وقال شيخ السلم قدس ال روحه بسم ال الرحن الرحيم المد ل الذي نستعينه ونستغفره ونعوذ بال من
شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له .ونشهد أن ل إله إل ال وحده
ل شر يك له ونش هد أن ممدا عبده ور سوله أر سله بالدى ود ين ال ق ليظهره على الد ين كله وك فى بال شهيدا .
أر سله ب ي يدي ال ساعة بشيا ونذيرا وداع يا إل ال بإذ نه و سراجا منيا فهدى به من الضللة وب صر به من الع مى
وأرشد به من الغي وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا وفرق به بي الق والباطل والدى والضلل والرشاد
وال غي والؤمن ي والكفار .وال سعداء أ هل ال نة والشقياء أ هل النار وب ي أولياء ال وأعداء ال ف من ش هد له م مد
صلى ال عليه وسلم بأنه من أولياء ال فهو من أولياء الرحن ومن شهد له بأنه من أعداء ال فهو من أولياء الشيطان .
وقد بي سبحانه وتعال ف كتابه وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم أن ل أولياء من الناس وللشيطان أولياء ففرق بي
أولياء الرحني وأولياء الشيطان فقال تعال { أل إن أولياء ال ل خوف عليهيم ول هيم يزنون { } .الذيين آمنوا
وكانوا يتقون } { لمي البشرى في الياة الدنييا وفي الخرة ل تبدييل لكلمات ال ذلك الفوز العظييم } وقال تعال
{ ال ول الذ ين آمنوا يرج هم من الظلمات إل النور والذ ين كفروا أولياؤ هم الطاغوت يرجون م من النور إل
الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } وقال تعال { يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء
بعض هم أولياء ب عض و من يتول م من كم فإ نه من هم إن ال ل يهدي القوم الظال ي } { فترى الذ ين ف قلوب م مرض
يسارعون فيهم يقولون نشى أن تصيبنا دائرة فعسى ال أن يأت بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا ف
أنفسهم نادمي } { ويقول الذين آمنوا أهؤلء الذين أقسموا بال جهد أيانم إنم لعكم حبطت أعمالم فأصبحوا
خاسرين } { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت ال بقوم يبهم ويبونه أذلة على الؤمني أعزة
على الكافر ين ياهدون ف سبيل ال ول يافون لو مة لئم ذلك ف ضل ال يؤت يه من يشاء وال وا سع عل يم } { إن ا
وليكيم ال ورسيوله والذيين آمنوا الذيين يقيمون الصيلة ويؤتون الزكاة وهيم راكعون } { ومين يتول ال ورسيوله
والذين آمنوا فإن حزب ال هم الغالبون } وقال تعال { هنالك الولية ل الق هو خي ثوابا وخي عقبا } .
وذ كر " أولياء الشيطان " فقال تعال { فإذا قرأت القرآن فا ستعذ بال من الشيطان الرج يم } { إ نه ل يس له
سلطان على الذ ين آمنوا وعلى رب م يتوكلون } { إن ا سلطانه على الذ ين يتولو نه والذ ين هم به مشركون } وقال
تعال { الذ ين آمنوا يقاتلون ف سبيل ال والذ ين كفروا يقاتلون ف سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن ك يد
الشيطان كان ضعيفا } وقال تعال { وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس كان من الن ففسق عن أمر
ربه ،أفتتخذونه وذريته أولياء من دون وهم لكم عدو بئس للظالي بدل } وقال تعال { ومن يتخذ الشيطان وليا
من دون ال فقد خسر خسرانا مبينا } .وقال تعال { الذين قال لم الناس إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم فزادهم
إيا نا وقالوا ح سبنا ال ون عم الوك يل } { فانقلبوا بنع مة من ال وف ضل ل ي سسهم سوء واتبعوا رضوان ال وال ذو
) 2 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
فضل عظيم } { إنا ذلكم الشيطان يوف أولياءه فل تافوهم وخافون إن كنتم مؤمني } وقال تعال { إنا جعلنا
الشياطي أولياء للذين ل يؤمنون } { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا } إل قوله { إنم اتذوا الشياطي
أولياء من دون ال وي سبون أن م مهتدون } وقال تعال { وإن الشياط ي ليوحون إل أوليائ هم ليجادلو كم } وقال
الل يل عل يه ال سلم { يا أ بت إ ن أخاف أن ي سك عذاب من الرح ن فتكون للشيطان وليا } وقال تعال { يا أيها
الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالودة } اليات إل قوله { إنك أنت العزيز الكيم } .
ف صل وإذا عرف أن الناس في هم " أولياء الرح ن وأولياء الشيطان " في جب أن يفرق ب ي هؤلء وهؤلء ك ما فرق ال
ورسوله بينهما فأولياء ال هم الؤمنون التقون كما قال تعال { أل إن أولياء ال ل خوف عليهم ول هم يزنون } {
الذين آمنوا وكانوا يتقون } .وف الديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيه عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب
صلى ال عليه وسلم قال { يقول ال :من عادى ل وليا فقد بارزن بالحاربة -أو فقد آذنته بالرب -وما تقرب
إل عبدي ب ثل أداء ما افتر ضت عل يه ول يزال عبدي يتقرب إل بالنوا فل ح ت أح به فإذا أحبب ته ك نت سعه الذي
يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده الت يبطش با ورجله الت يشي با فب يسمع وب يبصر وب يبطش وب يشي .
ولئن سألن لعطينه ولئن استعاذ ب لعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي الؤمن يكره
الوت وأكره م ساءته ول بد له م نه } وهذا أ صح حد يث يروى ف الولياء فبي ال نب صلى ال عل يه و سلم أ نه من
عادى ول يا ل ف قد بارز ال بالحار بة .و ف حد يث آ خر { وإ ن لثأر لوليائي ك ما يثأر الل يث الرب } أي آ خذ
ثأرهم من عاداهم كما يأخذ الليث الرب ثأره وهذا لن أولياء ال هم الذين آمنوا به ووالوه فأحبوا ما يب وأبغضوا
ما يبغض ورضوا با يرضى وسخطوا با يسخط وأمروا با يأمر ونوا عما نى وأعطوا لن يب أن يعطى ومنعوا من
ي ب أن ي نع ك ما ف الترمذي وغيه عن ال نب صلى ال عل يه و سلم أ نه قال { أو ثق عرى اليان :ال ب ف ال
والبغض ف ال } وف حديث آخر رواه أبو داود قال { ومن أحب ل وأبغض ل وأعطى ل ومنع ل فقد استكمل
اليان } .
و " الول ية " ضد العداوة وأ صل الول ية الح بة والقرب وأ صل العداوة الب غض والب عد .و قد ق يل :إن الول
سي وليا من موالته للطاعات أي متابعته لا والول أصح .والول القريب فيقال :هذا يلي هذا أي يقرب منه .ومنه
قوله صلى ال عليه وسلم { ألقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلول رجل ذكر } أي لقرب رجل إل اليت
.وأكده بلفظ " الذكر " ليبي أنه حكم يتص بالذكور ول يشترك فيها الذكور والناث كما قال ف الزكاة { فابن
لبون ذ كر } .فإذا كان ول ال هو الوا فق التا بع له في ما ي به ويرضاه ويبغ ضه وي سخطه ويأ مر به وين هى ع نه كان
العادي لوليه معاديا له كما قال تعال { :ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالودة } فمن عادى أولياء
ال فقد عاداه ومن عاداه فقد حاربه فلهذا قال { ومن عادى ل وليا فقد بارزن بالحاربة } .
) 3 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
وأف ضل أولياء ال هم أ نبياؤه وأف ضل أ نبيائه هم الر سلون من هم وأف ضل الر سلي أولو العزم :نوح وإبراه يم
وموسى وعيسى وممد صلى ال عليه وسلم قال تعال { :شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك
وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ول تتفرقوا فيه } وقال تعال { :وإذ أخذنا من النبيي ميثاقهم
ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مري وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } { ليسأل الصادقي عن صدقهم
وأعد للكافرين عذابا أليما } .
وأفضل أول العزم ممد صلى ال عليه وسلم خات النبيي وإمام التقي وسيد ولد آدم وإمام النبياء إذا اجتمعوا
وخطيبهم إذا وفدوا صاحب القام الحمود الذي يغبطه به الولون والخرون وصاحب لواء المد وصاحب الوض
الورود وشف يع اللئق يوم القيا مة و صاحب الو سيلة والفضيلة الذي بع ثه بأف ضل كت به وشرع له أف ضل شرائع دي نه
وجعل أمته خي أمة أخرجت للناس وجع له ولمته من الفضائل والحاسن ما فرقه فيمن قبلهم وهم آخر المم خلقا
وأول المم بعثا كما قال صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح { :نن الخرون السابقون يوم القيامة بيد أنم
أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ،فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه -يعن يوم المعة -فهدانا ال له :الناس
لنا تبع فيه غدا لليهود وبعد غد للنصارى } .وقال صلى ال عليه وسلم { :أنا أول من تنشق عنه الرض } وقال
صلى ال عليه وسلم { :آت باب النة فأستفتح فيقول الازن :من أنت .فأقول أنا ممد فيقول بك أمرت أل أفتح
لحد قبلك . } .
وفضائله صلى ال عليه وسلم وفضائل أمته كثية ومن حي بعثه ال جعله ال الفارق بي أوليائه وبي أعدائه
فل يكون وليا ل إل من آمن به وبا جاء به واتبعه باطنا وظاهرا ومن ادعى مبة ال ووليته وهو ل يتبعه فليس من
أولياء ال ،بل من خالفه كان من أعداء ال وأولياء الشيطان قال تعال { :قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال
} قال السن البصري رحه ال :ادعى قوم أنم يبون ال فأنزل ال هذه الية منة لم وقد بي ال فيها أن من اتبع
الرسول فإن ال يبه ومن ادعى مبة ال ول يتبع الرسول صلى ال عليه وسلم فليس من أولياء ال وإن كان كثي من
الناس يظنون ف أنف سهم أو ف غي هم أن م من أولياء ال ول يكونون من أولياء ال فاليهود والن صارى يدعون أن م
أولياء ال وأحباؤه .قال تعال { :قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر من خلق } الية .وقال تعال { :وقالوا
لن يد خل ال نة إل من كان هودا أو ن صارى تلك أماني هم } إل قوله { ول هم يزنون } .وكان مشر كو العرب
يدعون أن م أ هل ال لسكناهم مكة وماورت م البيت وكانوا يستكبون به على غي هم ك ما قال تعال { قد كانت
آيات تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون } { مستكبين به سامرا تجرون } وقال تعال { :وإذ يكر بك
الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك } إل قوله { وهم يصدون عن السجد الرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إل التقون
} فبي سبحانه أن الشركي ليسوا أولياءه ول أولياء بيته إنا أولياؤه التقون .وثبت ف الصحيحي عن عمرو بن
العاص رضي ال عنه قال سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول جهارا من غي سر { :إن آل فلن ليسوا ل
) 4 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
بأولياء -يع ن طائ فة من أقار به -إن ا ول يي ال و صال الؤمن ي } وهذا موا فق لقوله تعال { :فإن ال هو موله
وجب يل وصال الؤمني } الية .وصال الؤمن ي هو من كان صالا من الؤمني وهم الؤمنون التقون أولياء ال .
ودخيل في ذلك أبيو بكير وعمير وعثمان وعلي وسيائر أهيل بيعية الرضوان الذيين بايعوا تتي الشجرة وكانوا ألفيا
وأربعمائة وكلهم ف النة كما ثبت ف الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { ل يدخل النار أحد بايع
تت الشجرة } ومثل هذا الديث الخر { :إن أوليائي التقون أيا كانوا وحيث كانوا } .كما أن من الكفار من
يدعي أنه ول ال وليس وليا ل ،بل عدو له فكذلك من النافقي الذين يظهرون السلم يقرون ف الظاهر بشهادة أن
ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال وأنه مرسل إل جيع النس ،بل إل الثقلي النس والن ويعتقدون ف الباطن ما
يناقض ذلك مثل أل يقروا ف الباطن بأنه رسول ال وإنا كان ملكا مطاعا ساس الناس برأيه من جنس غيه من اللوك
أو يقولون إنه رسول ال إل المي ي دون أهل الكتاب ك ما يقوله كث ي من اليهود والن صارى أو أ نه مر سل إل عامة
اللق وأن ل أولياء خاصة ل يرسل إليهم ول يتاجون إليه ،بل لم طريق إل ال من غي جهته كما كان الضر مع
موسى أو أنم يأخذون عن ال كل ما يتاجون إليه وينتفعون به من غي واسطة أو أنه مرسل بالشرائع الظاهرة وهم
موافقون له فيها وأما القائق الباطنة فلم يرسل با أو ل يكن يعرفها أو هم أعرف با منه أو يعرفونا مثل ما يعرفها
من غي طريقته .وقد يقول بعض هؤلء :إن " أهل الصفة " كانوا مستغني عنه ول يرسل إليهم ومنهم من يقول :
إن ال أوحى إل أهل الصفة ف الباطن ما أوحى إليه ليلة العراج فصار أهل الصفة بنلته وهؤلء من فرط جهلهم ل
يعلمون أن السيراء كان بكية كميا قال تعال { :سيبحان الذي أسيرى بعبده ليل مين السيجد الرام إل السيجد
القصى الذي باركنا حوله } وأن الصفة ل تكن إل بالدينة وكانت صفة ف شال مسجده صلى ال عليه وسلم ينل
با الغرباء الذين ليس لم أهل وأصحاب ينلون عندهم ،فإن الؤمني كانوا يهاجرون إل النب صلى ال عليه وسلم
إل الدينة ،فمن أمكنه أن ينل ف مكان نزل به ومن تعذر ذلك عليه نزل ف السجد إل أن يتيسر له مكان ينتقل إليه
.ول يكن " أهل الصفة " ناسا بأعيانم يلزمون الصفة بل كانوا يقلون تارة ويكثرون أخرى ويقيم الرجل با زمانا
ث ينتقل منها :والذين ينلون با من جنس سائر السلمي ،ليس لم مزية ف علم ول دين ،بل فيهم من ارتد عن
السلم وقتله النب صلى ال عليه وسلم كالعرنيي الذين اجتووا الدينة -أي استوخوها -فأمر لم النب صلى ال
عليه وسلم بلقاح -أي إبل لا لب -وأمرهم أن يشربوا من أبوالا وألبانا فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الذود
فأرسل النب صلى ال عليه وسلم ف طلبهم فأت بم فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وسرت أعينهم وتركهم ف الرة
يستسقون فل يسقون وحديثهم ف الصحيحي من حديث أنس وفيه أنم نزلوا الصفة فكان ينلا مثل هؤلء ونزلا من
خيار السلمي سعد بن أب وقاص وهو أفضل من نزل بالصفة ث انتقل عنها ونزلا أبو هريرة وغيه .وقد جع أبو
ع بد الرح ن ال سلمي تار يخ من نزل ال صفة .وأ ما " الن صار " فلم يكونوا من أ هل ال صفة وكذلك أكابر الهاجر ين
كأب بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبي وعبد الرحن بن عوف وأب عبيدة وغيهم ل يكونوا من أهل الصفة .
) 5 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
وقد { روي أنه با غلم للمغية بن شعبة وأن النب صلى ال عليه وسلم قال :هذا واحد من السبعة } وهذا الديث
كذب باتفاق أهل العلم وإن كان قد رواه أبو نعيم ف اللية وكذا كل حديث يروى عن النب صلى ال عليه وسلم ف
عدة " الولياء " و " البدال " و " النقباء " و " النجباء و " الوتاد " و " القطاب " مثل أربعة أو سبعة أو اثن عشر
أو أربع ي أو سبعي أو ثلثائة وثل ثة ع شر أو الق طب الوا حد فل يس ف ذلك ش يء صحيح عن ال نب صلى ال عليه
وسلم ول ينطق السلف بشيء من هذه اللفاظ إل بلفظ " البدال " .وروي فيهم حديث أنم أربعون رجل وأنم
بالشام وهو ف السند من حديث علي رضي ال عنه وهو حديث منقطع ليس بثابت .ومعلوم أن عليا ومن معه من
ال صحابة كانوا أف ضل من معاو ية و من م عه بالشام فل يكون أف ضل الناس ف ع سكر معاو ية دون ع سكر علي و قد
أخرجا ف الصحيحي عن أب سعيد عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { :ترق مارقة من الدين على حي فرقة
من السلمي يقتلهم أول الطائفتي بالق } وهؤلء الارقون هم الوارج الرورية الذين مرقوا لا حصلت الفرقة بي
السلمي ف خلفة علي فقتلهم علي بن أب طالب وأصحابه فدل هذا الديث الصحيح على أن علي بن أب طالب
أول بالق من معاوية وأصحابه ،وكيف يكون البدال ف أدن العسكرين دون أعلها ؟ وكذلك ما يرويه بعضهم
عن النب صلى ال عليه وسلم { أنه أنشد منشد قد لسعت حية الوى كبدي فل طبيب لا ول راقي إل البيب الذي
شغ فت به فعنده رقي ت وتريا قي وأن ال نب صلى ال عل يه و سلم توا جد ح ت سقطت البدة عن منك به } فإ نه كذب
باتفاق أهل العلم بالد يث وأكذب منه ما يرويه بعض هم { :أنه مزق ثوبه وأن جب يل أ خذ قطعة منه فعلقها على
العرش } فهذا وأمثاله ما يعرف أهل العلم والعرفة برسول ال صلى ال عليه وسلم أنه من أظهر الحاديث كذبا عليه
صلى ال عليه وسلم .وكذلك ما يروونه عن عمر رضي ال عنه أنه قال { :كان النب صلى ال عليه وسلم وأبو
بكر يتحدثان وكنت بينهما كالزني } وهو كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالديث .والقصود هنا أن فيمن يقر
برسالته العامة ف الظاهر من يعتقد ف الباطن ما يناقض ذلك فيكون منافقا وهو يدعي ف نفسه وأمثاله أنم أولياء ال
مع كفرهم ف الباطن با جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم إما عنادا وإما جهل كما أن كثيا من النصارى واليهود
يعتقدون أنم أولياء ال وأن ممدا رسول ال ،ولكن يقولون إنا أرسل إل غي أهل الكتاب وأنه ل يب علينا اتباعه
ل نه أر سل إلي نا ر سل قبله فهؤلء كل هم كفار مع أن م يعتقدون ف طائفت هم أن م أولياء ال وإن ا أولياء ال الذ ين
وصيفهم ال تعال بوليتيه بقوله { :أل إن أولياء ال ل خوف عليهيم ول هيم يزنون } { الذيين آمنوا وكانوا
يتقون } .ول بد ف اليان من أن يؤ من بال وملئك ته وكت به ور سله واليوم ال خر ويؤ من ب كل ر سول أر سله ال
وكيل كتاب أنزله ال كميا قال تعال { :قولوا آمنيا بال وميا أنزل إلينيا وميا أنزل إل إبراهييم وإسياعيل وإسيحاق
ويعقوب والسباط وما أوت موسى وعيسى وما أوت النبيون من ربم ل نفرق بي أحد منهم ونن له مسلمون }
{ فإن آمنوا بثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنا هم ف شقاق فسيكفيكهم ال وهو السميع العليم } وقال
تعال { :آ من الر سول ب ا أنزل إل يه من ر به والؤمنون كل آ من بال وملئك ته وكت به ور سله ل نفرق ب ي أ حد من
) 6 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
ر سله } إل آ خر ال سورة .وقال ف أول ال سورة { :ال } { ذلك الكتاب ل ر يب ف يه هدى للمتق ي } { الذ ين
يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلة وما رزقناهم ينفقون } { والذين يؤمنون با أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالخرة
هم يوقنون } { أولئك على هدى من ربم وأولئك هم الفلحون } .فل بد ف اليان من أن تؤمن أن ممدا صلى
ال عليه وسلم خات النبيي ل نب بعده وأن ال أرسله إل جيع الثقلي الن والنس فكل من ل يؤمن با جاء به فليس
بؤمن ،فضل عن أن يكون من أولياء ال التقي ،ومن آمن ببعض ما جاء به وكفر ببعض فهو كافر ليس بؤمن كما
قال ال تعال { :إن الذيين يكفرون بال ورسيله ويريدون أن يفرقوا بيي ال ورسيله ويقولون نؤمين ببعيض ونكفير
ببعض ويريدون أن يتخذوا بي ذلك سبيل } { أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا } { والذين
آمنوا بال ورسله ول يفرقوا بي أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان ال غفورا رحيما } ومن اليان به
اليان بأ نه الوا سطة ب ي ال وب ي خل قه ف تبل يغ أمره ون يه .ووعده ووعيده وحلله وحرا مه ،فاللل ما أحله ال
ور سوله والرام ما حر مه ال ور سوله والد ين ما شر عه ال ور سوله صلى ال عل يه و سلم ف من اعت قد أن ل حد من
الولياء طريقا إل ال من غي متابعة ممد صلى ال عليه وسلم فهو كافر من أولياء الشيطان .وأما خلق ال تعال
للخلق ورزقه إياهم وإجابته لدعائهم وهدايته لقلوبم ونصرهم على أعدائهم وغي ذلك من جلب النافع ودفع الضار
فهذا ل وحده يفعله با يشاء من السباب ل يدخل ف مثل هذا وساطة الرسل .ث لو بلغ الرجل ف " الزهد والعبادة
والعلم " ما بلغ ول يؤمن بميع ما جاء به ممد صلى ال عليه وسلم فليس بؤمن ول ول ل تعال كالحبار والرهبان
مين علماء اليهود والنصيارى وعبادهيم :وكذلك النتسيبي إل العلم والعبادة مين الشركيي مشركيي العرب والترك
والند وغيهم من كان من حكماء الند والترك وله علم أو زهد وعبادة ف دينه وليس مؤمنا بميع ما جاء به فهو
كافير عدو ل وإن ظين طائفية أنيه ول ل كميا كان حكماء الفرس مين الجوس كفارا موسيا .وكذلك حكماء "
اليونان " م ثل أر سطو وأمثاله كانوا مشرك ي يعبدون ال صنام والكوا كب وكان أر سطو ق بل ال سيح عل يه ال سلم
بثلثائة سنة وكان وزيرا لل سكندر بن فيل بس القدو ن و هو الذي تؤرخ به توار يخ الروم واليونان وتؤرخ به اليهود
والن صارى ،ول يس هذا هو ذو القرن ي الذي ذكره ال ف كتا به ك ما ي ظن ب عض الناس أن أر سطو كان وزيرا لذي
القرني لا رأوا أن ذاك اسه السكندر وهذا قد يسمى بالسكندر ظنوا أن هذا ذاك كما يظنه ابن سينا وطائفة معه
ول يس ال مر كذلك ،بل هذا ال سكندر الشرك الذي قد كان أر سطو وزيره متأ خر عن ذاك ول ي ب هذا ال سد ول
وصل إل بلد يأجوج ومأجوج وهذا السكندر الذي كان أرسطو من وزرائه يؤرخ له تاريخ الروم العروف .
و ف أ صناف الشرك ي من مشر كي العرب ومشر كي ال ند والترك واليونان وغي هم من له اجتهاد ف العلم
والزهد والعبادة ،ولكن ليس بتبع للرسل ول يؤمن با جاءوا به ول يصدقهم با أخبوا به ول يطيعهم فيما أمروا
فهؤلء ليسيوا بؤمنيي ول أولياء ل وهؤلء تقترن بمي الشياطيي وتنل عليهيم فيكاشفون الناس ببعيض المور ولمي
تصرفات خارقة من جنس السحر وهم من جنس الكهان والسحرة الذين تنل عليهم الشياطي .قال تعال { :هل
) 7 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
أنبئكيم على مين تنل الشياطيي } { تنل على كيل أفاك أثييم } { يلقون السيمع وأكثرهيم كاذبون } .وهؤلء
جيعهيم الذيين ينتسيبون إل الكاشفات وخوارق العادات إذا ل يكونوا متبعيي للرسيل فل بيد أن يكذبوا وتكذبمي
شياطين هم .ول بد أن يكون ف أعمال م ما هو إ ث وفجور م ثل نوع من الشرك أو الظلم أو الفوا حش أو الغلو أو
البدع ف العبادة ،ولذا تنلت عليهم الشياطي واقترنت بم فصاروا من أولياء الشيطان ل من أولياء الرحن .قال ال
تعال { :ومن يعش عن ذكر الرحن نقيض له شيطانا فهو له قرين } وذكر الرحن هو الذكر الذي بعث به رسوله
صلى ال عليه وسلم مثل القرآن فمن ل يؤمن بالقرآن ويصدق خبه ويعتقد وجوب أمره فقد أعرض عنه فيقيض له
الشيطان فيقترن به قال تعال { :وهذا ذ كر مبارك أنزلناه } وقال تعال { :و من أعرض عن ذكري فإن له معي شة
ضن كا ونشره يوم القيا مة أع مى } { قال رب ل حشرت ن أع مى و قد ك نت ب صيا } { قال كذلك أت تك آيات نا
فن سيتها وكذلك اليوم تن سى } فدل ذلك على أن ذكره هو آياته ال ت أنزل ا ولذا لو ذ كر الر جل ال سبحانه وتعال
دائما ليل ونارا مع غا ية الزهد وعبده متهدا ف عبادته ول يكن متب عا لذكره الذي أنزله -وهو القرآن -كان من
أولياء الشيطان ولو طار ف الواء أو مشى على الاء ،فإن الشيطان يمله ف الواء .وهذا مبسوط ف غي هذا الوضع
.
فصل
ومن الناس من يكون فيه إيان وفيه شعبة من نفاق كما جاء ف الصحيحي عن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما عن
النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه
خصلة من النفاق حت يدعها :إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف وإذا اؤتن خان وإذا عاهد غدر } وف
الصحيحي أيضا عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { :اليان بضع وستون أو بضع
وسبعون شعبة أعلها قول ل إله إل ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق والياء شعبة من اليان } فبي النب صلى
ال عليه وسلم أن من كان فيه خصلة من هذه الصال ففيه خصلة من النفاق حت يدعها وقد ثبت ف الصحيحي أنه
{ قال لب ذر -وهو من خيار الؤمني -إنك امرؤ فيك جاهلية فقال يا رسول ال أعلى كب سن ؟ ! قال :نعم }
! .وثبت ف الصحيح عنه أنه قال { أربع ف أمت من أمر الاهلية :الفخر ف الحساب والطعن ف النساب والنياحة
على اليت والستسقاء بالنجوم } وف الصحيحي عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال
{ :آية النافق ثلث :إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتن خان } وف صحيح مسلم { وإن صام وصلى
وزعم أنه مسلم ،وذكر البخاري عن ابن أب مليكة قال :أدركت ثلثي من أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم
كلهم ياف النفاق على نفسه وقد قال ال تعال { :وما أصابكم يوم التقى المعان فبإذن ال وليعلم الؤمني }
{ وليعلم الذين نافقوا وقيل لم تعالوا قاتلوا ف سبيل ال أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتال لتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب
) 8 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
منهم لليان } فقد جعل هؤلء إل الكفر أقرب منهم لليان فعلم أنم ملطون وكفرهم أقوى وغيهم يكون ملطا
وإيانه أقوى .وإذا كان " أولياء ال " هم الؤمني التقي فبحسب إيان العبد وتقواه تكون وليته ل تعال فمن كان
أكمل إيانا وتقوى كان أكمل ولية ل .فالناس متفاضلون ف ولية ال عز وجل بسب تفاضلهم ف اليان والتقوى
وكذلك يتفاضلون ف عداوة ال بسب تفاضلهم ف الكفر والنفاق قال ال تعال { :وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من
يقول أيكم زادته هذه إيانا فأما الذين آمنوا فزادتم إيانا وهم يستبشرون } { وأما الذين ف قلوبم مرض فزادتم
رجسا إل رجسهم وماتوا وهم كافرون } وقال تعال { :إنا النسيء زيادة ف الكفر } وقال تعال { :والذين
اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } وقال تعال ف النافقي { ف قلوبم مرض فزادهم ال مرضا } .فبي سبحانه
وتعال أن الشخص الواحد قد يكون فيه قسط من ولية ال بسب إيانه ،وقد يكون فيه قسط من عداوة ال بسب
كفره ونفاقه .وقال تعال { ويزداد الذين آمنوا إيانا } وقال تعال { ليزدادوا إيانا مع إيانم } .
فصل
وأولياء ال على " طبقتي " سابقون مقربون وأصحاب يي مقتصدون .ذكرهم ال ف عدة مواضع من كتابه
العزيز ف أول سورة الواقعة وآخرها وف سورة النسان ،والطففي وف سورة فاطر فإنه سبحانه وتعال ذكر ف
الواقعة القيامة الكبى ف أولا وذكر القيامة الصغرى ف آخرها فقال ف أولا { إذا وقعت الواقعة } { ليس لوقعتها
كاذبة } { خافضة رافعة } { إذا رجت الرض رجا } { وبست البال بسا } { فكانت هباء منبثا } { وكنتم
أزواجا ثلثة } { فأصحاب اليمنة ما أصحاب اليمنة } { وأصحاب الشأمة ما أصحاب الشأمة } { والسابقون
السابقون } { أولئك القربون } { ف جنات النعيم } { ثلة من الولي } { وقليل من الخرين } فهذا تقسيم
الناس إذا قامت القيامة الكبى الت يمع ال فيها الولي والخرين كما وصف ال سبحانه ذلك ف كتابه ف غي
موضع .ث قال تعال ف آخر السورة :فلول أي :فهل { إذا بلغت اللقوم } { وأنتم حينئذ تنظرون } { ونن
أقرب إليه منكم ولكن ل تبصرون } { فلول إن كنتم غي مديني } { ترجعونا إن كنتم صادقي } { فأما إن
كان من القربي } { فروح وريان وجنة نعيم } { وأما إن كان من أصحاب اليمي } { فسلم لك من أصحاب
اليمي } { وأما إن كان من الكذبي الضالي } { فنل من حيم وتصلية جحيم } { إن هذا لو حق اليقي }
{ فسبح باسم ربك العظيم } .وقال تعال ف سورة النسان { :إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } { إنا
أعتدنا للكافرين سلسل وأغلل وسعيا } { إن البرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا } { عينا يشرب با
عباد ال يفجرونا تفجيا } { يوفون بالنذر ويافون يوما كان شره مستطيا } { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا
ويتيما وأسيا } { إنا نطعمكم لوجه ال ل نريد منكم جزاء ول شكورا } { إنا ناف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا
} { فوقاهم ال شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا } { وجزاهم با صبوا جنة وحريرا } اليات .وكذلك ذكر
) 9 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
ف سورة الطففي فقال { :كل إن كتاب الفجار لفي سجي } إل أن قال { :كل إن كتاب البرار لفي عليي }
{ وما أدراك ما عليون } { كتاب مرقوم } { يشهده القربون } { إن البرار لفي نعيم } { على الرائك
ينظرون } { تعرف ف وجوههم نضرة النعيم } { يسقون من رحيق متوم } { ختامه مسك وف ذلك فليتنافس
التنافسون } { ومزاجه من تسنيم } { عينا يشرب با القربون } .
وعن ابن عباس رضي ال عنهما وغيه من السلف قالوا يزج لصحاب اليمي مزجا ويشرب با القربون
صرفا وهو كما قالوا .فإنه تعال قال { يشرب با } ول يقل :يشرب منها لنه ضمن ذلك قوله يشرب يعن يروى
با فإن الشارب قد يشرب ول يروى فإذا قيل يشربون منها ل يدل على الري فإذا قيل يشربون با كان العن يروون
با فالقربون يروون با فل يتاجون معها إل ما دونا ،فلهذا يشربون منها صرفا بلف أصحاب اليمي فإنا مزجت
لم مزجا وهو كما قال تعال ف سورة النسان { كان مزاجها كافورا } { عينا يشرب با عباد ال يفجرونا تفجيا
} .فعباد ال هم القربون الذكورون ف تلك السورة وهذا لن الزاء من جنس العمل ف الي والشر كما قال النب
صلى ال عليه وسلم { من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس ال عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر
على معسر يسر ال عليه ف الدنيا والخرة ومن ستر مسلما ستره ال ف الدنيا والخرة وال ف عون العبد ما كان
العبد ف عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال له به طريقا إل النة وما اجتمع قوم ف بيت من بيوت
ال يتلون كتاب ال ويتدارسونه بينهم إل نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحة ،وحفتهم اللئكة وذكرهم ال فيمن
عنده ومن بطأ به عمله ل يسرع به نسبه } رواه مسلم ف صحيحه .وقال صلى ال عليه وسلم { الراحون يرحهم
الرحن .ارحوا من ف الرض يرحكم من ف السماء } قال الترمذي :حديث صحيح .وف الديث الخر
الصحيح الذي ف السنن { يقول ال تعال :أنا الرحن خلقت الرحم وشققت لا اسا من اسي فمن وصلها وصلته
ومن قطعها بتته } وقال { ومن وصلها وصله ال ومن قطعها قطعه ال } ومثل هذا كثي .وأولياء ال تعال على
نوعي :مقربون وأصحاب يي كما تقدم .وقد ذكر النب صلى ال عليه وسلم عمل القسمي ف حديث الولياء
فقال { يقول ال تعال :من عادى ل وليا فقد بارزن بالحاربة وما تقرب إل عبدي بثل أداء ما افترضته عليه ول
يزال عبدي يتقرب إل بالنوافل حت أحبه ،فإذا أحببته كنت سعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده الت
يبطش با ورجله الت يشي با } .
فالبرار أصحاب اليمي هم التقربون إليه بالفرائض يفعلون ما أوجب ال عليهم ويتركون ما حرم ال عليهم
ول يكلفون أنفسهم بالندوبات ،ول الكف عن فضول الباحات .وأما السابقون القربون فتقربوا إليه بالنوافل بعد
الفرائض ففعلوا الواجبات والستحبات وتركوا الحرمات والكروهات فلما تقربوا إليه بميع ما يقدرون عليه من
مبوباتم أحبهم الرب حبا تاما كما قال تعال { :ول يزال عبدي يتقرب إل بالنوافل حت أحبه } يعن الب الطلق
كقوله تعال { :اهدنا الصراط الستقيم } { صراط الذين أنعمت عليهم غي الغضوب عليهم ول الضالي } أي
) 10 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
أنعم عليهم النعام الطلق التام الذكور ف قوله تعال { :ومن يطع ال والرسول فأولئك مع الذين أنعم ال عليهم من
النبيي والصديقي والشهداء والصالي وحسن أولئك رفيقا } فهؤلء القربون صارت الباحات ف حقهم طاعات
يتقربون با إل ال عز وجل فكانت أعمالم كلها عبادات ل فشربوا صرفا كما عملوا له صرفا والقتصدون كان ف
أعمالم ما فعلوه لنفوسهم فل يعاقبون عليه ول يثابون عليه فلم يشربوا صرفا ،بل مزج لم من شراب القربي بسب
ما مزجوه ف الدنيا .ونظي هذا انقسام النبياء عليهم السلم إل عبد رسول ونب ملك وقد خي ال سبحانه ممدا
صلى ال عليه وسلم بي أن يكون عبدا رسول وبي أن يكون نبيا ملكا فاختار أن يكون عبدا رسول فالنب اللك مثل
داود وسليمان ونوها عليهما الصلة والسلم قال ال تعال ف قصة سليمان الذي { قال رب اغفر ل وهب ل ملكا
ل ينبغي لحد من بعدي إنك أنت الوهاب } { فسخرنا له الريح تري بأمره رخاء حيث أصاب } { والشياطي
كل بناء وغواص } { وآخرين مقرني ف الصفاد } { هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغي حساب } أي أعط من
شئت واحرم من شئت ل حساب عليك فالنب اللك يفعل ما فرض ال عليه ويترك ما حرم ال عليه ويتصرف ف
الولية والال با يبه ويتار من غي إث عليه .
وأما العبد الرسول فل يعطي أحدا إل بأمر ربه ول يعطي من يشاء ويرم [ من يشاء بل روي عنه ] أنه قال {
إن وال ل أعطي أحدا ول أمنع أحدا إنا أنا قاسم أضع حيث أمرت } ولذا يضيف ال الموال الشرعية إل ال
والرسول كقوله تعال { :قل النفال ل والرسول } وقوله تعال { :وما أفاء ال على رسوله من أهل القرى فلله
وللرسول } وقوله تعال { :واعلموا أنا غنمتم من شيء فأن ل خسه وللرسول } .
ولذا كان أظهر أقوال العلماء أن هذه الموال تصرف فيما يبه ال ورسوله بسب اجتهاد ول المر كما هو
مذهب مالك وغيه من السلف ويذكر هذا رواية عن أحد وقد قيل ف المس أنه يقسم على خسة كقول الشافعي
وأحد ف العروف عنه وقيل :على ثلثة كقول أب حنيفة رحه ال .و " القصود هنا " أن العبد الرسول هو أفضل
من النب اللك كما أن إبراهيم وموسى وعيسى وممدا عليهم الصلة والسلم أفضل من يوسف وداود وسليمان
عليهم السلم كما أن القربي السابقي أفضل من البرار أصحاب اليمي الذين ليسوا مقربي سابقي فمن أدى ما
أوجب ال عليه وفعل من الباحات ما يبه فهو من هؤلء ومن كان إنا يفعل ما يبه ال ويرضاه ويقصد أن يستعي
با أبيح له على ما أمره ال فهو من أولئك .
فصل
وقد ذكر ال تعال " أولياءه " القتصدين والسابقي ف سورة فاطر ف قوله تعال { :ث أورثنا الكتاب الذين
اصطفينا من عبادنا فمنهم ظال لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات بإذن ال ذلك هو الفضل الكبي }
{ جنات عدن يدخلونا يلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير } { وقالوا المد ل الذي أذهب
) 11 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
عنا الزن إن ربنا لغفور شكور } { الذي أحلنا دار القامة من فضله ل يسنا فيها نصب ول يسنا فيها لغوب }
لكن هذه الصناف الثلثة ف هذه الية هم أمة ممد صلى ال عليه وسلم خاصة كما قال تعال { ث أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظال لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات بإذن ال ذلك هو الفضل الكبي } .
وأمة ممد صلى ال عليه وسلم هم الذين أورثوا الكتاب بعد المم التقدمة وليس ذلك متصا بفاظ القرآن ،بل كل
من آمن بالقرآن فهو من هؤلء وقسمهم إل ظال لنفسه ومقتصد وسابق ،بلف اليات الت ف الواقعة والطففي
والنفطار فإنه دخل فيها جيع المم التقدمة كافرهم ومؤمنهم وهذا التقسيم لمة ممد صلى ال عليه وسلم ف "
الظال لنفسه " أصحاب الذنوب الصرون عليها ومن تاب من ذنبه أي ذنب كان توبة صحيحة ل يرج بذلك عن
السابقي و " القتصد " الؤدي للفرائض الجتنب للمحارم .و " السابق للخيات " هو الؤدي للفرائض والنوافل كما
ف تلك اليات ومن تاب من ذنبه أي ذنب كان توبة صحيحة ل يرج بذلك عن السابقي والقتصدين كما ف قوله
تعال { :وسارعوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقي } { الذين ينفقون ف
السراء والضراء والكاظمي الغيظ والعافي عن الناس وال يب الحسني } { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا
أنفسهم ذكروا ال فاستغفروا لذنوبم ومن يغفر الذنوب إل ال ول يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } { أولئك
جزاؤهم مغفرة من ربم وجنات تري من تتها النار خالدين فيها ونعم أجر العاملي } و " القتصد " الؤدي
للفرائض الجتنب للمحارم و " السابق باليات " هو الؤدي للفرائض والنوافل كما ف تلك اليات .وقوله { جنات
عدن يدخلونا } ما يستدل به أهل السنة على أنه ل يلد ف النار أحد من أهل التوحيد .وأما دخول كثي من أهل
الكبائر النار فهذا ما تواترت به السنن عن النب صلى ال عليه وسلم كما تواترت بروجهم من النار وشفاعة نبينا
ممد صلى ال عليه وسلم ف أهل الكبائر وإخراج من يرج من النار بشفاعة نبينا صلى ال عليه وسلم وشفاعة غيه
.فمن قال :إن أهل الكبائر ملدون ف النار وتأول الية على أن السابقي هم الذين يدخلونا وأن القتصد أو الظال
لنفسه ل يدخلها كما تأوله من العتزلة فهو مقابل بتأويل الرجئة الذين ل يقطعون بدخول أحد من أهل الكبائر النار
ويزعمون أن أهل الكبائر قد يدخل جيعهم النة من غي عذاب وكلها مالف للسنة التواترة عن النب صلى ال عليه
وسلم ولجاع سلف المة وأئمتها .
وقد دل على فساد قول الطائفتي قول ال تعال ف آيتي من كتابه وهو قوله تعال { إن ال ل يغفر أن يشرك
به ويغفر ما دون ذلك لن يشاء } فأخب تعال أنه ل يغفر الشرك وأخب أنه يغفر ما دونه لن يشاء ول يوز أن يراد
بذلك التائب كما يقوله من يقوله من العتزلة لن الشرك يغفره ال لن تاب وما دون الشرك يغفره ال أيضا للتائب
فل تعلق بالشيئة ،ولذا لا ذكر الغفرة للتائبي قال تعال { :قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من
رحة ال إن ال يغفر الذنوب جيعا إنه هو الغفور الرحيم } .فهنا عمم الغفرة وأطلقها فإن ال يغفر للعبد أي ذنب
تاب منه فمن تاب من الشرك غفر ال له ومن تاب من الكبائر غفر ال له وأي ذنب تاب العبد منه غفر ال له .ففي
) 12 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
آية التوبة عمم وأطلق وف تلك الية خصص وعلق فخص الشرك بأنه ل يغفره وعلق ما سواه على الشيئة ومن الشرك
التعطيل للخالق وهذا يدل على فساد قول من يزم بالغفرة لكل مذنب .ونبه بالشرك على ما هو أعظم منه كتعطيل
الالق أو يوز أل يعذب بذنب فإنه لو كان كذلك لا ذكر أنه يغفر البعض دون البعض ولو كان كل ظال لنفسه
مغفورا له بل توبة ول حسنات ماحية ل يعلق ذلك بالشيئة .وقوله تعال { :ويغفر ما دون ذلك لن يشاء } دليل
على أنه يغفر البعض دون البعض فبطل النفي والوقف العام .
فصل
وإذا كان " أولياء ال عز وجل " هم الؤمنون التقون .والناس يتفاضلون ف اليان والتقوى فهم متفاضلون ف
ولية ال بسب ذلك كما أنم لا كانوا متفاضلي ف الكفر والنفاق كانوا متفاضلي ف عداوة ال بسب ذلك .
وأصل اليان والتقوى :اليان برسل ال وجاع ذلك :اليان بات الرسل ممد صلى ال عليه وسلم فاليان به
يتضمن اليان بميع كتب ال ورسله وأصل الكفر والنفاق هو الكفر بالرسل وبا جاءوا به فإن هذا هو الكفر الذي
يستحق صاحبه العذاب ف الخرة ،فإن ال تعال أخب ف كتابه أنه ل يعذب أحدا إل بعد بلوغ الرسالة .قال ال
تعال { :وما كنا معذبي حت نبعث رسول } وقال تعال { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إل نوح والنبيي من بعده
وأوحينا إل إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود
زبورا } { ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسل ل نقصصهم عليك وكلم ال موسى تكليما } { رسل
مبشرين ومنذرين لئل يكون للناس على ال حجة بعد الرسل } وقال تعال عن أهل النار { كلما ألقي فيها فوج
سألم خزنتها أل يأتكم نذير } { قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل ال من شيء إن أنتم إل ف ضلل
كبي } فأخب أنه كلما ألقي ف النار فوج أقروا بأنم جاءهم النذير فكذبوه فدل ذلك على أنه ل يلقى فيها فوج إل
من كذب النذير .وقال تعال ف خطابه لبليس { لملن جهنم منك ومن تبعك منهم أجعي } فأخب أنه يلؤها
بإبليس ومن اتبعه ،فإذا ملئت بم ل يدخلها غيهم .فعلم أنه ل يدخل النار إل من تبع الشيطان وهذا يدل على أنه
ل يدخلها من ل ذنب له فإنه من ل يتبع الشيطان ول يكن مذنبا وما تقدم يدل على أنه ل يدخلها إل من قامت عليه
الجة بالرسل .
فصل
ومن الناس من يؤمن بالرسل إيانا ممل وأما اليان الفصل فيكون قد بلغه كثي ما جاءت به الرسل ول يبلغه
بعض ذلك فيؤمن با بلغه عن الرسل وما ل يبلغه ل يعرفه ولو بلغه لمن به ،ولكن آمن با جاءت به الرسل إيانا
) 13 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
ممل فهذا إذا عمل با علم أن ال أمره به مع إيانه وتقواه فهو من أولياء ال تعال له من ولية ال بسب إيانه
وتقواه وما ل تقم عليه الجة فإن ال تعال ل يكلفه معرفته واليان الفصل به فل يعذبه على تركه ،لكن يفوته من
كمال ولية ال بسب ما فاته من ذلك فمن علم با جاء به الرسل وآمن به إيانا مفصل وعمل به فهو أكمل إيانا
وولية ل من ل يعلم ذلك مفصل ول يعمل به ،وكلها ول ل تعال .والنة درجات متفاضلة تفاضل عظيما
وأولياء ال الؤمنون التقون ف تلك الدرجات بسب إيانم وتقواهم .قال تبارك وتعال { :من كان يريد العاجلة
عجلنا له فيها ما نشاء لن نريد ث جعلنا له جهنم يصلها مذموما مدحورا } { ومن أراد الخرة وسعى لا سعيها
وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } { كل ند هؤلء وهؤلء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك مظورا }
{ انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللخرة أكب درجات وأكب تفضيل } .فبي ال سبحانه وتعال أنه يد من
يريد الدنيا ومن يريد الخرة من عطائه وأن عطاءه ما كان مظورا من بر ول فاجر ث قال تعال { :انظر كيف فضلنا
بعضهم على بعض وللخرة أكب درجات وأكب تفضيل } .فبي ال سبحانه أن أهل الخرة يتفاضلون فيها أكثر ما
يتفاضل الناس ف الدنيا وأن درجاتا أكب من درجات الدنيا وقد بي تفاضل أنبيائه عليهم السلم كتفاضل سائر
عباده الؤمني فقال تعال { :تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم ال ورفع بعضهم درجات وآتينا
عيسى ابن مري البينات وأيدناه بروح القدس } وقال تعال { :ولقد فضلنا بعض النبيي على بعض وآتينا داود
زبورا } .وف صحيح مسلم عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { :الؤمن القوي
خي وأحب إل ال من الؤمن الضعيف وف كل خي احرص على ما ينفعك واستعن بال ول تعجزن وإن أصابك
شيء فل تقل لو أن فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر ال وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان } وف
الصحيحي عن أب هريرة وعمرو بن العاص رضي ال عنهما عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { :إذا اجتهد
الاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر } .وقد قال ال تعال { :ل يستوي منكم من أنفق من قبل
الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكل وعد ال السن } وقال تعال { :ل يستوي
القاعدون من الؤمني غي أول الضرر والجاهدون ف سبيل ال بأموالم وأنفسهم فضل ال الجاهدين بأموالم
وأنفسهم على القاعدين درجة وكل وعد ال السن وفضل ال الجاهدين على القاعدين أجرا عظيما } { درجات
منه ومغفرة ورحة وكان ال غفورا رحيما } وقال تعال { :أجعلتم سقاية الاج وعمارة السجد الرام كمن آمن
بال واليوم الخر وجاهد ف سبيل ال ل يستوون عند ال وال ل يهدي القوم الظالي } { الذين آمنوا وهاجروا
وجاهدوا ف سبيل ال بأموالم وأنفسهم أعظم درجة عند ال وأولئك هم الفائزون } { يبشرهم ربم برحة منه
ورضوان وجنات لم فيها نعيم مقيم } { خالدين فيها أبدا إن ال عنده أجر عظيم } وقال تعال { :أمن هو قانت
آناء الليل ساجدا وقائما يذر الخرة ويرجو رحة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون إنا يتذكر
أولوا اللباب } وقال تعال { :يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وال با تعملون خبي } .
) 14 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
فصل وإذا كان العبد ل يكون وليا ل إل إذا كان مؤمنا تقيا لقوله تعال { :أل إن أولياء ال ل خوف عليهم ول هم
يزنون } { الذين آمنوا وكانوا يتقون } وف صحيح البخاري الديث الشهور -وقد تقدم -يقول ال تبارك
وتعال فيه { :ول يزال عبدي يتقرب إل بالنوافل حت أحبه } ول يكون مؤمنا تقيا حت يتقرب إل ال بالفرائض
فيكون من البرار أهل اليمي ث بعد ذلك ل يزال يتقرب بالنوافل حت يكون من السابقي القربي فمعلوم أن أحدا
من الكفار والنافقي ل يكون وليا ل .وكذلك من ل يصح إيانه وعباداته وإن قدر أنه ل إث عليه مثل أطفال الكفار
ومن ل تبلغه الدعوة -وإن قيل إنم ل يعذبون حت يرسل إليهم رسول -فل يكونون من أولياء ال إل إذا كانوا من
الؤمني التقي ،فمن ل يتقرب إل ال ل بفعل السنات ول بترك السيئات ل يكن من أولياء ال .وكذلك الجاني
والطفال ،فإن النب صلى ال عليه وسلم قال { :رفع القلم عن ثلثة :عن الجنون حت يفيق وعن الصب حت يتلم
.وعن النائم حت يستيقظ } .وهذا الديث قد رواه أهل السنن من حديث علي وعائشة رضي ال عنهما .واتفق
أهل العرفة على تلقيه بالقبول .لكن الصب الميز تصح عباداته ويثاب عليها عند جهور العلماء .وأما الجنون الذي
رفع عنه القلم فل يصح شيء من عباداته باتفاق العلماء .ول يصح منه إيان ول كفر ول صلة ول غي ذلك من
العبادات ،بل ل يصلح هو عند عامة العقلء لمور الدنيا كالتجارة والصناعة .فل يصلح أن يكون بزازا ول عطارا
ول حدادا ول نارا ول تصح عقوده باتفاق العلماء .فل يصح بيعه ول شراؤه ول نكاحه ول طلقه ول إقراره ول
شهادته .ول غي ذلك من أقواله بل أقواله كلها لغو ل يتعلق با حكم شرعي ول ثواب ول عقاب .بلف الصب
الميز فإن له أقوال معتبة ف مواضع بالنص والجاع وف مواضع فيها نزاع .وإذا كان الجنون ل يصح منه اليان
ول التقوى ول التقرب إل ال بالفرائض والنوافل وامتنع أن يكون وليا فل يوز لحد أن يعتقد أنه ول ل ،ل سيما
أن تكون حجته على ذلك إما مكاشفة سعها منه أو نوع من تصرف مثل أن يراه قد أشار إل واحد فمات أو
صرع ،فإنه قد علم أن الكفار والنافقي -من الشركي وأهل الكتاب -لم مكاشفات وتصرفات شيطانية
كالكهان والسحرة وعباد الشركي وأهل الكتاب فل يوز لحد أن يستدل بجرد ذلك على كون الشخص وليا ل
وإن ل يعلم منه ما يناقض ولية ال فكيف إذا علم منه ما يناقض ولية ال ؟ ! مثل أن يعلم أنه ل يعتقد وجوب اتباع
النب صلى ال عليه وسلم باطنا وظاهرا ،بل يعتقد أنه يتبع الشرع الظاهر دون القيقة الباطنة .أو يعتقد أن لولياء
ال طريقا إل ال غي طريق النبياء عليهم السلم .أو يقول :إن النبياء ضيقوا الطريق أو هم على قدوة العامة دون
الاصة ونو ذلك ما يقوله بعض من يدعي الولية فهؤلء فيهم من الكفر ما يناقض اليان .فضل عن ولية ال عز
وجل .فمن احتج با يصدر عن أحدهم من خرق عادة على وليتهم كان أضل من اليهود والنصارى .وكذلك
الجنون ،فإن كونه منونا يناقض أن يصح منه اليان والعبادات الت هي شرط ف ولية ال ومن كان ين أحيانا
ويفيق أحيانا .إذا كان ف حال إفاقته مؤمنا بال ورسوله ويؤدي الفرائض ويتنب الحارم ،فهذا إذا جن ل يكن
جنونه مانعا من أن يثيبه ال على إيانه وتقواه الذي أتى به ف حال إفاقته ويكون له من ولية ال بسب ذلك .
) 15 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
وكذلك من طرأ عليه النون بعد إيانه وتقواه ،فإن ال يثيبه ويأجره على ما تقدم من إيانه وتقواه .ول يبطه
بالنون الذي ابتلي به من غي ذنب فعله والقلم مرفوع عنه ف حال جنونه .فعلى هذا فمن أظهر الولية وهو ل
يؤدي الفرائض ول يتنب الحارم بل قد يأت با يناقض ذلك ل يكن لحد أن يقول هذا ول ل فإن هذا إن ل يكن
منونا ،بل كان متولا من غي جنون أو كان يغيب عقله بالنون تارة ويفيق أخرى وهو ل يقوم بالفرائض بل يعتقد
أنه ل يب عليه اتباع الرسول صلى ال عليه وسلم فهو كافر وإن كان منونا باطنا وظاهرا قد ارتفع عنه القلم ،فهذا
وإن ل يكن معاقبا عقوبة الكافرين فليس هو مستحقا لا يستحقه أهل اليان والتقوى من كرامة ال عز وجل فل
يوز على التقديرين أن يعتقد فيه أحد أنه ول ل ولكن إن كان له حالة ف إفاقته كان فيها مؤمنا بال متقيا كان له
من ولية ال بسب ذلك وإن كان له ف حال إفاقته فيه كفر أو نفاق أو كان كافرا أو منافقا ث طرأ عليه النون
فهذا فيه من الكفر والنفاق ما يعاقب عليه وجنونه ل يبط عنه ما يصل منه حال إفاقته من كفر أو نفاق .
فصل
وليس لولياء ال شيء يتميزون به عن الناس ف الظاهر من المور الباحات فل يتميزون بلباس دون لباس إذا
كان كلها مباحا ول بلق شعر أو تقصيه أو ظفره إذا كان مباحا كما قيل :كم من صديق ف قباء وكم من زنديق
ف عباء ،بل يوجدون ف جيع أصناف أمة ممد صلى ال عليه وسلم إذا ل يكونوا من أهل البدع الظاهرة والفجور
فيوجدون ف أهل القرآن وأهل العلم ويوجدون ف أهل الهاد والسيف ويوجدون ف التجار والصناع والزراع .وقد
ذكر ال أصناف أمة ممد صلى ال عليه وسلم ف قوله تعال { :إن ربك يعلم أنك تقوم أدن من ثلثي الليل ونصفه
وثلثه وطائفة من الذين معك وال يقدر الليل والنهار علم أن لن تصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم
أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون ف الرض يبتغون من فضل ال وآخرون يقاتلون ف سبيل ال فاقرءوا ما
تيسر منه } .وكان السلف يسمون أهل الدين والعلم " القراء " فيدخل فيهم العلماء والنساك ث حدث بعد ذلك
اسم " الصوفية والفقراء " .واسم " الصوفية " هو نسبة إل لباس الصوف ،هذا هو الصحيح وقد قيل إنه نسبة إل
صفوة الفقهاء وقيل إل صوفة بن أد بن طانة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك وقيل إل أهل الصفة وقيل إل
الصفا وقيل إل الصفوة وقيل إل الصف القدم بي يدي ال تعال وهذه أقوال ضعيفة فإنه لو كان كذلك لقيل صفي
أو صفائي أو صفوي أو صفي ول يقل صوف .وصار أيضا اسم " الفقراء " يعن به أهل السلوك وهذا عرف حادث
وقد تنازع الناس أيا أفضل مسمى " الصوف " أو مسمى " الفقي " ؟ ويتنازعون أيضا أيا أفضل :الغن الشاكر أو
الفقي الصابر ؟ .وهذه السألة فيها نزاع قدي بي النيد وبي أب العباس بن عطاء وقد روي عن أحد بن حنبل فيها
روايتان والصواب ف هذا كله ما قاله ال تبارك وتعال حيث قال { :يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند ال أتقاكم } .وف ا لصحيح عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب
) 16 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
صلى ال عليه وسلم أنه سئل { :أي الناس أفضل ؟ قال أتقاهم .قيل له :ليس عن هذا نسألك فقال :يوسف نب
ال ابن يعقوب نب ال ابن إسحاق نب ال ابن إبراهيم خليل ال .فقيل له :ليس عن هذا نسألك .فقال :عن معادن
العرب تسألون ؟ الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم ف الاهلية خيارهم ف السلم إذا فقهوا } .فدل
الكتاب والسنة إن أكرم الناس عند ال أتقاهم .وف السنن عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { ل فضل لعرب
على عجمي ول لعجمي على عرب ول لسود على أبيض ول لبيض على أسود إل بالتقوى .كلكم لدم وآدم من
تراب } .وعنه أيضا صلى ال عليه وسلم أنه قال { إن ال تعال أذهب عنكم عبية الاهلية وفخرها بالباء الناس
رجلن :مؤمن تقي وفاجر شقي } .فمن كان من هذه الصناف أتقى ل فهو أكرم عند ال وإذا استويا ف التقوى
استويا ف الدرجة .ولفظ " الفقر " ف الشرع يراد به الفقر من الال ويراد به فقر الخلوق إل خالقه كما قال تعال :
{ إنا الصدقات للفقراء والساكي } وقال تعال { :يا أيها الناس أنتم الفقراء إل ال } وقد مدح ال تعال ف
القرآن صنفي من الفقراء :أهل الصدقات وأهل الفيء فقال ف الصنف الول { :للفقراء الذين أحصروا ف سبيل ال
ل يستطيعون ضربا ف الرض يسبهم الاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم ل يسألون الناس إلافا } وقال ف
الصنف الثان وهم أفضل الصنفي { للفقراء الهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالم يبتغون فضل من ال
ورضوانا وينصرون ال ورسوله أولئك هم الصادقون } .وهذه صفة الهاجرين الذين هجروا السيئات وجاهدوا أعداء
ال باطنا وظاهرا كما قال النب صلى ال عليه وسلم { الؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالم والسلم من سلم
السلمون من لسانه ويده والهاجر من هجر ما نى ال عنه والجاهد من جاهد نفسه ف ذات ال } .أما الديث
الذي يرويه بعضهم أنه قال ف غزوة تبوك { رجعنا من الهاد الصغر إل الهاد الكب } فل أصل له ول يروه أحد
من أهل العرفة بأقوال النب صلى ال عليه وسلم وأفعاله وجهاد الكفار من أعظم العمال ،بل هو أفضل ما تطوع به
النسان قال ال تعال { :ل يستوي القاعدون من الؤمني غي أول الضرر والجاهدون ف سبيل ال بأموالم
وأنفسهم فضل ال الجاهدين بأموالم وأنفسهم على القاعدين درجة وكل وعد ال السن وفضل ال الجاهدين
على القاعدين أجرا عظيما } وقال تعال { :أجعلتم سقاية الاج وعمارة السجد الرام كمن آمن بال واليوم الخر
وجاهد ف سبيل ال ل يستوون عند ال وال ل يهدي القوم الظالي } { الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ف سبيل ال
بأموالم وأنفسهم أعظم درجة عند ال وأولئك هم الفائزون } { يبشرهم ربم برحة منه ورضوان وجنات لم فيها
نعيم مقيم } { خالدين فيها أبدا إن ال عنده أجر عظيم } .وثبت ف صحيح مسلم وغيه عن { النعمان بن بشي
رضي ال عنه قال :كنت عند النب صلى ال عليه وسلم فقال رجل :ما أبال أل أعمل عمل بعد السلم إل أن
أسقي الاج وقال آخر :ما أبال أن أعمل عمل بعد السلم إل أن أعمر السجد الرام وقال علي بن أب طالب
الهاد ف سبيل ال أفضل ما ذكرتا فقال عمر :ل ترفعوا أصواتكم عند منب رسول ال صلى ال عليه وسلم ولكن
إذا قضيت الصلة سألته فسأله فأنزل ال تعال هذه الية } .وف الصحيحي عن { عبد ال بن مسعود رضي ال عنه
) 17 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
قال :قلت يا رسول ال ،أي العمال أفضل عند ال عز وجل ؟ قال الصلة على وقتها قلت ث أي ؟ قال :بر
الوالدين .قلت :ث أي ؟ قال :الهاد ف سبيل ال قال :حدثن بن رسول ال صلى ال عليه وسلم ولو استزدته
لزادن } وف الصحيحي عنه صلى ال عليه وسلم أنه { سئل أي العمال أفضل ؟ قال :إيان بال وجهاد ف سبيله
قيل :ث ماذا ؟ قال حج مبور } .وف الصحيحي أن { رجل قال له صلى ال عليه وسلم يا رسول ال أخبن
بعمل يعدل الهاد ف سبيل ال قال :ل تستطيعه أو ل تطيقه قال فأخبن به قال :هل تستطيع إذا خرج الجاهد أن
تصوم ول تفطر وتقوم ول تفتر } ؟ وف السنن عن { معاذ رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم أنه وصاه لا
بعثه إل اليمن فقال :يا معاذ ! اتق ال حيثما كنت وأتبع السيئة السنة تحها وخالق الناس بلق حسن وقال :يا
معاذ ! إن لحبك فل تدع أن تقول ف دبر كل صلة :اللهم أعن على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وقال له -
وهو رديفه -يا معاذ :أتدري ما حق ال على عباده قلت ال ورسوله أعلم .قال :حقه عليهم أن يعبدوه ول
يشركوا به شيئا .أتدري ما حق العباد على ال إذا فعلوا ذلك ؟ قلت :ال ورسوله أعلم .قال :حقهم عليه أل
يعذبم } .وقال أيضا لعاذ { :رأس المر السلم وعموده الصلة وذروة سنامه الهاد ف سبيل ال } وقال :
{ يا معاذ أل أخبك بأبواب الب ؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الطيئة كما يطفئ الاء النار وقيام الرجل ف جوف
الليل ث قرأ { تتجاف جنوبم عن الضاجع يدعون ربم خوفا وطمعا وما رزقناهم ينفقون فل تعلم نفس ما أخفي لم
من قرة أعي جزاء با كانوا يعملون } ث قال :يا معاذ أل أخبك بلك ذلك كله ؟ قلت بلى ! فقال :أمسك عليك
لسانك هذا فأخذ بلسانه قال يا رسول ال وإنا لؤاخذون با نتكلم به ؟ فقال :ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس
ف النار على مناخرهم إل حصائد ألسنتهم } .وتفسي هذا ما ثبت ف الصحيحي عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال :
{ من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أو ليصمت } فالتكلم بالي خي من السكوت عنه والصمت عن الشر
خي من التكلم به
فأما الصمت الدائم فبدعة منهي عنها وكذلك المتناع عن أكل البز واللحم وشرب الاء فذلك من البدع
الذمومة أيضا كما ثبت ف صحيح البخاري عن ابن عباس رضي ال عنهما أن { النب صلى ال عليه وسلم رأى
رجل قائما ف الشمس فقال :ما هذا فقالوا :أبو إسرائيل نذر أن يقوم ف الشمس ول يستظل ول يتكلم ويصوم
فقال النب صلى ال عليه وسلم :مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه } .وثبت ف الصحيحي عن { أنس
أن رجال سألوا عن عبادة رسول ال صلى ال عليه وسلم فكأنم تقالوها فقالوا وأينا مثل رسول ال صلى ال عليه
وسلم ؟ ! ث قال أحدهم :أما أنا فأصوم ول أفطر وقال الخر :أما أنا فأقوم ول أنام وقال الخر :أما أنا فل آكل
اللحم وقال الخر :أما أنا فل أتزوج النساء فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ما بال رجال يقول أحدهم كذا
وكذا ؟ ! ولكن أصوم وأفطر وأقوم وأنام وآكل اللحم وأتزوج النساء فمن رغب عن سنت فليس من } أي سلك
غيها ظانا أن غيها خي منها فمن كان كذلك فهو بريء من ال ورسوله قال تعال { :ومن يرغب عن ملة إبراهيم
) 18 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
إل من سفه نفسه } بل يب على كل مسلم أن يعتقد أن خي الكلم كلم ال وخي الدي هدي ممد صلى ال عليه
وسلم كما ثبت عنه ف الصحيح أنه كان يطب بذلك كل يوم جعة .
فصل
وليس من شرط ول ال أن يكون معصوما ل يغلط ول يطئ ،بل يوز أن يفى عليه بعض علم الشريعة
ويوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين حت يسب بعض المور ما أمر ال به وما نى ال عنه ويوز أن يظن ف
بعض الوارق أنا من كرامات أولياء ال تعال وتكون من الشيطان لبسها عليه لنقص درجته ول يعرف أنا من
الشيطان وإن ل يرج بذلك عن ولية ال تعال ،فإن ال سبحانه وتعال تاوز لذه المة عن الطأ والنسيان وما
استكرهوا عليه فقال تعال { :آمن الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله ل
نفرق بي أحد من رسله وقالوا سعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك الصي } { ل يكلف ال نفسا إل وسعها لا ما
كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ول تمل علينا إصرا كما حلته على الذين من
قبلنا ربنا ول تملنا ما ل طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحنا أنت مولنا فانصرنا على القوم الكافرين } وقد
ثبت ف الصحيحي أن ال سبحانه استجاب هذا الدعاء وقال :قد فعلت ففي صحيح مسلم عن { ابن عباس رضي
ال عنهما قال لا نزلت هذه الية { إن تبدوا ما ف أنفسكم أو تفوه ياسبكم به ال فيغفر لن يشاء ويعذب من يشاء
وال على كل شيء قدير } قال :دخل قلوبم منها شيء ل يدخلها قبل ذلك شيء أشد منه فقال النب صلى ال عليه
وسلم قولوا سعنا وأطعنا وسلمنا قال فألقى ال اليان ف قلوبم فأنزل ال تعال { ل يكلف ال نفسا إل وسعها }
إل قوله { أو أخطأنا } قال ال قد فعلت { ربنا ول تمل علينا إصرا كما حلته على الذين من قبلنا } قال :قد
فعلت { ربنا ول تملنا ما ل طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحنا أنت مولنا فانصرنا على القوم الكافرين } قال
قد فعلت .وقد قال تعال { وليس عليكم جناح فيما أخطأت به ولكن ما تعمدت قلوبكم } } .وثبت ف
الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم من حديث أب هريرة وعمرو بن العاص رضي ال عنهما مرفوعا أنه قال
{ إذا اجتهد الاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر } فلم يؤث الجتهد الخطئ ،بل جعل له أجرا على
اجتهاده وجعل خطأه مغفورا له ولكن الجتهد الصيب له أجران فهو أفضل منه ،ولذا لا كان ول ال يوز أن يغلط
ل يب على الناس اليان بميع ما يقوله من هو ول ل لئل يكون نبيا ،بل ول يوز لول ال أن يعتمد على ما يلقى
إليه ف قلبه إل أن يكون موافقا [ للشرع ] وعلى ما يقع له ما يراه إلاما ومادثة وخطابا من الق ،بل يب عليه أن
يعرض ذلك جيعه على ما جاء به ممد صلى ال عليه وسلم فإن وافقه قبله وإن خالفه ل يقبله وإن ل يعلم أموافق هو
أم مالف ؟ توقف فيه .والناس ف هذا الباب " ثلثة أصناف " طرفان ووسط ،فمنهم من إذا اعتقد ف شخص أنه
ول ل وافقه ف كل ما يظن أنه حدث به قلبه عن ربه وسلم إليه جيع ما يفعله ومنهم من إذا رآه قد قال أو فعل ما
) 19 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
ليس بوافق للشرع أخرجه عن ولية ال بالكلية وإن كان متهدا مطئا وخيار المور أوساطها وهو أن ل يعل
معصوما ول مأثوما إذا كان متهدا مطئا فل يتبع ف كل ما يقوله ول يكم عليه بالكفر والفسق مع اجتهاده .
والواجب على الناس اتباع ما بعث ال به رسوله وأما إذا خالف قول بعض الفقهاء ووافق قول آخرين ل يكن لحد
أن يلزمه بقول الخالف ويقول هذا خالف الشرع .وقد ثبت ف الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال :
{ قد كان ف المم قبلكم مدثون فإن يكن ف أمت أحد فعمر منهم } وروى الترمذي وغيه عن النب صلى ال عليه
وسلم أنه قال { :لو ل أبعث فيكم لبعث فيكم عمر } { وف حديث آخر إن ال ضرب الق على لسان عمر وقلبه
وفيه لو كان نب بعدي لكان عمر } وكان علي بن أب طالب رضي ال عنه يقول ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على
لسان عمر .ثبت هذا عنه من رواية الشعب .وقال ابن عمر :ما كان عمر يقول ف شيء :إن لراه كذا إل كان
كما يقول .وعن قيس بن طارق قال كنا نتحدث أن عمر ينطق على لسانه ملك .وكان عمر يقول اقتربوا من
أفواه الطيعي واسعوا منهم ما يقولون فإنه تتجلى لم أمور صادقة .وهذه المور الصادقة الت أخب با عمر بن
الطاب رضي ال عنه أنا تتجلى للمطيعي هي المور الت يكشفها ال عز وجل لم .فقد ثبت أن لولياء ال
ماطبات ومكاشفات ،فأفضل هؤلء ف هذه المة بعد أب بكر عمر بن الطاب رضي ال عنهما فإن خي هذه المة
بعد نبيها أبو بكر ث عمر .وقد ثبت ف الصحيح تعيي عمر بأنه مدث ف هذه المة فأي مدث وماطب فرض ف
أمة ممد صلى ال عليه وسلم فعمر أفضل منه ومع هذا فكان عمر رضي ال عنه يفعل ما هو الواجب عليه فيعرض ما
يقع له على ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم فتارة يوافقه فيكون ذلك من فضائل عمر كما نزل القرآن بوافقته
غي مرة وتارة يالفه فيجع عمر عن ذلك كما رجع يوم الديبية لا كان قد رأى ماربة الشركي والديث معروف
ف البخاري وغيه ،فإن { النب صلى ال عليه وسلم قد اعتمر سنة ست من الجرة ومعه السلمون نو ألف
وأربعمائة وهم الذين بايعوه تت الشجرة وكان قد صال الشركي بعد مراجعة جرت بينه وبينهم على أن يرجع ف
ذلك العام ويعتمر من العام القابل وشرط لم شروطا فيها نوع غضاضة على السلمي ف الظاهر فشق ذلك على كثي
من السلمي وكان ال ورسوله أعلم وأحكم با ف ذلك من الصلحة وكان عمر فيمن كره ذلك حت قال للنب صلى
ال تعال عليه وسلم :يا رسول ال ! ألسنا على الق وعدونا على الباطل ؟ قال :بلى قال :أفليس قتلنا ف النة
وقتلهم ف النار ؟ قال :بلى قال :فعلم نعطي الدنية ف ديننا ؟ ! فقال له النب صلى ال عليه وسلم إن رسول ال
وهو ناصري ولست أعصيه ث قال :أفلم تكن تدثنا أنا نأت البيت ونطوف به ؟ قال :بلى .قال :أقلت لك أنك
تأتيه العام ؟ قال :ل قال :إنك آتيه ومطوف به فذهب عمر إل أب بكر رضي ال عنهما فقال له مثل ما قال النب
صلى ال عليه وسلم ورد عليه أبو بكر مثل جواب النب صلى ال عليه وسلم } ول يكن أبو بكر يسمع جواب النب
صلى ال عليه وسلم فكان أبو بكر رضي ال عنه أكمل موافقة ل وللنب صلى ال عليه وسلم من عمر وعمر رضي
ال عنه رجع عن ذلك وقال :فعملت لذلك أعمال .وكذلك لا مات النب صلى ال عليه وسلم أنكر عمر موته أول
) 20 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
فلما قال أبو بكر :إنه مات رجع عمر عن ذلك .وكذلك ف " قتال مانعي الزكاة " قال عمر لب بكر :كيف
نقاتل الناس وقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم { :أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا أن ل إله إل ال وأن
رسول ال فإذا فعلوا ذلك عصموا من دماءهم وأموالم إل بقها } فقال له أبو بكر رضي ال عنه :أل يقل " :إل
بقها " ؟ ! فإن الزكاة من حقها وال لو منعون عناقا كانوا يؤدونا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم لقاتلتهم على
منعها .قال عمر :فوال ما هو إل أن رأيت ال قد شرح صدر أب بكر للقتال فعلمت أنه الق .ولذا نظائر تبي
تقدم أب بكر على عمر مع أن عمر رضي ال عنه مدث ،فإن مرتبة الصديق فوق مرتبة الحدث لن الصديق يتلقى
عن الرسول العصوم كل ما يقوله ويفعله والحدث يأخذ عن قلبه أشياء وقلبه ليس بعصوم فيحتاج أن يعرضه على ما
جاء به النب صلى ال عليه وسلم ،ولذا كان عمر رضي ال عنه يشاور الصحابة رضي ال عنهم ويناظرهم ويرجع
إليهم ف بعض المور وينازعونه ف أشياء فيحتج عليهم ويتجون عليه بالكتاب والسنة ويقررهم على منازعته ول
يقول لم :أنا مدث ملهم ماطب فينبغي لكم أن تقبلوا من ول تعارضون فأي أحد ادعى أو ادعى له أصحابه أنه
ول ل وأنه ماطب يب على أتباعه أن يقبلوا منه كل ما يقوله ول يعارضوه ويسلموا له حاله من غي اعتبار بالكتاب
والسنة فهو وهم مطئون ومثل هذا من أضل الناس فعمر بن الطاب رضي ال عنه أفضل منه وهو أمي الؤمني
وكان السلمون ينازعونه فيما يقوله وهو وهم على الكتاب والسنة وقد اتفق سلف المة وأئمتها على أن كل أحد
يؤخذ من قوله ويترك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم .وهذا من الفروق بي النبياء وغيهم فإن النبياء صلوات
ال عليهم وسلمه يب لم اليان بميع ما يبون به عن ال عز وجل وتب طاعتهم فيما يأمرون به ،بلف
الولياء فإنم ل تب طاعتهم ف كل ما يأمرون به ول اليان بميع ما يبون به ،بل يعرض أمرهم وخبهم على
الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة وجب قبوله وما خالف الكتاب والسنة كان مردودا وإن كان صاحبه من
أولياء ال وكان متهدا معذورا فيما قاله له أجر على اجتهاده .لكنه إذا خالف الكتاب والسنة كان مطئا وكان من
الطإ الغفور إذا كان صاحبه قد اتقى ال ما استطاع ،فإن ال تعال يقول { :فاتقوا ال ما استطعتم } وهذا تفسي
قوله تعال { :يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته } قال ابن مسعود وغيه :حق تقاته أن يطاع فل يعصى وأن
يذكر فل ينسى ،وأن يشكر فل يكفر أي بسب استطاعتكم فإن ال تعال ل يكلف نفسا إل وسعها كما قال تعال
{ :ل يكلف ال نفسا إل وسعها لا ما كسبت وعليها ما اكتسبت } وقال تعال { :والذين آمنوا وعملوا
الصالات ل نكلف نفسا إل وسعها أولئك أصحاب النة هم فيها خالدون } وقال تعال { :وأوفوا الكيل واليزان
بالقسط ل نكلف نفسا إل وسعها } .وقد ذكر ال سبحانه وتعال اليان با جاءت به النبياء ف غي موضع كقوله
تعال { :قولوا آمنا بال وما أنزل إلينا وما أنزل إل إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوت موسى
وعيسى وما أوت النبيون من ربم ل نفرق بي أحد منهم ونن له مسلمون } وقال تعال { :ال } { ذلك الكتاب
ل ريب فيه هدى للمتقي } { الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلة وما رزقناهم ينفقون } { والذين يؤمنون با
) 21 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالخرة هم يوقنون } { أولئك على هدى من ربم وأولئك هم الفلحون } وقال
تعال { :ليس الب أن تولوا وجوهكم قبل الشرق والغرب ولكن الب من آمن بال واليوم الخر واللئكة والكتاب
والنبيي وآتى الال على حبه ذوي القرب واليتامى والساكي وابن السبيل والسائلي وف الرقاب وأقام الصلة وآتى
الزكاة والوفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين ف البأساء والضراء وحي البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم
التقون } .
وهذا الذي ذكرته من أن أولياء ال يب عليهم العتصام بالكتاب والسنة وأنه ليس فيهم معصوم يسوغ له أو
لغيه اتباع ما يقع ف قلبه من غي اعتبار بالكتاب والسنة هو ما اتفق عليه أولياء ال عز وجل من خالف ف هذا فليس
من أولياء ال سبحانه الذين أمر ال باتباعهم ،بل إما أن يكون كافرا وإما أن يكون مفرطا ف الهل .وهذا كثي ف
كلم الشايخ كقول الشيخ أب سليمان الداران :إنه ليقع ف قلب النكتة من نكت القوم فل أقبلها إل بشاهدين :
الكتاب والسنة .
وقال أبو القاسم النيد رحة ال عليه :علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة فمن ل يقرأ القرآن ويكتب الديث
ل يصلح له أن يتكلم ف علمنا أو قال :ل يقتدى به .وقال أبو عثمان النيسابوري من أمر السنة على نفسه قول
وفعل نطق بالكمة ومن أمر الوى على نفسه قول وفعل نطق بالبدعة ،لن ال تعال يقول ف كلمه القدي { وإن
تطيعوه تتدوا } وقال أبو عمرو بن نيد :كل وجد ل يشهد له الكتاب والسنة فهو باطل .وكثي من الناس يغلط
ف هذا الوضع فيظن ف شخص أنه ول ل ويظن أن ول ال يقبل منه كل ما يقوله ويسلم إليه كل ما يقوله ويسلم
إليه كل ما يفعله وإن خالف الكتاب والسنة فيوافق ذلك الشخص له ويالف ما بعث ال به رسوله الذي فرض ال
على جيع اللق تصديقه فيما أخب وطاعته فيما أمر وجعله الفارق بي أوليائه وأعدائه وبي أهل النة وأهل النار وبي
السعداء والشقياء فمن اتبعه كان من أولياء ال التقي وجنده الفلحي وعباده الصالي ،ومن ل يتبعه كان من
أعداء ال الاسرين الجرمي فتجره مالفة الرسول وموافقة ذلك الشخص أول إل البدعة والضلل وآخرا إل الكفر
والنفاق ويكون له نصيب من قوله تعال { :ويوم يعض الظال على يديه يقول يا ليتن اتذت مع الرسول سبيل } {
يا ويلت ليتن ل أتذ فلنا خليل } { لقد أضلن عن الذكر بعد إذ جاءن وكان الشيطان للنسان خذول } وقوله
تعال { :يوم تقلب وجوههم ف النار يقولون يا ليتنا أطعنا ال وأطعنا الرسول } { وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا
وكباءنا فأضلونا السبيل } { ربنا آتم ضعفي من العذاب والعنهم لعنا كبيا } وقوله تعال { :ومن الناس من
يتخذ من دون ال أندادا يبونم كحب ال والذين آمنوا أشد حبا ل ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة
ل جيعا وأن ال شديد العذاب } { إذ تبأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بم السباب }
{ وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبأ منهم كما تبءوا منا كذلك يريهم ال أعمالم حسرات عليهم وما هم
بارجي من النار } .
) 22 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
وهؤلء مشابون للنصارى الذين قال ال تعال فيهم { :اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال والسيح
ابن مري وما أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون } وف السند وصححه الترمذي عن
عدي بن حات ف تفسيه هذه الية { لا سأل النب صلى ال عليه وسلم عنها فقال :ما عبدوهم :فقال النب صلى
ال عليه وسلم أحلوا لم الرام وحرموا عليهم اللل فأطاعوهم وكانت هذه عبادتم إياهم } ولذا قيل ف مثل
هؤلء إنا حرموا الوصول بتضييع الصول فإن أصل الصول تقيق اليان با جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم فل
بد من اليان بال ورسوله وبا جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم فل بد من اليان بأن ممدا رسول ال صلى ال
عليه وسلم إل جيع اللق إنسهم وجنهم وعربم وعجمهم علمائهم وعبادهم ملوكهم وسوقتهم وأنه ل طريق إل ال
عز وجل لحد من اللق إل بتابعته باطنا وظاهرا حت لو أدركه موسى وعيسى وغيها من النبياء لوجب عليهم
اتباعه كما قال تعال { :وإذ أخذ ال ميثاق النبيي لا آتيتكم من كتاب وحكمة ث جاءكم رسول مصدق لا معكم
لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررت وأخذت على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين }
{ فمن تول بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } .قال ابن عباس رضي ال عنهما :ما بعث ال نبيا إل أخذ عليه
اليثاق لئن بعث ممد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره أن يأخذ على أمته اليثاق لئن بعث ممد وهم أحياء ليؤمنن
به ولينصرنه وقد قال تعال { :أل تر إل الذين يزعمون أنم آمنوا با أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن
يتحاكموا إل الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلل بعيدا } { وإذا قيل لم تعالوا إل
ما أنزل ال وإل الرسول رأيت النافقي يصدون عنك صدودا } { فكيف إذا أصابتهم مصيبة با قدمت أيديهم ث
جاءوك يلفون بال إن أردنا إل إحسانا وتوفيقا } { أولئك الذين يعلم ال ما ف قلوبم فأعرض عنهم وعظهم وقل
لم ف أنفسهم قول بليغا } { وما أرسلنا من رسول إل ليطاع بإذن ال ولو أنم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا
ال واستغفر لم الرسول لوجدوا ال توابا رحيما } { فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل
يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما } .وكل من خالف شيئا ما جاء به الرسول مقلدا ف ذلك لن
يظن أنه ول ال فإنه بن أمره على أنه ول ل ،وأن ول ال ل يالف ف شيء ولو كان هذا الرجل من أكب أولياء ال
كأكابر الصحابة والتابعي لم بإحسان ل يقبل منه ما خالف الكتاب والسنة ،فكيف إذا ل يكن كذلك ؟ ! وتد
كثيا من هؤلء عمدتم ف اعتقاد كونه وليا ل أنه قد صدر عنه مكاشفة ف بعض المور أو بعض التصرفات الارقة
للعادة مثل أن يشي إل شخص فيموت ،أو يطي ف الواء إل مكة أو غيها أو يشي على الاء أحيانا ،أو يل إبريقا
من الواء ،أو ينفق بعض الوقات من الغيب أو أن يتفي أحيانا عن أعي الناس ،أو أن بعض الناس استغاث به وهو
غائب أو ميت فرآه قد جاءه فقضى حاجته ،أو يب الناس با سرق لم ،أو بال غائب لم أو مريض أو نو ذلك
من المور ،وليس ف شيء من هذه المور ما يدل على أن صاحبها ول ل ،بل قد اتفق أولياء ال على أن الرجل لو
طار ف الواء أو مشى على الاء ل يغتر به حت ينظر متابعته لرسول ال صلى ال عليه وسلم وموافقته لمره ونيه .
) 23 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
وكرامات أولياء ال تعال أعظم من هذه المور ،وهذه المور الارقة للعادة وإن كان قد يكون صاحبها وليا ل فقد
يكون عدوا ل ،فإن هذه الوارق تكون لكثي من الكفار والشركي وأهل الكتاب والنافقي وتكون لهل البدع
وتكون من الشياطي فل يوز أن يظن أن كل من كان له شيء من هذه المور أنه ول ل ،بل يعتب أولياء ال
بصفاتم وأفعالم وأحوالم الت دل عليها الكتاب والسنة ويعرفون بنور اليان والقرآن وبقائق اليان الباطنة وشرائع
السلم الظاهرة .
مثال ذلك أن هذه المور الذكورة وأمثالا قد توجد ف أشخاص ويكون أحدهم ل يتوضأ ،ول يصلي
الصلوات الكتوبة ،بل يكون ملبسا للنجاسات معاشرا للكلب ،يأوي إل المامات والقمامي والقابر والزابل ،
رائحته خبيثة ل يتطهر الطهارة الشرعية ،ول يتنظف ،وقد قال النب صلى ال عليه وسلم { :ل تدخل اللئكة بيتا
فيه جنب ول كلب } وقال عن هذه الخلية { :إن هذه الشوش متضرة } أي يضرها الشيطان وقال { :من
أكل من هاتي الشجرتي البيثتي فل يقربن مسجدنا ،فإن اللئكة تتأذى ما يتأذى منه بنو آدم } .وقال { إن ال
طيب ل يقبل إل طيبا } وقال { :إن ال نظيف يب النظافة } وقال { :خس من الفواسق يقتلن ف الل والرم :
الية والفأرة والغراب والدأة والكلب العقور } وف رواية { الية والعقرب } .وأمر صلوات ال وسلمه عليه بقتل
الكلب وقال { :من اقتن كلبا ل يغن عنه زرعا ول ضرعا نقص من عمله كل يوم قياط } وقال { :ل تصحب
اللئكة رفقة معهم كلب } وقال { :إذا ولغ الكلب ف إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب } .وقال
تعال { :ورحت وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون } { الذين
يتبعون الرسول النب المي الذي يدونه مكتوبا عندهم ف التوراة والنيل يأمرهم بالعروف وينهاهم عن النكر ويل
لم الطيبات ويرم عليهم البائث ويضع عنهم إصرهم والغلل الت كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه
واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم الفلحون } .فإذا كان الشخص مباشرا للنجاسات والبائث الت يبها
الشيطان أو يأوي إل المامات والشوش الت تضرها الشياطي أو يأكل اليات والعقارب والزنابي ،وآذان
الكلب الت هي خبائث وفواسق أو يشرب البول ونوه من النجاسات الت يبها الشيطان أو يدعو غي ال فيستغيث
بالخلوقات ويتوجه إليها أو يسجد إل ناحية شيخه ول يلص الدين لرب العالي أو يلبس الكلب أو النيان أو
يأوي إل الزابل والواضع النجسة أو يأوي إل القابر ،ول سيما إل مقابر الكفار من اليهود والنصارى أو الشركي
أو يكره ساع القرآن وينفر عنه ويقدم عليه ساع الغان والشعار ويؤثر ساع مزامي الشيطان على ساع كلم
الرحن فهذه علمات أولياء الشيطان ل علمات أولياء الرحن .قال ابن مسعود رضي ال عنه :ل يسأل أحدكم عن
نفسه إل القرآن فإن كان يب القرآن فهو يب ال وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض ال ورسوله وقال عثمان بن
عفان رضي ال عنه لو طهرت قلوبنا لا شبعت من كلم ال عز وجل ،وقال ابن مسعود :الذكر ينبت اليان ف
القلب كما ينبت الاء البقل والغناء ينبت النفاق ف القلب كما ينبت الاء البقل .
) 24 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
وإن كان الرجل خبيا بقائق اليان الباطنة فارقا بي الحوال الرحانية والحوال الشيطانية فيكون قد قذف
ال ف قلبه من نوره كما قال تعال { :يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وآمنوا برسوله يؤتكم كفلي من رحته ويعل
لكم نورا تشون به ويغفر لكم } وقال تعال { :وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ول
اليان ولكن جعلناه نورا ندي به من نشاء من عبادنا } فهذا من الؤمني الذين جاء فيهم الديث الذي رواه
الترمذي عن أب سعيد الدري عن النب صلى ال عليه وسلم قال { :اتقوا فراسة الؤمن ،فإنه ينظر بنور ال } قال
الترمذي حديث حسن .وقد تقدم الديث الصحيح الذي ف البخاري وغيه قال فيه { :ل يزال عبدي يتقرب إل
بالنوافل حت أحبه فإذا أحببته كنت سعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده الت يبطش با ورجله الت يشي
با فب يسمع وب يبصر وب يبطش وب يشي ولئن سألن لعطينه ولئن استعاذن لعيذنه وما ترددت ف شيء أنا
فاعله ترددي ف قبض نفس عبدي الؤمن يكره الوت وأكره مساءته ول بد له منه } .
فإذا كان العبد من هؤلء فرق بي حال أولياء الرحن وأولياء الشيطان كما يفرق الصيف بي الدرهم اليد
والدرهم الزيف وكما يفرق من يعرف اليل بي الفرس اليد والفرس الرديء وكما يفرق من يعرف الفروسية بي
الشجاع والبان وكما أنه يب الفرق بي النب الصادق وبي التنبئ الكذاب فيفرق بي ممد الصادق المي رسول
رب العالي وموسى والسيح وغيهم وبي مسيلمة الكذاب ،والسود العنسي وطليحة السدي والارث الدمشقي ،
وباباه الرومي ،وغيهم من الكذابي ،وكذلك يفرق بي أولياء ال التقي وأولياء الشيطان الضالي .
فصل
و " القيقة " حقيقة الدين :دين رب العالي .هي ما اتفق عليها النبياء والرسلون ،وإن كان لكل منهم
شرعة ومنهاج .ف " الشرعة " هي الشريعة قال ال تعال { :لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } وقال تعال :
{ ث جعلناك على شريعة من المر فاتبعها ول تتبع أهواء الذين ل يعلمون إنم لن يغنوا عنك من ال شيئا وإن الظالي
بعضهم أولياء بعض وال ول التقي } .و " النهاج " هو الطريق قال تعال { :وألو استقاموا على الطريقة
لسقيناهم ماء غدقا } { لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا } .فالشرعة بنلة الشريعة للنهر
والنهاج هو الطريق الذي سلك فيه والغاية القصودة هي حقيقة الدين وهي عبادة ال وحده ل شريك له وهي حقيقة
دين السلم وهو أن يستسلم العبد ل رب العالي ل يستسلم لغيه فمن استسلم له ولغيه كان مشركا وال ل يغفر
أن يشرك به ومن ل يستسلم ل بل استكب عن عبادته كان من قال ال فيه { :إن الذين يستكبون عن عبادت
سيدخلون جهنم داخرين } .
ودين السلم هو دين الولي والخرين من النبيي والرسلي وقوله تعال { :ومن يبتغ غي السلم دينا فلن
يقبل منه } عام ف كل زمان ومكان .فنوح وإبراهيم ويعقوب والسباط وموسى وعيسى والواريون كلهم دينهم
) 25 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
السلم الذي هو عبادة ال وحده ل شريك له قال ال تعال عن نوح { :يا قوم إن كان كب عليكم مقامي
وتذكيي بآيات ال فعلى ال توكلت فأجعوا أمركم } إل قوله { :وأمرت أن أكون من السلمي } وقال تعال :
{ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إل من سفه نفسه ولقد اصطفيناه ف الدنيا وإنه ف الخرة لن الصالي } { إذ قال له
ربه أسلم قال أسلمت لرب العالي } { ووصى با إبراهيم بنيه ويعقوب يا بن إن ال اصطفى لكم الدين فل توتن
إل وأنتم مسلمون } وقال تعال { :وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بال فعليه توكلوا إن كنتم مسلمي } وقال
السحرة { :ربنا أفرغ علينا صبا وتوفنا مسلمي } وقال يوسف عليه السلم { :توفن مسلما وألقن بالصالي }
وقالت بلقيس { :أسلمت مع سليمان ل رب العالي } وقال تعال { :يكم با النبيون الذين أسلموا للذين هادوا
والربانيون والحبار } وقال الواريون { آمنا بال واشهد بأنا مسلمون } .فدين النبياء واحد وإن تنوعت شرائعهم
كما ف الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم قال " { إنا معشر النبياء ديننا واحد } قال تعال { :شرع لكم
من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ول تتفرقوا فيه
كب على الشركي ما تدعوهم إليه } وقال تعال { :يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالا إن با تعملون
عليم } { وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } { فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب با لديهم
فرحون }
فصل
وقد اتفق سلف المة وأئمتها وسائر أولياء ال تعال على أن النبياء أفضل من الولياء الذين ليسوا بأنبياء وقد
رتب ال عباده السعداء النعم عليهم " أربع مراتب " فقال تعال { :ومن يطع ال والرسول فأولئك مع الذين أنعم
ال عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي وحسن أولئك رفيقا } .وف الديث { " :ما طلعت الشمس
ول غربت على أحد بعد النبيي والرسلي أفضل من أب بكر } وأفضل المم أمة ممد صلى ال عليه وسلم .قال
تعال { :كنتم خي أمة أخرجت للناس } وقال تعال { :ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } وقال النب
صلى ال عليه وسلم ف الديث الذي ف السند " { أنتم توفون سبعي أمة أنتم خيها وأكرمها على ال } وأفضل
أمة ممد صلى ال عليه وسلم القرن الول .وقد ثبت عن النب صلى ال عليه وسلم من غي وجه أنه قال { " :خي
القرون القرن الذي بعثت فيه ث الذين يلونم ث الذين يلونم } وهذا ثابت ف الصحيحي من غي وجه .وف
الصحيحي أيضا عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال { " :ل تسبوا أصحاب فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل
أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ول نصيفه } .
والسابقون الولون من الهاجرين والنصار أفضل من سائر الصحابة قال تعال { :ل يستوي منكم من أنفق
من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكل وعد ال السن } وقال تعال :
) 26 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
{ والسابقون الولون من الهاجرين والنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي ال عنهم ورضوا عنه } والسابقون
الولون الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا والراد بالفتح صلح الديبية فإنه كان أول فتح مكة وفيه { أنزل ال تعال
{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا } { ليغفر لك ال ما تقدم من ذنبك وما تأخر } فقالوا يا رسول ال ! أوفتح هو ؟ ! قال
:نعم } .
وأفضل السابقي الولي " اللفاء الربعة " وأفضلهم أبو بكر ث عمر وهذا هو العروف عن الصحابة والتابعي
لم بإحسان وأئمة المة وجاهيها وقد دلت على ذلك دلئل بسطناها ف " منهاج أهل السنة النبوية ف نقض كلم
أهل الشيعة والقدرية " .وبالملة اتفقت طوائف السنة والشيعة على أن أفضل هذه المة بعد نبيها واحد من اللفاء
ول يكون من بعد الصحابة أفضل من الصحابة وأفضل أولياء ال تعال أعظمهم معرفة با جاء به الرسول صلى ال
تعال عليه وسلم واتباعا له كالصحابة الذين هم أكمل المة ف معرفة دينه واتباعه وأبو بكر الصديق أكمل معرفة با
جاء به وعمل به فهو أفضل أولياء ال إذ كانت أمة ممد صلى ال عليه وسلم أفضل المم وأفضلها أصحاب ممد
صلى ال عليه وسلم وأفضلهم أبو بكر .
وقد ظن طائفة غالطة أن " خات الولياء " أفضل الولياء قياسا على خات النبياء ول يتكلم أحد من الشايخ
التقدمي بات الولياء إل ممد بن علي الكيم الترمذي فإنه صنف مصنفا غلط فيه ف مواضع ث صار طائفة من
التأخرين يزعم كل واحد منهم أنه خات الولياء ومنهم من يدعي أن خات الولياء أفضل من خات النبياء من جهة
العلم بال وأن النبياء يستفيدون العلم بال من جهته كما يزعم ذلك ابن عرب صاحب " كتاب الفتوحات الكية " و
" كتاب الفصوص " فخالف الشرع والعقل مع مالفة جيع أنبياء ال تعال وأوليائه كما يقال لن قال :فخر عليهم
السقف من تتهم ل عقل ول قرآن .ذلك أن النبياء أفضل ف الزمان من أولياء هذه المة والنبياء عليهم أفضل
الصلة والسلم أفضل من الولياء فكيف النبياء كلهم ؟ والولياء إنا يستفيدون معرفة ال من يأت بعدهم ويدعي أنه
خات الولياء ؟ ! وليس آخر الولياء أفضلهم كما أن آخر النبياء أفضلهم ،فإن فضل ممد صلى ال عليه وسلم ثبت
بالنصوص الدالة على ذلك كقوله صلى ال عليه وسلم { " :أنا سيد ولد آدم ول فخر } .وقوله { " :آت باب
النة فأستفتح فيقول الازن :من أنت ؟ فأقول ممد فيقول بك أمرت أن ل أفتح لحد قبلك } و " ليلة العراج "
رفع ال درجته فوق النبياء كلهم فكان أحقهم بقوله تعال { :تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم
ال ورفع بعضهم درجات } إل غي ذلك من الدلئل كل منهم يأتيه الوحي من ال ل سيما ممد صلى ال عليه
وسلم ل يكن ف نبوته متاجا إل غيه فلم تتج شريعته إل سابق ول إل لحق ،بلف السيح أحالم ف أكثر
الشريعة على التوراة وجاء السيح فكملها ،ولذا كان النصارى متاجي إل النبوات التقدمة على السيح :كالتوراة
والزبور وتام الربع وعشرين نبوة وكان المم قبلنا متاجي إل مدثي ،بلف أمة ممد صلى ال عليه وسلم فإن
ال أغناهم به فلم يتاجوا معه إل نب ول إل مدث ،بل جع له من الفضائل والعارف والعمال الصالة ما فرقه ف
) 27 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
غيه من النبياء ،فكان ما فضله ال به من ال با أنزله إليه وأرسله إليه ل بتوسط بشر .وهذا بلف " الولياء " فإن
كل من بلغه رسالة ممد صلى ال عليه وسلم ل يكون وليا ل إل باتباع ممد صلى ال عليه وسلم وكل ما حصل له
من الدى ودين الق هو بتوسط ممد صلى ال عليه وسلم وكذلك من بلغه رسالة رسول إليه ل يكون وليا ل إل
إذا اتبع ذلك الرسول الذي أرسل إليه .
ومن ادعى أن من الولياء الذين بلغتهم رسالة ممد صلى ال عليه وسلم من له طريق إل ال ل يتاج فيه إل
ممد فهذا كافر ملحد وإذا قال :أنا متاج إل ممد ف علم الظاهر دون علم الباطن أو ف علم الشريعة دون علم
القيقة ،فهو شر من اليهود والنصارى الذين قالوا :إن ممدا رسول إل الميي دون أهل الكتاب .فإن أولئك آمنوا
ببعض وكفروا ببعض فكانوا كفارا بذلك وكذلك هذا الذي يقول إن ممدا بعث بعلم الظاهر دون علم الباطن آمن
ببعض ما جاء به وكفر ببعض فهو كافر وهو أكفر من أولئك ،لن علم الباطن الذي هو علم إيان القلوب ومعارفها
وأحوالا هو علم بقائق اليان الباطنة وهذا أشرف من العلم بجرد أعمال السلم الظاهرة .فإذا ادعى الدعي أن
ممدا صلى ال عليه وسلم إنا علم هذه المور الظاهرة دون حقائق اليان ،وأنه ل يأخذ هذه القائق عن الكتاب
والسنة فقد ادعى أن بعض الذي آمن به ما جاء به الرسول دون البعض الخر وهذا شر من يقول :أؤمن ببعض
وأكفر ببعض ول يدعي أن هذا البعض الذي آمن به أدن القسمي .وهؤلء اللحدة يدعون أن " الولية " أفضل من
" النبوة " ويلبسون على الناس فيقولون :وليته أفضل من نبوته وينشدون :مقام النبوة ف برزخ فويق الرسول ودون
الول ويقولون نن شاركناه ف وليته الت هي أعظم من رسالته وهذا من أعظم ضللم فإن ولية ممد ل ياثله فيها
أحد ل إبراهيم ول موسى فضل عن أن ياثله هؤلء اللحدون .وكل رسول نب ول فالرسول نب ول .ورسالته
متضمنة لنبوته ونبوته متضمنة لوليته وإذا قدروا مرد إنباء ال إياه بدون وليته ل فهذا تقدير متنع فإنه حال إنبائه إياه
متنع أن يكون إل وليا ل ول تكون مردة عن وليته ولو قدرت مردة ل يكن أحد ماثل للرسول ف وليته .
وهؤلء قد يقولون -كما يقول صاحب " الفصوص " ابن عرب : -إنم يأخذون من العدن الذي يأخذ منه اللك
الذي يوحى به إل الرسول ،وذلك أنم اعتقدوا " عقيدة التفلسفة " ث أخرجوها ف قالب " الكاشفة " وذلك أن
التفلسفة الذين قالوا إن الفلك قدية أزلية لا علة تتشبه با كما يقوله أرسطو وأتباعه ،أو لا موجب بذاته كما
يقوله متأخروهم :كابن سينا وأمثاله ول يقولون إنا لرب خلق السموات والرض وما بينهما ف ستة أيام ول خلق
الشياء بشيئته وقدرته ول يعلم الزئيات ،بل إما أن ينكروا علمه مطلقا كقول أرسطو ،أو يقولوا إنا يعلم ف
المور التغية كلياتا كما يقوله ابن سينا وحقيقة هذا القول إنكار علمه با ،فإن كل موجود ف الارج فهو معي
جزئي :الفلك كل معي منها جزئي وكذلك جيع العيان وصفاتا وأفعالا فمن ل يعلم إل الكليات ل يعلم شيئا
من الوجودات والكليات إنا توجد كليات ف الذهان ل ف العيان .
) 28 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
والكلم على هؤلء مبسوط ف موضع آخر ف " رد تعارض العقل والنقل " وغيه .فإن كفر هؤلء أعظم من
كفر اليهود والنصارى بل ومشركي العرب فإن جيع هؤلء يقولون إن ال خلق السموات والرض وإنه خلق
الخلوقات بشيئته وقدرته وأرسطو ونوه من التفلسفة واليونان كانوا يعبدون الكواكب والصنام وهم ل يعرفون
اللئكة والنبياء وليس ف كتب أرسطو ذكر شيء من ذلك وإنا غالب علوم القوم المور الطبيعية وأما المور اللية
فكل منهم فيها قليل الصواب كثي الطأ واليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل أعلم بالليات منهم بكثي ،ولكن
متأخروهم كابن سينا أرادوا أن يلفقوا بي كلم أولئك وبي ما جاءت به الرسل ،فأخذوا أشياء من أصول الهمية
والعتزلة وركبوا مذهبا قد يعتزي إليه متفلسفة أهل اللل ،وفيه من الفساد والتناقض ما قد نبهنا على بعضه ف غي
هذا الوضع .وهؤلء لا رأوا أمر الرسل كموسى وعيسى وممد صلى ال عليه وسلم قد بر العال واعترفوا بأن
الناموس الذي بعث به ممد صلى ال عليه وسلم أعظم ناموس طرق العال ووجدوا النبياء قد ذكروا اللئكة والن
أرادوا أن يمعوا بي ذلك وبي أقوال سلفهم اليونان الذين هم أبعد اللق عن معرفة ال وملئكته وكتبه ورسله
واليوم الخر وأولئك قد أثبتوا عقول عشرة يسمونا " الجردات " " والفارقات " .وأصل ذلك مأخوذ من مفارقة
النفس للبدن وسوا تلك " الفارقات " لفارقتها الادة وتردها عنها .وأثبتوا الفلك لكل فلك نفسا وأكثرهم جعلوها
أعراضا وبعضهم جعلها جواهر .وهذه " الجردات " الت أثبتوها ترجع عند التحقيق إل أمور موجودة ف الذهان ل
ف العيان كما أثبت أصحاب أفلطون " المثال الفلطونية الجردة " أثبتوا هيول مردة عن الصورة ومدة وخلء
مردين وقد اعترف حذاقهم بأن ذلك إنا يتحقق ف الذهان ل ف العيان ،فلما أراد هؤلء التأخرون منهم كابن
سينا أن يثبت أمر النبوات على أصولم الفاسدة وزعموا أن النبوة لا خصائص ثلثة من اتصف با فهو نب ( .الول
:أن تكون له قوة علمية يسمونا القوة القدسية ينال با من العلم بل تعلم ( .الثان :أن يكون له قوة تيلية تيل له
ما يعقل ف نفسه بيث يرى ف نفسه صورا أو يسمع ف نفسه أصواتا كما يراه النائم ويسمعه ول يكون لا وجود ف
الارج وزعموا أن تلك الصور هي ملئكة ال وتلك الصوات هي كلم ال تعال ( .الثالث :أن يكون له قوة فعالة
يؤثر با ف هيول العال وجعلوا معجزات النبياء وكرامات الولياء وخوارق السحرة هي قوى النفس فأقروا من ذلك
با يوافق أصولم من قلب العصا حية دون انشقاق القمر ونو ذلك ،فإنم ينكرون وجود هذا .وقد بسطنا الكلم
على هؤلء ف مواضع .وبينا أن كلمهم هذا أفسد الكلم وأن هذا الذي جعلوه من الصائص يصل ما هو أعظم
منه لحاد العامة ولتباع النبياء وأن اللئكة الت أخبت با الرسل أحياء ناطقون أعظم ملوقات ال وهم كثيون
كما قال تعال { :وما يعلم جنود ربك إل هو } وليسوا عشرة وليسوا أعراضا ل سيما وهؤلء يزعمون أن الصادر
الول هو " العقل الول " وعنه صدر كل ما دونه و " العقل الفعال العاشر " رب كل ما تت فلك القمر .
وهذا كله يعلم فساده بالضطرار من دين الرسل فليس أحد من اللئكة مبدع لكل ما سوى ال .وهؤلء
يزعمون أنه العقل الذكور ف حديث يروى " { أن أول ما خلق ال العقل فقال له أقبل فأقبل فقال له :أدبر فأدبر
) 29 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
فقال وعزت ما خلقت خلقا أكرم علي منك فبك آخذ وبك أعطي ولك الثواب وعليك العقاب } " .ويسمونه أيضا
" القلم " لا روي " { إن أول ما خلق ال القلم } " الديث رواه الترمذي .والديث الذي ذكروه ف العقل كذب
موضوع عند أهل العرفة بالديث كما ذكر ذلك أبو حات البست والدارقطن وابن الوزي وغيهم .وليس ف شيء
من دواوين الديث الت يعتمد عليها ومع هذا فلفظه لو كان ثابتا حجة عليهم ،فإن لفظه " { أول ما خلق ال تعال
العقل قال له -ويروى -لا خلق ال العقل قال له } " فمعن الديث أنه خاطبه ف أول أوقات خلقه ،ليس معناه
أنه أول الخلوقات و " أول " منصوب على الظرف كما ف اللفظ الخر ( لا وتام الديث " { ما خلقت خلقا أكرم
علي منك } " فهذا يقتضي أنه خلق قبله غيه ث قال " { فبك آخذ وبك أعطي ولك الثواب وعليك العقاب } "
فذكر أربعة أنواع من العراض وعندهم أن جيع جواهر العال العلوي والسفلي صدر عن ذلك العقل .فأين هذا من
هذا ؟ ! .وسبب غلطهم أن لفظ " العقل " ف لغة السلمي ليس هو لفظ العقل ف لغة هؤلء اليونان فإن " العقل "
ف لغة السلمي مصدر عقل يعقل عقل كما ف القرآن { وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا ف أصحاب السعي }
{ إن ف ذلك ليات لقوم يعقلون } { أفلم يسيوا ف الرض فتكون لم قلوب يعقلون با أو آذان يسمعون با }
ويراد " بالعقل " الغريزة الت جعلها ال تعال ف النسان يعقل با .وأما أولئك ف " العقل " عندهم جوهر قائم
بنفسه كالعاقل وليس هذا مطابقا للغة الرسل والقرآن .وعال اللق عندهم كما يذكره أبو حامد عال الجسام العقل
والنفوس فيسميها عال المر وقد يسمى " العقل " عال البوت " والنفوس " عال اللكوت ،و " الجسام " عال
اللك ويظن من ل يعرف لغة الرسل ول يعرف معن الكتاب والسنة أن ما ف الكتاب والسنة من ذكر اللك واللكوت
والبوت موافق لذا وليس المر كذلك .وهؤلء يلبسون على السلمي تلبيسا كثيا كإطلقهم أن " الفلك " مدث
:أي معلول مع إنه قدي عندهم والحدث ل يكون إل مسبوقا بالعدم ليس ف لغة العرب ول ف لغة أحد أنه يسمى
القدي الزل مدثا وال قد أخب أنه خالق كل شيء وكل ملوق فهو مدث وكل مدث كائن بعد أن ل يكن ،لكن
ناظرهم أهل الكلم من الهمية والعتزلة مناظرة قاصرة ل يعرفوا با ما أخبت به الرسل ول أحكموا فيها قضايا
العقول فل للسلم نصروا ول للعداء كسروا وشاركوا أولئك ف بعض قضاياهم الفاسدة ونازعوهم ف بعض
العقولت الصحيحة فصار قصور هؤلء ف العلوم السمعية والعقلية من أسباب قوة ضلل أولئك كما قد بسط ف غي
هذا الوضع .وهؤلء التفلسفة قد يعلون " جبيل " هو اليال الذي يتشكل ف نفس النب صلى ال عليه وسلم
واليال تابع للعقل فجاء اللحدة الذين شاركوا هؤلء اللحدة التفلسفة وزعموا أنم " أولياء ال " وأن أولياء ال
أفضل من أنبياء ال وأنم يأخذون عن ال بل واسطة كابن عرب صاحب " الفتوحات " و " الفصوص " فقال :إنه
يأخذ من العدن الذي أخذ منه اللك الذي يوحي به إل الرسول و " العدن " عنده هو العقل و " اللك " هو اليال
و " اليال " تابع للعقل وهو بزعمه يأخذ عن الذي هو أصل اليال والرسول يأخذ عن اليال ،فلهذا صار عند نفسه
فوق النب ولو كان خاصة النب ما ذكروه ل يكن هو من جنسه فضل عن أن يكون فوقه فكيف وما ذكروه يصل
) 30 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
لحاد الؤمني ؟ ! والنبوة أمر وراء ذلك فإن ابن عرب وأمثاله وإن ادعوا أنم من الصوفية فهم من صوفية اللحدة
الفلسفة ليسوا من صوفية أهل العلم فضل عن أن يكونوا من مشايخ أهل الكتاب والسنة :كالفضيل بن عياض
وإبراهيم بن أدهم وأب سليمان الداران ومعروف الكرخي والنيد بن ممد وسهل بن عبد ال التستري وأمثالم -
رضوان ال عليهم أجعي .وال سبحانه وتعال قد وصف اللئكة ف كتابه بصفات تباين قول هؤلء كقوله تعال :
{ وقالوا اتذ الرحن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون } { ل يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون } { يعلم ما بي
أيديهم وما خلفهم ول يشفعون إل لن ارتضى وهم من خشيته مشفقون } { ومن يقل منهم إن إله من دونه فذلك
نزيه جهنم كذلك نزي الظالي } وقال تعال { :وكم من ملك ف السموات ل تغن شفاعتهم شيئا إل من بعد أن
يأذن ال لن يشاء ويرضى } وقال تعال { :قل ادعوا الذين زعمتم من دون ال ل يلكون مثقال ذرة ف السموات
ول ف الرض وما لم فيهما من شرك وما له منهم من ظهي } { ول تنفع الشفاعة عنده إل لن أذن له } وقال تعال
{ :وله من ف السموات والرض ومن عنده ل يستكبون عن عبادته ول يستحسرون } { يسبحون الليل والنهار ل
يفترون } .
وقد أخب أن اللئكة جاءت لبراهيم عليه السلم ف صورة البشر وأن اللك تثل لري بشرا سويا وكان جبيل
عليه السلم يأت النب صلى ال عليه وسلم ف صورة دحية الكلب وف صورة أعراب ويراهم الناس كذلك .وقد
وصف ال تعال جبيل عليه السلم بأنه ذو قوة عند ذي ذي العرش مكي ،مطاع ث أمي وأن ممدا صلى ال عليه
وسلم رآه بالفق البي ووصفه بأنه { شديد القوى } { ذو مرة فاستوى } { وهو بالفق العلى } { ث دنا
فتدل } { فكان قاب قوسي أو أدن } { فأوحى إل عبده ما أوحى } { ما كذب الفؤاد ما رأى } { أفتمارونه
على ما يرى } { ولقد رآه نزلة أخرى } { عند سدرة النتهى } { عندها جنة الأوى } { إذ يغشى السدرة ما
يغشى } { ما زاغ البصر وما طغى } { لقد رأى من آيات ربه الكبى } .وقد ثبت ف الصحيحي عن عائشة
رضي ال عنها عن النب صلى ال عليه وسلم " { إنه ل ير جبيل ف صورته الت خلق عليها غي مرتي } " يعن الرة
الول بالفق العلى والنلة الخرى عند سدرة النتهى ووصف جبيل عليه السلم ف موضع آخر بأنه الروح المي
وأنه روح القدس إل غي ذلك من الصفات الت تبي أنه من أعظم ملوقات ال تعال الحياء العقلء وأنه جوهر قائم
بنفسه ليس خيال ف نفس النب كما زعم هؤلء اللحدة التفلسفة والدعون ولية ال وأنم أعلم من النبياء .وغاية
حقيقة هؤلء إنكار " أصول اليان " بأن يؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وحقيقة أمرهم جحد الالق
فإنم جعلوا وجود الخلوق هو وجود الالق وقالوا :الوجود واحد ول ييزوا بي الواحد بالعي والواحد بالنوع فإن
الوجودات تشترك ف مسمى الوجود كما تشترك الناسي ف مسمى النسان واليوانات ف مسمى اليوان ولكن
هذا الشترك الكلي ل يكون مشتركا كليا إل ف الذهن وإل فاليوانية القائمة بذا النسان ليست هي اليوانية القائمة
بالفرس ووجود السموات ليس هو بعينه وجود النسان فوجود الالق جل جلله ليس هو كوجود ملوقاته .وحقيقة
) 31 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
قولم قول فرعون الذي عطل الصانع فإنه ل يكن منكرا هذا الوجود الشهود ،لكن زعم أنه موجود بنفسه ل صانع
له وهؤلء وافقوه ف ذلك ،لكن زعموا بأنه هو ال فكانوا أضل منه وإن كان قوله هذا هو أظهر فسادا منهم ولذا
جعلوا عباد الصنام ما عبدوا إل ال وقالوا " :لا كان فرعون ف منصب التحكم صاحب السيف وإن جار ف العرف
الناموسي كذلك قال أنا ربكم العلى -أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا العلى منكم با أعطيته ف الظاهر من
الكم فيكم " .قالوا " :ولا علمت السحرة صدق فرعون فيما قاله أقروا له بذلك وقالوا { :اقض ما أنت قاض إنا
تقضي هذه الياة الدنيا } قالوا :فصح قول فرعون { أنا ربكم العلى } وكان فرعون عي الق " ث أنكروا حقيقة
اليوم الخر فجعلوا أهل النار يتنعمون كما يتنعم أهل النة فصاروا كافرين بال واليوم الخر وبلئكته وكتبه ورسله
مع دعواهم أنم خلصة خاصة الاصة من أهل ولية ال وأنم أفضل من النبياء وأن النبياء إنا يعرفون ال من
مشكاتم .وليس هذا موضع بسط إلاد هؤلء ،ولكن لا كان الكلم ف " أولياء ال " والفرق بي " أولياء الرحن
وأولياء الشيطان " وكان هؤلء من أعظم الناس ادعاء لولية ال وهم من أعظم الناس ولية للشيطان نبهنا على ذلك
.ولذا عامة كلمهم إنا هو ف الالت الشيطانية ويقولون ما قاله صاحب الفتوحات ( :باب أرض القيقة
ويقولون هي أرض اليال .فتعرف بأن القيقة الت يتكلم فيها هي خيال ومل تصرف الشيطان فإن الشيطان ييل
للنسان المور بلف ما هي عليه قال تعال { :ومن يعش عن ذكر الرحن نقيض له شيطانا فهو له قرين }
{ وإنم ليصدونم عن السبيل ويسبون أنم مهتدون } { حت إذا جاءنا قال يا ليت بين وبينك بعد الشرقي فبئس
القرين } { ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم ف العذاب مشتركون } .وقال تعال { :إن ال ل يغفر أن يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لن يشاء ومن يشرك بال فقد ضل ضلل بعيدا } إل قوله { - :يعدهم وينيهم وما يعدهم
الشيطان إل غرورا } .وقال تعال { :وقال الشيطان لا قضي المر إن ال وعدكم وعد الق ووعدتكم فأخلفتكم
وما كان ل عليكم من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم ل فل تلومون ولوموا أنفسكم ما أنا بصرخكم وما أنتم
بصرخي إن كفرت با أشركتمون من قبل إن الظالي لم عذاب أليم } وقال تعال { :وإذ زين لم الشيطان
أعمالم وقال ل غالب لكم اليوم من الناس وإن جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إن بريء منكم
إن أرى ما ل ترون إن أخاف ال وال شديد العقاب } وقد روي عن النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح
" { إنه رأى جبيل يزع اللئكة } " والشياطي إذا رأت ملئكة ال الت يؤيد با عباده هربت منهم وال يؤيد عباده
الؤمني بلئكته .قال تعال { :إذ يوحي ربك إل اللئكة أن معكم فثبتوا الذين آمنوا } وقال تعال { :يا أيها
الذين آمنوا اذكروا نعمة ال عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريا وجنودا ل تروها } .وقال تعال { :إذ
يقول لصاحبه ل تزن إن ال معنا فأنزل ال سكينته عليه وأيده بنود ل تروها } وقال تعال { :إذ تقول للمؤمني
ألن يكفيكم أن يدكم ربكم بثلثة آلف من اللئكة منلي } { بلى إن تصبوا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا
يددكم ربكم بمسة آلف من اللئكة مسومي } وهؤلء تأتيهم أرواح تاطبهم وتتمثل لم وهي جن وشياطي
) 32 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
فيظنونا ملئكة كالرواح الت تاطب من يعبد الكواكب والصنام وكان من أول ما ظهر من هؤلء ف السلم :
الختار بن أب عبيد الذي أخب به النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح الذي رواه مسلم ف صحيحه عن
النب صلى ال عليه وسلم أنه قال " { سيكون ف ثقيف كذاب ومبي } " وكان الكذاب :الختار بن أب عبيد والبي
:الجاج بن يوسف .فقيل لبن عمر وابن عباس :إن الختار يزعم أنه ينل إليه فقال :صدق قال ال تعال :
{ هل أنبئكم على من تنل الشياطي } { تنل على كل أفاك أثيم } .وقال الخر وقيل له إن الختار يزعم أنه
يوحى إليه فقال :قال ال تعال { :وإن الشياطي ليوحون إل أوليائهم ليجادلوكم } .وهذه الرواح الشيطانية هي
الروح الذي يزعم صاحب " الفتوحات " أنه ألقي إليه ذلك الكتاب ،ولذا يذكر أنواعا من اللوات بطعام معي
وشيء معي وهذه ما تفتح لصاحبها اتصال بالن والشياطي فيظنون ذلك من كرامات الولياء وإنا هو من الحوال
الشيطانية وأعرف من هؤلء عددا ومنهم من كان يمل ف الواء إل مكان بعيد ويعود ومنهم من كان يؤتى بال
مسروق تسرقه الشياطي وتأتيه به ومنهم من كانت تدله على السرقات بعل يصل له من الناس أو بعطاء يعطونه إذا
دلم على سرقاتم ونو ذلك .ولا كانت أحوال هؤلء شيطانية كانوا مناقضي للرسل صلوات ال تعال وسلمه
عليهم كما يوجد ف كلم صاحب " الفتوحات الكية " و " الفصوص " وأشباه ذلك يدح الكفار مثل قوم نوح
وهود وفرعون وغيهم ويتنقص النبياء :كنوح وإبراهيم وموسى وهارون ويذم شيوخ السلمي الحمودين عند
السلمي :كالنيد بن ممد وسهل بن عبد ال التستري ويدح الذمومي عند السلمي :كاللج ونوه كما ذكره
ف تلياته اليالية الشيطانية ،فإن النيد -قدس ال روحه -كان من أئمة الدى فسئل عن التوحيد فقال " :
التوحيد " إفراد الدوث عن القدم .فبي أن التوحيد أن تيز بي القدي والحدث وبي الالق والخلوق .وصاحب "
الفصوص " أنكر هذا ،وقال ف ماطبته اليالية الشيطانية له :يا جنيد ! هل ييز بي الحدث والقدي إل من يكون
غيها ؟ فخطأ النيد ف قوله ( :إفراد الدوث عن القدم ،لن قوله هو :إن وجود الحدث هو عي وجود القدي
كما قال ف فصوصه " :ومن أسائه السن " العلي " على من ؟ وما ث إل هو وعن ماذا ؟ وما هو إل هو فعلوه
لنفسه وهو عي الوجودات فالسمى مدثات هي العلية لذاته وليست إل هو " إل أن قال " :هو عي ما بطن وهو
عي ما ظهر وما ث من يراه غيه وما ث من ينطق عنه سواه وهو السمى أبو سعيد الراز وغي ذلك من الساء
الحدثات " .
فيقال لذا اللحد :ليس من شرط الميز بي الشيئي بالعلم والقول أن يكون ثالثا غيها فإن كل واحد من
الناس ييز بي نفسه وغيه وليس هو ثالث فالعبد يعرف أنه عبد وييز بي نفسه وبي خالقه والالق جل جلله ييز
بي نفسه وبي ملوقاته ويعلم أنه ربم وأنم عباده كما نطق بذلك القرآن ف غي موضع والستشهاد بالقرآن عند
الؤمني الذين يقرون به باطنا وظاهرا .وأما هؤلء اللحدة فيزعمون ما كان يزعمه التلمسان منهم -وهو أحذقهم
ف اتادهم -لا قرئ عليه " الفصوص " فقيل له :القرآن يالف فصوصكم .فقال :القرآن كله شرك وإنا التوحيد
) 33 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
ف كلمنا .فقيل له :فإذا كان الوجود واحدا فلم كانت الزوجة حلل والخت حراما ؟ فقال :الكل عندنا حلل
ولكن هؤلء الحجوبون قالوا حرام فقلنا حرام عليكم .وهذا مع كفره العظيم متناقض ظاهر فإن الوجود إذا كان
واحدا فمن الحجوب ومن الاجب ؟ ولذا قال بعض شيوخهم لريده :من قال لك :إن ف الكون سوى ال فقد
كذب .فقال له مريده :فمن هو الذي يكذب ؟ وقالوا لخر :هذه مظاهر .فقال لم :الظاهر غي الظاهر أم هي ؟
فإن كانت غيها فقد قلتم بالنسبة وإن كانت إياها فل فرق .وقد بسطنا الكلم على كشف أسرار هؤلء ف موضع
آخر وبينا حقيقة قول كل واحد منهم وأن صاحب " الفصوص " يقول العدوم شيء ،ووجود الق قاض عليه فيفرق
بي الوجود والثبوت .والعتزلة الذين قالوا :العدوم شيء ثابت ف الارج مع ضللم خي منه فإن أولئك قالوا :إن
الرب خلق لذه الشياء الثابتة ف العدم وجودا ليس هو وجود الرب .وهذا زعم أن عي وجود الرب فاض عليه
فليس عنده وجود ملوق مباين لوجود الالق وصاحبه الصدر القونوي يفرق بي الطلق والعي لنه كان أقرب إل
الفلسفة فلم يقر بأن العدوم شيء ،لكن جعل الق هو الوجود الطلق وصنف " مفتاح غيب المع والوجود " .
وهذا القول أدخل ف تعطيل الالق وعدمه فإن الطلق بشرط الطلق -وهو الكلي العقلي ل يكون إل ف الذهان ل
ف العيان والطلق ل بشرط وهو الكلي الطبيعي -وإن قيل إنه موجود ف الارج فل يوجد ف الارج إل معينا وهو
جزء من العي عند من يقول بثبوته ف الارج فيلزم أن يكون وجود الرب إما منتفيا ف الارج وإما أن يكون جزءا
من وجود الخلوقات وإما أن يكون عي وجود الخلوقات .وهل يلق الزء الكل أم يلق الشيء نفسه ؟ أم العدم
يلق الوجود ؟ أو يكون بعض الشيء خالقا لميعه ؟ ! .
وهؤلء يفرون من لفظ " اللول " لنه يقتضي حال ومل ومن لفظ " التاد " لنه يقتضي شيئي اتد
أحدها بالخر وعندهم الوجود واحد .ويقولون :النصارى إنا كفروا لا خصصوا السيح بأنه هو ال ولو عمموا لا
كفروا .وكذلك يقولون ف عباد الصنام :إنا أخطئوا لا عبدوا بعض الظاهر دون بعض فلو عبدوا الميع لا
أخطئوا عندهم .والعارف الحقق عندهم ل يضره عبادة الصنام .وهذا مع ما فيه من الكفر العظيم ففيه ما يلزمهم
دائما من التناقض لنه يقال لم :فمن الخطئ ؟ لكنهم يقولون :إن الرب هو الوصوف بميع النقائص الت يوصف
با الخلوق .ويقولون :إن الخلوقات توصف بميع الكمالت الت يوصف با الالق ويقولون ما قاله صاحب "
الفصوص " " :فالعلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستوعب به جيع النعوت الوجودية والنسب العدمية
سواء كانت ممودة عرفا أو عقل أو شرعا أو مذمومة عرفا وعقل وشرعا وليس ذلك إل لسمى ال خاصة " .وهم
مع كفرهم هذا ل يندفع عنهم التناقض فإنه معلوم بالس والعقل أن هذا ليس هو ذاك وهؤلء يقولون ما كان يقوله
التلمسان :إنه ثبت عندنا ف الكشف ما يناقض صريح العقل .ويقولون :من أراد التحقيق -يعن تقيقهم -فليترك
العقل والشرع .
) 34 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
وقد قلت لن خاطبته منهم :ومعلوم أن كشف النبياء أعظم وأت من كشف غيهم وخبهم أصدق من خب
غيهم ،والنبياء صلوات ال وسلمه عليهم يبون با تعجز عقول الناس عن معرفته ،ل با يعرف الناس بعقولم
أنه متنع فيخبون بحارات العقول ل بحالت العقول ويتنع أن يكون ف إخبار الرسول ما يناقض صريح العقول
ويتنع أن يتعارض دليلن قطعيان :سواء كانا عقليي أو سعيي أو كان أحدها عقليا والخر سعيا فكيف بن ادعى
كشفا يناقض صريح الشرع والعقل ؟ .وهؤلء قد ل يتعمدون الكذب لكن ييل لم أشياء تكون ف نفوسهم
ويظنونا ف الارج وأشياء يرونا تكون موجودة ف الارج لكن يظنونا من كرامات الصالي وتكون من تلبيسات
الشياطي .وهؤلء الذين يقولون بالوحدة قد يقدمون الولياء على النبياء ويذكرون أن النبوة ل تنقطع كما يذكر
عن ابن سبعي وغيه ويعلون الراتب " ثلثة " يقولون :العبد يشهد أول طاعة معصية ث طاعة بل معصية ث ل
طاعة ول معصية و " الشهود الول " هو الشهود الصحيح وهو الفرق بي الطاعات والعاصي وأما " الشهود الثان "
فييدون به شهود القدر كما أن بعض هؤلء يقول :أنا كافر برب يعصى وهذا يزعم أن العصية مالفة الرادة الت
هي الشيئة .واللق كلهم داخلون تت حكم الشيئة ويقول شاعرهم :أصبحت منفعل لا تتاره من ففعلي كله
طاعات ومعلوم أن هذا خلف ما أرسل ال به رسله وأنزل به كتبه ،فإن العصية الت يستحق صاحبها الذم والعقاب
مالفة أمر ال ورسوله كما قال تعال { :تلك حدود ال ومن يطع ال ورسوله يدخله جنات تري من تتها النار
خالدين فيها وذلك الفوز العظيم } { ومن يعص ال ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهي }
وسنذكر الفرق بي الرادة الكونية والدينية والمر الكون والدين .وكانت هذه " السألة " قد اشتبهت على طائفة
من الصوفية فبينها النيد رحه ال لم من اتبع النيد فيها كان على السداد ومن خالفه ضل لنم تكلموا ف أن المور
كلها بشيئة ال وقدرته وف شهود هذا التوحيد وهذا يسمونه المع الول فبي لم النيد أنه ل بد من شهود الفرق
الثان وهو أنه مع شهود كون الشياء كلها مشتركة ف مشيئة ال وقدرته وخلقه يب الفرق بي ما يأمر به ويبه
ويرضاه وبي ما ينهى عنه ويكرهه ويسخطه ويفرق بي أوليائه وأعدائه كما قال تعال { :أفنجعل السلمي
كالجرمي ما لكم كيف تكمون } وقال تعال { :أم نعل الذين آمنوا وعملوا الصالات كالفسدين ف الرض أم
نعل التقي كالفجار } وقال تعال { :أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نعلهم كالذين آمنوا وعملوا
الصالات سواء مياهم وماتم ساء ما يكمون } وقال تعال { :وما يستوي العمى والبصي والذين آمنوا وعملوا
الصالات ول السيء قليل ما تتذكرون } .ولذا كان مذهب سلف المة وأئمتها أن ال خالق كل شيء وربه
ومليكه ما شاء كان وما ل يشأ ل يكن ،ل رب غيه وهو مع ذلك أمر بالطاعة ونى عن العصية وهو ل يب
الفساد ول يرضى لعباده الكفر ول يأمر بالفحشاء وإن كانت واقعة بشيئته فهو ل يبها ول يرضاها بل يبغضها ويذم
أهلها ويعاقبهم .وأما " الرتبة الثالثة أن ل يشهد طاعة ول معصية -فإنه يرى أن الوجود واحد وعندهم أن هذا غاية
التحقيق والولية ل ،وهو ف القيقة غاية اللاد ف أساء ال وآياته وغاية العداوة ل فإن صاحب هذا الشهد يتخذ
) 35 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
اليهود والنصارى وسائر الكفار أولياء وقد قال تعال { :ومن يتولم منكم فإنه منهم } ول يتبأ من الشرك والوثان
فيخرج عن ملة إبراهيم الليل صلوات ال وسلمه عليه قال ال تعال { :قد كانت لكم أسوة حسنة ف إبراهيم
والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم وما تعبدون من دون ال كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا
حت تؤمنوا بال وحده } وقال الليل عليه السلم لقومه الشركي { :أفرأيتم ما كنتم تعبدون } { أنتم وآباؤكم
القدمون } { فإنم عدو ل إل رب العالي } وقال تعال { :ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد
ال ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانم أو عشيتم أولئك كتب ف قلوبم اليان وأيدهم بروح منه } .
وهؤلء قد صنف بعضهم كتبا وقصائد على مذهبه مثل قصيدة ابن الفارض السماة ب " نظم السلوك " يقول فيها :
لا صلت بالقام أقيمها وأشهد فيها أنا ل صلت كلنا مصل واحد ساجد إل حقيقته بالمع ف كل سجدة وما
كان ل صلى سوائي ول تكن صلت لغيي ف أدا كل ركعة ( إل أن قال وما زلت إياها وإياي ل تزل ول فرق بل
ذات لذات أحبت إل رسول كنت من مرسل وذات بآيات علي استدلت فإن دعيت كنت الجيب وإن أكن منادى
أجابت من دعان ولبت إل أمثال هذا الكلم ،ولذا كان هذا القائل عند الوت ينشد ويقول :إن كان منلت ف
الب عندكم ما قد لقيت فقد ضيعت أيامي أمنية ظفرت نفسي با زمنا واليوم أحسبها أضغاث أحلم فإنه كان يظن
أنه هو ال فلما حضرت ملئكة ال لقبض روحه تبي له بطلن ما كان يظنه وقال ال تعال { :سبح ل ما ف
السموات والرض وهو العزيز الكيم } فجميع ما ف السموات والرض يسبح ل ،ليس هو ال ث قال تعال { :له
ملك السموات والرض ييي وييت وهو على كل شيء قدير } { هو الول والخر والظاهر والباطن وهو بكل
شيء عليم } .وف صحيح مسلم عن النب صلى ال عليه وسلم أنه كان يقول ف دعائه { " :اللهم رب السموات
السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الب والنوى منل التوراة والنيل والقرآن أعوذ بك من شر
كل دابة أنت آخذ بناصيتها أنت الول فليس قبلك شيء وأنت الخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك
شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عن الدين واغنن من الفقر } " .ث قال { :هو الذي خلق السموات
والرض ف ستة أيام ث استوى على العرش يعلم ما يلج ف الرض وما يرج منها وما ينل من السماء وما يعرج فيها
وهو معكم أينما كنتم وال با تعملون بصي } فذكر أن السموات والرض -وف موضع آخر ( -وما بينهما
ملوق مسبح له وأخب سبحانه أنه يعلم كل شيء .وأما قوله ( وهو معكم فلفظ ( مع ل تقتضي ف لغة العرب أن
يكون أحد الشيئي متلطا بالخر كقوله تعال { اتقوا ال وكونوا مع الصادقي } وقوله تعال { :ممد رسول ال
والذين معه أشداء على الكفار } وقوله تعال { :والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم } .
ولفظ ( مع ) جاءت ف القرآن عامة وخاصة ف " العامة " ف هذه الية وف آية الجادلة { أل تر أن ال يعلم ما ف
السموات وما ف الرض ما يكون من نوى ثلثة إل هو رابعهم ول خسة إل هو سادسهم ول أدن من ذلك ول
أكثر إل هو معهم أينما كانوا ث ينبئهم با عملوا يوم القيامة إن ال بكل شيء عليم } فافتتح الكلم بالعلم وختمه
) 36 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
بالعلم ،ولذا قال ابن عباس والضحاك وسفيان الثوري وأحد بن حنبل :هو معهم بعلمه .وأما " العية الاصة "
ففي قوله تعال { :إن ال مع الذين اتقوا والذين هم مسنون } وقوله تعال لوسى { :إنن معكما أسع وأرى }
وقال تعال { :إذ يقول لصاحبه ل تزن إن ال معنا } يعن النب صلى ال عليه وسلم وأبا بكر رضي ال عنه فهو
مع موسى وهارون دون فرعون ومع ممد وصاحبه دون أب جهل وغيه من أعدائه ومع الذين اتقوا والذين هم
مسنون دون الظالي العتدين .فلو كان معن " العية " أنه بذاته ف كل مكان تناقض الب الاص والب العام ،بل
العن أنه مع هؤلء بنصره وتأييده دون أولئك .وقوله تعال { :وهو الذي ف السماء إله وف الرض إله } أي هو
إله من ف السموات وإله من ف الرض كما قال ال تعال { :وله الثل العلى ف السموات والرض وهو العزيز
الكيم } وكذلك وقوله تعال { :وهو ال ف السموات وف الرض } كما فسره أئمة العلم كالمام أحد وغيه :
أنه العبود ف السموات والرض .وأجع سلف المة وأئمتها على أن الرب تعال بائن من ملوقاته يوصف با وصف
به نفسه وبا وصفه به رسوله صلى ال عليه وسلم من غي تريف ول تعطيل ومن غي تكييف ول تثيل يوصف
بصفات الكمال دون صفات النقص ويعلم أنه ليس كمثله شيء ف صفات الكمال كما قال ال تعال { :قل هو ال
أحد } { ال الصمد } { ل يلد ول يولد } { ول يكن له كفوا أحد } قال ابن عباس ( :الصمد العليم الذي
كمل ف علمه العظيم الذي كمل ف عظمته القدير الكامل ف قدرته الكيم الكامل ف حكمته السيد الكامل ف
سؤدده .وقال ابن مسعود وغيه :هو الذي ل جوف له .و الحد الذي ل نظي له .فاسه الصمد يتضمن اتصافه
بصفات الكمال ونفي النقائص عنه واسه الحد يتضمن اتصافه أنه ل مثل له .وقد بسطنا الكلم على ذلك ف تفسي
هذه السورة وف كونا تعدل ثلث القرآن .
فصل
وكثي من الناس تشتبه عليهم القائق المرية الدينية اليانية بالقائق اللقية القدرية الكونية ،فإن ال سبحانه
وتعال له اللق والمر كما قال تعال { :إن ربكم ال الذي خلق السموات والرض ف ستة أيام ث استوى على
العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره أل له اللق والمر تبارك ال رب
العالي } فهو سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه ل خالق غيه ول رب سواه ما شاء كان وما ل يشأ ل يكن
فكل ما ف الوجود من حركة وسكون فبقضائه وقدره ومشيئته وقدرته وخلقه وهو سبحانه أمر بطاعته وطاعة رسله
ونى عن معصيته ومعصية رسله أمر بالتوحيد والخلص ونى عن الشراك بال فأعظم السنات التوحيد وأعظم
السيئات الشرك .قال ال تعال { :إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لن يشاء } وقال تعال { :ومن
الناس من يتخذ من دون ال أندادا يبونم كحب ال والذين آمنوا أشد حبا ل } .وف الصحيحي عن ابن مسعود
رضي ال عنه قال { " :قلت يا رسول ال ! أي الذنب أعظم ؟ قال أن تعل ل ندا وهو خلقك قلت :ث أي ؟ قال
) 37 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
:أن تقتل ولدك مافة أن يطعم معك قلت :ث أي ؟ قال :أن تزن بليلة جارك .فأنزل ال تصديق ذلك { والذين
ل يدعون مع ال إلا آخر ول يقتلون النفس الت حرم ال إل بالق ول يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما } { يضاعف
له العذاب يوم القيامة ويلد فيه مهانا } { إل من تاب وآمن وعمل عمل صالا فأولئك يبدل ال سيئاتم حسنات
وكان ال غفورا رحيما } } .
وأمر سبحانه بالعدل والحسان وإيتاء ذي القرب ونى عن الفحشاء والنكر والبغي وأخب أنه يب التقي
ويب الحسني ويب القسطي ،ويب التوابي ويب التطهرين ويب الذين يقاتلون ف سبيله صفا كأنم بنيان
مرصوص وهو يكره ما نى عنه كما قال ف سورة سبحان { كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها } وقد نى عن
الشرك وعقوق الوالدين ،وأمر بإيتاء ذي القرب القوق ونى عن التبذير ،وعن التقتي ،وأن يعل يده مغلولة إل
عنقه ،وأن يبسطها كل البسط ونى عن قتل النفس بغي الق وعن الزنا وعن قربان مال اليتيم إل بالت هي أحسن
إل أن قال { كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها } وهو سبحانه ل يب الفساد ول يرضى لعباده الكفر .
والعبد مأمور أن يتوب إل ال تعال دائما قال ال تعال { :وتوبوا إل ال جيعا أيها الؤمنون لعلكم
تفلحون } وف صحيح البخاري عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { " :أيها الناس توبوا إل ربكم فوالذي
نفسي بيده إن لستغفر ال وأتوب إليه ف اليوم أكثر من سبعي مرة } " وف صحيح مسلم عنه صلى ال عليه وسلم
أنه قال { " :إنه ليغان على قلب وإن لستغفر ال ف اليوم مائة مرة } " وف السنن عن ابن عمر قال { :كنا نعد
لرسول ال صلى ال عليه وسلم ف الجلس الواحد يقول رب اغفر ل وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة أو
قال أكثر من مائة مرة } " وقد أمر ال سبحانه عباده أن يتموا العمال الصالات بالستغفار فكان النب صلى ال
عليه وسلم إذا سلم من الصلة يستغفر ثلثا ويقول " { اللهم أنت السلم ومنك السلم تباركت يا ذا اللل
والكرام } " كما ثبت ذلك ف الديث الصحيح عنه وقد قال تعال { :والستغفرين بالسحار } فأمرهم أن
يقوموا بالليل ويستغفروا بالسحار .وكذلك ختم سورة الزمل وهي سورة قيام الليل بقوله تعال { :واستغفروا ال
إن ال غفور رحيم } وكذلك قال ف الج { :فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا ال عند الشعر الرام واذكروه كما
هداكم وإن كنتم من قبله لن الضالي } { ث أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا ال إن ال غفور رحيم } ،
بل أنزل سبحانه وتعال ف آخر المر لا غزا النب صلى ال عليه وسلم غزوة تبوك وهي آخر غزواته { :لقد تاب ال
على النب والهاجرين والنصار الذين اتبعوه ف ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ث تاب عليهم إنه
بم رءوف رحيم } { وعلى الثلثة الذين خلفوا حت إذا ضاقت عليهم الرض با رحبت وضاقت عليهم أنفسهم
وظنوا أن ل ملجأ من ال إل إليه ث تاب عليهم ليتوبوا إن ال هو التواب الرحيم } وهي آخر ما نزل من القرآن .
وقد قيل :إن آخر سورة نزلت قوله تعال { :إذا جاء نصر ال والفتح } { ورأيت الناس يدخلون ف دين ال أفواجا
) 38 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
} { فسبح بمد ربك واستغفره إنه كان توابا } فأمره تعال أن يتم عمله بالتسبيح والستغفار وف الصحيحي عن
عائشة رضي ال عنها أنه صلى ال عليه وسلم كان يقول ف ركوعه وسجوده { " :سبحانك اللهم ربنا وبمدك
اللهم اغفر ل -يتأول القرآن } " وف الصحيحي عنه صلى ال عليه وسلم أنه كان يقول { " :اللهم اغفر ل
خطيئت وجهلي وإسراف ف أمري وما أنت أعلم به من .اللهم اغفر ل هزل وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك
عندي اللهم اغفر ل ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ل إله إل أنت } " وف الصحيحي أن أبا بكر
الصديق رضي ال عنه { قال يا رسول ال علمن دعاء أدعو به ف صلت قال :قل :اللهم إن ظلمت نفسي ظلما
كثيا ول يغفر الذنوب إل أنت فاغفر ل مغفرة من عندك وارحن إنك أنت الغفور الرحيم } " وف السنن عن أب
بكر رضي ال عنه { قال يا رسول ال علمن دعاء أدعو به إذا أصبحت وإذا أمسيت فقال قل :اللهم فاطر السموات
والرض عال الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن ل إله إل أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر
الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إل مسلم .قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت
مضجعك } " .
فليس لحد أن يظن استغناءه عن التوبة إل ال والستغفار من الذنوب ،بل كل أحد متاج إل ذلك دائما .
قال ال تبارك وتعال { :وحلها النسان إنه كان ظلوما جهول } { ليعذب ال النافقي والنافقات والشركي
والشركات ويتوب ال على الؤمني والؤمنات وكان ال غفورا رحيما } فالنسان ظال جاهل وغاية الؤمني
والؤمنات التوبة وقد أخب ال تعال ف كتابه بتوبة عباده الصالي ومغفرته لم .وثبت ف الصحيح عن النب صلى ال
عليه وسلم أنه قال { " :لن يدخل النة أحد بعمله قالوا ول أنت يا رسول ال ؟ قال ول أنا إل أن يتغمدن ال
برحة منه وفضل } " وهذا ل يناف قوله { كلوا واشربوا هنيئا با أسلفتم ف اليام الالية } فإن الرسول نفى باء
القابلة والعادلة والقرآن أثبت باء السبب .
وقول من قال :إذا أحب ال عبدا ل تضره الذنوب .معناه أنه إذا أحب عبدا ألمه التوبة والستغفار فلم يصر
على الذنوب ومن ظن أن الذنوب ل تضر من أصر عليها فهو ضال مالف للكتاب والسنة وإجاع السلف والئمة ،
بل من يعمل مثقال ذرة خيا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .وإنا عباده المدوحون هم الذكورون ف قوله تعال
{ :وسارعوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقي } { الذين ينفقون ف السراء
والضراء والكاظمي الغيظ والعافي عن الناس وال يب الحسني } { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم
ذكروا ال فاستغفروا لذنوبم ومن يغفر الذنوب إل ال ول يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }
ومن ظن أن " القدر " حجة لهل الذنوب فهو من جنس الشركي الذين قال ال تعال عنهم { :سيقول
الذين أشركوا لو شاء ال ما أشركنا ول آباؤنا ول حرمنا من شيء } قال ال تعال رادا عليهم { :كذلك كذب
الذين من قبلهم حت ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إل الظن وإن أنتم إل ترصون }
) 39 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
{ قل فلله الجة البالغة فلو شاء لداكم أجعي } .ولو كان " القدر " حجة لحد ل يعذب ال الكذبي للرسل
كقوم نوح وعاد وثود والؤتفكات وقوم فرعون ول يأمر بإقامة الدود على العتدين ول يتج أحد بالقدر إل إذا
كان متبعا لواه بغي هدى من ال ومن رأى القدر حجة لهل الذنوب يرفع عنهم الذم والعقاب فعليه أن ل يذم أحدا
ول يعاقبه إذا اعتدى عليه ،بل يستوي عنده ما يوجب اللذة وما يوجب الل فل يفرق بي من يفعل معه خيا وبي
من يفعل معه شرا وهذا متنع طبعا وعقل وشرعا .وقد قال تعال { :أم نعل الذين آمنوا وعملوا الصالات
كالفسدين ف الرض أم نعل التقي كالفجار } ؟ وقال تعال { :أفنجعل السلمي كالجرمي } ؟ وقال تعال { :
أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالات سواء مياهم وماتم ساء ما
يكمون } وقال تعال { :أفحسبتم أنا خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل ترجعون ؟ } وقال تعال { أيسب النسان أن
يترك سدى } أي مهمل ل يؤمر ول ينهى .وقد ثبت ف الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال :
" { احتج آدم وموسى قال موسى :يا آدم أنت أبو البشر خلقك ال بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملئكته
لاذا أخرجتنا ونفسك من النة فقال له آدم :أنت موسى الذي اصطفاك ال بكلمه وكتب لك التوراة بيده فبكم
وجدت مكتوبا علي قبل أن أخلق { وعصى آدم ربه فغوى } ؟ قال :بأربعي سنة [ قال ] :فلم تلومن على أمر
قدره ال علي قبل أن أخلق بأربعي سنة ؟ قال :فحج آدم موسى } " أي :غلبه بالجة .وهذا الديث ضلت فيه
طائفتان " :طائفة " كذبت به لا ظنوا أنه يقتضي رفع الذم والعقاب عمن عصى ال لجل القدر .و " طائفة " شر
من هؤلء جعلوه حجة وقد يقولون :القدر حجة لهل القيقة الذين شهدوه أو الذين ل يرون أن لم فعل .ومن
الناس من قال :إنا حج آدم موسى لنه أبوه أو لنه كان قد تاب أو لن الذنب كان ف شريعة واللوم ف أخرى أو
لن هذا يكون ف الدنيا دون الخرى .وكل هذا باطل .ولكن وجه الديث أن موسى عليه السلم ل يلم أباه إل
لجل الصيبة الت لقتهم من أجل أكله من الشجرة فقال له :لاذا أخرجتنا ونفسك من النة ؟ ل يلمه لجرد كونه
أذنب ذنبا وتاب منه ،فإن موسى يعلم أن التائب من الذنب ل يلم وهو قد تاب منه أيضا ولو كان آدم يعتقد رفع
اللم عنه لجل القدر ل يقل { :ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين } .
والؤمن مأمور عند الصائب أن يصب ويسلم وعند الذنوب أن يستغفر ويتوب قال ال تعال { :فاصب إن
وعد ال حق واستغفر لذنبك } فأمره بالصب على الصائب والستغفار من العائب .وقال تعال { :ما أصاب من
مصيبة إل بإذن ال ومن يؤمن بال يهد قلبه } قال ابن مسعود :هو الرجل تصيبه الصيبة فيعلم أنا من عند ال
فيضى ويسلم فالؤمنون إذا أصابتهم مصيبة مثل الرض والفقر والذل صبوا لكم ال وإن كان ذلك بسبب ذنب
غيهم كمن أنفق أبوه ماله ف العاصي فافتقر أولده لذلك فعليهم أن يصبوا لا أصابم وإذا لموا الب لظوظهم
ذكر لم القدر .و " الصب " واجب باتفاق العلماء وأعلى من ذلك الرضا بكم ال و " الرضا " قد قيل :إنه واجب
وقيل :هو مستحب وهو الصحيح وأعلى من ذلك أن يشكر ال على الصيبة لا يرى من إنعام ال عليه با حيث
) 40 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
جعلها سببا لتكفي خطاياه ورفع درجاته وإنابته وتضرعه إليه وإخلصه له ف التوكل عليه ورجائه دون الخلوقي وأما
أهل البغي والضلل فتجدهم يتجون بالقدر إذا أذنبوا واتبعوا أهواءهم ويضيفون السنات إل أنفسهم إذا أنعم عليهم
با كما قال بعض العلماء أنت عند الطاعة قدري وعند العصية جبي ،أي مذهب وافق هواك تذهبت به .وأهل
الدى والرشاد إذا فعلوا حسنة شهدوا إنعام ال عليهم با وأنه هو الذي أنعم عليهم وجعلهم مسلمي وجعلهم يقيمون
الصلة وألمهم التقوى وأنه ل حول ول قوة إل به فزال عنهم بشهود القدر العجب والن والذى وإذا فعلوا سيئة
استغفروا ال وتابوا إليه منها ،ففي صحيح البخاري عن شداد بن أوس قال { :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم
سيد الستغفار أن يقول العبد :اللهم أنت رب ل إله إل أنت خلقتن وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت
أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنب فاغفر ل فإنه ل يغفر الذنوب إل أنت من قالا إذا
أصبح موقنا با فمات من ليلته دخل النة } " .وف الديث الصحيح عن أب ذر رضي ال عنه عن النب صلى ال
عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعال أنه قال { " :يا عبادي إن حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم مرما
فل تظالوا يا عبادي ! إنكم تطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جيعا ول أبال فاستغفرون أغفر لكم .يا عبادي
! كلكم جائع إل من أطعمته فاستطعمون أطعمكم يا عبادي ! كلكم عار إل من كسوته فاستكسون أكسكم .يا
عبادي ! كلكم ضال إل من هديته فاستهدون أهدكم .يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري ،فتضرون ولن تبلغوا
نفعي فتنفعون .يا عبادي ،لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد
ذلك ف ملكي شيئا .يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما
نقص ذلك من ملكي شيئا .يا عبادي ،لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا ف صعيد واحد فسألون
فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك ما عندي إل كما ينقص البحر إذا غمس فيه الخيط غمسة واحدة .يا
عبادي ! إنا هي أعمالكم أحصيها لكم ث أوفيكم إياها فمن وجد خيا فليحمد ال ومن وجد غي ذلك فل يلومن إل
نفسه } " .فأمر سبحانه بمد ال على ما يده العبد من خي وأنه إذا وجد شرا فل يلومن إل نفسه .
وكثي من الناس يتكلم بلسان " القيقة " ول يفرق بي القيقة الكونية القدرية التعلقة بلقه ومشيئته وبي
القيقة الدينية المرية التعلقة برضاه ومبته ول يفرق بي من يقوم بالقيقة الدينية موافقا لا أمر ال به على ألسن رسله
وبي من يقوم بوجده وذوقه غي معتب ذلك بالكتاب والسنة كما أن لفظ " الشريعة " يتكلم به كثي من الناس ول
يفرق بي الشرع النل من عند ال تعال وهو الكتاب والسنة الذي بعث ال به رسوله ،فإن هذا الشرع ليس لحد
من اللق الروج عنه ول يرج عنه إل كافر وبي الشرع الذي هو حكم الاكم فالاكم تارة يصيب وتارة يطئ .
هذا إذا كان عالا عادل وإل ففي السنن عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { " :القضاة ثلثة قاضيان ف النار
وقاض ف النة :رجل علم الق وقضى به فهو ف النة ورجل قضى للناس على جهل فهو ف النار ورجل علم الق
فقضى بغيه فهو ف النار } " وأفضل القضاة العالي العادلي سيد ولد آدم ممد صلى ال عليه وسلم فقد ثبت عنه ف
) 41 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
الصحيحي أنه قال { " :إنكم تتصمون إل ولعل بعضكم يكون ألن بجته من بعض وإنا أقضي بنحو ما أسع
فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فل يأخذه فإنا أقطع له قطعة من النار } " فقد أخب سيد اللق أنه إذا قضى بشيء
ما سعه وكان ف الباطن بلف ذلك ل يز للمقضي له أن يأخذ ما قضى به له وأنه إنا يقطع له به قطعة من النار .
وهذا متفق عليه بي العلماء ف الملك الطلقة إذا حكم الاكم با ظنه حجة شرعية كالبينة والقرار وكان الباطن
بلف الظاهر ل يز للمقضي له أن يأخذ ما قضي به له بالتفاق .وإن حكم ف العقود والفسوخ بثل ذلك ،فأكثر
العلماء يقول إن المر كذلك وهو مذهب مالك والشافعي وأحد بن حنبل وفرق أبو حنيفة رضي ال عنه بي النوعي
.فلفظ " الشرع والشريعة " إذا أريد به الكتاب والسنة ل يكن لحد من أولياء ال ول لغيهم أن يرج عنه ومن ظن
أن لحد من أولياء ال طريقا إل ال غي متابعة ممد صلى ال عليه وسلم باطنا وظاهرا فلم يتابعه باطنا وظاهرا فهو
كافر .
ومن احتج ف ذلك بقصة موسى مع الضر كان غالطا من وجهي :
أحدها :أن موسى ل يكن مبعوثا إل الضر ول كان على الضر اتباعه ،فإن موسى كان مبعوثا إل بن
إسرائيل وأما ممد صلى ال عليه وسلم فرسالته عامة لميع الثقلي الن والنس ولو أدركه من هو أفضل من الضر
:كإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم ،اتباعه فكيف بالضر سواء كان نبيا أو وليا ،ولذا قال الضر لوسى " :
إنا على علم من علم ال علمنيه ال ل تعلمه ،وأنت على علم من علم ال علمكه ال ل أعلمه " وليس لحد من
الثقلي الذين بلغتهم رسالة ممد صلى ال عليه وسلم أن يقول مثل هذا .
الثان :أن ما فعله الضر ل يكن مالفا لشريعة موسى عليه السلم وموسى ل يكن علم السباب الت تبيح
ذلك فلما بينها له وافقه على ذلك فإن خرق السفينة ث ترقيعها لصلحة أهلها خوفا من الظال أن يأخذها إحسان
إليهم وذلك جائز وقتل الصائل جائز وإن كان صغيا ومن كان تكفيه لبويه ل يندفع إل بقتله جاز قتله .قال :ابن
عباس رضي ال عنهما لنجدة الروري لا سأله عن قتل الغلمان -قال له -إن كنت علمت منهم ما علمه الضر
من ذلك الغلم فاقتلهم وإل فل تقتلهم رواه البخاري .وأما الحسان إل اليتيم بل عوض والصب على الوع فهذا
من صال العمال فلم يكن ف ذلك شيء مالفا شرع ال .وأما إذا أريد بالشرع حكم الاكم فقد يكون ظالا وقد
يكون عادل وقد يكون صوابا وقد يكون خطأ وقد يراد بالشرع قول أئمة الفقه :كأب حنيفة والثوري ومالك بن
أنس والوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحد وإسحاق وداود وغيهم فهؤلء أقوالم يتج لا بالكتاب والسنة
وإذا قلد غيه حيث يوز ذلك كان جائزا أي ليس اتباع أحدهم واجبا على جيع المة كاتباع الرسول صلى ال عليه
وسلم ول يرم تقليد أحدهم كما يرم اتباع من يتكلم بغي علم .وأما إن أضاف أحد إل الشريعة ما ليس منها من
أحاديث مفتراة أو تأول النصوص بلف مراد ال ونو ذلك ،فهذا من نوع التبديل فيجب الفرق بي الشرع النل
) 42 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
والشرع الؤول والشرع البدل كما يفرق بي القيقة الكونية والقيقة الدينية المرية وبي ما يستدل عليها بالكتاب
والسنة وبي ما يكتفى فيها بذوق صاحبها ووجده .
فصل
وقد ذكر ال ف كتابه الفرق بي " الرادة " و " المر " و " القضاء " و " الذن " و " التحري " و " البعث "
و " الرسال " و " الكلم " و " العل " :بي الكون الذي خلقه وقدره وقضاه ،وإن كان ل يأمر به ول يبه ول
يثيب أصحابه ول يعلهم من أوليائه التقي وبي الدين الذي أمر به وشرعه وأثاب عليه وأكرمهم وجعلهم من أوليائه
التقي وحزبه الفلحي وجنده الغالبي ،وهذا من أعظم الفروق الت يفرق با بي أولياء ال وأعدائه فمن استعمله
الرب سبحانه وتعال فيما يبه ويرضاه ومات على ذلك كان من أوليائه ومن كان عمله فيما يبغضه الرب ويكرهه
ومات على ذلك كان من أعدائه .ف " الرادة الكونية " هي مشيئته لا خلقه وجيع الخلوقات داخلة ف مشيئته
وإرادته الكونية والرادة الدينية هي التضمنة لحبته ورضاه التناولة لا أمر به وجعله شرعا ودينا .وهذه متصة باليان
والعمل الصال قال ال تعال { :فمن يرد ال أن يهديه يشرح صدره للسلم ومن يرد أن يضله يعل صدره ضيقا
حرجا كأنا يصعد ف السماء } وقال نوح عليه السلم لقومه { :ول ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن
كان ال يريد أن يغويكم } وقال تعال { :وإذا أراد ال بقوم سوءا فل مرد له وما لم من دونه من وال } وقال
تعال ف الثانية { :ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد ال بكم اليسر ول يريد بكم العسر } وقال
ف آية الطهارة { :ما يريد ال ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون }
ولا ذكر ما أحله وما حرمه من النكاح قال { :يريد ال ليبي لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم
وال عليم حكيم } { وال يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تيلوا ميل عظيما } { يريد ال
أن يفف عنكم وخلق النسان ضعيفا } وقال لا ذكر ما أمر به أزواج النب صلى ال عليه وسلم وما ناهم عنه :
{ إنا يريد ال ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيا } والعن أنه أمركم با يذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيا فمن أطاع أمره كان مطهرا قد أذهب عنه الرجس بلف من عصاه .وأما " المر " فقال ف
المر الكون { :إنا قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } وقال تعال { :وما أمرنا إل واحدة كلمح
بالبصر } وقال تعال { :أتاها أمرنا ليل أو نارا فجعلناها حصيدا كأن ل تغن بالمس } وأما :المر الدين :فقال
تعال { :إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القرب وينهى عن الفحشاء والنكر والبغي يعظكم لعلكم
تذكرون } وقال تعال { :إن ال يأمركم أن تؤدوا المانات إل أهلها وإذا حكمتم بي الناس أن تكموا بالعدل إن
ال نعما يعظكم به إن ال كان سيعا بصيا } وأما " الذن " فقال ف الكون لا ذكر السحر { :وما هم بضارين به
من أحد إل بإذن ال } أي بشيئته وقدرته ،وإل فالسحر ل يبحه ال عز وجل .وقال ف " الذن الدين " { :أم لم
) 43 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
شركاء شرعوا لم من الدين ما ل يأذن به ال } وقال تعال { :إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } { وداعيا إل
ال بإذنه } وقال تعال { :وما أرسلنا من رسول إل ليطاع بإذن ال } وقال تعال { :ما قطعتم من لينة أو
تركتموها قائمة على أصولا فبإذن ال } .وأما " القضاء " فقال ف الكون { :فقضاهن سبع سوات ف يومي }
وقال سبحانه { :إذا قضى أمرا فإنا يقول له كن فيكون } وقال ف الدين { :وقضى ربك أل تعبدوا إل إياه } أي
أمر وليس الراد به قدر ذلك فإنه قد عبد غيه كما أخب ف غي موضع كقوله تعال { :ويعبدون من دون ال ما ل
يضرهم ول ينفعهم ويقولون هؤلء شفعاؤنا عند ال } وقول الليل عليه السلم لقومه { :أفرأيتم ما كنتم تعبدون }
{ أنتم وآباؤكم القدمون } { فإنم عدو ل إل رب العالي } وقال تعال { :قد كانت لكم أسوة حسنة ف
إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم وما تعبدون من دون ال كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة
والبغضاء أبدا حت تؤمنوا بال وحده إل قول إبراهيم لبيه لستغفرن لك وما أملك لك من ال من شيء } وقال
تعال { :قل يا أيها الكافرون } { ل أعبد ما تعبدون } { ول أنتم عابدون ما أعبد } { ول أنا عابد ما عبدت }
{ ول أنتم عابدون ما أعبد } { لكم دينكم ول دين } وهذه كلمة تقتضي براءته من دينهم ول تقتضي رضاه بذلك
،كما قال تعال ف الية الخرى { :وإن كذبوك فقل ل عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ما أعمل وأنا بريء ما
تعملون } .ومن ظن من اللحدة أن هذا رضا منه بدين الكفار فهو من أكذب الناس وأكفرهم كمن ظن أن قوله
{ وقضى ربك } بعن قدر وأن ال سبحانه ما قضى بشيء إل وقع وجعل عباد الصنام ما عبدوا إل ال ،فإن هذا
من أعظم الناس كفرا بالكتب .وأما لفظ " البعث " فقال تعال ف البعث الكون { :فإذا جاء وعد أولها بعثنا
عليكم عبادا لنا أول بأس شديد فجاسوا خلل الديار وكان وعدا مفعول } وقال ف البعث الدين { :هو الذي
بعث ف الميي رسول منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والكمة } قال تعال { :ولقد بعثنا ف كل
أمة رسول أن اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت } .وأما لفظ " الرسال " فقال ف الرسال الكون { :أل تر أنا أرسلنا
الشياطي على الكافرين تؤزهم أزا } وقال تعال { :وهو الذي أرسل الرياح بشرا بي يدي رحته } وقال ف الدين
{ إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } وقال تعال { :إنا أرسلنا نوحا إل قومه } وقال تعال { :إنا أرسلنا إليكم
رسول شاهدا عليكم كما أرسلنا إل فرعون رسول } وقال تعال { :ال يصطفي من اللئكة رسل ومن الناس } .
وأما لفظ " العل " فقال ف الكون { :وجعلناهم أئمة يدعون إل النار } وقال ف الدين { :لكل جعلنا منكم
شرعة ومنهاجا } وقال تعال { :ما جعل ال من بية ول سائبة ول وصيلة ول حام } .وأما لفظ " التحري "
فقال ف الكون { :وحرمنا عليه الراضع من قبل } وقال تعال { :فإنا مرمة عليهم أربعي سنة يتيهون ف
الرض } وقال ف الدين { حرمت عليكم اليتة والدم ولم النير وما أهل لغي ال به } وقال تعال { :حرمت
عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالتكم وبنات الخ وبنات الخت } الية .وأما لفظ " الكلمات "
فقال ف الكلمات الكونية { وصدقت بكلمات ربا وكتبه } وثبت ف الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم أنه
) 44 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
كان يقول { " :أعوذ بكلمات ال التامة كلها من شر ما خلق ومن غضبه وعقابه وشر عباده ومن هزات الشياطي
وأن يضرون } " وقال صلى ال عليه وسلم { " :من نزل منل فقال أعوذ بكلمات ال التامات من شر ما خلق ل
يضره شيء حت يرتل من منله ذلك } " وكان يقول { " :أعوذ بكلمات ال التامات الت ل ياوزهن بر ول فاجر
من شر ما ذرأ ف الرض ومن شر ما يرج منها ومن شر فت الليل والنهار ومن شر كل طارق إل طارقا يطرق بي
يا رحن } ! " .و " { كلمات ال التامات الت ل ياوزهن بر ول فاجر } " هي الت كون با الكائنات فل يرج
بر ول فاجر عن تكوينه ومشيئته وقدرته .وأما " كلماته الدينية " وهي كتبه النلة وما فيها من أمره ونيه فأطاعها
البرار وعصاها الفجار .وأولياء ال التقون هم الطيعون لكلماته الدينية وجعله الدين وإذنه الدين وإرادته الدينية .
وأما كلماته الكونية الت ل ياوزها بر ول فاجر ،فإنه يدخل تتها جيع اللق حت إبليس وجنوده وجيع الكفار
وسائر من يدخل النار فاللق وإن اجتمعوا ف شول اللق والشيئة والقدرة والقدر لم فقد افترقوا ف المر والنهي
والحبة والرضا والغضب .وأولياء ال التقون هم الذين فعلوا الأمور وتركوا الحظور وصبوا على القدور فأحبهم
وأحبوه ورضي عنهم ورضوا عنه .وأعداؤه أولياء الشياطي وإن كانوا تت قدرته فهو يبغضهم ويغضب عليهم
ويلعنهم ويعاديهم .
وبسط هذه المل له موضع آخر وإنا كتبت هنا تنبيها على مامع " الفرق بي أولياء الرحن وأولياء الشيطان
" وجع الفرق بينهما اعتبارهم بوافقة رسول ال صلى ال عليه وسلم فإنه هو الذي فرق ال تعال به بي أوليائه
السعداء وأعدائه الشقياء وبي أوليائه أهل النة وأعدائه أهل النار وبي أوليائه أهل الدى والرشاد وبي أعدائه أهل
الغي والضلل والفساد وأعدائه حزب الشيطان وأوليائه الذين كتب ف قلوبم اليان وأيدهم بروح منه .قال تعال :
{ ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله } الية وقال تعال { :إذ يوحي ربك إل
اللئكة أن معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي ف قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق العناق واضربوا منهم كل
بنان } .وقال ف أعدائه { وإن الشياطي ليوحون إل أوليائهم ليجادلوكم } وقال { :وكذلك جعلنا لكل نب عدوا
شياطي النس والن يوحي بعضهم إل بعض زخرف القول غرورا } وقال { :هل أنبئكم على من تنل
الشياطي } { تنل على كل أفاك أثيم } { يلقون السمع وأكثرهم كاذبون } { والشعراء يتبعهم الغاوون } { أل
تر أنم ف كل واد يهيمون } { وأنم يقولون ما ل يفعلون } { إل الذين آمنوا وعملوا الصالات وذكروا ال كثيا
وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } وقال تعال { :فل أقسم با تبصرون }
{ وما ل تبصرون } { إنه لقول رسول كري } { وما هو بقول شاعر قليل ما تؤمنون } { ول بقول كاهن قليل
ما تذكرون } { تنيل من رب العالي } { ولو تقول علينا بعض القاويل } { لخذنا منه باليمي } { ث لقطعنا
منه الوتي } { فما منكم من أحد عنه حاجزين } { وإنه لتذكرة للمتقي } { وإنا لنعلم إن منكم مكذبي }
{ وإنه لسرة على الكافرين } { وإنه لق اليقي } { فسبح باسم ربك العظيم } وقال تعال { :فذكر فما أنت
) 45 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
بنعمة ربك بكاهن ول منون } إل قوله { :إن كانوا صادقي } .فنه سبحانه وتعال نبينا ممدا صلى ال عليه
وسلم عمن تقترن به الشياطي من الكهان والشعراء والجاني ،وبي أن الذي جاءه بالقرآن ملك كري اصطفاه .قال
ال تعال { :ال يصطفي من اللئكة رسل ومن الناس } وقال تعال { :وإنه لتنيل رب العالي } { نزل به الروح
المي } { على قلبك لتكون من النذرين } { بلسان عرب مبي } وقال تعال { :قل من كان عدوا لبيل فإنه
نزله على قلبك بإذن ال } الية .وقال تعال { :فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم } إل قوله
{ وبشرى للمسلمي } فسماه الروح المي وساه روح القدس .وقال تعال { :فل أقسم بالنس } { الوار
الكنس } يعن :الكواكب الت تكون ف السماء خانسة أي :متفية قبل طلوعها فإذا ظهرت رآها الناس جارية ف
السماء فإذا غربت ذهبت إل كناسها الذي يجبها { والليل إذا عسعس } أي إذا أدبر وأقبل الصبح { والصبح إذا
تنفس } أي أقبل { إنه لقول رسول كري } وهو جبيل عليه السلم { ذي قوة عند ذي العرش مكي } { مطاع ث
أمي } أي مطاع ف السماء أمي ث قال { :وما صاحبكم بجنون } أي صاحبكم الذي من ال عليكم به إذ بعثه
إليكم رسول من جنسكم يصحبكم إذ كنتم ل تطيقون أن تروا اللئكة كما قال تعال { :وقالوا لول أنزل عليه
ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي المر ث ل ينظرون } { ولو جعلناه ملكا لعلناه رجل } الية .وقال تعال { :ولقد
رآه بالفق البي } أي رأى جبيل عليه السلم { وما هو على الغيب بضني } أي بتهم وف القراءة الخرى :
{ بضني } أي ببخيل يكتم العلم ول يبذله إل بعل كما يفعل من يكتم العلم إل بالعوض { .وما هو بقول شيطان
رجيم } فنه جبيل عليه السلم عن أن يكون شيطانا كما نزه ممدا صلى ال عليه وسلم عن أن يكون شاعرا أو
كاهنا .
فأولياء ال التقون هم القتدون بحمد صلى ال عليه وسلم فيفعلون ما أمر به وينتهون عما عنه زجر ،
ويقتدون به فيما بي لم أن يتبعوه فيه فيؤيدهم بلئكته وروح منه ويقذف ال ف قلوبم من أنواره ولم الكرامات
الت يكرم ال با أولياءه التقي .وخيار أولياء ال كراماتم لجة ف الدين أو لاجة بالسلمي كما كانت معجزات
نبيهم صلى ال عليه وسلم كذلك .وكرامات أولياء ال إنا حصلت ببكة اتباع رسوله صلى ال عليه وسلم فهي ف
القيقة تدخل ف معجزات الرسول صلى ال عليه وسلم :مثل انشقاق القمر وتسبيح الصا ف كفه وإتيان الشجر
إليه وحني الذع إليه وإخباره ليلة العراج بصفة بيت القدس وإخباره با كان وما يكون وإتيانه بالكتاب العزيز
وتكثي الطعام والشراب مرات كثية كما أشبع ف الندق العسكر من قدر طعام وهو ل ينقص ف حديث أم سلمة
الشهور وأروى العسكر ف غزوة خيب من مزادة ماء ول تنقص ومل أوعية العسكر عام تبوك من طعام قليل ول
ينقص وهم نو ثلثي ألفا ونبع الاء من بي أصابعه مرات متعددة حت كفى الناس الذين كانوا معه كما كانوا ف
غزوة الديبية نو ألف وأربعمائة أو خسمائة ورده لعي أب قتادة حي سالت على خده فرجعت أحسن عينيه ولا
أرسل ممد بن مسلمة لقتل كعب بن الشرف فوقع وانكسرت رجله فمسحها فبئت وأطعم من شواء مائة وثلثي
) 46 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
رجل كل منهم حز له قطعة وجعل منها قطعتي فأكلوا منها جيعهم ث فضل فضلة ودين عبد ال أب جابر لليهودي
وهو ثلثون وسقا .قال جابر :فأمر صاحب الدين أن يأخذ التمر جيعه بالذي كان له فلم يقبل فمشى فيها رسول
ال صلى ال عليه وسلم ث قال لابر جد له فوفاه الثلثي وسقا وفضل سبعة عشر وسقا ومثل هذا كثي قد جعت
نو ألف معجزة .وكرامات الصحابة والتابعي بعدهم وسائر الصالي كثية جدا :مثل ما كان " أسيد بن حضي "
يقرأ سورة الكهف فنل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج وهي اللئكة نزلت لقراءته وكانت اللئكة تسلم
على عمران بن حصي ،وكان سلمان وأبو الدرداء يأكلن ف صحفة فسبحت الصحفة أو سبح ما فيها وعباد بن
بشر وأسيد بن حضي خرجا من عند رسول ال صلى ال عليه وسلم ف ليلة مظلمة فأضاء لما نور مثل طرف السوط
فلما افترقا افترق الضوء معهما .رواه البخاري وغيه .وقصة { الصديق ف الصحيحي لا ذهب بثلثة أضياف معه
إل بيته وجعل ل يأكل لقمة إل رب من أسفلها أكثر منها فشبعوا وصارت أكثر ما هي قبل ذلك فنظر إليها أبو بكر
وامرأته فإذا هي أكثر ما كانت فرفعها إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وجاء إليه أقوام كثيون فأكلوا منها وشبعوا
} .و " خبيب بن عدي " كان أسيا عند الشركي بكة شرفها ال تعال وكان يؤتى بعنب يأكله وليس بكة عنبة .
و " عامر بن فهية :قتل شهيدا فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه وكان لا قتل رفع فرآه عامر بن الطفيل وقد رفع
وقال :عروة :فيون اللئكة رفعته .وخرجت " أم أين " مهاجرة وليس معها زاد ول ماء فكادت توت من
العطش فلما كان وقت الفطر وكانت صائمة سعت حسا على رأسها فرفعته فإذا دلو معلق فشربت منه حت رويت
وما عطشت بقية عمرها .و " سفينة " مول رسول ال صلى ال عليه وسلم أخب السد بأنه رسول رسول ال صلى
ال عليه وسلم فمشى معه السد حت أوصله مقصده .و " الباء بن مالك " كان إذا أقسم على ال تعال أبر قسمه
وكان الرب إذا اشتد على السلمي ف الهاد يقولون :يا براء ! أقسم على ربك فيقول :يا رب ! أقسمت عليك
لا منحتنا أكتافهم فيهزم العدو فلما كان يوم " القادسية " قال :أقسمت عليك يا رب لا منحتنا أكتافهم وجعلتن
أول شهيد فمنحوا أكتافهم وقتل الباء شهيدا .و " خالد بن الوليد " حاصر حصنا منيعا فقالوا ل نسلم حت تشرب
السم فشربه فلم يضره .و " سعد بن أب وقاص " كان مستجاب الدعوة ما دعا قط إل استجيب له وهو الذي هزم
جنود كسرى وفتح العراق .و " عمر بن الطاب " لا أرسل جيشا أمر عليهم رجل يسمى " سارية " فبينما عمر
يطب فجعل يصيح على النب يا سارية البل يا سارية البل فقدم رسول اليش فسأل فقال يا أمي الؤمني لقينا عدوا
فهزمونا فإذا بصائح :يا سارية البل يا سارية البل فأسندنا ظهورنا بالبل فهزمهم ال .ولا عذبت " الزبية " على
السلم ف ال فأبت إل السلم وذهب بصرها قال الشركون أصاب بصرها اللت والعزى قالت كل وال فرد ال
عليها بصرها .ودعا " سعيد بن زيد " على أروى بنت الكم فأعمي بصرها لا كذبت عليه فقال :اللهم إن كانت
كاذبة فأعم بصرها واقتلها ف أرضها فعميت ووقعت ف حفرة من أرضها فماتت " .والعلء بن الضرمي " كان
عامل رسول ال صلى ال عليه وسلم على البحرين وكان يقول ف دعائه :يا عليم ! يا حليم ! يا علي ! يا عظيم !
) 47 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
فيستجاب له ودعا ال بأن يسقوا ويتوضئوا لا عدموا الاء والسقاء لا بعدهم فأجيب ودعا ال لا اعترضهم البحر ول
يقدروا على الرور بيولم فمروا كلهم على الاء ما ابتلت سروج خيولم ،ودعا ال أن ل يروا جسده إذا مات فلم
يدوه ف اللحد .وجرى مثل ذلك " لب مسلم الولن " الذي ألقي ف النار فإنه مشى هو ومن معه من العسكر
على دجلة وهي ترمى بالشب من مدها ث التفت إل أصحابه فقال :تفقدون من متاعكم شيئا حت أدعو ال عز
وجل فيه فقال بعضهم :فقدت ملة فقال اتبعن فتبعه فوجدها قد تعلقت بشيء فأخذها وطلبه السود العنسي لا
ادعى النبوة فقال له :أتشهد أن رسول ال .قال ما أسع قال أتشهد أن ممدا رسول ال ؟ قال نعم فأمر بنار فألقي
فيها فوجدوه قائما يصلي فيها وقد صارت عليه بردا وسلما ،وقدم الدينة بعد موت النب صلى ال عليه وسلم
فأجلسه عمر بينه وبي أب بكر الصديق رضي ال عنهما وقال المد ل الذي ل يتن حت أرى من أمة ممد صلى ال
عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل ال .ووضعت له جارية السم ف طعامه فلم يضره .وخببت امرأة
عليه زوجته فدعا عليها فعميت وجاءت وتابت فدعا لا فرد ال عليها بصرها .وكان " عامر بن عبد قيس " يأخذ
عطاءه ألفي درهم ف كمه وما يلقاه سائل ف طريقه إل أعطاه بغي عدد ث ييء إل بيته فل يتغي عددها ول وزنا .
ومر بقافلة قد حبسهم السد فجاء حت مس بثيابه السد ث وضع رجله على عنقه وقال :إنا أنت كلب من كلب
الرحن وإن أستحي أن أخاف شيئا غيه ومرت القافلة ودعا ال تعال أن يهون عليه الطهور ف الشتاء فكان يؤتى
بالاء له بار ودعا ربه أن ينع قلبه من الشيطان وهو ف الصلة فلم يقدر عليه .وتغيب " السن البصري " عن
الجاج فدخلوا عليه ست مرات فدعا ال عز وجل فلم يروه ودعا على بعض الوارج كان يؤذيه فخر ميتا .و "
صلة بن أشيم " مات فرسه وهو ف الغزو فقال اللهم ل تعل لخلوق علي منة ودعا ال عز وجل فأحيا له فرسه .
فلما وصل إل بيته قال يا بن خذ سرج الفرس فإنه عارية فأخذ سرجه فمات الفرس وجاع مرة بالهواز فدعا ال عز
وجل واستطعمه فوقعت خلفه دوخلة رطب ف ثوب حرير فأكل التمر وبقي الثوب عند زوجته زمانا .وجاء السد
وهو يصلي ف غيضة بالليل فلما سلم قال له اطلب الرزق من غي هذا الوضع فول السد وله زئي .وكان " سعيد
بن السيب " ف أيام الرة يسمع الذان من قب رسول ال صلى ال عليه وسلم أوقات الصلوات وكان السجد قد
خل فلم يبق غيه .ورجل من " النخع " كان له حار فمات ف الطريق فقال له أصحابه هلم نتوزع متاعك على
رحالنا فقال لم :أمهلون هنيهة ث توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتي ودعا ال تعال فأحيا له حاره فحمل عليه
متاعه .ولا مات " أويس القرن " وجدوا ف ثيابه أكفانا ل تكن معه قبل ووجدوا له قبا مفورا فيه لد ف صخرة
فدفنوه فيه وكفنوه ف تلك الثواب .وكان " عمرو بن عقبة بن فرقد " يصلي يوما ف شدة الر فأظلته غمامة وكان
السبع يميه وهو يرعى ركاب أصحابه لنه كان يشترط على أصحابه ف الغزو أنه يدمهم .وكان " مطرف بن عبد
ال بن الشخي " إذا دخل بيته سبحت معه آنيته وكان هو وصاحب له يسيان ف ظلمة فأضاء لما طرف السوط .
ولا مات الحنف بن قيس وقعت قلنسوة رجل ف قبه فأهوى ليأخذها فوجد القب قد فسح فيه مد البصر .وكان "
) 48 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
إبراهيم التيمي " يقيم الشهر والشهرين ل يأكل شيئا وخرج يتار لهله طعاما فلم يقدر عليه فمر بسهلة حراء فأخذ
منها ث رجع إل أهله ففتحها فإذا هي حنطة حراء فكان إذا زرع منها ترج السنبلة من أصلها إل فرعها حبا متراكبا
.وكان " عتبة الغلم " سأل ربه ثلث خصال صوتا حسنا ودمعا غزيرا وطعاما من غي تكلف .فكان إذا قرأ بكى
وأبكى ودموعه جارية دهره وكان يأوي إل منله فيصيب فيه قوته ول يدري من أين يأتيه .وكان " عبد الواحد بن
زيد " أصابه الفال فسأل ربه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء فكان وقت الوضوء تطلق له أعضاؤه ث تعود بعده .
وهذا باب واسع قد بسط الكلم على كرامات الولياء ف غي هذا الوضع .وأما ما نعرفه عن أعيان ونعرفه ف هذا
الزمان فكثي .
وما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بسب حاجة الرجل فإذا احتاج إليها الضعيف اليان أو الحتاج
أتاه منها ما يقوي إيانه ويسد حاجته ويكون من هو أكمل ولية ل منه مستغنيا عن ذلك فل يأتيه مثل ذلك لعلو
درجته وغناه عنها ل لنقص وليته ،ولذا كانت هذه المور ف التابعي أكثر منها ف الصحابة ،بلف من يري
على يديه الوارق لدي اللق ولاجتهم فهؤلء أعظم درجة .وهذا بلف الحوال الشيطانية مثل حال { عبد ال
بن صياد الذي ظهر ف زمن النب صلى ال عليه وسلم وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال وتوقف النب صلى ال
عليه وسلم ف أمره حت تبي له فيما بعد أنه ليس هو الدجال ،لكنه كان من جنس الكهان قال له النب صلى ال عليه
وسلم قد خبأت لك خبئا قال :الدخ الدخ .وقد كان خبأ له سورة الدخان فقال له النب صلى ال عليه وسلم اخسأ
فلن تعدو قدرك } " يعن إنا أنت من إخوان الكهان ،والكهان كان يكون لحدهم القرين من الشياطي يبه بكثي
من الغيبات با يسترقه من السمع وكانوا يلطون الصدق بالكذب كما ف الديث الصحيح الذي رواه البخاري
وغيه أن النب صلى ال عليه وسلم { قال :إن اللئكة تنل ف العنان وهو السحاب فتذكر المر قضي ف السماء
فتسترق الشياطي السمع فتوحيه إل الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم } " وف الديث الذي رواه
مسلم عن ابن عباس رضي ال عنهما قال { " :بينما النب صلى ال عليه وسلم ف نفر من النصار إذ رمي بنجم
فاستنار فقال النب صلى ال عليه وسلم :ما كنتم تقولون لثل هذا ف الاهلية إذا رأيتموه ؟ قالوا كنا نقول يوت
عظيم أو يولد عظيم قال رسول ال صلى ال عليه وسلم فإنه ل يرمى با لوت أحد ول لياته ،ولكن ربنا تبارك
وتعال إذا قضى أمرا سبح حلة العرش ث سبح أهل السماء الذين يلونم ث الذين يلونم حت يبلغ التسبيح أهل هذه
السماء ث يسأل أهل السماء السابعة حلة العرش ماذا قال ربنا ؟ فيخبونم ث يستخب أهل كل ساء حت يبلغ الب
أهل السماء الدنيا وتطف الشياطي السمع فيمون فيقذفونه إل أوليائهم فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم
يزيدون } " .وف رواية قال معمر قلت للزهري :أكان يرمى با ف الاهلية قال نعم ولكنها غلظت حي بعث النب
صلى ال عليه وسلم .و " السود العنسي " الذي ادعى النبوة كان له من الشياطي من يبه ببعض المور الغيبة فلما
قاتله السلمون كانوا يافون من الشياطي أن يبوه با يقولون فيه :حت أعانتهم عليه امرأته لا تبي لا كفره فقتلوه
) 49 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
.وكذلك " مسيلمة الكذاب " كان معه من الشياطي من يبه .بالغيبات ويعينه على بعض المور وأمثال هؤلء
كثيون مثل :الارث الدمشقي " الذي خرج بالشام زمن عبد اللك بن مروان وادعى النبوة وكانت الشياطي
يرجون رجليه من القيد وتنع السلح أن ينفذ فيه وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده وكان يرى الناس رجال وركبانا
على خيل ف الواء ويقول :هي اللئكة وإنا كانوا جنا ولا أمسكه السلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ
فيه فقال له عبد اللك :إنك ل تسم ال فسمى ال فطعنه فقتله .وهكذا أهل " الحوال الشيطانية " تنصرف عنهم
شياطينهم إذا ذكر عندهم ما يطردها مثل آية الكرسي فإنه قد ثبت ف الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم ف
حديث أب هريرة رضي ال عنه { لا وكله النب صلى ال عليه وسلم بفظ زكاة الفطر فسرق منه الشيطان ليلة بعد
ليلة وهو يسكه فيتوب فيطلقه فيقول له النب صلى ال عليه وسلم ما فعل أسيك البارحة فيقول زعم أنه ل يعود
فيقول كذبك وإنه سيعود فلما كان ف الرة الثالثة .قال :دعن حت أعلمك ما ينفعك :إذا أويت إل فراشك فاقرأ
آية الكرسي { ال ل إله إل هو الي القيوم } إل آخرها فإنه لن يزال عليك من ال حافظ ول يقربك شيطان حت
تصبح فلما أخب النب صلى ال عليه وسلم قال صدقك وهو كذوب } " وأخبه أنه شيطان .ولذا إذا قرأها
النسان عند الحوال الشيطانية بصدق أبطلتها مثل من يدخل النار بال شيطان أو يضر ساع الكاء والتصدية فتنل
عليه الشياطي وتتكلم على لسانه كلما ل يعلم وربا ل يفقه وربا كاشف بعض الاضرين با ف قلبه وربا تكلم
بألسنة متلفة كما يتكلم الن على لسان الصروع والنسان الذي حصل له الال ل يدري بذلك بنلة الصروع
الذي يتخبطه الشيطان من الس ولبسه وتكلم على لسانه فإذا أفاق ل يشعر بشيء ما قال ولذا قد يضرب الصروع
وذلك الضرب ل يؤثر ف النسي ويب إذا أفاق أنه ل يشعر بشيء لن الضرب كان على الن الذي لبسه .ومن
هؤلء من يأتيه الشيطان بأطعمة وفواكه وحلوى وغي ذلك ما ل يكون ف ذلك الوضع ومنهم من يطي بم الن إل
مكة أو بيت القدس أو غيها ومنهم من يمله عشية عرفة ث يعيده من ليلته فل يج حجا شرعيا ،بل يذهب بثيابه
ول يرم إذا حاذى اليقات ول يلب ول يقف بزدلفة ول يطوف بالبيت ،ول يسعى بي الصفا والروة ول يرمي
المار بل يقف بعرفة بثيابه ث يرجع من ليلته وهذا ليس بج [ ولذا رأى بعض هؤلء اللئكة تكتب الجاج ] فقال
أل تكتبون ؟ فقالوا لست من الجاج .يعن حجا شرعيا .
وبي كرامات الولياء وما يشبهها من الحوال الشيطانية فروق متعددة :منها أن " كرامات الولياء " سببها
اليان والتقوى و " الحوال الشيطانية " سببها ما نى ال عنه ورسوله .وقد قال تعال { :قل إنا حرم رب
الفواحش ما ظهر منها وما بطن والث والبغي بغي الق وأن تشركوا بال ما ل ينل به سلطانا وأن تقولوا على ال ما
ل تعلمون } فالقول على ال بغي علم والشرك والظلم والفواحش قد حرمها ال تعال ورسوله فل تكون سببا لكرامة
ال تعال بالكرامات عليها فإذا كانت ل تصل بالصلة والذكر وقراءة القرآن بل تصل با يبه الشيطان وبالمور الت
فيها شرك كالستغاثة بالخلوقات أو كانت ما يستعان با على ظلم اللق وفعل الفواحش فهي من الحوال الشيطانية
) 50 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
ل من الكرامات الرحانية .ومن هؤلء من إذا حضر ساع الكاء والتصدية يتنل عليه شيطانه حت يمله ف الواء
ويرجه من تلك الدار فإذا حصل رجل من أولياء ال تعال طرد شيطانه فيسقط كما جرى هذا لغي واحد .ومن
هؤلء من يستغيث بخلوق إما حي أو ميت سواء كان ذلك الي مسلما أو نصرانيا أو مشركا فيتصور الشيطان
بصورة ذلك الستغاث به ويقضي بعض حاجة ذلك الستغيث فيظن أنه ذلك الشخص أو هو ملك على صورته وإنا
هو شيطان أضله لا أشرك بال كما كانت الشياطي تدخل الصنام وتكلم الشركي .ومن هؤلء من يتصور له
الشيطان ويقول له :أنا الضر وربا أخبه ببعض المور وأعانه على بعض مطالبه كما قد جرى ذلك لغي واحد من
السلمي واليهود والنصارى وكثي من الكفار بأرض الشرق والغرب يوت لم اليت فيأت الشيطان بعد موته على
صورته وهم يعتقدون أنه ذلك اليت ويقضي الديون ويرد الودائع ويفعل أشياء تتعلق باليت ويدخل على زوجته
ويذهب وربا يكونون قد أحرقوا ميتهم بالنار كما تصنع كفار الند فيظنون أنه عاش بعد موته .ومن هؤلء شيخ
كان بصر أوصى خادمه فقال :إذا أنا مت فل تدع أحدا يغسلن فأنا أجيء وأغسل نفسي فلما مات رآى خادمه
شخصا ف صورته فاعتقد أنه هو دخل وغسل نفسه فلما قضى ذلك الداخل غسله -أي غسل اليت -غاب وكان
ذلك شيطانا وكان قد أضل اليت وقال :إنك بعد الوت تيء فتغسل نفسك فلما مات جاء أيضا ف صورته ليغوي
الحياء كما أغوى اليت قبل ذلك .ومنهم من يرى عرشا ف الواء وفوقه نور ويسمع من ياطبه ويقول أنا ربك
فإن كان من أهل العرفة علم أنه شيطان فزجره واستعاذ بال منه فيزول .ومنهم من يرى أشخاصا ف اليقظة يدعي
أحدهم أنه نب أو صديق أو شيخ من الصالي وقد جرى هذا لغي واحد ومنهم من يرى ف منامه أن بعض الكابر :
إما الصديق رضي ال عنه أو غيه قد قص شعره أو حلقه أو ألبسه طاقيته أو ثوبه فيصبح وعلى رأسه طاقية وشعره
ملوق أو مقصر وإنا الن قد حلقوا شعره أو قصروه وهذه الحوال الشيطانية تصل لن خرج عن الكتاب والسنة
وهم درجات والن الذين يقترنون بم من جنسهم وهم على مذهبهم والن فيهم الكافر والفاسق والخطئ فإن كان
النسي كافرا أو فاسقا أو جاهل دخلوا معه ف الكفر والفسوق والضلل وقد يعاونونه إذا وافقهم على ما يتارونه
من الكفر مثل القسام عليهم بأساء من يعظمونه من الن وغيهم ومثل أن يكتب أساء ال أو بعض كلمه بالنجاسة
أو يقلب فاتة الكتاب أو سورة الخلص أو آية الكرسي أو غيهن ويكتبهن بنجاسة فيغورون له الاء وينقلونه بسبب
ما يرضيهم به من الكفر .وقد يأتونه با يهواه من امرأة أو صب إما ف الواء وإما مدفوعا ملجأ إليه .إل أمثال هذه
المور الت يطول وصفها واليان با إيان بالبت والطاغوت .والبت السحر والطاغوت الشياطي والصنام وإن
كان الرجل مطيعا ل ورسوله باطنا وظاهرا ل يكنهم الدخول معه ف ذلك أو مسالته .ولذا لا كانت عبادة
السلمي الشروعة ف الساجد الت هي بيوت ال كان عمار الساجد أبعد عن الحوال الشيطانية وكان أهل الشرك
والبدع يعظمون القبور ومشاهد الوتى فيدعون اليت أو يدعون به أو يعتقدون أن الدعاء عنده مستجاب أقرب إل
الحوال الشيطانية فإنه ثبت ف الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال " { لعن ال اليهود والنصارى اتذوا
) 51 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
قبور أنبيائهم مساجد } " .وثبت ف صحيح مسلم عنه أنه قال قبل أن يوت بمس ليال { " :إن من آمن الناس
علي ف صحبته وذات يده أبو بكر ولو كنت متخذا خليل من أهل الرض لتذت أبا بكر خليل ولكن صاحبكم
خليل ال .ل يبقي ف السجد خوخة إل سدت إل خوخة أب بكر إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد
أل فل تتخذوا القبور مساجد فإن أناكم عن ذلك } " .وف الصحيحي عنه أنه ذكر له ف مرضه كنيسة بأرض
البشة وذكروا من حسنها وتصاوير فيها فقال " { إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصال بنوا على قبه مسجدا
وصوروا فيها تلك التصاوير أولئك شرار اللق عند ال يوم القيامة } " .وف السند وصحيح أب حات عنه صلى ال
عليه وسلم قال " { إن من شرار اللق من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين اتذوا القبور مساجد } " وف
الصحيح عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال " { ل تلسوا على القبور ول تصلوا إليها } " وف الوطأ عنه أنه قال "
{ اللهم ل تعل قبي وثنا يعبد اشتد غضب ال على قوم اتذوا قبور أنبيائهم مساجد } " .وف السنن عنه أنه قال "
{ ل تتخذوا قبي عيدا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلتكم تبلغن } " .وقال صلى ال عليه وسلم { " :ما من
رجل يسلم علي إل رد ال علي روحي حت أرد عليه السلم } " وقال صلى ال عليه وسلم { " :إن ال وكل
بقبي ملئكة يبلغون عن أمت السلم } " وقال صلى ال عليه وسلم { " :أكثروا علي من الصلة يوم المعة وليلة
المعة ،فإن صلتكم معروضة علي قالوا :يا رسول ال ! كيف تعرض صلتنا عليك وقد أرمت -أي بليت ؟ -
فقال إن ال حرم على الرض أن تأكل لوم النبياء } " .وقد قال ال تعال ف كتابه عن الشركي من قوم نوح
عليه السلم { :وقالوا ل تذرن آلتكم ول تذرن ودا ول سواعا ول يغوث ويعوق ونسرا } قال ابن عباس وغيه من
السلف :هؤلء قوم كانوا صالي من قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ث صوروا تاثيلهم فعبدوهم فكان هذا
مبدأ عبادة الوثان .فنهى النب صلى ال عليه وسلم عن اتاذ القبور مساجد ليسد باب الشرك كما نى عن الصلة
وقت طلوع الشمس ووقت غروبا ،لن الشركي يسجدون للشمس حينئذ والشيطان يقارنا وقت الطلوع ووقت
الغروب فتكون ف الصلة حينئذ مشابة لصلة الشركي فسد هذا الباب .والشيطان يضل بن آدم بسب قدرته فمن
عبد الشمس والقمر والكواكب ودعاها -كما يفعل أهل دعوة الكواكب -فإنه ينل عليه شيطان ياطبه ويدثه
ببعض المور ويسمون ذلك روحانية الكواكب وهو شيطان والشيطان وإن أعان النسان على بعض مقاصده فإنه
يضره أضعاف ما ينفعه وعاقبة من أطاعه إل شر إل أن يتوب ال عليه وكذلك عباد الصنام قد تاطبهم الشياطي
وكذلك من استغاث بيت أو غائب وكذلك من دعا اليت أو دعا به أو ظن أن الدعاء عند قبه أفضل منه ف البيوت
والساجد ويروون حديثا هو كذب باتفاق أهل العرفة وهو { " :إذا أعيتكم المور فعليكم بأصحاب القبور } "
وإنا هذا وضع من فتح باب الشرك .
ويوجد لهل البدع وأهل الشرك التشبهي بم من عباد الصنام والنصارى والضلل من السلمي أحوال عند
الشاهد يظنونا كرامات وهي من الشياطي :مثل أن يضعوا سراويل عند القب فيجدونه قد انعقد أو يوضع عنده
) 52 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
مصروع فيون شيطانه قد فارقه .يفعل الشيطان هذا ليضلهم وإذ قرأت آية الكرسي هناك بصدق بطل هذا فإن
التوحيد يطرد الشيطان ،ولذا حل بعضهم ف الواء فقال :ل إله إل ال فسقط ومثل أن يرى أحدهم أن القب قد
انشق وخرج منه إنسان فيظنه اليت وهو شيطان .وهذا باب واسع ل يتسع له هذا الوضع .
ولا كان النقطاع إل الغارات والبوادي من البدع الت ل يشرعها ال ول رسوله صارت الشياطي كثيا ما
تأوي إل الغارات والبال :مثل مغارة الدم الت ببل قاسيون وجبل لبنان الذي بساحل الشام وجبل الفتح بأسوان
بصر وجبال بالروم وخراسان وجبال بالزيرة وغي ذلك وجبل اللكام وجبل الحيش وجبل سولن قرب أردبيل
وجبل شهنك عند تبيز وجبل ماشكو عند أقشوان وجبل ناوند وغي ذلك من البال الت يظن بعض الناس أن با
رجال من الصالي من النس ويسمونم رجال الغيب وإنا هناك رجال من الن فالن رجال كما أن النس رجال
قال تعال { :وأنه كان رجال من النس يعوذون برجال من الن فزادوهم رهقا } .
ومن هؤلء من يظهر بصورة رجل شعران جلده يشبه جلد الاعز فيظن من ل يعرفه أنه إنسي وإنا هو جن
ويقال بكل جبل من هذه البال الربعون البدال وهؤلء الذين يظن أنم البدال هم جن بذه البال كما يعرف
ذلك بطرق متعددة .وهذا باب ل يتسع هذا الوضع لبسطه وذكر ما نعرفه من ذلك فإنا قد رأينا وسعنا من ذلك ما
يطول وصفه ف هذا الختصر الذي كتب لن سأل أن نذكر له من الكلم على أولياء ال تعال ما يعرف به جل ذلك
.
فصل
وما يب أن يعلم أن ال بعث ممدا صلى ال عليه وسلم إل جيع النس والن فلم يبق إنسي ول جن إل
وجب عليه اليان بحمد صلى ال عليه وسلم واتباعه فعليه أن يصدقه فيما أخب ويطيعه فيما أمر ومن قامت عليه
الجة برسالته فلم يؤمن به فهو كافر سواء كان إنسيا أو جنيا .وممد صلى ال عليه وسلم مبعوث إل الثقلي باتفاق
السلمي وقد استمعت الن القرآن وولوا إل قومهم منذرين لا كان النب صلى ال عليه وسلم يصلي بأصحابه ببطن
نلة لا رجع من الطائف وأخبه ال بذلك ف القرآن بقوله { وإذ صرفنا إليك نفرا من الن يستمعون القرآن فلما
حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إل قومهم منذرين } { قالوا يا قومنا إنا سعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا
) 56 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
لا بي يديه يهدي إل الق وإل طريق مستقيم } { يا قومنا أجيبوا داعي ال وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويركم
من عذاب أليم } { ومن ل يب داعي ال فليس بعجز ف الرض وليس له من دونه أولياء } { أولئك ف ضلل
مبي } .وأنزل ال تعال بعد ذلك { قل أوحي إل أنه استمع نفر من الن فقالوا إنا سعنا قرآنا عجبا } { يهدي
إل الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا } { وأنه تعال جد ربنا ما اتذ صاحبة ول ولدا } { وأنه كان يقول
سفيهنا على ال شططا } { وأنا ظننا أن لن تقول النس والن على ال كذبا } { وأنه كان رجال من النس
يعوذون برجال من الن فزادوهم رهقا } أي السفيه منا ف أظهر قول العلماء .وقال غي واحد من السلف :كان
الرجل من النس إذا نزل بالوادي قال :أعوذ بعظيم هذا الوادي من شر سفهاء قومه فلما استغاثت النس بالن
ازدادت الن طغيانا وكفرا كما قال تعال { :وأنه كان رجال من النس يعوذون برجال من الن فزادوهم رهقا }
{ وأنم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث ال أحدا } { وأنا لسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا }
وكانت الشياطي ترمي بالشهب قبل أن ينل القرآن ،لكن كانوا أحيانا يسترقون السمع قبل أن يصل الشهاب إل
أحدهم فلما بعث ممد صلى ال عليه وسلم ملئت السماء حرسا شديدا وشهبا وصارت الشهب مرصدة لم قبل أن
يسمعوا كما قالوا { :وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الن يد له شهابا رصدا } وقال تعال ف الية
الخرى { :وما تنلت به الشياطي } { وما ينبغي لم وما يستطيعون } { إنم عن السمع لعزولون } قالوا :
{ وأنا ل ندري أشر أريد بن ف الرض أم أراد بم ربم رشدا } { وأنا منا الصالون ومنا دون ذلك كنا طرائق
قددا } أي على مذاهب شت كما قال العلماء منهم السلم والشرك والنصران والسن والبدعي { وأنا ظننا أن لن
نعجز ال ف الرض ولن نعجزه هربا } أخبوا أنم ل يعجزونه :ل إن أقاموا ف الرض ول إن هربوا منه { وأنا لا
سعنا الدى آمنا به فمن يؤمن بربه فل ياف بسا ول رهقا } { وأنا منا السلمون ومنا القاسطون } أي الظالون
يقال أقسط إذا عدل وقسط إذا جار وظلم { فمن أسلم فأولئك تروا رشدا } { وأما القاسطون فكانوا لهنم حطبا
} { وألو استقاموا على الطريقة لسقيناهم ماء غدقا } { لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا }
{ وأن الساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا } { وأنه لا قام عبد ال يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا } { قل إنا أدعو
رب ول أشرك به أحدا } { قل إن ل أملك لكم ضرا ول رشدا } { قل إن لن يين من ال أحد ولن أجد من
دونه ملتحدا } أي ملجأ ومعاذا { إل بلغا من ال ورسالته ومن يعص ال ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها
أبدا } { حت إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا } .ث لا سعت الن القرآن أتوا إل
النب صلى ال عليه وسلم وآمنوا به وهم جن نصيبي كما ثبت ذلك ف الصحيح من حديث ابن مسعود وروي { أنه
قرأ عليهم سورة الرحن وكان إذا قال { :فبأي آلء ربكما تكذبان } قالوا :ول بشيء من آلئك ربنا نكذب فلك
المد } { .ولا اجتمعوا بالنب صلى ال عليه وسلم سألوه الزاد لم ولدوابم فقال :لكم كل عظم ذكر اسم ال
عليه تدونه أوفر ما يكون لما وكل بعرة علفا لدوابكم قال النب صلى ال عليه وسلم :فل تستنجوا بما فإنما زاد
) 57 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
لخوانكم من الن } وهذا النهي ثابت عنه من وجوه متعددة وبذلك احتج العلماء على النهي عن الستنجاء بذلك
وقالوا فإذا منع من الستنجاء با للجن ولدوابم فما أعد للنس ولدوابم من الطعام والعلف أول وأحرى .
وممد صلى ال عليه وسلم أرسل إل جيع النس والن وهذا أعظم قدرا عند ال تعال من كون الن
سخروا لسليمان عليه السلم ،فإنم سخروا له يتصرف فيهم بكم اللك وممد صلى ال عليه وسلم أرسل إليهم
يأمرهم با أمر ال به ورسوله لنه عبد ال ورسوله ومنلة العبد الرسول فوق منلة النب اللك .وكفار الن يدخلون
النار بالنص والجاع وأما مؤمنوهم فجمهور العلماء على أنم يدخلون النة وجهور العلماء على أن الرسل من
النس ول يبعث من الن رسول .لكن منهم النذر وهذه السائل لبسطها موضع آخر .
والقصود هنا أن الن مع النس على أحوال :فمن كان من النس يأمر الن با أمر ال به ورسوله من عبادة
ال وحده وطاعة نبيه ويأمر النس بذلك فهذا من أفضل أولياء ال تعال وهو ف ذلك من خلفاء الرسول ونوابه .
ومن كان يستعمل الن ف أمور مباحة له فهو كمن استعمل النس ف أمور مباحة له وهذا كأن يأمرهم با يب
عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم ف مباحات له فيكون بنلة اللوك الذين يفعلون مثل ذلك وهذا إذا قدر
أنه من أولياء ال تعال فغايته أن يكون ف عموم أولياء ال مثل النب اللك مع العبد الرسول :كسليمان ويوسف مع
إبراهيم وموسى وعيسى وممد صلوات ال وسلمه عليهم أجعي .ومن كان يستعمل الن فيما ينهى ال عنه
ورسوله إما ف الشرك وإما ف قتل معصوم الدم أو ف العدوان عليهم بغي القتل كتمريضه وإنسائه العلم وغي ذلك
من الظلم وإما ف فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بم على الث والعدوان ث إن استعان بم
على الكفر فهو كافر وإن استعان بم على العاصي فهو عاص :إما فاسق وإما مذنب غي فاسق وإن ل يكن تام العلم
بالشريعة فاستعان بم فيما يظن أنه من الكرامات :مثل أن يستعي بم على الج أو أن يطيوا به عند السماع البدعي
أو أن يملوه إل عرفات ول يج الج الشرعي الذي أمره ال به ورسوله وأن يملوه من مدينة إل مدينة ونو ذلك
فهذا مغرور قد مكروا به .
وكثي من هؤلء قد ل يعرف أن ذلك من الن بل قد سع أن أولياء ال لم كرامات وخوارق للعادات وليس
عنده من حقائق اليان ومعرفة القرآن ما يفرق به بي الكرامات الرحانية وبي التلبيسات الشيطانية فيمكرون به
بسب اعتقاده فإن كان مشركا يعبد الكواكب والوثان أوهوه أنه ينتفع بتلك العبادة ويكون قصده الستشفاع
والتوسل من صور ذلك الصنم على صورته من ملك أو نب أو شيخ صال فيظن أنه صال وتكون عبادته ف القيقة
للشيطان قال ال تعال { :ويوم يشرهم جيعا ث يقول للملئكة أهؤلء إياكم كانوا يعبدون } { قالوا سبحانك
أنت ولينا من دونم بل كانوا يعبدون الن أكثرهم بم مؤمنون } .ولذا كان الذين يسجدون للشمس والقمر
والكواكب يقصدون السجود لا فيقارنا الشيطان عند سجودهم ليكون سجودهم له ،ولذا يتمثل الشيطان بصورة
) 58 الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( --------------------
من يستغيث به الشركون .فإن كان نصرانيا واستغاث برجس أو غيه جاء الشيطان ف صورة جرجس أو من
يستغيث به وإن كان منتسبا إل السلم واستغاث بشيخ يسن الظن به من شيوخ السلمي جاء ف صورة ذلك
الشيخ وإن كان من مشركي الند جاء ف صورة من يعظمه ذلك الشرك .ث إن الشيخ الستغاث به إن كان من له
خبة بالشريعة ل يعرفه الشيطان أنه تثل لصحابه الستغيثي به وإن كان الشيخ من ل خبة له بأقوالم نقل أقوالم له
فيظن أولئك أن الشيخ سع أصواتم من البعد وأجابم وإنا هو بتوسط الشيطان .
ولقد أخب بعض الشيوخ الذين كان قد جرى لم مثل هذا بصورة مكاشفة وماطبة فقال :يرونن الن شيئا
براقا مثل الاء والزجاج ويثلون له فيه ما يطلب منه الخبار به قال :فأخب الناس به ويوصلون إل كلم من استغاث
ب من أصحاب فأجيبه فيوصلون جواب إليه .وكان كثي من الشيوخ الذين حصل لم كثي من هذه الوارق إذا
كذب با من ل يعرفها وقال إنكم تفعلون هذا بطريق اليلة كما يدخل النار بجر الطلق وقشور النارنج ودهن
الضفادع وغي ذلك من اليل الطبيعية فيعجب هؤلء الشايخ ويقولون نن وال ل نعرف شيئا من هذه اليل .فلما
ذكر لم البي إنكم لصادقون ف ذلك ولكن هذه الحوال شيطانية أقروا بذلك وتاب منهم من تاب ال عليه لا تبي
لم الق وتبي لم من وجوه أنا من الشيطان ورأوا أنا من الشياطي لا رأوا أنا تصل بثل البدع الذمومة ف الشرع
وعند العاصي ل فل تصل عندما يبه ال ورسوله من العبادات الشرعية فعلموا أنا حينئذ من مارق الشيطان لوليائه
،ل من كرامات الرحن لوليائه .وال سبحانه وتعال أعلم بالصواب وإليه الرجع والآب وصلى ال وسلم على
ممد سيد رسله وأنبيائه وعلى آله وصحبه وأنصاره وأشياعه وخلفائه صلة وسلما نستوجب بما شفاعته " آمي " .