1
الدين الصحيح
يحل جميع المشاكل
المشكلة الولى
مشكلة الدين والعقيدة
وهذه المشكلة من أهم مشاكل الحياة وأعظمها ،وعليها
تنبني المور كلها.
وبصلح الدين أو فساده أو عدمه تتوقف جميع الشياء .وقد
تفرق فيها البشر وسلكوا في دينهم وعقائدهم طرقا شتى ،كلها
منحرفة معوجة ضارة ،غير نافعة إل من اهتدى إلى دين السلم
الحقيقي ،فإنه حصلت له الستقامة والخير والراحة من جميع
الوجوه .فمن الناس من تلعب بهم الشيطان فعبدوا غير الله من
الشجار والحجار والصور والنبياء والملئكة والصالحين
والطالحين ،مع اعترافهم بأن الله ربهم ومالكهم وخالقهم وحده
ل شريك له .فاعترفوا بتوحيد الربوبية وانحرفوا عن توحيد اللهية
الذي هو إفراد الله بالعبادة ،وهؤلء هم المشركون على اختلف
مذاهبهم وتباين طوائفهم .وقد دلت الكتب السماوية على
شقائهم وهلكهم ،واتفق جميع الرسل على المر بتوحيد الله
والنهي عن الشرك ،وأن من أشرك بالله فقد حرم الله عليه
الجنة ومأواه النار .كما دلت العقول السليمة والفطر المستقيمة
على فساد الشرك والتأله والتعبد للمخلوقات والمصنوعات،
فالشرك باطل في الشرع ،فاسد في العقل ،عاقبة أهله الهلك
والشقاء .ومن الناس من آمن ببعض الرسل والكتب السماوية
دون بعض ،مع أن الرسل والكتب يصدق بعضها بعضا ،ويوافق
بعضها بعضا ،وتتفق في الصول الكلية .فصار هؤلء ينقص
تكذيبهم تصديقهم ،ويبطل اعترافهم ببعض النبياء وبعض الكتب
السماوية تكذيبهم للخرين من الرسل ،فبقوا في دينهم
منحرفين ،وفي إيمانهم متحيرين ،وفي علمهم متناقضين .قال
قوُلو َ
ن ه( ويقولون) :وَي َ ُ سل ِ ِ ن ِبالل ّهِ وَُر ُ فُرو َ ن ي َك ْ ُ ذي َ ن ال ّ ِتعالى) :إ ِ ّ
سِبيًل ) ن ذ َل ِ َ خ ُ َ ض وَن َك ْ ُ
ك َ ذوا ب َي ْ َ ن ي َت ّ ِ نأ ْ دو َ ري ُ ض وَي ُ ِفُر ب ِب َعْ ٍ ن ب ِبُ َعْ ٍ
م ُن ُؤ ْ ِ
قا( )النساء.(150،151: ح ّ ن َ كافُِرو َ م ال ْ َ ك هُ ُ (150أول َئ ِ َ
فحكم بالكفر الحقيقي لنه عرف أن دعواهم لليمان دعوى
غير صحيحة ،ولو كانت صحيحة لمنوا بجميع الحقائق التي اتفقت
عليها الرسل ،ولكنهم قالوا:
صد ًّقا
م َ حقّ ُما وََراَءه ُ وَهُوَ ال ْ َ ن بِ َ فُرو َ ل ع َل َي َْنا وَي َك ْ ُما أ ُن ْزِ َ ن بِ َ م ُ)ن ُؤ ْ ِ
م( .ولهذا دعواهم اليمان دعوى كاذبة ،فقال عنهم عز معَهُ ْ ما َلِ َ
الدين الصحيح يحل جميع المشاكل
6
قتُلو َ
ن( )البقرة: مؤ ْ ِ
مِني َ ن ك ُن ْت ُ ْ
م ُ ن قَب ْ ُ
ل إِ ْ ن أن ْب َِياَء الل ّهِ ِ
م ْ وجل) :فَل ِ َ
م تَ ْ ُ َ
.(91
ومن الناس طائفة ادعت الفلسفة والعلم بالمعقولت،
فجاءت بأكبر الضللت وأعظم المحالت ،فجحدت الرب العظيم
وأنكرت وجوده ،فضل عن اليمان بالرسل والكتب وأمور الغيب،
وجحدوا آيات الله واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا واستكبارا،
فكذبوا بعلوم الرسل وما دلت عليه الكتب المنزلة من عند الله،
واستكبروا عنها بما عرفوا من العلوم الطبيعية وتوابعها ،وأنكروا
جميع الحقائق إل ما أدركوه بحواسهم وتجاربهم القاصرة الضيقة
بالنسبة إلى علوم النبياء.
فعبدوا الطبيعة وجعلوها أكبر همهم ومبلغ علمهم ،واندفعوا
وراء ما تقضيه طبائعهم ،ولم يتقيدوا بشيء من الشرائع الدينية
ول الخلق النسانية .فصارت البهائم أحسن حال منهم ،فإنهم
نضبت منهم الخلق ،واندفعوا وراء الشهوات البهيمية .فلم يكن
ي إ ِّل َ
حَيات َُنا لهم غاية يرجونها ،ول نهاية يطلبونها) :وََقاُلوا َ
ما ه ِ َ
ما ي ُهْل ِك َُنا إ ِّل الد ّهُْر( )الجاثية .(24:وصار
حَيا وَ َ
ت وَن َ ْ
مو ُ
الد ّن َْيا ن َ ُ
المشركون على شركهم وكفرهم أحسن حال منهم ،وأقل شرا
منهم بكثير .والعجب الكثير أن هذا المذهب الخبيث جرف بتياره
في الوقات الخيرة جمهور البشر ،لضعف الدين وقلة البصيرة،
ولما وضعت له المم القوية الحبائل والمصائد التي هلك بها
الخلق.
أما الدين السلمي فقد أخرج الخلق من ظلمات الجهل
والكفر والظلم والعدوان وأصناف الشرور إلى نور العلم واليمان
ه ع ََلى ن الل ّ ُ م ّ قد ْ َ واليقين والعدل والرحمة وجميع الخيرات )ل َ َ
م آ ََيات ِ ِ
ه م ي َت ُْلو ع َل َي ْهِ ْسه ِ ْف ِ ن أ َن ْ ُ م ْ سوًل ِ م َر ُ ث ِفيهِ ْ ن إ ِذ ْ ب َعَ َ مِني َ مؤ ْ ِ ال ْ ُ
ضَل ٍ
ل في َ ل لَ ِ ن قَب ْ ُ م ْكاُنوا ِ ن َ ة وَإ ِ ْ م َ حك ْ َ ب َوال ْ ِ م ال ْك َِتا َ مه ُ ُ م وَي ُعَل ّ ُ كيهِ ْ وَي َُز ّ
ن( )آل عمران.(164: مِبي ٍ ُ
ن وَِإيَتاِء ِذي ال ْ ُ )إن الل ّ ْ
ن
قْرَبى وَي َن َْهى ع َ ِ سا ِ ح َ ل َوال ِ ْ مُر ِبال ْعَد ْ ِ ه ي َأ ُ َ ِ ّ
ن( )النحل،(90: ّ
م ت َذ َكُرو َ ُ
م لعَلك ْ ّ َ ُ ُ
ي ي َعِظك ْ ِ ْ
من ْكرِ َوالب َغْ َ ْ
شاِء َوال ُ ح َ ف ْ ال ْ َ
َ
م( )السراء) ،(9:ال ْي َوْ َ
م ي أقْوَ ُ دي ل ِل ِّتي ه ِ َ ن ي َهْ ِ قْرآ َ َ ذا ال ْ ُ ن هَ َ ) إِ ّ
َ َ
سَل َ
م م اْل ِ ْ ت ل َك ُ ُ ضي ُ مِتي وََر ِ م ن ِعْ َ ت ع َل َي ْك ُ ْ م ُ م ْ
م وَأت ْ َ م ِدين َك ُ ْ ت ل َك ُ ْ مل ْ ُ أك ْ َ
صد ًْقا وَع َد ًْل( )النعام.(115: ك ِ ة َرب ّ َ م ُ ت ك َل ِ َ م ْ ِديًنا( )المائدة) ،(3:وَت َ ّ
أي كلماته الدينية التي شرع بها الشرائع ،وسن الحكام .وقد
جعلها الله تامة من جميع الوجوه ،ل نقص فيها بوجه من الوجوه،
الدين الصحيح يحل جميع المشاكل
7
ة الل ّه وم َ
ن(
دو َ
عاب ِ ُ ن لَ ُ
ه َ ح ُ
ة وَن َ ْ ن الل ّهِ ِ
صب ْغَ ً م َ
ن ِ
س ُ
ح َ
نأ ِْ َ َ ْ صب ْغَ َ
) ِ
)البقرة.(138:
وهو الدين الذي فتح أهله القائمون به المتصفون بإرشاداته
وتعاليمه القلوب بالعلم واليمان ،والقطار بالعدل والرحمة
والنصح لنوع النسان.
وهو الدين الذي أصلح الله به العقائد والخلق ،وأصلح به
الحياة الدنيا والخرة ،وألف به القلوب المشتتة ،والهواء
المتفرقة.وهو الدين العظيم المحكم غاية الحكام في أخباره
كلها ،وفي أحكامه ،فما أخبر إل بالصدق والحق ،ول حكم إل
بالحق والعدل ،فلم يأت علم صحيح ينقض شيئا من أخباره ،ول
حكم أحسن من أحكامه ،أصوله وقواعده وأسسه تساير الزمان
السابق واللحق ،فحيثما طبقت المعاملت المتنوعة بين الفراد
والجماعات في كل زمان ومكان على أصوله تم بها القسط
والعدل والرحمة والخير والحسان ،لنها تنزيل من حكيم حميد.
َ ُ
ر( )هود: خِبي ٍكيم ٍ َ ح ِ ن َ ن ل َد ُ ْم ْ ت ِصل َ ْم فُ ّ ه ثُ ّ ت آَيات ُ ُ م ْ حك ِ َ
بأ ْ )ك َِتا ٌ
كيم ٍ
ح ِن َ م ْل ِ زي ٌ خل ْ ِ
فهِ ت َن ْ ِ ن َ م ْ ن ي َد َي ْهِ َول ِ ن ب َي ْ ِ م ْ ل ِ) .(1ل ي َأ ِْتيهِ ال َْباط ِ ُ
ن(ظو َحافِ ُ ه لَ َ ن ن َّزل َْنا الذ ّك َْر وَإ ِّنا ل َ ُ
ح ُ ميدٍ( )فصلت) .(42:إ ِّنا ن َ ْ ح ِ
َ
)الحجر .(9:حافظون للفاظه عن الزيادة والنقص والتغيير،
وحافظون لحكامه عن النحراف والنقص ،بل هي في أعلى ما
يكون من العدل والستقامة والتيسير.
وهو الدين العظيم الذي يهدي إلى الحق وإلى طريق
مستقيم ،الصدق شعاره ،والعدل مداره ،والحق قوامه ،والرحمة
روحه وغايته ،والخير قرينه ،والصلح والصلح جماله وأعماله،
والهدي والرشد زاده.
وهو الدين الذي جمع بين مطالب الروح والقلب والجسد،
أمر الله به المؤمنين بما أمر المرسلين ،بعبادته والعمل الصالح
الذي يرضيه ،وبالكل من الطيبات ،واستخراج ما سخر الله
لعباده في هذه الحياة ،فدفع القائمين به حقيقة إلى كل علو
ورقي وتقدم صحيح ،من عرف شيئا من أوصاف هذا الدين عرف
عظيم منة الله به على الخلق ،وأن من نبذه وقع في الباطل
والضلل والخيبة والخسران ،لن الديان التي تخالفه ما بين
خرافات وثنيات ،وما بين إلحاد وماديات ،تجعل قلوب أهلها
أعمالهم كالبهائم بل هم أضل سبيل ،لن الدين إذا ترحل من
الدين الصحيح يحل جميع المشاكل
9
المشكلة الثانية
مشكلة العلم
لقد غلط كثير من الناس في مسمى العلم الصحيح الذي
ينبغي ويتعين طلبه والسعي إليه على قولين متطرفين :أحدهما
أخطر من الخر .فالول :قول من قصر العلم على بعض مسمى
العلم الشرعي ،المتعلق بإصلح العقائد والخلق والعبادات ،دون
ما دل عليه الكتاب والسنة :من أن العلم يشمل علوم الشرع
ووسائلها ،وعلوم الكون .وهذا قول طائفة ممن لم تتبصر
بالشريعة تبصرا صحيحا ،ولكنهم الن بدؤا يتحللون من هذا
الطلق ،لما رأوا من المصالح العظيمة في علوم الكون ،وحين
تنبه كثير منهم لدللت نصوص الدين عليه.
والقول الثاني :قول من قصر العلم على العلوم العصرية،
التي هي بعض علوم الكون .وهذا القول إنما نشأ من انحرافهم
عن الدين وعلومه وأخلقه .وهذا غلط عظيم حيث جعلوا
الوسائل هي المقاصد وحيث نفوا من العلوم الصحيحة والحقائق
النافعة ما ل تنسب إليه العلوم العصرية بوجه من الوجوه ،غرهم
ما ترتب عليهم من الصناعات والمخترعات .وهؤلء هم المرادون
ن
م َم ِ عن ْد َهُ ْ
ما ِ ت فَرِ ُ
حوا ب ِ َ م ِبال ْب َي َّنا ِسل ُهُ ْم ُر ُ جاَءت ْهُ ْما َبقوله تعالى) :فَل َ ّ
ن( )غافر .(83:فهم فرحوا ست َهْزُِئو َ كاُنوا ب ِهِ ي َ ْما َم َ حاقَ ب ِهِ ْ ال ْعِل ْم ِ وَ َ
بعلومهم واستكبروا بها واحتقروا علوم الرسل ،حتى نزل بهم ما
كانوا به يستهزؤن من الحق ،ونزل بهم العذاب الذي وعد به
كذب الرسل ،عذبوا في الدنيا بالختم على قلوبهم وأسماعهم
ن
م َ
م ِ ما ل َهُ ْ
شقّ وَ َ خَرةِ أ َ َ
ب اْل َ ِ ذا ُوأبصارهم وعموا عن الحق) .وَل َعَ َ
ق( )الرعد.(34: ن َوا ٍ الل ّهِ ِ
م ْ
أما مدلول العلم النافع ومسماه الذي دل عليه الكتاب
والسنة :فهو كل علم أوصل إلى المطالب العالية ،وأثمر المور
النافعة ،ل فرق بين ما تعلق بالدنيا أو بالخرة فكل ما هدى إلى
السبيل ورقي العقائد والخلق والعمال ،فهو من العلم.
وقسم العلوم إلى قسمين :مقاصد ووسائل توصل إليها
وتعين عليها.؟
فالمقاصد :هي العلوم المصلحة للديان.
الدين الصحيح يحل جميع المشاكل
11
المشكلة الثالثة
مشكلة الغنى والفقر
1ـ أخرجه ابن أبي الدنيا في قصر المل )/2/13أ( والحاكم ) (4/306عن
ابن عباس وإسناده حسن وله شاهد من مرسل عمرو بن ميمون أخرجه
ابن المبارك في الزهد ) (2وأبو نعيم في الحلية) (4/148والقضاعي في
مسند الشهاب) (729والخطيب في الفقيه والمتفقه) (2/87وفي اقتضاء
العلم) (170وإسناده حسن ،يصح به الحديث
الدين الصحيح يحل جميع المشاكل
18
ذي َ َ
ة َفاث ْب ُُتوا م فِئ َ ً قيت ُ ْ ذا ل َ ِ مُنوا إ ِ َ نآ َ وقال تعالىَ) :يا أي َّها ال ّ ِ َ
ه وََل َ
سول َ ُ ه وََر ُ طيُعوا الل ّ َ ن ) (45وَأ ِ حو َ فل ِ ُ م تُ ْه ك َِثيًرا ل َعَل ّك ُ َْواذ ْك ُُروا الل ّ َ
ن) ري َ صاب ِ ِمعَ ال ّ ه َ ن الل ّ َ صب ُِروا إ ِ ّ م َوا ْ حك ُ ْ ب ِري ُ شُلوا وَت َذ ْهَ َ ف َ عوا فَت َ ْ ت ََناَز ُ
َ كال ّ ِ
كوُنوا َ (46وََل ت َ ُ
سم ب َطًرا وَرَِئاَء الّنا ِ ن د َِيارِه ِ ْ م ْ جوا ِ خَر ُ ن َ ذي َ
ط( )النفال45:ـ حي ٌ م ِ ن ُ مُلو َ ما ي َعْ َ ه بِ َ ل الل ّهِ َوالل ّ ُ سِبي ِن َ ن عَ ْ دو َص ّوَي َ ُ
.(47فأمر بطاعته وطاعة رسوله.
ويدخل في ذلك جميع الدين .ونهى عن التنازع الذي يوجب
تفرق القلوب ،وحدوث العداوات المحللة للمعنويات .وأمر بكثرة
ذكره المعين على كل أمر من المور ،وبالصبر الذي يتوقف عليه
كل أمر.
وأمر بالخلص والصدق ،ونهى عما يضاد ذلك من الرياء
والفخر والبطر والمقاصد السيئة وإرادة إضلل الخلق .وقال
ل
خي ْ ِ ط ال ْ َ
ن رَِبا ِ ن قُوّةٍ وَ ِ
م ْ م ْ
م ِست َط َعْت ُ ْما ا ْ م َدوا ل َهُ ْ ع ّتعالى) :وَأ َ ِ
م( )النفال .(60:فأمر بإعداد ن ب ِهِ ع َد ُوّ الل ّهِ وَع َد ُوّك ُ ْ ت ُْره ُِبو َ
المستطاع من القوة ،فيشمل القوة السياسية والعقلية،
والصناعات ،وإعداد السلحة ،وجميع ما يتقوى به على العداء،
وما به يرهبونهم ،وهذا يدخل فيه جميع ما حدث ويحدث من
النظم الحربية ،والفنون العسكرية ،والسلحة المتنوعة،
َ
ن والحصون والوقايات من شرور العداء .قال تعالىَ) :يا أي َّها ال ّ ِ
ذي َ
َ
م( )النساء.(71: حذ َْرك ُ ْذوا ِ خ ُمُنوا ُآ َ
ولكل وقت ومكان من هذه المور ما يناسب ذلك .فانظر
كيف كانت هذه التعاليم الشرعية هي السبب الوحيد والطريقة
المثلى لسلوك أقوى السياسات الداخلية والخارجية ،وأن الكمال
والصلح بالهتداء بها ،والسترشاد بأصولها وفروعها .وأن النقص
الحاصل والنقص المتوقع إنما يكون بإهمالها وعدم العناية بها.
ومن السياسة الشرعية أن الله أرشد العباد إلى قيام
مصالحهم الكلية بأن يتولى كل نوع منها طائفة تتصدى للحاطة
علما بحقيقتها وما تتوقف عليه ،وما به تتم وتكمل ،وتبذل جهدها
واجتهادها في ترقيتها بحسب المكان .قال تعالى:
ْ )ول ْتك ُن منك ُ ُ
فمعُْرو ِ ن ِبال ْ َمُرو َ ن إ َِلى ال ْ َ
خي ْرِ وَي َأ ُ عو َ ة ي َد ْ ُ
م ٌمأ ّ َ َ ْ ِ ْ ْ
ن
كا َما َ ر( )آل عمران .(104:وقال تعالى) :وَ َ ن ال ْ ُ
من ْك َ ِ ن عَ ِوَي َن ْهَوْ َ
ة
ف ٌ
طائ ِ َم َ ل فِْرقَةٍ ِ
من ْهُ ْ ن كُ ّ م ْفَر ِ ة فَل َوَْل ن َ َكافّ ًفُروا َ ن ل ِي َن ْ ِ مؤ ْ ِ
مُنو َ ال ْ ُ
مم ل َعَل ّهُ ْ جُعوا إ ِل َي ْهِ ْ ذا َر َ م إِ َ ن وَل ِي ُن ْذ ُِروا قَوْ َ
مه ُ ْ دي ِ قُهوا ِفي ال ّ ف ّل ِي َت َ َ
الدين الصحيح يحل جميع المشاكل
22
ن( )التوبة .(122:ول شك أن القيام بالمصالح العامة على حذ َُرو َ يَ ْ
هذا الوجه الذي أرشد الله إليه هو السبب الوحيد للكمال الديني
والدنيوي ،كما هو مشاهد يعرفه كل أحد .ومن ذلك قوله تعالى:
م ِبال ِّتيجاد ِل ْهُ ْ
سن َةِ وَ َ عظ َةِ ال ْ َ
ح َ مةِ َوال ْ َ
موْ ِ ك ِبال ْ ِ
حك ْ َ ل َرب ّ َ
سِبي ِ)اد ْع ُ إ َِلى َ
ن( )النحل .(125:وهذا يشمل دعوة المسلمين الذين َ
س ُ
ح َيأ ْ هِ َ
حصل منهم إخلل ببعض أمور الدين ،ويشمل دعوة الكفار.
الولون يدعون إلى تكميل دينهم ،والخرون يدعون إلى الدخول
في دين السلم الذي به صلح البشر .وتكون هذه الدعوة
بالحكمة التي بها تحصيل الخير أو تكميلة ،وإزالة الشر أو تقليله،
بحسب الزمان والمكان ،وبحسب الشخاص والحوال
والتطورات.