بأمر خارجي لكون أحد الدليلين له عاضد من‬
‫كتاب أو سنة ‪ ،‬ونحو ذلك ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫الباب الرابع ‪ :‬في الجتهاد والتقليد‬

‫فالجتهاد لغة ‪ :‬بذل الجهد واستفراغ الوسع في أي‬


‫فعل من الفعال ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬بذل المجتهد وسعه في طلب العلم‬
‫بالحكم الشرعي بطريق الستنباط من أدلة الشرع ‪.‬‬
‫ومورد الجتهاد هو النوازل مما ل نص فيه ‪ ،‬أو فيه‬
‫نص ظني الثبوت والدللة ‪ ،‬أو ظني أحدهما ‪ ،‬أو ما فيه‬
‫تعارض ‪ ،‬أما مسائل العقيدة ‪ ،‬والقطعيات من‬
‫المسائل الفقهية التي أجمعت المة عليها فل اجتهاد‬
‫فيها ‪.‬‬
‫وللجتهاد شروط ستة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يكون عالما ً بالقدر اللزم لفهم الكلم من‬
‫اللغة والنحو والصرف والبلغة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يكون عالما ً بكتاب الله تعالى ‪ ،‬وذلك بمعرفة‬
‫آيات الحكام ‪ ،‬وأسباب النزول ‪ ،‬والناسخ والمنسوخ ‪،‬‬
‫وما يحتاج إليه من اختلف القراءات ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن يكون عالما ً بسنة رسول الله ج ‪ ،‬وذلك‬
‫بمعرفة أحاديث الحكام ‪ ،‬والناسخ والمنسوخ ‪ ،‬وما‬
‫يتعلق بصحة الحديث وضعفه مما هو مدون في علوم‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن يكون عالما ً بأصول الفقه ‪ ،‬لن هذا العلم هو‬
‫عماد الجتهاد وأساسه ‪.‬‬
‫‪ - 5‬أن يكون عالما ً بمواقع الجماع لئل يفتي بما‬
‫يخالف الجماع ‪.‬‬
‫‪ - 6‬إدراك مقاصد الشريعة في وضع الحكام ‪،‬‬
‫ومعرفة أحوال الناس وأعرافهم‬
‫والجتهاد قد يتجزأ فيكون في باب واحد من أبواب‬
‫العلم ‪ ،‬أو في مسألة من مسائله ‪.‬‬
‫ويجوز للمجتهد تغيير اجتهاده ‪ ،‬لكن ل ينقض ما‬
‫مضى إل إن خالف دليل ً قاطعا ً من نص أو إجماع أو‬
‫قياس جلي ‪ ،‬وأما الجتهاد فل ينقض اجتهادا ً قبله ‪.‬‬
‫خلصة الصول‬
‫‪1‬‬

‫والمجتهد يصيب ويخطئ ‪ ،‬والمصيب من أصاب حكم‬


‫الله تعالى ‪ ،‬وله باجتهاده وإصابته أجران ‪ ،‬والمخطئ‬
‫بعد بذل الجهد له أجر واحد ‪ ،‬وخطؤه مغفور له ‪.‬‬
‫وأما التقليد ‪ :‬فهو لغة ‪ :‬وضع الشيء في العنق‬
‫محيطا ً به ‪.‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬اتباع من ليس قوله حجة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وعامي‬ ‫والناس صنفان ‪ - 1 :‬عالم مجتهد‬
‫مقلد ‪.‬‬
‫فأما المجتهد فيلزمه بذل جهده في استنباط‬
‫الحكم ‪ ،‬ول يجوز له أن يقلد غيره ‪ ،‬لقدرته على النظر‬
‫والستدلل ‪ ،‬إل إذا نزلت به حادثة تقتضي الفورية ول‬
‫يتمكن من النظر فيها ‪ ،‬أو نظر وعجز عن معرفة الحق‬
‫‪ ،‬فله أن يقلد حينئذ للضرورة ‪.‬‬
‫وأما العامي فإنه يقلد أفضل أهل العلم علما ً‬
‫وورعا ً ‪ ،‬إذ ل يمكنه النظر والستدلل ‪ ،‬فإن تساوى‬
‫عنده اثنان خير بينهما ‪.‬‬
‫لكن ل يتقيد بمذهب معين يأخذ برخصه وعزائمه ‪،‬‬
‫وإنما يكون مذهبه مذهب من يستفتيه ‪.‬‬

Anda mungkin juga menyukai