مقدِّمة
الجنائز :بفتح اليم ال غري ،مجع جنازة ،بفتح اليم وكرسها ،ويه امليت ،وقيل :الجنازة بفتح اليم
للميت ،وبكرسها للنعش وعليه امليت ،فإن لم يكن عليه ميت فهو رسير ونعش ،وقيل :إذا لم
يكن عليه امليت فال يقال :نعش ،وال جنازة ،وإنما يقال :رسير .
وقال ابن عثيمني –رمحه اهلل« :-والنائز :هم األموات ،هم األحياء يف الواقع لكنهم انتقلوا من دار
إىل دار أخرى ،كما انتقلوا من ادلار اليت يه بطون أمهاتهم إىل ادلنيا فريجعون بعد ادلنيا إىل ابلطن
األول وهو بطن الرثى والرتاب ،ثم بعد ذلك خيرجون من هذا ابلطن إىل احلياة اآلخرة ،وهذا من
احلكمة أن يكون اخلروج من ابلطن األول إىل ابلقاء اآلخر ،وأما يف ادلنيا فهو اخلروج من ابلطن
اثلاين إىل العمل» .
وهذا الكتاب عقده املصنف لألحاديث الواردة يف أحاكم األموات من الغسل ،واتلكفني ،والصالة،
ّ
وسب األموات ،وغري ذلك .وذكر يف أوهل واحلمل ،وادلفن ،وما يتبع ذلك اكتلعزية ،وزيارة القبور،
األحاديث املتعلقة بذكر املوت وتمنيه ،وما يفعله حارض امليت.
وقد رسد احلافظ يف كتاب النائز مخسة وستني حديثا دون أن يذكر أي باب يف أثناء ذلك ،إال أن
ذلك يف قوة ّ
املبوب؛ ألنه راىع يف رسد األحاديث الرتتيب الفعيل اذلي يصنع امليت ،وإن اكن وجد يف
ثنايا ذلك أحاديث ليست يف حملها.
وذكر النائز يف آخر كتاب الصالة؛ ألن الصالة ىلع امليت أهم ما يفعل به ،وأنفع ما يكون هل؛
ألن فائدتها أخروية ،ويه ادلاعء هل والشفاعة ،لعل اهلل تعاىل أن يرمحه ويتجاوز عنه ،وإال فحقه أن
يذكر بني الوصايا والفرائض.
انظر :مجهرة اللغة البن دريد ( ،)472/1ومعجم مقاييس اللغة البن فارس ( ،)485/1والصحاح تاج اللغة )(1
للجوهري ( ،)1022/3ولسان العرب البن منظور اإلفرييق ( ،)324/5املصباح املنري للفيويم (. )111/1
) (2فتح ذي الالل واإلكرام برشح بلوغ املرام (.)497/2
احلديث الثامن عشر
َّ َ َُْ ََ ََْ ُ َ َ َ َّ َ َ ْ َْ ْ ََ
اك ْم يس َ .ر َواهُ أبُو َد ُ
او َد والن َسايئُّ، َّ َّ
ار أن انل ِِب قال :اقرءوا لَع موت
وعن مع ِق ِل ب ِن يس ٍ
َ َ ّ َ ُ ُ َّ َ
ابن حِبان. وصححه
) (1انظر :صحيح ابن حبان ( ،)271/7وفتح ذي الالل واإلكرام للعالمة ابن العثيمني –رمحه اهلل.)506/2( -
) (2انظر :فتح ذي الالل واإلكرام (.)507-506/2
[ما يستفاد من احلديث ]
َّ
وضعفه طائفة أخرى ،وهو الراجح كما تقدم بيانه. -1هذا احلديث قد َّ
صححه طائفة من العلماء،
-2ىلع القول بصحة احلديث فهو يدل ىلع فضل سورة يس.
صح احلديث. ج
املحترض إن ّ -3مرشوعية قراءة سورة يس ىلع
-4استدل بعض العلماء بهذا احلديث ىلع مرشوعية القراءة عند امليت بعد وفاته بسورة يس
وإهداء ثواب قراءة القرآن إيله ،وسيأيت بيان االختالف يف هذه املسألة.
-1قد استدلوا حبديث معقل بن يسار ريض اهلل عنه ،وقد تقدم بيان ضعفه.
ّ ّ ّ
-2واستدلوا بما روى اإلمام أمحد قال :حدثنا أبو املغرية ،حدثنا صفوان ،حدثين املشيخة ،أنهم
ّ ج
ّ
اثلمال ريض اهلل عنه ،حني اشتد سوقه ،فقال« :هل منكم أحد يقرأ حرضوا غ جضيْف بن احلارث
) (1انظر :كتاب الروح البن قيم الوزية ،ص( ،)11واتللخيص احلبري ( ،)245/2وقد نسب احلافظ هذا القول إىل
املحب الطربي.
) (2انظر :رد املحتار ىلع ادلر املختار أو حاشية ابن اعبدين (.)191/2
) (3انظر :املجموع للنووي (.)115/5
) (4انظر :دقائق أويل انلىه لرشح املنتىه املعروف برشح منتىه اإلرادات للبهويت (.)341/1
) (5انظر :الفتاوى الكربى (.)363/5
) (6قد ذكر ابن القيم –رمحه اهلل -مخسة أوجه يف استحباب قراءة يس ىلع املحترض يف كتاب الروح ،ص(.)12-11
كوينّ ،
فلما بلغ أربعني منها قبض ،قال :واكن املشيخة يقولون: ّ يس؟» قال :فقرأها صالح بن رشيح ّ
الس
ّ
حسن إسناده ابن حجر . خفف عنه بها» .و ّ «إذا قرئت عند امليّت
وقال األبلاين« :فهذا سند صحيح إىل غضيف بن احلارث رىض اهلل عنه ،ورجاهل ثقات غري املشيخة
فإنهم لم يسموا ،فهم جمهولون ،لكن جهاتلهم ،تنجرب بكرثتهم السيما وهم من اتلابعني .وصفوان
هو ابن عمرو وقد وصله ورفعه عنه بعض الضعفاء بلفظ« :إذا قرئت »...فضعيف مقطوع .وقد
وصله بعض املرتوكني واملتهمني بلفظ« :ما من ميت يموت فيقرأ عنده (يس) إال ّ
هون اهلل عليه».
رواه أبو نعيم ىف أخبار أصبهان ( )188/1عن مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو عن رشيح عن أىب
ادلرداء مرفواع به .ومروان هذا قال أمحد والنساىئ" :ليس بثقة" ،وقال الساج وأبو عروبة احلراىن:
"يضع احلديث"»...
-3واستدلوا بما أسند ادليليم من طريق مروان بن سالم ،عن صفوان بن عمرو ،عن رشيح ،عن أيب
َّ ج ج ْ ج ْ ج
«ما ِم ْن جميِّت يم ْوت ،فيق جرأ ِعن جده يسِ ،إال ه َّون اهلل
ادلرداء ريض اهلل عنه قال :قال رسول اهلل :ج
ج
جعليْ ِه» .وذكر ابلوصريي بأن سنده ضعيف لضعف مروان بن سالم الزي .وقال طرهوين« :وفيه
مروان بن سالم القفاري وهو مرتوك وقال أبو زرعة :حديث منكر ارضب عليه ،ولم يقرأه» ،وقال
الشيخ خادل الشاليح« :يف إسناده مروان بن سالم وهو مرتوك .قال ابلخاري :منكر احلديث ،وقال
أمحد :ليس بثقة ،وهكذا قال النسايئ .وقال ادلراقطين :مرتوك احلديث ،وقال مسلم :منكر احلديث،
وقال أبو أمحد احلاكم :ليس بالقائم ،وقال ابن حبان :يروي املناكري عن املشاهري ويأيت عن اثلقات
وقد ذهب إىل هذا القول اإلمام مالك)- (3رمحه اهلل -ووافقه من املتأخرين :ابن باز واألبلاين
-رمحهما اهلل .-واحتجوا ىلع قوهلم بضعف احلديث الوارد يف ذلك ،وألنه ليس من عمل انلاس.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز-رمحه اهلل :-هل قراءة سورة ﴿يس﴾ عند االحتضار جائزة ؟
فأجاب» :قراءة سورة ﴿يس﴾ عند االحتضار جاءت يف حديث معقل بن يسار أن انليب صىل اهلل
ج ج ْ
عليه وسلم قال :اق جرأ ْوا جىلع جم ْوتاك ْم يس صححه مجاعة وظنوا أن إسناده جيد ،وأنه من رواية أيب
عثمان انلهدي عن معقل بن يسار ،وضعفه آخرون ،وقالوا :إن الراوي هل ليس هو أبا عثمان انلهدي
ولكنه شخص آخر جمهول .فاحلديث املعروف فيه أنه ضعيف لهالة أيب عثمان ،فال يستحب قراءتها
ىلع املوىت .واذلي استحبها ظن أن احلديث صحيح فاستحبها ،لكن قراءة القرآن عند املريض أمر
طيب ،ولعل اهلل ينفعه بذلك ،أما ختصيص سورة (يس) فاألصل أن احلديث ضعيف فتخصيصها
)(4
ليس هل وجه».
وقال الشيخ عبد اهلل الفوزان –حفظه اهلل« :-الصواب أن قراءتها غري مرشوعة ،لضعف احلديث،
ويقترص يف ذلك ىلع ما ثبت يف السنة ،وهو تلقينه ال هلإ إال اهلل»).(2
القول اثلاين :أنه ال يصل إىل امليت شء من األعمال الصاحلة إال ما دل ادليلل ىلع أنه يصل .وقد
ذهب إىل هذا القول متقدمو الشافعية ،ومتقدمو املالكية .وقد استدل أصحاب القول اثلاين
بأدلة ،منها:
انلجم]39 : -1قوهل تعاىل :جوأج ْن لجيْ جس لِإلن ْ جسان إال جما جسعج
ِ ِ ِ
ج ج ج ج َّ َّ جْ ج ْج ج ج ج ْ ْ
اإلن جسان انق جط جع عنه ع جمله إِال ِم ْن ثالثة :إِال ِم ْن جص جدقة
-2وقوهل عليه الصالة والسالم« :إِذا مات ِ
جْ ج ج ج ج ْ ْ ج
اريجة ،أ ْو ِعلم ينتجفع ِب ِه ،أ ْو جودل جصا ِلح يدعو هل» أخرجه مسلم ،رقم( ،)1631من حديث أيب هريرة ِ
ج
ج
ريض اهلل عنه.
وقد مات عم انليب صىل اهلل عليه وسلم محزة ريض اهلل عنه ،وزوجته خدجية ،وثالث من بناته،
ولم يرد أنه قرأ عن واحد منهم القرآن ،أو ضىح أو صام أو صىل عنهم ،ولم ينقل شء من ذلك عن
ً
أحد من الصحابة ،ولو اكن مرشواع لسبقونا إيله .قال احلافظ ابن كثري رمحه اهلل عند تفسري قوهل
ان ِإال جما جس جع « ،ومن هذه اآلية استنبط الشافيع ومن تبعه أن القراءة ال تعاىل :جوأج ْن لجيْ جس لِإلن ْ ج
س
ِ ِ
وقد سئل الشيخ ابن باز رمحه هلل عن إهداء ثواب قراءة القرآن والصدقة لألم ،سواء اكنت حية أم
ميتة ،فأجاب« :أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء يف وصول ثوابها إىل امليت ىلع قولني ألهل العلم،
واألرجح أنها ال تصل لعدم ادليلل؛ ألن الرسول صىل اهلل عليه وسلم لم يفعلها ألمواته من املسلمني
ْ
كبناته الاليت منت يف حياته عليه الصالة والسالم ،ولم يفعلها الصحابة ريض اهلل عنهم وأرضاهم فيما
علمنا ،فاألوىل للمؤمن أن يرتك ذلك وال يقرأ للموىت وال لألحياء وال يصيل هلم ،وهكذا اتلطوع
بالصوم عنهم؛ ألن ذلك لكه ال ديلل عليه ،واألصل يف العبادات اتلوقيف إال ما ثبت عن اهلل سبحانه
أو عن رسوهل صىل اهلل عليه وسلم رشعيته»).(2