Al Hajar
Al Hajar
سوهُ ْم َوقُولُوا لَهُ ْم قَ ْوالً َم ْع ُروفا ً * َوا ْبتَلُوا ا ْليَتَا َمى َحت َّى إِ َذا بَلَغُوا النِّ َك َ
اح فَإِنْ ار ُزقُوهُ ْم فِي َها َوا ْك ُ
َو ْ تسديد ديونه :فإنه يسجن ،قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه هللا " :و َمن كان قادراً على
ست ُ ْم ِم ْنهُ ْم ُرشْداً فَا ْدفَعُوا إِلَ ْي ِه ْم أ َ ْم َوالَهُ ْم) النساء ، 6 ، 5/فدلت اآليتان على الحجر على السفيه
آن َ ْ نص على ذلك األئمة من أصحاب مالك
وفاء د ْينه ,وامتنع ,أجبر على وفائه بالضرب والحبس َّ ,
واليتيم في ماله ; لئال يفسده ويضيعه ,وأنه ال يدفع إليه إال بعد تحقق رشده فيه ،وقد حجر النبي والشافعي وأحمد وغيرهم " ,قال " :وال أعلم فيه نزاعا ً " انتهى.
صلى هللا عليه وسلم على بعض الصحابة ألجل قضاء ما عليه من الديون.
ضه وعقوبتَه ) رواه أحمد وأبو
وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم ( :لي الواجد ظلم يُح ُّل عر َ
والحجر نوعان:
َ 2. وعرضه :شكواه ,وعقوبته :حبسه ; فالمماطل بقضاء ما عليه من الحق
داود وغيرهما ِ ,
النوع األول :حجر على اإلنسان ألجل حظ غيره ,كالحجر على المفلس لحظ الغرماء. يستحق العقوبة بالحبس والتعزير ,ويكرر عليه ذلك حتى يوفي ما عليه ,فإن أصر على المماطلة
:فإن الحاكم يتدخل فيبيع ماله ويسدد منه ديونه ؛ ألن الحاكم يقوم مقام الممتنع ,وألجل إزالة
النوع الثاني :حجر على اإلنسان ألجل مصلحته هو ; لئال يضيع ماله ويفسده ,كالحجر على
الضرر عن الدائنين ,وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم ( :ال ضرر وال ضرار ).
الصغير والسفيه والمجنون.
قبل حلوله ,وإذا كان ما لديه من المال أقل مما عليه من الدين المؤجل :فإنه ال يحجر عليه من فيلحقه الحجر كالموجود قبل الحجر ,فال ينفذ تصرف المحجور عليه في ماله بعد الحجر بأي نوع
أجل ذلك ,وال يمنع من التصرف في ماله. من أنواع التصرف ,وحتى قبل الحجر عليه يحرم عليه التصرف في ماله تصرفا يضر بغرمائه.
الحالة الثانية :أن يكون الدين حاال ً. قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا " :إذا استغرقت الديون ماله :لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب
الديون ,سواء حجر عليه الحاكم أو لم يحجر عليه ,هذا مذهب مالك واختيار شيخنا – يريد :
فللمدين حينئذ حالتان:
شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا , " -قال " :وهو الصحيح ,وهو الذي ال يليق بأصول المذهب
األولى :أن يكون ماله أكثر من الد ْين الذي عليه :فهذا ال يُحجر عليه في ماله ,ولكن يؤمر بوفاء
غيره ,بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده ؛ ألن حق الغرماء قد تعلق بماله ,ولهذا يحجر
الد ْين إذا طالب بذلك دائنه ,فإن امتنع ُ :حبس وعزِّر حتى يوفي د ْينَه ,فإن صبر على الحبس
عليه الحاكم ,ولوال تعلق حق الغرماء بماله ,لم يسع الحاكم الحجر عليه ,فصار كالمريض مرض
والتعزير ,وامتنع من تسديد الدين :فإن الحاكم يتدخل ويوفي د ْينه من ماله ،ويبيع ما يحتاج
الموت ,وفي تمكين هذا المدين من التبرع إبطال حقوق الغرماء ,والشريعة ال تأتي بمثل هذا ;
إلى بيع من أجل ذلك.
فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق بكل طريق ,وسد الطريق المفضية إلى إضاعتها " انتهى
والثانية :أن يكون ماله أقل مما عليه من الد ْين الحا ِّل ; فهذا يُحجر عليه التصرف في ماله إذا كالمه رحمه هللا.
طالب غرماؤه بذلك ; لئال يضر بهم ; لحديث كعب بن مالك رضي هللا عنه ( :أن رسول هللا صلى
الحكم الثاني :أن من وجد عين ماله الذي باعه عليه أو أقرضه إياه أو أجره إياه قبل الحجر عليه
هللا عليه وسلم حجر على معاذ وباع ماله) رواه الدارقطني والحاكم وصححه ,وقال ابن الصالح
:فله أن يرجع به ويسحبه من عند المفلس ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم ( :من أدرك متاعه عند
" :إنه حديث ثابت " ,وإذا حجر عليه في هذه الحالة :فإنه يُعلن عنه ,ويظهر للناس أنه
إنسان أفلس فهو أحق به ) متفق عليه ; وقد ذكر الفقهاء رحمهم هللا أنه يشترط لرجوع من وجد
محجور عليه ; لئال يغتروا به ويتعاملوا معه ,فتضيع أموالهم.
ماله عند المفلس المحجور عليه ستة شروط:
الحكم الثالث :انقطاع المطالبة عنه بعد الحجر عليه إلى أن ينفك عنه الحجر ,فمن باعه أو
من الحجر عليه ,وفي تأخير ذلك مطل وظلم لهم ,ويترك الحاكم للمفلس ما يحتاج إليه من مسكن
أما الدين المؤجل :فال يحل باإلفالس ,وال يزاحم الديون الحالَّة ؛ ألن األجل حق للمفلس ،فال
يسقط ،كسائر حقوقه ,ويبقى في ذمة المفلس ,ثم بعد توزيع ماله على أصحاب الديون الحالة :
فإن سدَّدها ولم يبق منها شيء :انفك عنه الحجر بال حكم حاكم ; لزوال موجبه ,وإن بقي عليه
شيء من ديونه الحالة :فإنه ال ينفك عنه الحجر إال بحكم الحاكم ; ألنه هو الذي حكم بالحجر
وإذا بقي شيء من الديون لم تسدد ألصحابها فإنها تبقى في ذمته ،حتى يرزقه هللا تعالى ماالً ،
وهللا أعلم