ARAB
Oleh
Dr. H. Muh. Napis Djuaeni
Editor :
Muh. Saleh Syamsuri
تأليــــــــــــــــف
ذ.محــــــــمد نفــيــــس جــــــويني
مراحعـة
محمـد صالح شامسورى
2018
2
Hak Cipta Dilindungi Undang-Undang:
Judul:
Seni Pidato Arab
Penulis:
Dr. H. Muh. Napis Djuaeni, MA
Editor:
Muh. Saleh Syamsuri
Cetakan I: 2018
vi + 167 hlm.; 15,5 x 23 cm
ISBN: 978-602-328-414-6
Alhamdulillah, segala puji bagi Allah yang maha Agung dan Maha
Pemurah. Salam dan Salawat kita persembahkan kepada baginda
Rasulullah SAW. sebagai manusia ciptaan Allah yang terpasih serta
kepada segenap sahabatnya.
Buku yang sederhana ini menyajikan teori seni pidato Arab
(khitabah) yang berkenaan dengan kaidah-kaidahnya, asal-usulnya,
macam-macamnya, sifatnya dan perkembangannya serta urgensi
dan contoh-contohnya yang beraneka ragam. Buku yang disajikan
oleh penulis ditujukan kepada segenap pembaca, penuntut ilmu
dengan harapan semoga karya yang sederhana ini memberikan
manfaat.
Perlu kita ketahui bahwa pidato atau khitabah tidak terbatas
hanya ilmu yang dihafal atau teori seni yang dipahami, tetapi lebih
dari itu, ia merupakan ilmu dan seni yang harus diamalkan. Oleh
karena itu seorang khatib atau orator harus memiliki pengetahuan
dan wawasan yang luas serta memahami situasi dan kondisi di
mana ia menyampaikan pidato atau khitabah, agar mendapatkan
hasil yang diharapkan.
Kami memohon kepada Allah SWT. kiranya buku ini bernilai
ibadah di sisiNya dan memberi manfaat. Wasallam.
Penulis,
i
مقـدمـة
الحمد هلل الذي خلق اإلنسان وعلمه البيان والصالة والسالم على خير
األنام سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم أفصح العرب والعجم لسانا
إمام الخطباء وعلى آله البررة الكرام وأصحابه العاملين المخلصين
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم ال ينفع مال وال بنون.
وبعد ،فهذا الكتاب المتواضع يتناول نظرية فن الخطابة العربية
في قواعدها وأصولـها وأنواعها وتاريخها وتطورها وأهـميتها
ونماذجها المتنوعة .وهو الكتاب الذي يقدمه المؤلف للقراء
والمستمعين فضال عن طالب العلم ،ويرجو المؤلف من ورائه تحقيق
النفع والخير للمسلمين.
كما هو معلوم أن الخطابة أو الخطبة ليست قاصرة على علم
يحفظ أو فن يطبق ولكنها معايشة ومعاناة وممارسة للحديث عن أرض
الواقع واإلحاطة بعلم قواعد الخطابة وأصولـها وفروعها .كما أن
الخطابة بالدرجة األولى استعداد ،ولكنه ينمو بالممارسة والتلقى عن
نماذج حية .ومن وراء االستعداد رصيد من الثقافة.
ولذلك فإن الخطيب ال بد وأن يكون عنده رصيد من الثقافة
ومتابعة األحداث الجارية إلعطائها ما يناسبها من عالج على ضوء
ثقافة عامة ال تقتصر على الناحية الدينية فقط بل يجب أن يكون ملما
بما تقدمه المطابع وتعرضه التجارب البشرية المستمرة المتواصلة.
ونسأل هللا العلي العظيم أن ينفع بـهذا الكتاب كل من التمس علما
وأراد خيرا ،وأن يجزي المؤلف خير الجزاء بما قدم لإلسالم
والمسلمين وأن يجعل هذا العلم في ميزان حسناته.
وهللا الموفق إلى سواء السبيل.
ii
DAFTAR ISI
Kata Pengantar i
Daftar Isi iii
Pasal 1: Makna dan Urgensi Pidato (Khitabah)
1. Makna Pidato Secara Etimologi dan
Terminologi 1
2. Tujuan Pidato dan Faedahnya 6
3. Urgensi Pidato 7
Pasal 2: Pidato antara Seni dan Ilmu
1. Pidato dalam Seni Sastra 10
2. Pidato dan Ilmu Humaniora 13
3. Hubungan antara Pidato dan Mantiq 14
4. Pidato Kaitannya dengan Ilmu Jiwa dan
Ilmu Sosial 16
Pasal 3: Gaya Pidato
1. Ciri-ciri Pidato 20
2. Faktor-faktor Keberhasilan Pidato 25
3. Pilar-pilar Pidato 32
1. Asal Usul Pidato 40
2. Persiapan Pidato dan Cara Menghasilkannya 53
Pasal 4: Bahan-bahan Khatib dan Wawasannya
1. Bahan-bahan Khatib 105
2. Sifat Seorang Khatib 108
3. Pemboikotan Khatib 111
4. Bekal dan Wawasan Khatib 112
5. Wawasan Sastra dan Bahasa Khatib 115
6. Rintangan-rintangan Seorang Khatib 116
7. Tabiat atau Penciptaan Seorang Khatib 117
iii
Pasal 5: Sejarah Pidato (Khitabah)
1. Khitabah Sebelum Zaman Jahiliyah 120
2. Khitabah Pada Zaman Jahiliyah 121
3. Khitabah Pada Masa Islam 124
4. Khitabah Pada Masa Kebangkitan 132
Pasal 6: Macam-macam Pidato
1. Pidato Politik 135
2. Pidato Kehakiman 137
3. Pidato Militer 139
4. Pidato Agama 142
5. Pidato Sosial 147
6. Pidato Acara 149
7. Pidato Belasungkawa 150
8. Pidato Pernikahan 150
9. Pidato Ilmiah 151
Pasal 7: Contoh-contoh Pidato
1. Amanah 155
2. Muslim yang Saleh 159
3. Berbuat Baik Kepada Kedua Orang Tua 162
Daftar pustaka 167
iv
فهرس الكتاب
v
الفصل الخامس 120 ............................................................................
تاريخ الخطابة 120 ..............................................................................
( )1الخطابة قبل الجاهلية 120 .........................................................
( )2الخطابة في الجاهلية 121 ..........................................................
( )3الخطابة في اإلسالم124 ............................................................
( )4الخطابة في النهضة األخيرة 132 .................................................
vi
Muh. Napis Djuaeni
الفصل األول
الخطابة معناها وأهـميتها
1علي محفوظ ،فن الخطابة وإعداد الخطيب (القاهرة :دار الغعتصام ،)1984 ،ص.13 .
2جماعة من كبار اللغويين العرب ،المعجم العربي األساسي (تونس :الروس،)1988 ،
ص.404 .
3ابن منظور ،لسان العربي ( ،طبعة ومراجعة ومصححة بمعرفة نخبة من السادة األساتذة
المتخصصين ،المجلد الثالث ،القاهرة :دار الحديث ،)2003 ،ص.137 .
4علي محفوظ ،المرجع السابق ،نفس المكان.
1
Seni Pidato Arab
وغاية األول إذعان العقل لنتيجة مبنية على مقدمات ثبتت له
صحتها ،كقولنا :األربعة زوج ،ألنه منقسم بمتساويين ،وقولنا :العالم
حادث ألنه متغير.
وغاية الثاني إذعان العقل بصحة المقول وصواب الفعل أو
الترك بأقيسة مؤلفة من أقوال مظنونة أخذ فيها بالمحتمل الراجح ،أو
مقبولة صدرت ممن يعتقد صدقه وسداد رأيه.
ووصف بالممكن ،ألن شأن هذه الصناعة إعداد النفوس لقوة
اإلقناع وإن لـم تبلغ غايتها ،وكذلك الشأن في سائر الصنائع فإنها تعد
النفس لعمل خاص بمقتضي قوانين محدودة ،وإن لم تبلغ غايتها
أحيانا ،مثل :الطب ترشد أصوله إلى معالـجة األمراض لغاية الشفاء
ما لم يكن مانعا.
وفي أي موضوع يراد :ألنها ال تـختص بشيء معين ،بل
تتناول كل شيء بخالف غيرها من الصناعات ،مثل الطب ينظر في
أحوال جسم اإلنسان والحيوان من جهة الصحة والمرض .فقد روى
العالمة ابن رشد عن أرسطو :أن الخطابة ليس لـها موضوع خاص
تبحث عنه بمعزل عن غيره ،فإنها تتناول كل العلوم والفنون ،وال
شيء حقيرا كان أو جليال معقوال أو محسوسا إال يدخل تحت حكماء
ويخضع لسلطانـها .ومن ثم قال الباحثون في شأنها :يلزم أن يكون
الخطيب ملما بكل العلوم والفنون ما استطاع ،وأن يسعى دائبا إلى أن
يزداد كل يوم علما.
وصفوة القول إن الفالسفة اعتبروا الخطابة علما له أصول
وقوانين تمكن الدارس لـها من التأثير بالكالم وتعرفه وسائل اإلقناع
بالخطاب في أي غرض من األغراض الكالمية ،وأنه يعني بدراسة
طرق التأثير ووسائل اإلقناع وما يلزم أن يكون عليه الخطيب من
الصفات وآداب وإلـمام بميول السامعين وما ينبغي أن تكون عليه
أساليب الخطبة وترتيب أجزائها .وهو بهذا نبراس يهتدي به،
ومصباح ينير السبيل أمام من عنده استعداد للخطابة ليربـي ملكته
وينمي استعداده.
ويصح أن يراد من الخطابة ملكة االقتدار على اإلقناع
واستمالة القلوب وحمل الغير على ما يراد منه ،بل هذا هو المعتبر
عند الـمحققين في معنى العلم ويؤيده ما نقل من أرسطو في رسـمه
2
Muh. Napis Djuaeni
3
Seni Pidato Arab
األدلة فإنـها ال تزيد على أن تكون إبداء رأي ،وهي تكون فاشلة
ألنـها ال تؤدي إلى الغرض الذي قيلت من أجله.
والخطيب الناجح يشرح األدلة التي يسوقها شرحا وافيا يكثر فيه
المترادفات ويعيد بعض الجمل ويلح على تركيز معان خاصة
وجزئيات وأمثلة توضح الفكرة وتــثـبتها في أذهان سامعيه.
-4أن يتوفر في الخطبة عنصر االستمالة .وهذا يعني توجيه عواطف
السامعين واستجابتهم للرأي الذي تدعو إليه الخطبة ،ألن السامع
قد يقتنع بفكرة ما ولكن ال يعنيـــه أن ينفذها أو أن تتحقق من غيره
فال يسعى لتحقيقها .هذا العنصر من أهم عناصر الخطبة ،ألنه هو
الذي يحقق الغرض المطلوب منها .فاللصوص والوشاة
والنمامون وفاقدواألمانة في أعمالهم وغيرهم من منحرفى
السلوك يدركون فساد أعمالهم وسوئها ،ولكنهم مع ذلك
يـمارسونها ،بل أكثر من ذلك ،وهذا يرجع ألسباب نفسية .إن
الشخص الكذاب قد يشرح أضرار الكذب وسوء نتيجته بأكثر مـما
يتحدث الواعظ والمربـي ،وكذلك يتحدث اللصوص عن أضرار
السرقات ،والمهملون عن أضرار اإلهـمال ..وهكذا .وكل ذلك
يوضح أن اإلقناع وحده ال يكفي لنجاح الخطبة بل البد من جذب
السامعين إلشباع الفكرة واستمالة عواطفهم نحوها حتى يتبع
اقـتـنـاعهم عمل بما اقتنع به .واإللقاء ذو أثر كبير في استمالة
السامعين.
فمن الخطباء من يكون فاتر اإللقاء ضعيف التأثير فتضيع أدلته
الكثيرة المقنعة هباء .ومنهم من يأتـي بأدلة أقل أو أضعف ولكنه
يـــثيـر عواطف السامعين ويلهب مشاعرهم فيتحمسون لتنفيذ فكرته
ويحاول كل واحد منهم أن يعمل على تحقيق شيء منها بقدر طاقـتـه.
وقد يدعو خطيب من أبناء قريـــته إلى إنشاء مدرسة لتعليم
ناشئيهم ،فيــبين لهم مزايا هذه المدرسة وما يعود على أبنائهم من
فوائدها فيسمعونه ويشكرونه ثم ال يعملون أي شيء إلنشائها ال
يطالبون أولى األمر بـها وال يتـبرعون لها ،فتموت الفكرة مع
اقتناعهم جميعا بفوائدها .وربـما تحدث آخر في الموضوع نفسه فإذا
4
Muh. Napis Djuaeni
الناس مندفعون لتحقيق دعوته ،هذا يكتب طلبا لبناء المدرسة وهذا
يبحث عن أرض صالحة لها وهذا يبدأ قائمة التبرع لها وهكذا .وإذن
فقد نجحت الخطبة وآتت ثـمرتها ،وال يرجع نجاحها إلى اإلقناع بل
إلى االستمالة.
وقد يكون هناك موضوع ال يدخله عنصر االستمالة أصال .فإذ
وقف متحدث في جمهور يشرح نظرية علمية مثال كيف يصرع التيار
الكهربـائي أو ما أشبه ذلك من النظريات ..فليس في حديثه ما يحتاج
إلى استمالة وإن كان مشتمال على إقــناع واضح وحسن استدالل،
فهذا غير داخل في تعريف الخطبة.
في كتاب الخطابة بين النظرية والتطبيق ،قالوا في تعريف
الخطابة :أنها حدة التصور وقوة التصوير .فالخطيب يملك من
شفافـيـــــة الروح وذكاء العقل ما يعيــنه على تصور دقائق الحياة
7
واألحياء ،يرصد الكون بعين باصرة وبصيرة كاشفة.
إن الخطيب في ميزان الدعوة ال تنتهي مهمته عند تصوير الواقع
كما رآه ،والبد له من خطة أخرى على الطريق ،ال تتم مهمته في
غيابها .فمن واجبه أن يستميل الناس إلى ما يدعو إليه استمالة تحملهم
على الطاعة في حال األمر ،واالنتهاء عما ينهاهم عنه ليستطيع بحق
أن يؤدي دوره في إحداث التغيير المطلوب على مستوى المجتمع
الذي يعيش فيه ،أى مسئولية الخطيب ال تنتهي باإلقناع العقلي بفائدة
الطاعة وضرر المعصية ،فالناس مثله مقتنعون.
واألهم من ذلك جذبهم إليه ليستمعوا استماعا يتوج بالطاعة
واالمتــثال .ومن أجل ذلك اختار بعض الباحثين للخطابة تعريفا
جامعا لـهذه المسئولية بكل عناصرها وهو أن الخطابة فن مخاطبة
الجماهير بطريقة إلقائية تشتمل على اإلقناع واالستمالة .وبتأمل هذا
التعريف تبرز طبيعة الخطابة ومسئولية الخطيب على أوفى ما تكون.
فالخطابة فن أى أنها وإن كانت استعدادا فطريا ال يباع وال
يشترى ،فهي مع ذلك فن من الفنون يمكن تعلمه بالممارسة .يقول
7األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عمارة ،الخطابة بين النظرية والتطبيق (ط2 .؛ الجزء
الثاني ،القاهرة ،األزهر الشريف :سلسلة البحوث اإلسالمية ،)2008 ،ص.11 .
5
Seni Pidato Arab
نفس المرجع ،ص ،12.نقال عن الخطابة ألرسطو :ص ،9-1.بترجمة إبرهيم سالمة. 8
6
Muh. Napis Djuaeni
جرجى زيدان ،تاريخ آداب اللغة الععربية (الجزء الثاني ،القاهرة :دار الـهالل ،د.س) ،ص.14. 10
7
Seni Pidato Arab
8
Muh. Napis Djuaeni
نفس المرجع،ص. 24نقال عن شيخ /محمد أبو زهرة ،الخطابة ،ص.21. 13
9
Seni Pidato Arab
الفصــل الثانــي
الخطابة بين الفنون والعلوم
11
Seni Pidato Arab
14األستاذ الدكتور الجليل عبده شلبي ،الخطابة وإعداد الخطيب (ط1 .؛ لقاهرة :دار
الشروف ،)1981 ،ص .20 .نقال عن العقاد يشير إلى قصة اليتيم أول قصة في العبارات.
12
Muh. Napis Djuaeni
ينبغي لنا أن نفهم بأن الخطيب إذا استعار أسلوب الشاعر وطريقة
تعبيره باءت خطبته بالفشل خصوصا إذا مألها بـجوانب الخيال.
فأسلوب الشعر بما فيه من وزن وقافية يثير المشاعر ويبعث في نفوس
السامعين شيئا من الحماس ولكنه حماس ليس ناتـجا عن اقتناع.
بعبـــارة أخرى أن الشعر للوجدان والخطبة للعقل ،ولكل تعبير
خاص.
وقد يستعين الخطيب على استمالة سامعيه باصطناع األسلوب
الشعري في جملة أو جملتين ،كما يستشهد ببيت أو بيــتين ،ولكنه ال
يستطيع أن يعتمد عليه طويال .فإذا كان مقام الخطبة مقام تكريم أو
رثاء فيجب أن تكون بعيدة عن جوانب الخيال الشعري معتمدة على
ما للشخص المتحدث عنه من مآثر وأعمال ،وسرد ما له من مواقف
ذات أثر في حياة أمته أو مجتمعه.
15األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عمارة ،الخطابة بين النظرية والتطبيق (ط2 .؛
الجزء األول ،القاهرة ،األزهر الشريف :سلسلة البحوث اإلسالمية ،)1008 ،ص.237 .
13
Seni Pidato Arab
14
Muh. Napis Djuaeni
علي محفوظ ،فن الخطابة وإعداد الخطيب (القاهرة :دار الغعتصام ،)1984 ،ص17 . 18
15
Seni Pidato Arab
16
Muh. Napis Djuaeni
19األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عماره ،المرجع السابق ،ص ،241 .نقال عن
هداية المرشدين لشيخ علي محفوظ ،ص.101 .
17
Seni Pidato Arab
يعتقدون أن العمل كذا ضار ويأتونه ،وعمل كذا نافع ويتركونه ،،فما
سبب ذلك؟ وهل يحسن أن يدعو هؤالء إلى الخير وإقناعهم بترك
الشر من ال يعرف لما تركوا الخير وارتكبوا الشر؟
فهذه المعرفة هي من علم النفس الذي يؤخذ منه أن من العلم
ما يكون ملكة راسخة للنفس ،حاكمة على إرادتها مصرفة لها في
أعمالها ،ومنه ما يكون صورة تعرض للذهن ال أثر لـها في اإلرادة،
فال تبعث على العمل.
وقد كان الصحابة على حظ عظيم من هذا العلم ،فإنهم كانوا
بسالمة فطرتهم وذكاء قريحتهم ،وبما هداهم القرآن بآياته ،والرسول
ببيانه وسيرته على بصيرة من علم النفس ،وإن لم يتدارسوه بطريقة
صناعية.
ولما كان خالق اإلنسان سبحانه أعلم بطبيعة اإلنسان ،فقد
تلطف به تعالى وكان خطابه فيما يتعلق بعاداته غيره فيما يتصل
بالعقيدة من حيث فطمه على األولى طبق سنة التدرج ،في الوقت الذي
لم يقبل سبحانه في العقيدة مساومة وال إنصاف حلول.
والذين يجهلون ذلك المنهج ،قد يطلبون المستحيل ممن يعظون
أو يطلبون غير موجود .وقد يطلقون لخيالهم العنان في عالج األمور
ثم ال يحققون هدفا.
نأتي اآلن إلى الحديث عن الخطابة وعالقتها بعلم االجتماع.
تبدأ مهمة الخطيب بتشخيص العلة ثم وصف الدواء باألمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ،ومعرفته بطبيعة المجتمعات وسنن هللا تعالى فيها
تعينه على أداء مهمته.
إن هلل في االجتماع سننا ال تتخلف ،وفي دوامة الصراع بين الحق
والباطل ،تبدو الحاجة ماسة الى تأمل واع من قبل الدعاة لظواهر
المجتمع حولهم من حيث نشوئها وتطورها وأسبابـها.
18
Muh. Napis Djuaeni
يقول الشيخ علي محفوظ :20مما يلزم الخطيب :العلم بحال من
توجه إليهم الدعوة في شئونـهم واستعدادهم وطبائع بالدهم وأخالقهم،
وما يعبر عنه في العرف بحالتهم االجتماعية .وقد روي أن من اسباب
ارتضاء الصحابة خالفة أبي بكر كونه أنسب العرب .ومعناه :أنه كان
أعلمهم بأحوال قبائل العرب وبطونها وتاريخ كل قبيلة ،وسابق أيامها
وأخالقها كالشجاعة والجبن واألمانة والخيانة ومكانـها من الضعف
والغني والفقر.
وما كان إقدامه -مع ما عرف به من اللين وسهولة الخلق -على
قتال أهل الردة إال بـهذا العلم الذي كان به على بصيرة ،فلم يهب ولم
يخف ،وقد خاف عمر مع شدته المعروفة على الكافرين.
20نفس المرجع ،ص ،243 .نقال عن هداية المرشدين لشيخ علي محفوظ ،ص.100 .
19
Seni Pidato Arab
الفصل الثالث
أسلوب الخطابة أو األسلوب الخطابي
21جماعة من كبار اللغويين العرب ،المعجم العربي األساسي (تونس :الروس ،)1988 ،ص.233 .
22األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،الخطابة وإعداد الخطيب (ط1 .؛ القاهرة :دار الشروف،
،)1981ص.23 .
20
Muh. Napis Djuaeni
22
Muh. Napis Djuaeni
ألنكم طالما أوضعتم في الفتنة ورقدتم في مراقد الضالل ،أما وهللا ال
23
سلَ َمة وال ضربنكم ضرب غرائب اإلبل ...إلخ )). حزمنكم حزم ال َّ
أم في حال السلم والهدوء التي ال تعدو الخطبة فيها أن تكون نصيحة
فال داعي لـهذه الشدة ،ويكفي استعمال األلفاظ المألوفة والرقيقة .ونحن
نجد ذلك في أسلوب القرآن حيث كانت السور التي نزلت بمكة تخاطب
قوما معاندين أشداء ،وكانت السور التي نزلت بالمدينة تخاطب قوما
طائعين مستعدين لتنفيذ ما يلقى عليهم ،فاختلف أسلوب كل منهما
بحسب مقاماته ،وهذا مناسب لما يشير إليه القول " :لكل مقام مقال،
أو لكل مقال مقام.
فانظر إلى قوله تعالى:
َ َ َٞ ُ َ ََْ َ َ َ َ ُ ُ َّ َ ُ َ َّ َ ُ ْ ُ َّ
ِلةٖٖۖ َوَل تأخذكم ب ِ ِهما رأفة ح ٖد مِنهما مِائة ج ِلوا ُك َو َٰ ِ ﴿ ٱلزانِية وٱلز ِان فٱج ِ
ٓ َ ٞ َ َ َّ ُ ُ ُ َّ
نتم تؤم ُِنون ب ِٱّللِ َوٱۡلَو ِم ٱٓأۡلخ ِِرٖۖ َوليَش َهد َعذ َاب ُه َما َطائِفة م َِن ِين ٱّللِ إِن ك
ِِف د ِ
ِني ( .﴾ ٢النور.)2 : ٱل ُمؤ ِمن َ
وقوله أيضا:
ََٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ْ ُ ُ ا َ َ ُ ُ ُ َ َّ َ َ ُ ْ َ ُ َ ُ ْ
﴿ يأيها ٱَّلِين ءامنوا َل تدخلوا بيوتا غي بيوت ِكم ح َٰ
َّت تستأن ِسوا وتسل ِموا
َ َ َٰٓ َ َ َ َٰ ُ َ َ َّ َ ُ َّ َ َ ُ َّ ٞ
كم تَذك ُرون ( ﴾ ٢٧النور.)27 : لَع أهل ِها َۚ ذل ِكم خي لكم لعل
فنجد في األية األولى عددا من التشديدات ،امر بالجلد مائة مرة وعدم
الرأفة وربط ذلك باإليمان باهلل ،واألمر بشهر العذاب أمام طائفة من
المؤمنين .أما األية الثانية فهي مجرد نصيحة تبين أن بها خيرا
للمؤمنين.
تختلف الخطب أيضا طوال وقصرا بحسب مقاماتـها. .6
فالخطبة التي تقال ال طفاء شغب على الوالي لعمله أمرا لم يرضه
قومه تكون قصيرة مقتصرة على أهم أغراضها وتستعمل مع ذلك
األسلوب القوي وتجمع بين التحذير والتبشير ،تهدد المتمردين وتبشر
الطائعين على نحو ما يفعل القرآن الكريم .ونجد مثال جيدا لهذا في
23
Seni Pidato Arab
خطبة أبي جعفر المنصور بعد قتال أبي مسلم الخراساني وكان أبو
مسلم قائدا ورئيس فرقة كبيرة وهو من مقوض العرش األموي وخافه
أبو جعفر فقتله ،ولكي يهدئ أنصاره الغاضبين لقتله خطبهم خطبة
جاء فيها:
" أيها الناس ...ال تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشية المعصية وال
تبطنوا غش األئمة فإنه ما أضمر أحد ألمامه سوءا إال أظهر هللا عليه،
ال ظهار دينه أعالء كلمته ،إنه من نازعنا عروة هذا القميص جعلناه
جزرا الخبئ هذا الغمد.
وإن أبا مسلم قد بايعنا وبايع الناس لنا على أنه من غدربنا فقد
أهدر دمه ،ثم غدربنا فحكمنا عليه ألنفسنا حكمه على الناس لنا ولم
تمنعنا رعاية الحق له من إقامة الحق عليه".
إن الخطبة موجزة حتى ال تفتح مجاال للمناقشة ،وقائمة على المنطق.
فقد جعل نفسه القائم على الدين ،وإن من خرج عليه استحق أن يقتل
لخيانته خليفة يقوم على دين هللا ،وأن هللا أطلعه على ما دبر له ألنه
موال لربه وأردف ،ذلك بتهديد سامعيه .أن من يخرج عليه فسيقتل
بال هو أدة ...من نازعنا عروة هذا القميص أى من بادرنا بأدنى شغب
جعلناه جزرا الخيئ هذا الغمد ،يعني تمزقه بالسيف وذبحه .ثم أليس
عمله ثوب العدالة التي ال تحابي أحدا مهما كانت قرابته ،فهناك عهد
أخذه أبو مسلم على الرعية كلها وهو واحد منها ،وقد أخل بهذا العهد
مع أنه من أولياء الخليفة ،لكن رعاية حقه أنما هي للصداقة الشخصية
أما إقامة الحد عليه بقتله فهي رعاية لحق هللا وحق هللا مقدم على حق
الصداقة.
أما الخطب التي تتعرض لشرح منهج إصالحي أو لشرح مبادئ
قانونية فإنها تطول وتمتد حسبما يقتضي األمر ،وهذا كثيرا ما نجده
في خطب المحامين ألنها قد تتعرض لدفع تهم متعددة وإقامة براهين
عديدة أيضا .فيدعوا ذلك إلطالتها .وقد تكون القضية هينة سهلة فال
تحتاج إلى االستدالل القانوني.
24
Muh. Napis Djuaeni
25
Seni Pidato Arab
من كالمه وهم أثناء خطابته ال يتابعونه وال يعنيهم أن يفهموا عنه
او اليفهموا
26
Muh. Napis Djuaeni
على اإلثارة وحدها فقد تنجح في استجابة وقتية ولكنها تنسى سريعا
وال يبقي لها أثر فعال في نفوس السامعين.
مهمة الخطيب األولى هي أن يبث حماسا في نفوس مستمعيه وأن
يجعل كل واحد منهم أداة فعالة تعمل على تحقيق
المبدأ الذي دعا إليه ،وإشاعته بين الناس.
وال يقتصر هذا على خطيب المسجد ،بل هو أمر عام يشمل خطباء
السياسة والدين وكل مصلح اجتماعي ،وهذا األمر ملموس في
الجمعيات واألحزاب ،شباب كل حزب وكل جمعية يدعون لمبدئهم
ويودون لو استوعب الناس جميعا وهذا يرجع إلى مبدأ اإلقناع
واالستمالة معا.
)2وحدة الموضوع
يجب أن يكون لكل خطبة موضوع معين ،ويجب على كل خطيب من
الخطباء فضال عن خطباء المساجد أن يسأل نفسه قبل ذهاب لخطبته
ماذا يريد أن يدعو الناس إليه ،وأن يسألـها بعد فراغه منها ما الذي
استفاده السامعون من خطبته.
ووحدة الموضوع تعني أن يدور حديث الخطيب حول فكرة معينة أو
مبدأ خاص يمهد له أوال ثم يشرحه ثم يظل يقيم األدلة عليه ويستكثر
من البراهين العقلية والتاريخية ،وأدلة القرأن والسنة حتى يكون
واضحا في أذهان السامعين ثم يظل باقيا في قلوبـهم وأذهانـهم .إنه
بـهذا يعمق الفكرة ويجعل كل سامع قادرا على أن يزيد أدلتها وحججها
وأن يدافع عنها إذا دعاه األمر إلى ذلك.
أما الخطبة التي تتناول عددا من الموضوعات فإنها تكون
ضحلة غير عميقة .والحديث عن المبدأ الثاني ينسى ما قيل عن األول
كما ينسى الثالث ما قيل عن الثاني .وهكذا تنتهي الخطبة بأفكار باهتة
تكون قليلة ثم تنسى سريعا ونجد تنبيها على ذلك في وصاة ألبي بكر
الصديق رضي هللا عنه فإنه قال(( :وإذا وعظت فأوجز فإنه كثير
الكالم ينسى بعضه بعضا .وهذا ينطبق على إيراد األدلة الكثيرة،
فاألدلة الكثيرة إذا نسي بعض منها بقي بعض آخر ولكن الفكرة
األساسية ال تذهب.
27
Seni Pidato Arab
28
Muh. Napis Djuaeni
والمراد باإللقاء أو إلقاء الخطبة طريقة التحدث بها إلى الناس ،وإنهاء
المعلومات بها إلى أذهانـهم وقلوبـهم .واإللقاء من أهم العوامل في
نجاح الخطبة أو فشلها ،فقد تكون الخطبة جيدة المعاني واألفكار،
حسنة العبارات واألساليب ،ثم ال تظفر بإلقاء جيد فتضيع فائدتها إذ ال
يفهمهما السامعون وال تجتذب انتباههم ،وقد تكون أقل من ذلك في
إعدادها وتكوينها ولكن جودة إلقائها تنهى إلى السامعين كل جزئية
منها فتكون فائدتهم منها أكبر وأكثر .والخطيب الموفق هو الذي
يستطيع أن يشد انتباه السامعين ويربطهم بها ،فيتابعون أفكاره
ويشاركونه انفعاالته وعواطفه ،وأكثر من هذا أن تكون خطبته موحية
تولد فيهم أفكار ومعان جديدة وتوقظ عواطفهم وتوجه مشاعرهم إلى
ما يدعو إليه .وال يكون شيء من هذا إال من اإللقاء الجيد المثير.
ولإللقاء الجيد قواعد ،من أهمها ما يلي:
.1جهارة الصوت وقوته ،وكان العرب يفضلون في الرجل أن
يكون واسع اإلشداق ويصفون الخطيب الجيد بأنه أشدق .وكل
متفوه ذو بيان فهو أشدق واشتهر بهذا اللقب عمرو بن سعيد
األموي ،ألنه كان من الخطباء المشهورين .ويتوقف الصوت
القوي أيضا على قوة الحنجرة وقوة الصدر والرئتين ،وهذه
الصفات خلقية ،ومردها كلها إلى إجادة الصوت وجهارته وحسن
بيان الحروف ومخارجها .وفي الوقت الحاضر سدت مكبرات
الصوت مسد هذه الصفات إلى درجة كبيرة وإن كانت ال تغني
عنها نـهائيا.
وقال عبد البديع صقر :إن من حسن أداء الخطبة هو هندسة الصوت،
وهو مالحظة أن يكون صوت المتكلم مناسبا للمكان ،فإن لقوة الصوت
وضعفه دخال في تجديد اإلنتباه أو في كالل الذهن.
ولذلك يلزم أن يكون إرسال الصوت (سواء أكان بالحنجرة العادية أو
مذاعا من جهاز تكبير مناسبا للسامعين من حيث المستوى العام.
وال بأس من أن يقوي الخطيب في مواطن القوة وأن يترفق في مواطن
الرفق بالدرجة التي توقظ المشاعر والتي ال تسبب
29
Seni Pidato Arab
إرهافا للمستمعين.
26
26عبد البديع صقر ،كبف ندعو الناس (ط2 .؛ بيروت :دار القرأن الكريم ،)1983 ،ص.
.61
األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،المرجع الساببق ،ص.32 . 27
30
Muh. Napis Djuaeni
عدم هذا الشعور كان قارئا ال خطيبا وال يستحسن لهذا -أن تكون
الخطبة مكتوبة ال محفوظة ولكن على الخطيب أن يعد عناصر خطبته
واإلفكار التي يريد نقلها إلى الناس ثم يعبر عنها بطريقته ،وهذا يتوقف
على مقدرة الخطيب الكالمية ومحصوله اللغوي ومحفوظاته األدبية
كما يتوقف على حسن تفكيره وقدرته
على تحليل موضوعه.
وذكر عبد البديع صقر :على الخطيب أن يهتم باتزان النبرات فال
تحمله الرغبة في اإلسراع على أن تشحن األفكار بالحقائق المهوشة
المكدسة ،وال يحمله تكلف األناة على تمطيط الكالم وتبليد األذهان
وإثارة االستياء العام .فاإلسراع يرهق األذهان فتكلم ،والبطء الشديد
يعزل الخطيب عن الجمهور.
وبعض الخطباء يتبع نـهجا غريبا ،فيتكلم فترة ما بصوت معتدل ثم
يخفض صوته تدريجـيا ثم يرتفع فجأة ثم يرجع فيكرر نفس الطريقة.
وبعضهم يراه يبدأ هادئا ثم تأخذه الحماسة ،فال يتوقف إال وقد تـهدج
صوته وتعبت حنجرته ،ونزل وهو يتصبب عرقا .واليزال هذا دأبه
أبدا .وإدراك الوسط في هذا يحتاج للمران مع التذكير ،حتى يصل
28
الداعية إلى حد االعتدال.
األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،المرجع السابق ،ص.34 . 29
31
Seni Pidato Arab
يطرق سمع الناس .فإذا كانت جذابة مشوقة أنجحت الخطيب وجعلت
الناس يقبلون عليه وإقبالهم عليه يشد عزمه ويثير فيه النشاط والحمية،
وهي في جملتها عامل تـهيّئ للسامعين.
والزعيم أو القائد يهتم الناس بخطابه ألنه يقرر مصاير شعبه أو توجيه
جنوده فيصغى له أتباعه وأعداؤه على السواء .وهو لذلك ليس بحاجة
إلى مقدمة يهيئ بها أذهان سامعيه ولكنه مع هذا قد يكون محتاجا لها
لتبرير اتجاهه نحو موضوعه أو تفكيره فيه.
فإذا رأى رئيس الوزراء في دولة ديمقراطية أن تدخل بالده في معركة
مع دول أخرى فجمع نواب بالده لهذا الغرض فإن أتباعه وأعداءه
مهتمون بحديثه متجهون لكل ما يقول ،ولكن هذا ال يغنيه عن تقديم
للموضوع الذي يريده .فال بد أن يبدأ بذكر األحداث التي وجهته لهذا
التفكير قبل أن يعرض أمر الحرب أو المسالمة.
وحين اجتمع أعضاء الدول المصدرة للبترول للنظر في تثبيت أسعاره
أو رفعها استمع العالم الغربي والشرقي لحديثهم بكل لهفة ،فإذا حدث
لوزير البترول أن يلقي في هذا الجمع خطبة فإن هذا األصغاء ال يغنيه
عن مقدمة لحديثه .هذا ألن األمر الذي سيدعو إليه له خطر وأهمية
وال يمكن الهجوم عليه بدون مقدمة.
ومن الممكن أن تكون هذه بداية حديثه هكذا:
"إن البترول هو المصدر الرئيسي لحياتنا لسنا أمة صناعية وال
زراعية وال حتى أمة تجاريــة تقوم حياتها على البيع والشراء .إننا
نشتري كل شيء نحتاج إليه ،طعامنا ومالبسنا ومشروباتنا وأيضا
وسائل انتقالنا وآالت البناء التي نبني بها مساكننا ،كل هذا فضال عن
استيرادنا كماليات حياتنا من الدول األخرى .هذه الدول الصناعية
تدور آالتـها وتعمل مصانعها بما تأخد من البترول الذي تخرجه
أراضينا ،من المصدر الواحد الذي نعيش عليه وهم في السنين األخيرة
رفعوا أثمان كل شئ يرد إلينا منهم رفعوا أسعار األالت التي نخرج
بها البترول وأسعار األقمشة واألطعمة والسيارات وكل أنواع
الكماليات من الثالجة والغساالت وآالت وأنواع المذياع وغيرها.
34
Muh. Napis Djuaeni
أصبح ما نأخذه من ثمن البترول ال يكاد يكفي لرفع ما كنا نشتريه من
بضع سنوات."...
ليست هذه مقدمة السترعاء سمع الحاضرين وإنما هي تمهيد لما سيقدم
عليه من طلب الموافقةعلى زيادة البترول ،وهي ليست بعيدة عن
الموضوع.
ومن المواقف الداعية للمقدمة أن يكون السامعون معارضين لفكرة
الخطيب وهم في هذه الحالة ليسوا على استعداد لسماعه وربما قاطعوه
أو تعمدوا عمل ما يصرف الناس عنه.
وقد تكون مقدمة هكذا:
...إنني أعلم أن هذا األمر ليس مقبوال لديكم ولكن ما الذي يمنع أن
تسمعوا وجهة نظر خصومكم على األقل لتدحضوها أو لتعرفوا ما
سيقال لغيركم فتفندوه أني أقبل بكل ارتياح معارضتكم ،ولكن ال
أرضى لكم أن تقوموا بمعارضة عمياء جامحة ال تدرون لماذا
عارضتم بها .أكره أن تكونوا مقلدين يندفعون في أمر بدون أن
تفحصوه وتعرفوا كل جزئياته .أؤكد لكم أنني على أتم استعداد ألن
أتخلى عن هذا الموضوع إذا لم تكن أدلتي مقبولة أو كان لديكم ما
يدحضها .إننا ال نريد إال أن نصل إلى الحق والصواب ،وأنا وإياكم
لعلى هدى أو في ضالل مبين ،فلتستمعوا قليال إال وجهة النظر التي
لدي فإن كان بها شيء من الخطأ فإني أول من سيتخلى عنها
ويحاربـها ،ألنني ال أريد إال الوصول إلى الحق وأن أكون على خير
ما يجب أن أكون عليه.
ثم يبدأ بالتسلل إلي موضوعه تدريـجيا.
ومثل هذا األسلوب حدث كثيرا في البرلمان المصرى في عهد
األحزاب وقيام بالمعارضات القوية واستعداد معظم األعضاء لرفض
الرأي المعارض لحزبـهم .ولكن الخطباء كثيرا ما كسبوا موقفهم بما
لهم من لباقة وقدرة على التظاهر بأنـهم غير متحزبين وإنما ينشدون
صالح البالد.
وقد تكون المقدمة ذكر حادث تاريخي موجز أو قصة عابرة بها ما
يـمس الموضوع الذي يدعو إليه ،ينتقل منها إلى موضوعه.
35
Seni Pidato Arab
من هذا نرى أهـمية المقدمة وأنـها في بعض األحيان تكون ضرورية
للخطبة.
أما مـميزات أسلوب المقدمة وصوغها البالغي فأهـمها:
أن تكون المقدمة مشوقة ذات قدرة على شد انتباه السامعين على .1
نحو ما سبق ،وقد يستطيع الخطيب بجاذبـية كالمه أن يعيد إلى
سماعه أشخاصا هـموا باالنصراف عنه.
وفي المقدمة والخطبة جميعا يجب أن يتحنب الخطيب المبالغات
وأعمال االنتباه القسرى أو اإلتيان بحركات بـهلوانية ،فكل ذلك يعود
عليه بعكس ما يريد ،يصرف الناس عنه ويجعلهم ال يهتمون به ،قد
يتجهون إليه في أول األمر لكنهم ال يعبأون به بعد ذلك.
الخطبة الجيدة والخطيب الناجح واإللقاء الجيد تجذب السامع دون
حركة بـهلوانية .انجذاب السامعين نحو الفكرة والرأي والموضوع
واالنجذاب في هذه الحالة يكون دائما وليس وقتيا كالذي ينتج عن انتباه
قسرى بـهلواني.
لكي يصل الخطيب أو الداعية إلى هذه الدرجة يبدأ بألفاظ واضحة .2
مفهومة ،وأفكار قريبة ال تعوز إلى تفكير ،وبعد أن يطمئن إليه
الناس ويتجهوا بأذهانـهم نحوه يستطيع أن يتحدث عن الفكرة التي
يريدها ،ولكن مهارته تظهر في مدى ماله من قدرة على تقريب
المعاني البعيدة وتبسيط األراء المعقدة.
وفي أكثر األحيان يستوحي الخطيب مقدمته من المجتمع الذي يحيط
به فيأتي بكالم أو معان تناسب هذه المجتمع .وكما سبق الذكر يقف
هذا على مقدرته الكالمية ومحصوله األدبي واللغوي ،فبغير هذه
المقدرة يعجز عن التعبير عما يطرأ أمامه كما يعجز عن توليد
المعاني المناسبة.
ال بد أن تكون المقدمة شديدة الصلة بموضوع الخطبة ،فال يكون .3
بينها وبين الخطبة حين ينتقل إليها فجوة بل تكون الخطبة امتدادا
للمقدمة ،وهو في هذه الحالة إذا أطال المقدمة كان طوله توضيحا
للخطبة ،فإذا كان مضمون المقدمة بعيدا عن موضوع الخطبة
كانت عديمة الفائدة ألن الحديث يكون عن موضوعين -كل مستقل
36
Muh. Napis Djuaeni
عن األخر وال يجوز أن تكون المقدمة ذات موضوع أصال بل
هي تـمهيد وتوطئة للموضوع -يراد منها تـهيئة األذهان إليه.
من ناحية طول المقدمة أو قصرها يجب أن تكون غير مسرفة في .4
أي من الجانبين ،ألنها إذا كانت موجزة جدا لم يكن ثم مقدمة وإذا
كانت طويلة جدا ذهبت فائدتـها أيضا ألنـها تستنفد قوة الخطيب
فإذا انتقل إلى الموضوع كان قد أجهد وقلت حـميته وفتر حماسه.
كما أن المستمع أيضا يكون قد اكتفى وذهب تشوقه نحو السماع،
ولهذا يختار الخطيب مقدمة مناسبة في طولها وفكرتـها ويبدؤها
بصوت متـئد غير صارخ ،فإذا انتقل إلى الموضوع كانت األفكار
التي يعرضها هي الجانب األهم في حديثه ولها الجانب األكبر من
نشاطه وطاقته والمعاني التي يتعرض لـها هي التي تكيف صوته
وإلقاءه على نحو ما ذكرنا من قبل.
ولتوضيح هذه المقدمة توضيحا ال بأس به يود الكاتب أن يقدم
عددا من نماذج المقدمة في الخطابة فضال عن خطب الجمعة
والمناسبات:
.1األمانـــة
بسم هللا الرحمن الرحيم
الحمد هلل الذي حثنا على أن نتخلق بصفة األمانة ،ونـهانا عن سوء
الخلق والخيانة ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،أمرنا
مكرمين، بأوامر لو التزمنا بـها ،وسرنا على جادتـها عشنا أعزة
َّ َ َ َ َ َ ٞ َ َ
وحصلنا مجد الدنيا والسعادة؛﴿ يَو َم َل يَنف ُع َمال َوَل َب ُنون ٨٨إَِل من أَت
َّ َ
ّلل بقل َ َ
ِيم ( ﴾ ٨٩الشعراء .)89-88 :وأشهد أن سيدنا محمدا ب سل ٖٱ ِ ٖ
رسول هللا ،جمع مكارم األخالق كلها ،فهو قدوة المته ليتأسوا به في
صفاته ،ويقتدوا به في أخالقه ،وقال عن نفسه" :إنما بعثت ألتمم
مكارم األخالق" .اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله
وأصحابه الذين آزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ،اولئك
هم المفلحون.
37
Seni Pidato Arab
ََٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ْ َ
ام ُنوا َلأما بعد ،فيقول هللا تعالى وهو أصدق القائلين ﴿ :يأيها ٱَّلِين ء
َ ُ ُ ْ َّ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ ُ ٓ ْ َ َ َٰ َ َٰ ُ َ َ َ َ
ِكم َوأ ُنتم تعل ُمون ( ﴾ ٢٧األنفال)27 : َّتونوا ٱّلل وٱلرسول وَّتونوا أمنت
صدق هللا العظيم.
38
Muh. Napis Djuaeni
أشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له صدق وعده ونصر عبده
وأعز جنده وهزم األحزاب وحده ،ال إله إال هللا وال نعبد إال إياه
مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ولو كره المشركون ،وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله أرسله هللا بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الحق بإذنه
وسراجا منيرا .اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله
وأصحابه البررة الكرام.
عباد هللا أوصيكم ونفسي بتقوى هللا فقد فاز المتقون .قال هللا تبارك
الرحيم :
َ
وتعالى :أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم .بسم هللا الرحـمن
َ
ك ُه َو ٱَلب َ ُ
َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ ٓ
ت ﴿ إِنا أع َطي َنَٰك ٱلكوث َر ١ف َص ِل ل َِربِك َوٱۡنَر ٢إِن شان ِئ
( ﴾ ٣الكوثر )3-1 :صدق هللا العظيم.
39
Seni Pidato Arab
40
Muh. Napis Djuaeni
يسمعون دائما جديدا ولكنهم قطعا ال ينفعلون بما سمعوا انفعاال كافيا
وكان األولى أن يقصر خطبته على أمر واحد يكثر سوق األدلة عليه
واالستشهاد له ويتلوا في صالة الجمعة آية من اآليات التي استشهد
بها في خطبته ،فكل ذلك يثبت الفكرة في نفوس السامعين.
ترتيب الكالم وترتيب األفكار ،يبدأ أوال بالفكرة البسيطة ثم .2
يتدرج حتى يصل إلى قمة ما يريده .وفي القمة يبدو انفعاله وقوة
صوته وقوة عباراته جميعا ،وعلى سبيل المثال :أراد خطيب
مسجد أن يدعو المصلين إلى التبرع لمساعدة ملجأ خيرى به أيتام
وفقراء ،فكيف يوجه خطبته ويعرض موضوعه.
.1قد يأتي بمقدمة وجيزة تبين أن اإلسالم دين التعاون وأن
المسلمين أمة واحدة يجمعهم شعور األخاء ويؤذيهم أن يكون
بينهم جائع أو عار أو محتاج ،وأن الدين يأمرهم بتحاشي
وجود شيء من ذلك بينهم.
.2ينتقل بعد هذا إلى التعريف بحال الملجأ الذي يدعو لمساعدته
ويصف ما يقدمه لأليتام والفقراء الذين به (وهذا هو
العرض).
.3ينتقل من هذا إلى دعوتـهم للتبرع (وهذا هو النتيجة).
.4يعنيه في هذا أمور كثيرة تتوقف على مهارته وثقافته وعمق
تفكيره ،أن هؤالء المساكين قد ينشيء منهم الملجأ نفوسا
صالحة وأشخاصا نافعين لمجتمعهم ،وإذا لم يعنهم الملجأ
كانوا جراثيم فساد وضررا على الناس.
وضوح األدلة؛ إذا انتقل الخطيب من الفكرة األساسية إلى األدلة .5
التي يريد االستناد إليها يجب أن تكون أدلته واضحة قريبة
متصلة بما عرضه في موضوعه ،وليس من المحتم أن تكون
أدلته منطقية من أنواع أقيسة المنطق ،فالدليل المنطقي أقوى
وألزم للخصم بالتسليم ولكن من الجائز للخطيب .وهذا هو األكثر
أن يستعمل أدلة ظنية بمعنى أن مقدمتها أمور ظنية ،وهذه األدلة
كافية في المواقف الخطابية وتسمى أيضا أدلة خطابية ،بمعنى
41
Seni Pidato Arab
األمانـــة .1
بسم هللا الرحمن الرحيم
.1المقدمة
الحمد هلل الذي حثنا على نتخلق بصقة األمانة ...إلى آخر المقدمة.
42
Muh. Napis Djuaeni
.2عرض الموضوع
يا عباد هللا :جاء اإلسالم بشريعة سمحة بينت الحسن والقبيح ،وأقرت
الحق والعدل فمنعت اعتداء األقواء على الضعفاء وانصفت
المظلومين ،واعطت كل ذي حق حقه ،وقررت مبادئ سامية تنشر
بين الناس المودة وتبث فيهم روح المحبة ،وتجعل العالقة االجتماعية
بينهم قائمة على الثقافة المتبادلة واألخوة الخالصة .يحافظ كل إنسان
على حقوق غيره من المواطنين ،ويعرف ماله وما عليه فاطمأنت
النفوس وسلمت األرواح واألموال واألعراض .ووضح للناس المنهج
القويم لآلداب واألخالق.
وإن من األجل الصفات التي حثت عليها شريعة اإلسالم صفة األمانة،
وهي في حقيقتها شعور المرء يتبعته في كل أمر يوكل إليه ،فيراقب
ربه الذي يطلع على سره وعالنيته ،ويعلم نجواه وحركات نفسه:
َ ُ ُ ُ َ ُ َ ُ َ َّ َ ُ ُ َ َّ َ
ون ﴾ ٣لصل َٰو َة َويُؤتون ٱ َّلزك َٰو َة َوهم ب ِٱٓأۡلخِرة ِ هم يوق ِن ﴿ ٱَّلِين يقِيمون ٱ
(األنعام.)3 :
ولكي يتخلق اإلنسان بهذه الصفة عليه أن يكون ذا ضمير يقظ،
يدفعه إلى فعل الخير واجتناب الشر ،ويحفزه إلى أن يؤدي ما عليه
من واجبات بعزيـمة صادقة وهـمة عالية ،نتيجة هذا الضمير الحي
وثمرة مراقبة هللا رب العالمين ،هذه المراقبة التي تدعو إلى أداء
الواجب على أكمل وجه وأحسنه ،ولو نامت أعين الرقباء وتبعد
اإلنسان عن الوقوع في الجرائم والشرور ،ولو سنحت لهم الفرص
وغفل عنهم الحراس.
واألمانة هي الخلق الذي يتواصى المسلمون برعايته،
ويستعينون هللا على حفظه ،فإذا ما أراد صديق أن يودّع صاحبه
المسافر لم يجد خيرا من الدعاء له بأن يحفظ هللا نعمة األمانة.
وقد علمنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هذا الدعاء بقوله
للمسافر؛ "استودع هللا دينك وآمانتك وخواتيم عملك"(رواه الترمذي).
وعن أنس رضي هللا عنه قال" :ما خطبنا رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم إال قال :ال إيـمانَ لمن ال أمانةَ له ،وال دين لمن ال عهد له(".رواه
أحمد).
43
Seni Pidato Arab
44
Muh. Napis Djuaeni
إتالفها أتلفه هللا" رواه البخاري ...بل إن األمانة أعم من ذلك وأشـمل،
فهي تكون على السر بالكتمان ،وعلى المال بالحفظ ،وعلى العرض
بالصيانة ،إنها تشمل أمانة اإلنسان على نفسه وعلى كل عمل يليه،
َّ
وهللا تعالى سمى التكاليف والشرائع أمانة ،حيث قال ﴿ :إِنا َع َرض َنا
َ َ َََ َ َ َ ََ ََ َ َ َ َ َََ َ ََ ََ ََ
لَع ٱ َّ َ
َحل َها َلبا ِل فأبني أن َي ِملنها وأشفقن مِنها و
ۡرض وٱ ِ لسم َٰ َو َٰ ِ
ت َوٱَل ِ ٱَلمانة
َ ُ َّ ُ َ َ َ ُ ٗ َ ُ ٗ
نسنۖٗ إِنهۥ َكن ظلوما جهوَل ( ﴾ ٧٢األحزاب.)72 : ٱ ِۡل َٰ
وحرص اإلنسان على أداء واجبه كامال في العمل الذي يوكل إليه
مظهر من مظاهر األمانة ،فإخالص الرجل في عمله وحرصه على
إجادته واتقانه صفة المسلم الحق ،واستهانة الفرد بما يكلف به من
أعمال يستتبع شيوع التفريط في حياة الجماعة كلها وال يرضى بذلك
الكريم يمدح الذين يراعون األمانة في أعمالهم َ
اإلسالم ،والقرآن
َ َّ َ ُ َ َ َٰ ََٰ َ َٰ ُ َ َ َ َ ُ فيقولَ ﴿ :وٱ ََّّل َ
ِين هم َِلم َٰ َنَٰت ِ ِهم وعه ِدهِم رعون ٣٢وٱَّلِين هم بِشهدت ِ ِهم
َ ُ ْ َ َٰٓ َ
ك ِف َج َّنَٰ َُ ُ َ َ َّ َ ُ َ َ َٰ َ َ َٓ َ
ت ُّمك َر ُمون
ٖ لَع صَلت ِ ِهم َياف ِظون ٣٤أولئ ِ ِ قائ ِ ُمون ٣٣وٱَّلِين هم
( ﴾ ٣٥المعارج.)35-32 :
لجر
ومن األمانة أن ال يستغل الرجل منصبه الذي عين فيه ّ
منفعة شخصية له ،وإال يستخدم نفوذه لنفع قرابة له ،فإن المساس
بالمال العام جريـمة ،والمجتمعات التي تبنى نفسها على دعائم قوية
من الفضيلة والخلق الرفيع تطلب من أبنائهم أن يعفّوا عما تحت
أيديهم ،وأن تكون لهم نفس عالية فال يتطلع الواحد منهم إلى استحواذ
على ما ليس له مستخدما الحيلة والخديعة .من فعل ذلك فإنه يكون
معوقا لنهضة مجتمعه ،ويستأهل األخذ على يده بشدة ،وله فوق ذلك
الوعيد الشديد ممن ال يخفى عليه شيء في األرض وال في السماء،
َ َّ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َّ
ت ب ِ َما غل يَو َم
ب أن َيغل َۚ َو َمن َيغلل يَأ ِ
وقد قال جل شأنه ﴿ :وما َكن نلِ ِ ٍ
َ َ َ َ َّ ُ ُّ َ ُ
ٱلق َِيَٰ َمةِ ث َّم تُ َو َٰ
َّف ُك نف ٖس َّما ك َس َبت َو ُهم َل ُيظل ُمون ( ﴾ ١٦١آل عمران:
.)161وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مبينا معنى الغلول" :من
استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" رواه
45
Seni Pidato Arab
أبو داود .ألنه اختالس من مال الجماعة الذي ينفق في رعاية الضعفاء
والفقراء ،ويرصد للمصالح العامة .وقد شدد اإلسالم في ضرورة
التعفف عن استغالل النفوذ ،وفي رفض الهدايا التي تعطي رشوة في
سبيل قضاء مصلحة...
46
Muh. Napis Djuaeni
فإذا احتفل المسلمون بمولد الرسول العظيم صلى هللا عليه وسلم فإنما
يحتفلون بمولد السعادة يرفرف على العالمين ،وبالعدل والمساواة
والرحمة واإلخاء يظل الناس َ أجمعين ،وبالنور اإللـهي يضيء الكون
َ َٰ َ َ ٓ َ ُ َ ُ ُ َ ُ َ ُ َ ُ ََٰٓ َ
ني لكم ب قد جاءكم رسونلا يب ِكله للعالمين ،قال تعالى ﴿ :يأهل ٱلكِت ِ
َّ ٓ ُ َ ََ ُ ْ َ َ َ َ ٗ َّ ُ ُ ُ ُ َ
ِي قد َجا َءكم م َِن ٱّللِ
ٖ ثك نع واف عي و ب
ِ َٰ ِتكل ٱ ون م َ
ِن كث ِيا مِما كنتم َّتف
ني ( ﴾ ١٥المائدة...)15 : نُورَ ٞوك َِتَٰ ٞ
ب ُّمب ٞ
ِ
أيها المسلمون
إننا نعيش اليوم في أعظم ذكرى نعتز بها ،وفي عيد من أعيادنا
اإلسالمية نسعد بروحانية في عام مرة ،ذكرى ميالد نبينا محمد صلى
هللا عليه وسلم ،وعيد إشرافه على هذه األرض بشري للناس ورحمة.
فماذا يستطيع اللسان أن يقول في ذكرى مولد النبي وهو سيد البشر
من كل قبيل في كل عصر وفي كل جيل...
سيدي يا رسول هللا ...ها أنت ذا في حياتك األسوة والقدوة والمثل
األعلى في قولك وفي عملك ،وفي بيتك وبين قومك ،وفي سلمك وفي
حربك ،فكنت كما قال؛ علي بن أبي طالب كرم هللا وجهه :أجود الناس
كفا ،وأجرأهم قلبا وأصدقهم حديثا وأوفاهم ذمة ومن خالطك أحبك.
كنت يا رسول هللا سمح النفس ،رضي العسرة جميل الصحبة ،كما
قالت السيدة عائشة رضي هللا عنها :كان رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم إذا خال في بيته ألين الناس ،بساما ضحاكا.
وكنت أشد الناس عزوفا عن الزهو والخيالء ومتاع الدنيا .جاءت إليك
هدايا الملوك واألمراء والغنائم والصدقات فلم تستأثر منها بشيء ،بل
انفقت مالك كله في الخيرات ،وساعدت به ذوي الحاجات وبذلته في
مصالح اإلسالم والمسلمين.
ويلغ تواضعك وزهدك أنك كنت ترقع ثوبك وتخصف نعلك وتحلب
بيدك شاتك ،فضربت لقومك المثل بأعمالك كما ضربته بأقوالك .وقد
خلص جودك هلل فاختصصت به المحتاجين.
وقال حسّان بن ثابت في مدح رسول هللا صلى هللا عليه وسلم:
وأجــمل منـك لم تلد النســـاء وأحسن منك لم ترقط عيني
كأنـك قد خلـقـت كمـا تـشــاء مبـــرئـا من كل عيب
ّ خلقت
47
Seni Pidato Arab
أيها المؤمنون
إن من حق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم علينا أن نكثر ذكره وتعداد
شمائله وصفاته ،وأن يكون أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأوالدنا
لعظيم فضله علينا صلى هللا عليـه وسلم.
فنحن مدينون لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم في نجاتنا من الوثنية
المظلمة التي ال يزال يعيش فيها الماليين من البشر ،رضوا ألنفسهم
أن يتخلفوا بعقولهم عن ركب التفكير المثالي وأن يعيشوا كما كان
يعيش ويفكر اإلنسان البدائي التائه عشرات األالف من السنين.
وإننا نحن المسلمين مدينون لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم في نجاتنا
من الوحدانية المشوهة القلقة التي ال تلتقي مع طمأنية العقل وسكينة
الضمير والتي يعيشها مئات الماليين من الناس اليوم كذلك على الرغم
من وفرة الحقائق الدالة على التوحيد.
ومدينون لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم في نجاتنا من األمراض
الخلقية والصحية التي تفتك بمجتمعات بلغت الذروة في الرقي المادي
والتقدم الحضاري .كما أننا مدينون لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم
بوحدة أمتنا وحدة كاملة في العقيدة واإليمان والهدف والشعور واأللم
واألمل على تعدد أقطارها وبيئاتـها المحلية وحدة لم تجتمع لشعب من
شعوب األرض بهذا المظهر اإلنساني الرائع.
وإننا اليوم في أشد الحاجة إليك يا سيدي يا رسول هللا العادة وحدة
أمتنا اإلسالمية واستعادة حقها المغتصب ومجدها الضائع لتتولى قيادة
األمم بالرحمة والعدل والقوة والتقدم.
أيها المؤمنون
أال ينبغي أن يكون شكرنا هلل تعالى عظيما بأن جعلنا من أتباع أشرف
األنبياء والمرسلين وسيد الشفعاء صلى هللا عليه وسلم يوم الدين ؟.
إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نبي الرحمة والهدى وهو المبعوث
رحمة للعالمين الموصوف بالخلق الكريم وأنه قدوة وأسوة حسنة .كما
َّ َ َ َ َ ُ
قال هللا عز وجل :في سورة األحزاب ،األية ﴿ :21لقد َكن لكم ِِف
ّلل َكث ٗ
ِيا ٢١ َر ُسول ٱ َّّللِ أُس َوة َح َس َنة ٞل َِمن ََك َن يَر ُجوا ْ ٱ َّ َ
ّلل َوٱۡلَو َم ٱٓأۡلخ َِر َو َذ َك َر ٱ َّ َ
ِ
﴾.
48
Muh. Napis Djuaeni
.3
عيد األضحى المبارك
بسم هللا الرحمن الرحيم
.1المقدمة
هللا أكبر (× ،)9هللا أكبر كبيرا والحمد هلل كثيرا وسبحان هللا بكرة
وأصيال ...إلى آخر المقدمة.
.2عرض الموضوع
أيها المسلمون
إن يومكم هذا يوم عظيم الشأن كبير األثر ،كثير ذكريات ،ففي هذا
َ ُ
اليوم يذكر المسلمون ختام تزول القرآن الكريم ﴿ ُح ِر َمت َعليك ُم
وذةَُ ُ َ َُ َ َ ُ َ َّ َ َ ٓ ُ َّ َ ۡل َُ َ ُ َ َّ ُ َ َ
ير وما أهِل ل ِغيِ ٱّللِ بِهِۦ وٱلمنخن ِقة وٱلموق ِ ِزن
ِ ۡل ٱ م ٱلميتة وٱَلم و
ََ ُّ ُ َ َ َ ُ ََ ُ َ َ َّ َّ َ َ َّ ُ ُ َ ٓ َ ُ َ َ َ ُ َ َّ َ ُ َ َ
ب وأن وٱلمتدِية وٱنل ِطيحة وما أكل ٱلسبع إَِل ما ذكيتم وما ذبِح لَع ٱنلص ِ
ُ ََ َ َ َ َ َّ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ُ َ
ِين كف ُروا مِن دِين ِكم فَل تس َتقس ُِموا ب ِٱَلزل َٰ ِم ذَٰل ِكم ف ِسق ۗۡ ٱۡلوم يئِس ٱَّل
َ ُ ََ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ
ت َعليكم ن ِع َم َِّت ت لكم دِينكم وأتمم َّتشوهم َوٱخشو ِن ٱۡلوم أكمل
َ َّ ي ُم َت َك ُم ٱۡلس َل َٰ َم د ِٗينا َۚ َف َمن ٱض ُط َّر ِف َُم َم َصة َغ َ ُ َ ُ
جان ِٖف ِ ِۡلث ٖم فإِن ٍ ِ ِ ِ َو َرضِ يت ل
ِيم ( ﴾ ٣المائدة.)3 : ّلل َغ ُفورَّ ٞرح ٞ
ٱ َّ َ
فقد نزلت هذه اآلية الكريمة عشية عرفه يوم الحج األكبر ،ولما سمعها
عمر رضي هللا عنه أخذ يبكي فقال له النبي الكريم ما يبكيك يا عمر؟
فقال أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا ،فأما إذا كمل فإنه لم يكمل شيء
إال نقص ،فقال :صدقت.
وفي هذ اليوم يذكر المسلم وفد هللا في أرضه المباركة بعد أن أدوا
مناسكهم وأنابوا إلى خالقهم وجأروا إليه بالدعاء منيبين مستغفرين
مهللين مكبرين على صعيد عرفات وحول جبل الرحمة ،وقد غشيتهم
وحمة هللا ومغفرته التي عمت كل تائب منكم ممن حفظ لسانه ويده...
أيها المسلمون
49
Seni Pidato Arab
50
Muh. Napis Djuaeni
فالعالقات االجتماعية في هذا اليوم كما يريد لها الدين عالقات ود
وعطاء ،وحب وصفاء ،عالقات سخاء نفسي ومادي يتمثل في توزيع
قدر محدد من األضحية على اإلحباب من الفقراء واألقرباء...
لقد جعل هللا سبحانه هذه الضحية شعار لألمة الحنيفية منذ عزم الخليل
إبراهيم على ذبح ولده إسماعيل ،تصديقا ألمر هللا في رؤياه الصادقة،
ولكن رحمة هللا تداركت إسماعيل ففدته بذبح عظيم ،ليبقى إسماعيل
وليخرج من نسله محمد المبعوث رحمة للعالمين.
فاإلضاحي شعيرة من شعائر هللا بالنسبة إلى الحجيج في مكة وغير
الحجيج في سائر البالد األخرى...
أيها المسلمون
هذه هي صورة العيد التي رسمها الدين ،بل هذا جانب من
جوانب الصورة ،وإن الجوانب األخرى التي أرادها اإلسالم للعيد
لتكمل-في الحق -تلك الصورة المثالية التي عاشها سلفنا الصالح أيام
العيد .واإلسالم الذي شرع األضحية منسكا لألمة ،أراد بذلك أن يحس
المسلمون في مكة وفي سائر البالد بالوحدة الوجدانية التي تربط
بعضهم ببعض...
وفي هذا اليوم يذكر المسلم وقفة النبي صلى هللا عليه وسلم حين خطب
خطبته الخالدة ،خطبة الوداع وهو يقول:
"يا أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم ،فإني ال أدري لعلى ال ألقاكم بعد
عامي هذا في موقف هذا .ويقول:
أيها الناس أن ربكم واحد وأباكم واحد ،كلكم آلدم وآدم من تراب،
أكرمكم عند هللا أتقاكم ،وليس لعربي فضل على عجمي إال بالتقوى.
أيها الناس :إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة
يومكم هذا في شهركم هذا في عامكم
51
Seni Pidato Arab
هذا". 31
أيها المسلمون
من أعظم ما يتقرب به العبد إلى هللا تعالى في هذا اليوم من األعمال
الصالحة إهراق الدم ،اقتداء بسنة الحبيب األعظم صلى هللا عليه وسلم
وسنة أبيه إبراهيم عليه الصالة والسالم.
فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" :من وجد سعة ألن يضحي
فلم يضح فال يحضر مصالنا" رواه الحاكم.
31األستاذ الدكتور محمود أحمد البرشة ،منهل المؤمنين ومورد الخطباء في الجمع والمناسبات (ط.
2؛ دمشق :دار الشيخ أمين كفتارو ،)1999 ،ص .233 .نقال عن سيرة ابن هشام.190/3 :
52
Muh. Napis Djuaeni
( )1المقدمة
الحمد هلل الذي أنزل القرآن بلسان عربي مبين ،إلى آخر المقدمة.
( )2عرض الموضوع
أيها اإلخوة واألخوات
كما هو معروف لدينا أن اللغة العربية هي لغة اإلسالم والمسلمين منذ
طلوع فجر اإلسالم إلى نهاية ذكر األيام ،فبها نزل القرآن الكريم
دستور المسلمين ،وبها تحدث خاتم األنبياء والمرسلين ثم أنـها أقدم
لغة حية في العالم ال يعترها التغيير والتبديل فكانت طول أربعة عشر
قرنا من الزمان وعاء للحضارة اإلسالمية العالمية في مشارق
األرض ومغاربـها ،كما أنها فوق هذا كله قد اكتسبت اللغة العربية
مكانة عالية وعالمية بين اللغات المعروفة حيث أنها إحدى اللغات
المعترف بها رسمية في المنظمات الدولية وهي ومستخدمة في
المحافل والمؤتمرات الدولية ،فالعربية إذا ليست لغة دين وحضارة
وعلمية فحسب بل هي لغة اتصال عالمي كذلك...
أيها اإلخوة واألخوات
إن اللغة العربية تتميز بعدة مميزات وهي التي سنحت مجدها ومكانتها
بين لغات العالم وهي:
أنـها المظهر اللغوي لكتاب المسلمين والمنبع األصلي للعلوم .1
اإلسالمية وأساس الترابط واالعتصام والوحدة الفكرية بين
المسلمين.
.2قدرتـها العظيمة على االشتقاق والتوليد وخصوبة المفردات التي
زودتـها بذخيرة كبيرة من المعاني جعلتها تتفوق اللغات األخرى
ولهذا يستشعر المجتمع العالمي جدارة تعليمها وتعلمها.
غناؤها بأصواتـها مما يجعلها أكثر قدرة على الوفاء بالمخارج .3
الصوتية عن أي لغة أخرى ،هذا باإلضافة إلى أنـها فريدة في
النظام النحوي وقادرة على استيعاب األلفاظ التي تحقق لها النمو
والتطور.
53
Seni Pidato Arab
عالمية االنتشار ،فهي لغة حية خلقت لكي تكون عالمية التقت .4
بحضارة العلم وتعايشت في تفاعل ثقافي وفكري مما جعلها
قادرة على استيعاب المنجزات الحضارية...
أيها اإلخوة واألخوات
فقد عاشت اللغة العربية تاريخها في تطور ونماء بلغت
أوجه كمالـها في التعبير البليغ ومجدها الفصيح قبل البعثة المحمدية
وارتفع شأنها وتعمقت جذورها ومكانتها بنزول القرآن الكريم
وأصبحت لغة العرب والمسلمين.
وارتفع اإلسالم بلغة العرب إلى لغة اإلدارة والسياسة واالجتماع
واالقتصاد والعلوم بعد أن كانت لغة األدب والثقافة فحسب ،وذلك
عندما استعملت الدولة اإلسالمية اللغة العربية ودخلت أمم أعجمية في
اإلسالم واتسعت دائرة انتشار العربية تبعا إلنتشار اإلسالم الذي
يحتاج التفقه فيه وفهمه إلى معرفة العربية.
إن القرآن الكريم المنزل باللغة العربية هو المصدر األساسي ،ومن
هنا تأتي أهمية اللغة العربية في فهم معانيه ،فألفاظ القرآن ذاتها وعاء
له وهو التعبير عن معانيه وأهدافه ،كما أن الحديث النبوي كبيان آيات
القرآن المجملة.
ومن ناحية أخرى أن لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف هما
أصح وأدق األصول اللغوية صارت مقياسا وميزانا لكل من يريد
االستشهاد على صحة العربية في فهمها ،وقد كان القرآن الكريم
والحديث الشريف أساسين في اللغة العربية وتوسيع نطاقها وتـهذيب
ألفاظها وحفظها من االنقراض ،فالعلوم العربية نشأت ألجل القرآن
والحديث...
كما هو معلوم أن اللغة العربية هي أفصح اللغات وأغناها وهي لغة
ٗ َّ َّ ُ ُ ا َّ
القرآن الكريم كما أشار إليها القرآن ﴿ إِنا َج َعل َنَٰ ُه قرَٰءنا َع َربِيا ل َعلكم
ُ َ َ
تعقِلون (﴾ ٣الزخرف.)3 :
وال يخفى علينا أنها مفتاح العلوم اإلسالمية وبـها نقرأ كتاب هللا ونتعبد
إلى هللا سبحانه وتعالى ،وهي إحدى اللغات العالمية المستخدمة في
هيئة األمم المتحدة في المحافل والمؤتمارات واللقاءات الدولية ،ولها
54
Muh. Napis Djuaeni
55
Seni Pidato Arab
56
Muh. Napis Djuaeni
األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،المرجع السابق ،ص.56 . 32
57
Seni Pidato Arab
يا عباد هللا :جاء اإلسالم بشريعة سمحة بينت الحسن والقبيح وأقرت
الحق والعدل ...إلى آخر عرض موضوع الخطبة
)3خاتمة
يا عباد هللا
إن األمانة في اإلسالم واسعة الوالية ،وهي تشمل جوانب حياتنا كلها
وتالزمنا في عالقتها بأنفسنا ،وعالقتنا بخالقنا ،وعالقتنا بأسرتنا،
وبالمجتمع الذي نعيش فيه ،ومناطها جميعا شعور المرء بتبعته في
كل أمر يوكل إليه ،وإدراكه بأنه مسئول عنه أمام ربه ،حسبما ورد
في حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم(( :كلكم راع وكلكم مسئول
عن رعيته ،فاإلمام راع وهو مسئول عن رعيته ،والرجل راع في
أهله وهو مسئول عن رعيته ،والمرأة في بيت زوجها راعية وهي
مسئولة عن رعيتها ،والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن
رعيته .رواه البخاري).
إن كل ما وهبنا هللا من نعم أمانة بأيدينا ،فال ينبغي أن نفرط فيها،
فحواسنا التي أنعم هللا بها علينا أمانة ،والمواهب التي يخص هللا بها
المجدين العاملين أمانة ،وما حبينا من أموال وأوالد أمانة ،فنجب أن
نستخدم كل ذلك في قربات هللا ومرضاته وال ننحرف بواحد منها عن
طريقه السوى ،ولو فقه كل فرد في المجتمع دوره فيه ،وفقه ما يجب
أن يقوم به والتزم بذلك ونفذه ،لسعدت األمة وسعد أبناؤها جميعا،
58
Muh. Napis Djuaeni
واستحقوا األمن الذي وعد هللا المؤمنين المخلصين في قوله ﴿ :ٱ ََّّل َ
ِين
َ َ ُ َ َٰٓ َ ام ُنوا ْ َولَم يَلب ُس ٓوا ْ إ َ
يم َٰ َن ُهم ب ِ ُظل ٍم أ ْولئ ِ َك ل ُه ُم ٱَلم ُن َو ُهم ُّمه َت ُدون ﴾ ٨٢سورةِ ِ
َء َ
األنعام.82 :
فاتقوا هللا عباد هللا ،وتخلقوا بصفة األمانة ،ونشئوا أوالدكم على هذه
الفضيلة فيشبوا وهم رجال لهم خلقهم الرفيع ،وبذلك يكتب هللا لنا
السعادة والتوفيق.
خاتمة .3
إخوة اإليمان
اتقوا هللا في عيد حبييكم المصطفى محمد صلى هللا عليه وسلم واتقوا
هللا في سنة نبيكم الموصوف بالخلق الكريم ،وأكثروا من الصالة على
شفيعكم المبعوث رحمة للعالمين ،تحظوا بالقرب منه يوم القيامة يوم
ال ينفع مال وال بنون.
اليوم يستعرض مئات الماليين من المسلمين لمحات من سيرة
المصطفى محمد صلى هللا عليه وسلم ،فيجدون فيها المثل األعلى
للكفاح لنصرة دين هللا والدفاع عن الحق والدعوة إلى الخير والجهاد
في سبيل هللا ،والحض على الفضائل واالعتصام بها ،فإن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم هو األسوة الحسنة وهو القدوة الطيبة وهو اإلمام
59
Seni Pidato Arab
َ ُ َ َ
َ َ َٰ ُ َّ
ِيم ﴾ ٤
َل خل ٍق عظ ٖ األمين ،وصدق هللا العظيم في قولهِ ﴿ :إَونك لع
(سورة القلم )4 :وصدق رسوله الكريم في قوله" :إنما بعثت ألتـمم
مكارم األخالق.
)1مقدمة
الحمد هلل الذي أنزل القرآن بلسان عربي مبين ...إلى آخر
المقدمة.
)2عرض الموضوع
أيها اإلخوة واألخوات
كما هو معروف لدينا أن اللغة العربية هي لغة اإلسالم والمسلمين منذ
طلوع فجر اإلسالم إلى نهاية ذكر األيام ...إلى آخر عرض
الموضوع.
)3خاتـمـة
أيها اإلخوة واألخوات
واعلموا أيها المسلمون أن اللغة العربية هي أقدم لغة حية في العالم
فمنذ طوال أربعة عشر قرنا من الزمان كانت العربية وعاء للحضارة
اإلسالمية في مشارق األرض ومغاربـها ،بل يقوم بعض الكتاب
الغربيين الصادقين أن الحضارة اإلسالمية لها فضل كبير لبناء البالد
الغربية.
أيها المسلمون
إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم المنزل من هللا سبحانه وتعالى
ولغة الحديث النبوي الشريف ولغة الكتب الدينية اإلسالمية وهي اللغة
التي جاءت بالدين اإلسالمي إلى أنحاء العالم ،وال يخفى علينا أن اللغة
العربية هي مفتاح العلوم اإلسالمية.
وال يتسنى ألحد أن يتعمق في العلوم اإلسالمية بغير اتقان اللغة
العربية أو بغير اإللمام بالعلوم العربية ،فاللعة العربية هي لغة
المسلمين في جميع أنحاء العالم وهي اللغة المستخدمة في قراءة القرأن
الكريم والحديث الشريف ،ولذلك يجب على كل مسلم أن يجتهد في
تعلم اللغة العربية بكل جهده وطاقته ليصل ما يتمناه من العلوم
اإلسالمية.
61
Seni Pidato Arab
.1في األدلـــــــــة
األدلة جمع من الدليل .والدليل في اللغة :المرشد ،وفي اصطالح
الحكماء ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر .وهو قطعي وظني.
فالقطعي ما أوجب التصديق اليقيني ويسمى برهانا ،وهو ما تألف من
اليقينيات الست:
أوليات وهي القضايا التي يدركها العقل بمجرد الطرفين كقولك: .1
الواحد نصف اإلثنين ،والكل أعظم من الجزء.
مشاهدات وهي القضايا التي يدركها العقل بالحس الظاهر. .2
مجريات هي ما يدركها العقل بواسطة تكرار يفيد اليقين ،كقولنا: .3
السقمونيا مسهلة للصفراء.
62
Muh. Napis Djuaeni
حدسيات وهي القضايا التي يدركها العقل بواسطة حدس يفيد .4
العلم ،كقولنا :نور القمر مستفاد من نور الشمس.
متواترات وهي ما يدركها العقل بواسطة السماع عن جمع يؤمن .5
تواطؤهم على الكذب.
قضايا قياساتـها هي القضايا التي قياستها معها وهي ما يدركها .6
العقل بواسطة ال تغيب عن الذهن عند تصور الطرفين ،كقولنا:
األربعة زوج .فأن العقل يدرك ذلك بواسطة ال تغيب عن الذهن
عند تصور الطرفين وهي أن األربعة تنقسم إلى متساويين وكل
منقسم إلى متساويين زوج.
والظني ما أفاد الظن فقط ويتألف من غير اليقينيات وهي ست أيضا
مشهورات مسلمات والمؤلف منها يسمى جدال ،كقولنا :الظلم قبيح
وكل قبيح يشين ،واإلحسان خير وكل خير يشين ،وقولنا :خبر زيد
خبر عدل وكل ما هو كذلك يعمل به ،ومظنونات مقبوالت والمؤلف
منها يسمى خطابة ،مخيالت والمؤلف منها يسمى شعرا ،ووهـميات
والمؤلف منها يسمى سفسطة.
وتؤخذ أدلة الخطابة من التأمل في موضوع البحث وإمعان النظر في
أحواله وتسهيال الستخراج هذه األدلة قد وضع األقدمون من اليونان
جدوال لما يمكن استعماله منها .وأطلق العرب عليه اسم مواضع.
فالمواضع مصادر األدلة العامة التي يمكن للخطيب استعمالها في كل
مقام ،أما الثبات قوله وتأييد رأيه أو توسيع المعاني بحسن البيان،
وهي نوعان :ذاتية وعرضية.
.1األدلة الذاتية
فاألدلة الذاتية ما تستفاد من ذات الموضوع ،وهي كثيرة:
.1منها :تعريفه بذكر خواصه الالزمة أى البينة الثبوت له واالنتفاء
عن غيره كقول اإلمام علي كرم هللا وجهه لكميل بن زياد
النخعي ،يا كميل :العلم خير من المال ،العلم يحرسك وأنت
تحرس المال ،والعلم حاكم والمال محكوم عليه ،والمال تنقصه
النفقة ،والعلم يزكو على اإلنفاق.
63
Seni Pidato Arab
64
Muh. Napis Djuaeni
)2األدلة العرضية
فاألدلة العرضية ما تؤخذ من مصادر خارجة عن الموضوع يحتج
بها الخطيب إلثبات قضيته وتأييد رأيه.
وتلك المصادر نوعان :إلـهية وبشرية.
فااللـهية ما كانت عن وحي كالكتب المنزلة.
والبشرية سنن األنبياء والرسل وأقوال مشاهير األئمة وحكم الفالسفة
ومألوف عا َدات األمم كقوله تعالى في ُإثبات فضل العلم ترغيبا فيه،
َٓ َ َٓ َ َٰٓ َ ُ ُ ْ َ َ َّ ُ َّ َ ٓ َ َّ ُ
ّلل أن ُهۥ َل إِل َٰ َه إَِل ه َو َوٱل َملئِكة َوأ ْولوا ٱلعِل ِم قائ ِ َمۢا ب ِٱلقِس ِط َل إِل َٰ َه﴿ ش ِهد ٱ
ۡلك ُ إَل ُه َو ٱل َعز ُ
يز ٱ َ َّ
ِيم ( ﴾ ١٨آل عمران.)18: ِ ِ
فشهادته تعالى بتوحيده هي إعالمه على لسان رسله أو بيانه بنصب
األدلة القاطعة لذلك في اآلفاق وفي نفوس البشر وشهادة المالئكة
وأولى العلم بالتوحيد هي إقرارهم به ،خص تعالى أولى العلم بالذكر
من بين األدميين تنبيها على أنهم هم المعتبرون ،وشهادتهم هي
الموثوق بها أمام غيرهم فهمل ال اعتداد به وال وزن لشهادته ،وكفى
بذلك شاهدا بفضل العلم وأهله.
.5في آداب الخطابة
( توافر اآلداب في الخطيب )
65
Seni Pidato Arab
66
Muh. Napis Djuaeni
سيء السلوك فال تركز النفوس إليه ولو جاء بالصدق ،قال أبو
العتاهية:
والقول أبلغه ما كان أصدقه #
والصدق في موقف مستسهل عال.
( )3التودد إلى الناس ،وموجبات التحبب إليهم كثيرة ،منها التحلى
بالوقار والتصون والوفاء واألمانة والعفة وعزة النفس وعلو الـهمة
حتى يعلم أنه إنسان كامل خال عن األغراض ،يعمل الخير للخير ،ال
يريد عليه ثناء وال جزاء من أحد إال من هللا الغني الكريم ،فلذلك آثره
في إقبال الناس عليه ونجاحه في مهمته.
( )4رباط الجأش وشدة القلوب وهي منشأ صفات كثيرة حميدة فإنـها
تحفظ له كرامته في أعين السامعين ،وتستبقي عقله معه وهو يخطب
فيسدد ويتفنن ويرتب قوله ويحكم مقاطعه ويلحظ حركات القوم حتى
ينهلهم المناهل التي يسوقهم الظمأ إليها.
( )5البديهة الحاضرة وسرعة الخاطر ،فقد يطرأ على الخطيب في
أثناء خطابته أو على أثرها ما يلجئه إلى الكالم ،فإن لم تواته بديهته
بكالم يماثل األول أو يتفوق عليه سقط ما بناه وال كذلك إذا كان يغترف
من طبع نافع وفؤاد ذكي.
( )6أن يكون طلق اللسان بريئا من الحصر والعي واللجلجة والتمتمة
والفأفأة والجمجمة والثرثرة وسماجة التكلف واألغراب وما إلى ذلك
من العيوب المشهورة.
( )7الحذق في إدراك مقتضي الحال ومالحظة طوائف الناس من
األعلين واألوساط واألدنين ،فيختار من األلفاظ ما يناسب كل طبقة،
وال يجرح أحدا ممن يتحبب إليهم حتى تبقي لخطايته هزة في كل قلب
وتستريح لمغزاها كل نفس .والحاذق من يعرف الطباع الغالبة على
الجمهور فيأتي إليهم من ناحيتها إذ ال ريب أن لكل مقام مقاال ،ولكل
فريق من الناس خطابا يليق بحاله ويوافق عقليته ويناسب سنه .فال
67
Seni Pidato Arab
( )9سعة اإلطالع ،فإن الخطابة كما هو معلوم تتناول جميع الشئون
الدينية والدنيوية ،ومسالك القول فيها متشعبة كمسالك الكتابة ،فكما
يكون الكاتب ملما بكل العلوم كذلك يكون الخطيب .ولهذا ال يسمى من
يخطب خطبة محفوظة أو يجيد الخطبة في شيء دون غيره خطيبا،
فلو برع بعض الخطباء في نوع من أنواع الخطابة كالسياسية أو
القضائية فإن هؤالء ال يسمون خطباء على اإلطالق إال إذا كانوا
يحسنون سوى ما برعوا فيه وإن كان دونه.
68
Muh. Napis Djuaeni
فيه المرء بمجرد حسن هيئته ،فهو في هذه الناحية ال ينقص اعتباره
عن اعتبار الصفات األصلية.
وجملة األمر أنه يلزم أن يكون الخطيب أحرص الناس على الكمال
وأبعدهم عن النقص ،فإن الذي ينصب نقسه لقيادة الناس يجب أن
يكون من الفطانة والسداد بمنجاة من أقل الهفوات ،فإن أدنى هفوة
تسقط اعتباره وتهون على الناس أمره حتى يجعلون مجلسه ملهاة من
المالهي ،ال عبرة من العبر.
69
Seni Pidato Arab
هذا أن كان إنسانا وإال ذكر ما فيه من خير ونفع وفائدة ومزية،
ومثيرات البغض إضداد مثيرات الحب.
والرغبة :حركة في النفس تحملها على إرادة لذة مأمولة حسية كلذات
الحواس وعقلية كلذة العلم والفضيلة.
ويتوسل الخطيب إلى إثارة الرغبة في النفوس بتعظيم المرغب فيه
وتزيينه في عيون السامعين ،ببيان الفوائد التي تترتب عليها وحاجة
الناس إليه ،وذكر قرب مناله وسهولة دركه.
فالذي يرغب في مثل الزواج ال بد له من بيان فوائده الدينية
واالجتماعية وحاجة البشر إليه ،وسهولته على كل مقتصد معتدل في
أمره ،والذي يرغب في الصيام يجب عليه أن يذكر آثاره في تـهذيب
النفس وصحة البدن والرحمة بالضعفاء.
والنفور :حركة في النفس تحمل اإلنسان على العدول عن شر يضره
والسعي من الفرار منه واإلعراض عنه .وما يثير الفرار ضد ما يثير
الرغبة بأن يقبح للنفوس ما أراد التنفير منه بذكر المضار التي تنجم
عنه من االستغناء وعدم الحاجة إليه.
والفرح :لذة في القلب لنيل المشتهي ،وأصدق وسيلة لتحريك شاعرة
الفرح في القلوب أمور ثالثة:
صفة الفرح الناشئ عن إصابة الخير المقصود كالظفر .1
بالعدو.
َ
واألالم قبل إدراكه. ذكر ما لحق النفوس من الشدائد .2
اإلطناب فى ذكر النعمة وبيان نتائجها الحسنة وعواقبها .3
الجميلة بعد طول انتظارها أو اليأس من الحصول عليه.
والحزن :ألم النفس لوقوع مكروه أو فوات محبوب في الماضي ،ومن
أقوى مثيرات الحزن إن دعت إليها حاجة ،بسط الكالم في هول
الخطب وعظم المصاب وشدة المحنة في نحو حريق أو غرق نزل
بقوم ،ثم تعديد مزايا المفقود وبيان جدارته بالجزع والحزن عليه مع
70
Muh. Napis Djuaeni
ظهور مخايل االنفعال في قوله ،ومالمح وجهه حتى ينتقل تأثره إلى
قلوب السامعين.
والرجاء في اللغة :األمل ،وفي االصطالح تعلق القلب بحصول
محبوب في المستقبل مع األخذ في األسباب .والذي يبعث الرجاء في
القلوب أمران:
أن يصف الخطيب عظم الخير المبتغي كي يحببه إلى النفوس .1
ويحملها على طلبه السعي في أسبابه المشروعة المعقولة.
أن يبين أن األمر المرجو ليس عزيز المطلب وال بعيد المنال .2
لتوفر الوسائل الصادقة واألسباب المشروعة المؤدية إلى
إدراكها .كاإليمان الصحيح واألعمال الصالحة واألخالق
الفاضلة في الظفر بحسن الخاتمة .والحنود الممخلصين والعدة
التامة واألوقات الموفورة وحسن القيادة وضفع العدو ،والثقة
بحول هللا ونصره ،وما إلى ذلك في مثل الجهاد.
ومما يثير القنوط في النفوس إذا أراد أن يصرفهم عن أمر يريدونه
أن يبين الخطيب صعوبة األمر الذي يتطلعون إليه وأنه معجز الدرك
تحول دونه مخاطر ومشاق ال يقتحمها إال الغبي الجاهل الباحث عن
حتفه بظلفه ،وبذلك يحل اليأس محل الرجاء.
والشجاعة :هيئة للنفس تحصل لها عند اعتدال القوة الغضبية بها يقدم
اإلنسان على ما يجب األقدام عليه مع التعرض للمكاره الحائلة دون
المرغوب فمن أخص مظاهر الشجاعة األقدام على األمور التي يحتاج
َ
واألالم الواصلة إليه مع اإلنسان أن يعرض نفسه لها لدفع المكاره
ثبات الجأش عند المخاوف واالستهانة بالموت ،وهي باألشراف
والملوك أليق ،بل ال يستحقون الملك مع عدم هذه الخلة ،وهي وسط
بين التهور والجبن.
وبواعث الشجاعة ال تختلف كثيرا عن بواعث الرجاء بأن يرغب
السامعين بوصف األمر العظيم ويشيهيه إلى القلوب ليبعتها على طلبه
مع ذكر االإمدادات اإللـهية والثقة باهلل تعالى في صدق ما وعد.
71
Seni Pidato Arab
72
Muh. Napis Djuaeni
73
Seni Pidato Arab
ثانيا :التـنسيق
التنسيق في اللغة التنظيم والترتيب.
وفي االصطالح تنظيم معاني الخطبة وسياق أجزائها وذكر أدلتها،
وهو من أعظم أركان البالغة ووسائل التأثير ،فإنه بمنزلة تنظيم
صفوف الجند ،فكما ال نصرة لجيش لم يراع فيه حسن النظام ،وكذلك
ال قوة للخطبة وال أثر لها إذا لم ترتب ترتيبا حكيما بحيث تكون أبين
غرضا وأحسن في النفوس وقعا.
وأقسام الخطبة إجماال ترجع إلى ثالثة أشياء:
.1المقدمة
.2اإلثبات
36
.3الخاتمة.
األول :المقدمة
المقدمة هي فاتحة الكالم ومرجع فحواه ولما كانت بمثابة االساس من
البناء والرأس من األعضاء وجب أن تكون محكمة الوضع مناسبة
مشوقة للسامعين إلى بسط الكالم فيما تشير إليه ،فهي خطبة مجملة.
تشتمل المقدمة على:
حسن االفـتـتاح .1
بيان المقصـد .2
تقسيـم الخطاب .3
نفس االمرجع ،ص.51 . 36
74
Muh. Napis Djuaeni
.1حسـن االفــتــتاح
حسن االفتتاح هو أن يكون االبتداء الئقا بموضوع الخطبة بأن يأتي
الخطيب في صدرها بما يدل على المقصود منها ،وهو براعة
االستهالل.
قال أبو عثمان الجاحظ نقال عن أبي علي القالي :وليكن في صدر
كالمك دليل على حاجتك ،كما أن خير أبيات الشعر البيت الذي إذا
سمعت صدره عرفت قافيته ((كأنه يقول :فرق بين صدر خطبة النكاح
وبين صدر خطبة العيد وخطبة الصلح)) حتى يكون لكل من ذلك
صدر يدل على عجزه ،فإنه ال خير في كالم ال يدل على معناه وال
يشير إلى مغزاه وال إلى العمود الذي إليه قصدت والغرض الذي إليه
نزعت.
وجملة األمر أن المطلع هو أول ما يستأذن على السمع من الكالم ،فإن
كان حسنا رائقا ظريفا مناسبا للموضوع أذن له وتقبلته النفوس،
وتطلعت إلى ما يورده الخطيب بعد ،وحثها الشوق على اآلتي بإضافته
إلى الماضي ،وهذا هو سر حسن االفتتاح.
ويستهجن في االفتتاح أمور:
اإلسهاب واالستطالة بما يمل السامع منه ما دام في اإليجاز .1
وفاء بالغرض.
أن يكون مبتذال مشاعا يصلح لكل خطبة .2
أن ال يوافق الموضوع فيكون قلقا غير ملتئم معه. .3
أنواع االفتتاح اربعة:
السهل .1
الجزل .2
البديهي .3
الملوح .4
.1السهل :ما يبين فيه الموضوع بال تكلف ويسمى الساذج وهو
أحرى بالخطب العادية ومحافل األدب ومجالس العظات
والتشاور.
75
Seni Pidato Arab
.2الجزل :ما كان أنيق اللفظ شريف المعنى يزينه حسن التعبير
ورونقه ويصلح لألحوال الخارقة للعادة والوقائع الشريفة
والنوازل الهامة إذ يتوقع المهور ما يكشف عن عظائم األمور
كقول أبي بكر الصديق رضي هللا عنه يوم موت رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم " :أيها الناس إنه من كان يعبد محمدأ فإن
تال محمدا قد مات ،ومن كان يعبد هللا فإن هللا حي ال يموت ،ثم
ُ ُ َ َ ْ َّ َ َ َ َ َ َ ٞ َّ َُ
األية ﴿ َو َما ُم َّمد إَِل َر ُسول قد خلت مِن قبلِهِ ٱ ُّلرسل َۚ أفإِين مات أو
َ َ َٰ َ َ َ َ َ ُ َّ َّ َ َ ٗ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َٰٓ َ َ ُ
ّلل شيا ۗۡ لَع أعقَٰبِك َۚم َو َمن يَنقل ِب لَع عقِبيهِ فلن يِض ٱ قت ِل ٱنقلبتم
َّ ُ ََّٰ
ين ﴾ ١٤٤آل عمران.")144 : لشكِر َ
ِ َو َس َيج ِزي ٱّلل ٱ
.3البديهي :ما أصاب السامع على غير انتظار ،وأبرز عن حميم
العواطف والقلوب المتألمة ،ومقامه الوقائع الباغتة
والطوارئ المفحعة
.4الملوح أو المعرض ،في اللغة خالف المصرح ،وفي
االصطالح :ما يخرج مخرج الكناية والتعريض ،ويستعمل في
سياسة النفوس النافرة ،وترقيق القلوب العاتية المتكبرة الجبارة.
.5بيان المقصد
هو أن يظهر الخطيب ما يبنى عليه كالمه بذكر ما سيلقي
بعبارة جامعة جلية موجزة لتكون كالعنوان للكتاب.
ولبيان المقصد عند العرب أسماء أخرى وقد يسمونه بالسمة وهي
عنوان الخطاب ليكون عند السامع إجمال ما يفصله الخطيب بعد.
والصفات المالئمة لبيان المقصد ثالث:
أن يكون مترتبا على قضية واحدة فقط كما لو أردنا الكالم .1
على العدل فإننا نقول :إن العدل أساس عمران الممالك.
أن يكون واضحا ألن الغرض إذا خفيا بعيد المآخذ تبرم منه .2
السامع ،مثال إذا كان الكالم على حسن الخلق قلنا :من حسن
خلقه وحببت محبته ،ومن ساء خلقه تنكدت معيشته أو على
شرف العقل ،قلنا :خير المواهب العقل وشر المصائب الجهل.
76
Muh. Napis Djuaeni
.4تقسيم الخطاب
التقسيم في اللغة مصدر قسمت الشيء إذا جزأته وفي اصطالح
الخطباء هو تفصيل المقصد ببيان أجزائه بعد ذكره مجمال .وله فوائد
كثيرة منها ما يعود إلى نفس الخطيب من حيث إنه وقاية له من الـهذر
والخروج عن الموضوع وتكرار المعاني ،ومنها ما يعود إلى
السامعين بتسهيل إدراك الموضوع وترويج خاطرهم فينشطون
للسماع باالنتقال من قسم إلى آخر-هذا -إلى أن التقسيم يفيد الخطبة
وضوحا ويكسوها حسنا وجماال.
وصفات التقسيم الحسن أربع:
.1أن تكون القسمة شاملة لكل أجزاء الموضوع ال يخرج عنها
جزء من أجزائه.
.2أن تكون األقسام متباينة ال يدخل بعضها في بعض.
.3أن تكون واضحة يتلقاها عقل السامع بسهولة فترسخ في ذهنه.
.4أن تكون مبتكرة موجزة كقول بعضهم في دواعي الـمحبة.
ثالثة تورث الـمحبة :األدب والتواضع والدين.
الثاني :اإلثبات
هو في اللغة التمكين يقال :أثبت األمر جعله مكينا.
وفي االصطالح تأييد القضية بالبرهان وهو قطب الخطابة وعمادها،
فإن كان معقوال متين الدعائم تلقاها الناس بالقبول ،وإن كان ضعيفا
واهيا سقطت كما يسقط البناء القائم على أساس ضعيف .وهو نوعان:
إيجابي :وهو ما اشتمل على تصديق القضية وتعزيزها باألدلة .1
الواضحة والحجج الدامغة ،ويسمى التبيان.
77
Seni Pidato Arab
78
Muh. Napis Djuaeni
79
Seni Pidato Arab
والغاية من حسن المقطع أمران :أن يتم إقناع السامعين حتى ال يبقي
للنفوس بعده تطلع وذا يكون ذكر مجمل ما أتى به مفصال .وأن يقوي
فيهم الرغبة في العمل بما أذعنوا له وذا يكون بإفراغ ما في الوسع
في تحريك العواطف والمهارة في التأثير ،وعلى الخطيب إذا لخص
الخطبة أن يعمد إلى أهم ما جاء فيها من البيانات فيبرزها في صورة
جديدة وأسلوب رشيق لئال تذهب تالوتـها ،وحتى ال يكون إعادة ادلتها
مثال من باب التكرار الممل المعيب.
ثالثا :التعبيـر
التعبير هو تصوير المعاني باأللفاظ ،وشأنه في الخطابة عظيم ،ألنه
كساء الكالم به تنال الخطبة رونقها وبـهاءها كالثوب يزين البسه
ويكسبه حسنا وجماال ،فإذا لم يراع الخطيب حسن التعبير فال أثر له
في إرادة السامع وال سلطان له على قلبه ،بل تبقي عواطفه نائمة
إلحراك لها فال يندفع إلى العمل بما يقصده منه.
إن التعبير يدخل في فن اإلنشاء ،ولما كان المنشئ والخطيب بمنزلة
واحدة من حيث توجيه الكالم نحو الغير لإلفهام لم تكن للخطيب حاجة
إلى قواعد خاصة لتأدية مراده أكثر مما هو معلوم في فن اإلنشاء.
هناك ما يهم الخطيب منه وهو:
.1التـفـنـن
.2متانة األسلوب
80
Muh. Napis Djuaeni
.3األداء الخطابي
األول :التفنن
وهو أن يأخذ بأنواع من الكالم وأفانين من القول ويذهب فيه إلى طرق
شتى وأساليب متنوعة يلبس المعنى الواحد عدة أثواب ويكسو غرضه
حلال مختلفة من الجمل والتراكيب ،فيكون قد أتى بشي يجذب النفوس
إلى استماعه فإنـها ميال إلى جب الجديد ،بخالف ما إذا التزم أسلوبا
واحدا من الكالم ،فإنه بذلك يوقع السامعين في الملل والسآمة ،فقد جبل
اإلنسان على المالل من االستمرار على شي واحد ،فكلما انتقل من
أسلوب إلى أسلوب انشرح صدره ،وتجدد نشاطه وتكامل ذوقه ولذته
وصار أقرب إلى فهم معناه والعمل بمقتضاه ،وكان كمن انتقل من بلد
إلى بلد أو من بستان إلى بستان أو فاكهة لذيذة إلى أخرى ،وفي ذلك
ما فيه من ترويج النفس وتنشيطها.
قال أبو علي القالي :التفنن موج إليقاظ السامع وتحريكه للحد في
األصغاء ،فإن تغيير الكالم المسوق لمعنى من المعاني وصرفه عن
سننه المسلوك ينبئ عن اهتمام جديد بشأنه من المتكلم ويستجلب مزيد
37
رغبة فيه من المخاطب.
والقرأن الكريم أعدل شاهد على التفنن مع متانة األسلوب وحسن
السياق وعذوبة األلفاظ ودقة المعاني وبعدها عن مظنة التكرار ،وذلك
كما في قصة آدم عليه السالم وأكله من الشحرة وهبوطه من الجنة.
وكما في قصة إبراهيم عليه السالم مع ضيفه ومع أبيه وقومه ،وقصة
موسى عليه السالم مع فرعون ،فإن هذه القصص ذكرت في القرآن
الحكيم في عدة مواضع مع تفنن في العبارة مما يظنه الجاهل بأساليب
البالغة تكرارا وليس به ،بل هو غاية في اإلبداع والنهاية في
اإلعجاز.
81
Seni Pidato Arab
82
Muh. Napis Djuaeni
َ َ َّ َ َّ َ ْ َ َّ ُ َ َ َّ ُ َ ا َ َّ َٰٓ َ
َّت إِذا والثاني كقوله تعالى ﴿ :وسِيق ٱَّلِين ٱتقوا ربهم إَِل ٱَلنةِ زمراۖٗ ح
َ ُ ُ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ٓ َ ُ
َجا ُءوها َوفت َِحت أب َو َٰ ُب َها َوقال ل ُهم خ َزن ُت َها َسلَٰم َعليكم طِب ُتم فٱدخلوها
َ َ ََ ُ َ َ َّ َّ
َ
ۡلم ُد ِّللِ ٱَّلِي َص َدق َنا َوع َدهُۥ َوأو َرث َنا ٱَلۡرض نت َب َّوأ م َِن ِين َ ٧٣وقَالُوا ْ ٱ َ َ
خ َٰ ِِل َ
ورة البقرة .)43 :فإنـها على ِني ُ ( ﴾ ٤٣ َو َءاتُوا ْ ٱ َّلز َك َٰو َة َوٱر َك ُعوا ْ َم َع ٱ ََّٰ
لركِع َ
س َ
وجازتـها دلت على عدم المؤاخذة وكمال المالطفة وتمام الرضى عنه
صلى هللا عليه وسلم ،وتأمل نرى سبيل القرآن الكريم في كلتا الحالتين
من الجزالة والرقة على هذه األسلوب الحكيم الذي أعجز أساطين
البالغة عن معارضته واإلتيان بأقصر سورة من مثله.
الثالث :االقتباس
االقتباس هو أن يأخذ المتكلم شيئا من كالم غيره فيدرجه في كالم
نفسه بعد التمهيد له لتأكيد ما أتى به من المعنى .فإن كان قليال فهو
إيداع ،وإن كان كثيرا فهو تضمين.
83
Seni Pidato Arab
84
Muh. Napis Djuaeni
َ َ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ َ َ
اع َل ع َِوج ُُل ۖٗۥ َوخش َع ِ
ت عنهم والرحمة بـهم ﴿ :يومئ ِ ٖذ يتبِعون ٱَل ِ
َّ ََ َ
ِلرِنَٰمۡح فَل تس َم ُع إَِل َهم ٗسا ( ﴾ ١٠٨طــه.)108: ٱَلَص َو ُ
ات ل َّ
وعلة المنع ما فيه من صرف كالم هللا تعالى عن وجهه وإخراجه عن
المعنى الذي سيق ألجله ولما فيه من األخالل بإجالل كالم هللا
وتعظيمه ،والتضمين ال غني للخطابه عنه لكن على الخطيب أن يكون
فيه حكيما يضع كل شيء في محله.
85
Seni Pidato Arab
86
Muh. Napis Djuaeni
87
Seni Pidato Arab
األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،المرجع السابق ،ص.57 . 38
88
Muh. Napis Djuaeni
التعبير األدبي ويحرص على قواعد النحو ،فكانت خطبه خليقة أن
تحفظ وتدرس.
وكان كل من توفيق دباب وعلى الجارم ومنصور فهمى يتكلف انفعاال
أثناء خطابته فيثير سامعيه أكثر مما يثير قارئيه.
أما الخطبة المرتجلة فهي صدى للخطبة المعدة.
39
89
Seni Pidato Arab
ليس من الجائز هنا أن تلقى بضع جمل أو كلمات عادية ،ولكن ال ينقذ
الخطيب في هذا الموقف إال ما لديه من مكونات ثقافية ومعلومات
واسعة ،وربما تحدث الخطيب المرتجل فأجاد وأحسن مما كان يتوقع
من الخطيب األصلي ،هذا ألنه مكون فكريا وأدبيا.
وال يجمل بالخطيب المرتجل أن يتعرض ألراء جديدة أو نظريات
غير مدروسة لديه ،ألن هذه ال تكون إال نتيجة تفكير طويل وفحص
واستعراض للموضوع من كل جوانبه ،وهذا ما ال يستطيع له وقت
المرتجل فأولى به أن يتحاشاه.
والخطباء يحتاجون إلى حضور البديهة وسرعة الخاطر ،وذلك على
سبيل المثال :ذهب شخص إلى حفل زفاف به جمع من الناس وعدد
من الكبراء فطلب إليه أن يتحدث وأن يهنئ العروسين فارتبك وأحمر
وجهه ولكنه لم يستطع التخلص من الموقف.
فقال ...إني مسرور جدا بـهذا الزفاف ألنه ربط بين أسرتين كريمتين،
وألني أعلم أن العروسين من ذوي المميزات اإلنسانية وأسأل هللا أن
يأتي منهما نسل كريم ينفع األمة كلها .وأني أقدم لهما وألسرتيهما
خاص التهنئة وأطيب األماني بمستقبل زاهر وحياة سعيدة رافهة،
فبالرفاء والبنين وبارك هللا زواجكما ومستقبلكما...
هذا كالم ليس بالضعيف ولكنه غير كاف وال جديد فيه.
وواجه آخر مثل هذا الموقف فقال:
إنني مع ابتهاجي وسروري القتران عروسينا وأسرتيهما أود أن نقدر
هذا الموقف قدره وأن ندرك معنى الزواج وسموه .ليس الزواج مجرد
متعة جسدية وال عملية نتاج بشرى ،وإنما هو موقف قداسة وطهارة
يشهده الناس على األرض وتشهده المالئكة في السماء ،إنه نوع من
عبادة هللا واالنقياد لتعاليم دينه ،تعاون قبل كل شيء على السعادة
وإخالص روحين إخالصا يؤدي إلى االمتزاج في كل شيء ،في
األرواح والعواطف والميول واألمزجة .ومن هنا ال ينشأ مجرد نسل
وأنما بداية أمة لـها مميزاتـها وخصائصها ،وهل وجودنا في هذا
الكون إال نتيجة قران بين آدم وحواء؟
90
Muh. Napis Djuaeni
40
أنظر الكون وقال في وصفه كل هذا أصله من أبوين
إنه سر الخلود وامتداد الجنس وبقاء النوع ،أنه الفطرة المنبثة في هذا
الكون .الطيور واالشجار وكل الحيوانات والنباتات لها مثل هذه
الرابطة ،فليست مجرد عاطفة وإللقاء جنسي عابر ولكنها سر البقاء
والخلود ،وهذا سر قداسة الزواج وسموه وجالله.
إن الواحد منا يغار على ابنته أو قريبته وتثور غيرته وغضبه حين
يلمسها شخص أجنبي أو حتى يخاطبها بكلمة نابية .وكثيرا ما قامات
الخصومات والعداوات ألمر بسيط كهذا ،ولكنه حين يعقد قرانـها
تذهب غيرتـه ويسلمها لقرينها بل يصير زوجها أقرب إليها من جميع
ذويها ،وقد قال رسول هللا صلى هللا عليه
41
وسلم" :جدع الحالل أنف الغيرة".
إننا اآلن نحتفي بآدم وحواء جديدين وأنه توفيق من هللا أن جمعهما،
فالطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ...باركوا جميعا هذا الزفاف
وادعوا للزوجين بأطيب وأثـمن ما تتمنون من هللا تعالى.
هذا الخطيب استطاع أن يكسو حديثه ثوبا فلسفيا رفع به قيمة خطبته
ومرجع ذلك إلى ثقافته ومحفوظاته األدبية جميعا.
وقد كان الخطباء في عصور الخطابة القوية المزدهرة وهم ذوو القدرة
على الكالم والدراية به يستعدون لخطبهم ويتخوفون اللحن فيها ونقد
السامعين لـهم.
وقال األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عماره :إن للخطبة مراحل
تـمر بـها حتى تأخذ شكلها النهائي ،وإن شئت فقل عناصر ال تتم إال
بها ،وال تأخذ سبيلها إلى عقول الناس وقلوبـهم إال بالوفاء بحقها.
وتتلخص هذه العناصر أو المراحل فيما يلي:
.1مقدمة تمهد للموضوع فتهيئ األذهان الستقباله.
91
Seni Pidato Arab
.2موضوع مناسب.
.3خاتمة ،تجيء إما تلخيصا لما سبق عرضه أو نتيجة له.
.4أن يتم ذلك كله في أسلوب قوي يخاطب العاطفة وال يركز على
42
البرهان العقلي إال قليال.
إن الخطيب قبل البدء في التخطيط للخطبة أن يحرص على تـهيئة
نفسه للكالم بإفراغ باله من كل ما يشغله ليتمحض للتوجيه فال بد أن
تكون الرغبة في الحديث قوية.
والمفروض أن الخطيب وبالذات عندما يكون الدرس مذاعا على
الهواء أن يشغل نفسه من أول النهار :يإعداد فكرته وإفراغ باله
لمعايشتها واالنفعال بـها ،ثم الفرار بـها من كل ما يشتغل الذهن بحيث
ال تزاحمها فكرة أخرى قبلها.
ويحتاج الخطيب أو خطيب المنير إلى وعي الحقيقة ،فالوظيفة تفرض
عليه أن يقول ،وفي وقت محدد وفي موضوع محدد أيضا ،وما عليه
إال االختصار ،وتبقي فرصة الدرس بعد الصالة أسهل تناوال وأكثر
تقبيال.
بالنسبة الختيار الموضوع فإن الخطيب الموفق هو ذلك الذي يقع منه
االختيار على موضوع مناسب يشد االنتباه.
ومناسبة الموضوع أن يكون في مستوى إفهام المستمعين وأال يكون
مما ال يجري فيه االختالف وأن يكون حيويا متصال
بحياة الناس الدينية والدنيوية.
إن سر نجاح الخطيب أن يواكب حياة الناس ،ليجدد نفسه دائما لينعكس
بدوره حركة وبركة على جمهوره ،هذا الجمهور الذي يحس في
كالمه بنبض قلبه .وال بد لكي نحقق الخطبة هدفها من أن تكون مناسبة
في موضوعها ،مناسبة في أسلوبـها وفي زمنها.
بالنسبة لتناسب الموضوع ،فمن الضروري أن يكون الخطيب على
دراية بـمستوى السامعين ليتمكن من اختيار الزاد المناسب .فالوسط
42األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عماره ،الخطابة بين النظرية والتطبيق (ط2 .؛ الجزء الثاني،
القاهرة ،األزهر الشريف :سلسلة البحوث اإلسالمية ،)2008 ،ص.251 .
92
Muh. Napis Djuaeni
وقد جاءت السنة المطهرة داعية إليه في باب قول النبي صلى هللا عليه
وسلم" :يسروا والتعسروا".
وأعلى صور التيسير والتبشير أن تعين المستمع على طاعة هللا تعالى
وذلك باختيار الموضوع الذي يدخل في دائرة إمكانه فهما واستيعابا
وقدرة على التنفيد.
قال اإلمام النووي في التقريب وهو يتحدث عن أداب المحدث
(ولتجنب ما ال تتحمله عقولهم وما ال يفهمونه).
وقال علي كرم هللا وجهه" :حدثوا الناس بما يعرفونه أتحبون أن يكذب
هللا ورسوله" (رواه البخاري).
تقديرا الختالف الناس ألوانا وأذواقا وإفهاما ،كان رسول هللا صلى
عليه وسلم يكرر الجملة مرارا ويعطي الحروف حقها لتخرج من
مخارجها بينة واضحة .وإذا كره عليه الصالة والسالم تحديث الناس
بحديث ال تطيقه بعض األفهام ،لهذا السبب ،فإنه يستهدف ببيانه
الساطع أن تفهم كل المستويات مرامي كالمه.
93
Seni Pidato Arab
عن أنس رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عله وسلم :كان إذا
سلم سلم ثالثا ،وإذا تكلم بكلمة أعادها ثالثا ( رواه البخاري) .وعن
عائشة رضي هللا عنها قالت كان كالم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
43
فصال (بيانا ظاهرا) يفهمه كل من يسمعه (رواه أبو داود).
كما هو معلوم أن تكرار مرتب بطبيعة النفس اإلنسانية التي تستجيب
لتكرار اللفظ وأعادة المعنى على سمعها ،فتنشط للعمل بموجبه .أى
أنه يكرر ليحدث الفهم بالتكرار ومع الفهم يأخذ اإلنسان سبيله إلى
التطبيق مدفوعا بما أحدثة الموقف من أثر نفسه.
وهذا هو السر في تأثير اإلعالنات العجيب ،يقرأ الواحد عشرات مرة
أن أحسن الحلوى من صنع فالن ،فيخيل إليه من التكرار أنه سمع ذلك
من مصادر شتى وينتهي بصحة الخبر.
ثم إن تجنب الموضوعات الخالفية يضمن للخطيب أن يظل رائدا في
جماعته قائدا لـها ،وإال فان القضية الخالفية حين تعرض فوق المنبر
فان المعارضين المستمعين لن يسلموا زمامهم للخطيب انتصارا
لرأيهم ،وبالتالي لن يظل في أذهانهم على األقل محتفظا بزعامته
الدينية بينهم ،السيما وظروف الخطبة ال تسمح بالحوار واألخذ والرد
ألن ذلك خارج عن طبيعتها.
ومكان هذه الموضوعات الخالفية هو المحاضرة أو الدرس بعد
الصالة ،حيث يتسع الوقت لمناقشتها ويتسع صدر أيضا.
وال يمكن الخطيب أن يتملك زمام الموقف إال إذا عاش حياة جمهوره
ومعايشة الجمهور تعني أن يكون خطيبا في بيان خصائصه دقيق
التصور ،وذلك:
94
Muh. Napis Djuaeni
ومعنى ذلك كله أن يختار الخطيب زادا يناسب المجتمع الذي عرفه
وصوال به إلى ما يرجو من شفاء يقطع دابر االنحراف .وال يكون
ذلك إال بمخاطبته بأمور تعينه فعال وتشغل باله وترتبط بواقعه .ولذلك
فان الخطيب يصر إصرارا على الخطة المعدة.
وواجب الخطيب أن يحسن االختيار وأن يعمل فكره سعيا وراء كل
جديد ،كما يجب أن يعبر الخطباء عن آمال الشعب وآالمه ،وأن
يعينوهم على القول الحق ،وبذا يكونون بمثابة المخبر يكشف عن
رضا الشعب على الحكم أو سخطه عليه وعلى تصرفات الحاكمين
حتى يرسموا خطبتهم على أساس من هذا المقياس الذي ال يقول إال
الحق ،وال ينطق إال بالصدق ابتغاء مرضاة هللا رغبة ورهبة إليه.
ويحسن الخطيب أن يختار موضوعات من واقع الحياة ما يدور فيها
وما يحيط بالناس من مالبسات ،ويتلمس لها الدواء الشافي والجواب
الكافي من كتاب هللا ومن سنة رسول هللا ،ولذا فقد نزل القرآن منجما
يتجاوب مع األحداث ويعالج العلل التي تنتشر بين الناس.
وليحاول الخطيب بأن يتحنب الخالفيات الفقهية والتعصبات المذهبية،
وأن يبني أحكامه على أساس متين من القرآن والسنة فهما الطريق
إلى الجنة والسبيل إلى الجنة.
كما يجب على الخطيب أن يذكر دائما ببطولة الصحابة والتابعين ففي
ذلك غنى عن القصص الخيالة التي ينسجها الغرب حتى يغزو أفكار
شبابنا ويلهيهم عن بطوالت آبائهم وأجدادهم التي ال مثيال لـها .والتي
لو عقلوها لكانت نبراسا لهم في حياتهم ،أن تخلق منهم رجاال وأبطاال
يعرفون راية اإلسالم ويعلنون كلمة اإليمان.
وال يفوتنا التنبيه إلى أهمية وحدة الموضوع:
إن بعض الخطباء ال يلتزم بتوحيد فكرته ،وإنه ليجمع في حديثه
الرطب واليابس ،وينعكس تشتت فكره على المستمع حيرة تنتهي
بانصرافه عنه ،ألن تعدد الفكرة ال يتيح للخطيب جالءها وتوضحها،
وبالتالي تذهب فائد الحديث جملة.
وربما كانت الفكرة الواحدة والتي تنال حظها من التوضيح والتكرار
أبقى في ذهن المستمع وقلبه من هذا الخليط الذي يذهب آخره بأوله.
95
Seni Pidato Arab
96
Muh. Napis Djuaeni
وما ذهب إليه ابن األثير قائم على أصوله في طبيعة اإلنسان.
ألن الفكرة األولى :عن شئ أو عن أمر او عن شخص تثبت وتقر
بالنفس ،ومحوها يحتاج إلى عناء شديد ...فإن كانت حسنة صعب
46
تـهجينها وإن كانت سيئة صعب تزيينها.
ومعنى ذلك أن وجود الرابطة بين المقدمة والموضوع كما يحفظ
تسلسل األفكار يساعد على االحتفاظ بالسامع ليظل معنا بانتباهه ،وما
أكثر الشواغل التي تثقل رأسه وترهق قلبه ،ومن ثم فهو في حاجة إلى
من ينتزعه من هذه الدوامة التي تحتويه ،وتبلور موقفه أخيرا ليقف
من ورائك ويعطيك عقله وقلبه.
وهذه الرابطة بين المقدمة والموضوع كأنما تنشط الفكر الخامذ
لينهض ويتابعك ويتمتع بصالحية التلقى عنك ،بما نفخت فيه من نشاط
وحيوية ،وتلك سمة من سمات الخطيب الناجح والكالم المؤثر.
كيفية عرض الخطيب فكرته في الخطبة.
استمع الناس إلى الخطيب وهو يستهل خطبته بتحديد موضوعها وهو
التقوى التي أكد أهميتها ،ثم بدأ يسرد األيات سردا:
نفس المرجع ،ص ،273-272 .نقال عن الخطابة للمرحوم اللشيخ محمد أبو زهرة ،ص.96 . 46
97
Seni Pidato Arab
وإذا يأمر هللا تعالى الناس جميعا بالتقوى ،فإن المؤمنين أولى بها:
"...اتقوا هللا وقولوا قوال سديدا".
وإذ يباشر المؤمنون التقوى ،فإن اإليمان ينبغي أن يصعد بهم إلى
ذروتـها .وذلك قوله تعالى..." :اتقوا هللا حق تقاته "...ولكم بعد ذلك
َ ُ
أيها المؤمنون أن تحصلوا على جائزة التقوى ﴿ :يُصل ِح لكم
از فَو ازا َعظ ا ّلل َو َر ُس َ ُ
وُلۥ َف َقد فَ َ كم َو َمن يُ ِطعِ ٱ َّ ََ ُ ُُ َ ُ َ َ َ ُ َ
ِيما أعمَٰلكم َويغفِر لكم ذنوب ۗۡ
47
( ﴾ ٧١األحزاب.)71 :
98
Muh. Napis Djuaeni
وقد نقد أبو الفرج بن الجوزي الفقهاء الذين جعلوا الفقه أحكاما تساق
إلى العقل المجرد ،دون حساب للوجدان وفاعليته .إنـهم جعلوا النظر
جل اشتغالهم ،ولـم يمزجوه بما يرفق القلوب من قراءة القرآن وسماع
الحديث وسيرة الرسول صلى هللا عليه وسلم .ومعلوم أن القلوب ال
تخشع بتكرار إزالة النجاسة والماء المتغير وهي محتاجة إلى التذكار
والمواعظ لتنهض لطلب اآلخرة.
وإذا كان هذا شأن الفقهاء وصناعتهم استنباط األحكام ،فجدير
بالخطباء أال يدخلوا في أحوال غيرهم ،وأن يخاطبوا القلوب بما يوقظ
48
فيها أثمن ما تملكه من مشاعر.
إن واجب الداعي ال يقتصر على إبالغ الناس حكم هللا تعالى في
موضوع ،ولكنه مكلف قبل ذلك بأن يصوغ حياته لتتجاوب مع هذا
الحكم ،وال يتم له ذلك إال إذا أخذ في اعتباره أشعار القلب بهذ األحكام
لتتحول فيه إلى عقيدة تحمله على فعل الخير.
"إن حفظ معاني اإلسالم فقط دون أن تمس هذه المعاني لقلب ودون
أن ينصبغ بها السلوك ال يفيد في التقويم وال في صالح المسلم .أن من
يحفظ مناهج الرياضة في تقوية الجسد ويذكرها إذا سئل عنها أو
يرددها بنفسه دون أن يطبقها فعال في نفسه ال يكتسب صحة جيدة وال
99
Seni Pidato Arab
نفس المرجع ،ص ، 293-292 .نقال عن أصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان ،ص.427 . 49
نفس المرجع ،ص ،326 .نقال عن نقد النثر للدكتور طه حسين وعبد الحميد العبادي ،ص.95 . 50
100
Muh. Napis Djuaeni
وال يتمثل في الخطب الطوال التي يقام بـها في المحافل بشيء من
الشعر ،ومن أحب أن يستعمل ذلك في الخطب القصار والمواعظ
والرسائل فليفعل.
وأن يكون الخطب عارفا بمواقع القول وأوقاته واحتمال المخاطبين
له ،فال يستعمل اإليجاز في موضع اإلطالة فيقصر عن بلوغ المراد
وأال يستعمل اإلطالة في موضع اإليجاز فيتجاوز مقدار الحاجة إلى
اإلضجار والماللة ،فإن اإليجاز ينبغي أن يستعمل في مخاطبة
الخاصة وذوي األفهام الثاقبة الذين يجتزئون بيسير القول عن كثيره,
وفي المواعظ والسنن والوصايا التي يراد حفظها ونقلها.
وأما اإلطالة ففي مخاطبة العوام ،ومن ليس من ذوي األفهام ومن ال
يكتفي من القول بيسيره ،وال يتفتق ذهنه إال بتكريره ،وإيضاح تفسيره.
ولـهذا استعمل هللا عز وجل في مواضع من كتابه تكرير القصص،
وتصريف القول ليفهم من بعد فهمه ،ويعلم من قصر علمه .واستعمل
في موضع آخر اإليجاز واالختصار لذوي العقول واألبصار.
101
Seni Pidato Arab
وال عرف حدوده إال عمر بن العاص ،كان إذا تكلم تفقد مقاطع الكالم. 51
102
Muh. Napis Djuaeni
نفس المرجع ،ص ،340 .نقال ن الخطابة للدكتور درويش ،ص.43 . 53
103
Seni Pidato Arab
إن العناية بجمال اللفظ أنما هي أساسا من أجل المعاني حيث كانت
األلفاظ مدخال إلى النفس ،تـهيئا لتقبل الفكرة ،ثم إليجاد الوضع النفسي
الباعث على العمل.
104
Muh. Napis Djuaeni
الفصل الرابع
مكونات الخطيب صفاته وثقافته
105
Seni Pidato Arab
55األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،الخطابة وإعداء الخطيب (ط1 .؛ القاهرة :دار
الشروف ،)1981 ،ص.35 .
106
Muh. Napis Djuaeni
107
Seni Pidato Arab
تتوفر فيه هذه الصفة تكون خطبته عبادة ألنـها دعوة إلى سبيل
هللا.
108
Muh. Napis Djuaeni
109
Seni Pidato Arab
عبد البديع صقر ،كيف ندعو الناس (ط2 .؛ بيروت :دار القرآن الكريم ،)1983 ،ص-4 . 56
.5
110
Muh. Napis Djuaeni
111
Seni Pidato Arab
األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،المرجع السابق ،ص.138 . 58
112
Muh. Napis Djuaeni
113
Seni Pidato Arab
59األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عمارة ،الخطابة بين النظرية والتطبيق (ط1 .؛ الجزء
األول ،القاهرة ،األزهر :سلسلة البحوث ،)2008 ،ص.69 .
114
Muh. Napis Djuaeni
60نفس المرجع ،ص ،89 .نقال عن عيون األخبار ،الجزء الساني ،ص.173 .
61نفس المرجع ،في نفس المكان ،نقال عن الصناعتين ،ص.15-14 .
115
Seni Pidato Arab
تصريف القول وتجاوز لحظات الحيرة والدهش بما يملك من زاد يتيح
له الكالم في كل مناسبة وعلى أي مستوى.
إذا كانت الثقافة الدينية الزمة للداعية أو الخطيب في الدرجة
األولى ،فإن الثقافة األدبية واللغوية الزمة له كذلك ،ولكن األولى
تلزمه لزوم المقاصد والغايات والثانية تلزمه لزوم الوسائل واألدوات.
واللغة بمفرداتـها ونحوها وصرفها الزمة لسالمة اللسان وصحة
األداء فضال عن حسن أثرها في السمع بل صحة الفهم أيضا،
فاألخطاء اللغوية إن لم تحرف المعنى وتشوه المراد ،يمجها الطبع
وينفر منها السمع.
واألدب بشعره ونثره وأمثاله وحكمه ووصاياه وخطبه مهم
للداعية ،يثقف به لسانه ويجود أسلوبه ويرهق حسه ويقفه على أبواب
من العبارات الرائقة واألساليب الفائقة والصور المعبرة ،واألمثال
السائرة والحكم البالغة ويفتح له نافذة على الروائع والشوامخ ويضع
يده على مئات بل ألوف من الشواهد البليغة التي يستخدمها الداعية في
محلها ،فتقع من القلوب أحسن موقع وأبلغه.
117
Seni Pidato Arab
62عبد العليم إبراهيم ،الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية (ط18 ،؛ القاهرة :دار المعارف،
،)2008ص.27-26 .
118
Muh. Napis Djuaeni
هذه الصالحية التي ينتقل بـها حديثك من القلب إلى القلب ،بحيث
يشعر المستمع -كما يقول إقبال -برائحة قلب الخطيب المحترق بآالم
الناس وروحه المتطلعة الى إنقاذهم ،إنه حينئذ ال ينتزع الدالء من قاع
بئر عميق ،لكنه عندما يتحدث فكأنما يفيض بماء عذب سلسال بال
تكلف أو معاناة.
وإن الخطيب كما يقول باحث غربي ال يتحدث إلى عقول
السامعين فحسب ،بل يحاول أن ينفذ كذلك إلى عواطفهم ومن ثم إلى
إرادتـهم ،فإذا لم تواته طبيعة مستعدة لم يستطع أن يواصل مسيره إلى
63
أعماق اإلنسان.
األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عمارة ،المرجع السابق ،ص.141 . 63
119
Seni Pidato Arab
الفصل الخامس
تاريخ الخطابة
120
Muh. Napis Djuaeni
علي محفوظ ،فن الخطابة وإعداد الخطيب (القاهرة :دار االعتصام ،)1984 ،ص.21 . 64
121
Seni Pidato Arab
65األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،الخطابة وإعداد الخطيب (ط1 .؛ القاهرة :دار
الشروف ،)1981 ،ص.164 .
122
Muh. Napis Djuaeni
األعراض ،فعال بذلك شأن الخطابة واشتهر بـها اإلشراف .وكان لكل
قبيلة خطيب كما كان لكل قبيلة شاعر يحفظ عليهم مآثرهم ويفخم من
شأنـهم ويهول على عدوهم بل كان كل واحد منهم في نفسه خطيبا.
وأكثر استعمالها عندهم في مواضع التحريض على القتال،
والتحكيم في الخصومات ،وتحمل الديات ،وإصالح ذات البين،
والمنافرات ،والوصايا ،والوفادة على الملوك واألمراء .وحيث كان
القصد منها امتالك القلوب واستمالة النفوس كما هو شأن في الشعر
كان االعتماد فيها على األقوال الخطابـية المحركة للعواطف المأثرة
في النفوس ممثلة في صور العبارات الرائعة ،واألساليب المتينة
واأللفاظ العذبة لتستولى على النفوس وتأخذ بمجامع القلوب وكثرت
فيها الفواصل واألسجاع لحسن وقعها إلى ما فيها من استرواح
الخطيب وسهولة تدارك المعاني.
وللخطابة الجاهلية مواقف كثيرة ،أهـمها ما ذكرنا من اجتماع
القوم للتشاور في األمر من أمورهم كالقيام بحرب ،أو اإلصالح بين
متنازعين .ويأتي بـهذه المواقف خطب ومحاورات ،ويتبع ذلك
الوصايا التي يقدمها رئيس القوم أو حكيمهم لقومه ،أو ألوالده ،وفي
أسواقهم كانت تقوم بــينهم المنافرات والمخافرات ،ويتعالى كل
شخص أو قبيلة على اآلخر.
وخطب الجاهليين وأدعيتهم ومحاوراتـهم ووصاياهم ،كلها مما
يستعين به الخطيب الحديث ،ويجد فيها مددا واسعا بالرأي والفكر،
وبالتعبير والبالغة.
وكان للخطباء في الجاهلية سمات وعادات استمرت إلى ما بعد
ظهور اإلسالم ،وال يزال الكثير منها موجودا إلى اآلن .ذلك أن
أغراض الخطابة والوسائل المؤدية إلى اإلقناع ال تتغير إال قليال.
وفي المواقف الحاشدة والمجامع الكبيرة يخطبون على ظهور
رواحلهم .وقد خطب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في حجة الوداع
بعرفة وهو راكب ناقته القصواء ،وكان تحت عنقها ربيعة بن أمية بن
خلف يعيد قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ويصرخ به لكثرة
المشاهدين وبُعد الذين في طرف الجمع عنه صلى هللا عليه وسلم .وفي
123
Seni Pidato Arab
الحاالت العادية يكون الخطيب واقفا إال في خطب اإلمالك فإنه يتحدث
66
وهو جالس.
وخطب العرب ضربان :طوال وافية وقصار كافية .ولكل مقام
يليق به ،قيل ألبي عمر بن العالء :هل كانت العرب تطيل؟ فقال نعم
ليسمع منهم ،فقيل له وهل كانت توجز؟ قال نعم ليحفظ عنهم .وقد
مدحوا اإلطالة في مكانـها كما مدحوا اإليجاز في مكانه ،فكانوا
يستحسنون اإلطالة في خطب الصلح.
وكانوا إلى القصار أميل النطباعهم على اإليجاز ،وألنـها إلى
الحفظ أسرع وفي البقاء أشيع ،وكانت لهم عناية بسرد كثير من الحكم
والنصائح واألمثال وخصوصا في القصار منها.
ومن أشهر خطبائهم كعب بن لوءى وذواألصبع العدواني وقيس
بن خارجة بن سنان وخويلد بن عمرو الغطفاني وعمر بن كلثوم
التغلبي وقيس بن ساعدة األيادي وأكثم بن صيفي.
وقد أجمع علماء األدب على متانة قيس وأكثم وأنـهما أرعى
للحق وأبر بالمكارم خصوصا وأن في خطبهما كالما عن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم وأحوال اآلخرة وإن كانا في باب األدب أدخل
منهما في باب الدين إال أن الخطيب الديني يلزم أن يكون أديبا قبل كل
67
شيء.
) (3الخطابة في اإلسالم
نصل اآلن إلى الكالم عن الخطابة في اإلسالم ،حيث نتحدث
هنا عن الخطابة في صدر اإلسالم ،والخطابة في العصر األموي ثم
نتناول الخطابة في العصر العباسي.
أوال :الخطابة في صدر اإلسالم
لما كان مبدأ كل انقالب عظيم في أية أمة إما دعوة دينية أو
سياسية وكانت تلك الدعوة تستدعي السنة قوالة من أهلها لتأييدها
ونشرها والسنة من خصومها ألدحاضها والصد عنها .وذلك ال يكون
124
Muh. Napis Djuaeni
الرسول صلى هللا عليه وسلم يعتمدون عليها في شرح فكرة اإلسالم
وتحبيب الناس فيه .واستعملها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو
بمكة إلعالن قومه برسالته .وهكذا الخطابة أول سالح استعمله
اإلسالم إلعالن مبادئه والدعوة إليها.
وكان الذين يدخلون اإلسالم يدخلونه عن اقتناع ورغبة ومحبة
وعاطفة ،وكان حبهم اإلسالم وتقديرهم نعمة هللا عليهم به ،يحملهم
تلقائيا على الدعوة إليه ،ويستعينون على ذلك بالخطابة ،فكان المحيط
اإلسالمي كله مدرسة خطابية ،قويت فيها الخطابة وكثر الخطباء.
وكان عصر الرسول صلى هلل عليه وسلم كله عصر جهاد
ودعوة ،فلما انتقل إلى الرفيق األعلى بدا موقف خطابي عظيم فيمن
يتولى الخالفة بعده.
عندما ارتد معظم العرب ومنعوا الزكاة وقام بين المرتدين
خطباء يدعون إلى الثبات على اإلسالم كما فعل سهيل بن عمرو في
مكة وعثمان بن أبي العاص في الطائف ،ونجد ألبي بكر مجالس
شوري يتناوب فيها هو والصحابة الرأي ،من ذلك جمعه الصحابة
واستشارتهم فيما يفعل إزاء المرتدين ،وبعد انتهاء هذه الحروب
جمعهم أيضا ليستشيرهم في غزو الروم ،وهي مواقف شبيهة بمواقف
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .واستشارته الصحابة يوم بدر ،وكذلك
استشارتهم يوم أحد ،وهذه المواقف االستشارية من مواقف
الديمقراطية ومظهر من مظاهر حرية الرأي التي تنشط فيها الخطابة
68
وتقوى .وكان عهد عمر في جملته استمرارا لعهد أبي بكر.
126
Muh. Napis Djuaeni
127
Seni Pidato Arab
األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،المرجع السابق ،ص.210 . 70
128
Muh. Napis Djuaeni
129
Seni Pidato Arab
130
Muh. Napis Djuaeni
131
Seni Pidato Arab
هللا تعالى وتأسيس الملك بحالة تغاير ما كانت عليه العرب في
الجاهلية في ذلك.
صفاء ألفاظها وسهولة عباراتـها ومتانة أساليبها وتجنبها سجع .3
الكهان وقلة القصد فيها إلى سرد الحكم القصيرة الدقيقة لمناسبة
وغير مناسبة خالفا لما كانت عليه في الجاهلية.
قوة تأثيرها ووصولـها إلى سويداء القلوب وامتالكها الوجدان .4
والشعور بما يرفق القلوب القاسية ويسيل األعين الجامدة.
محاكاتـها أسلوب القرآن الكريم في اإلقناع واستمدادها .5
من آياته حتى اشترط بعض األئمة اشتمال الخطبة على شيء
منه.
بداءتـها بحمد هللا عز وجل والثناء عليه تعالى والصالة والسالم .6
على النبي وآله وصحبه.
) (4الخطابة في النهضة األخيرة
نصل اآلن إلى الكالم عن الخطابة في النهضة األخيرة.
لقد كانت دائرة الخطابة ضيقة في فاتحة هذه النهضة فكان أهل
مصر وسوريا والحجاز ال يستعملونـها إال في األغراض الدينية ،ثم
تنوعت أغراضها لما اتسعت دائرة األفكار في عهد إسماعيل باشا
وعلى أثر مجيء السيد جمال الدين األفغاني إلى مصر فقد ألتف حوله
كثير من رجال األزهر وأدباء مصر وسوريا وأدخلهم في جمعيته،
واتـخذ لـهم أندية كانوا يتناوبون فيها الخطابة في األمور الدينية
واألخالقية ثم انتقلت منها إلى الشئون السياسية وفشت الخطابة على
عهد توفيق باشا بين الشبان مصر وولدت رجال الثورة العربية ،ومن
أشهر خطبائهم السيد عبد هللا النديم وكان رحمه هللا ال يدانيه أحد في
البديهة وشدة العارضة وقوة التأثير في السامعين ،وكان يجيد الخطابة
بالعربية الفصحى والعامية ،واألستاذ اإلمام الشيخ محمد عبده
وغيرهما .ولما أقيمت الجمعيات العمومية والنوادي األدبـية وتعددت
األحزاب السياسية بمصر أخذت الخطابة تحتل مكانة سامية في الحياة
السياسية واألدبـية وأصحبت في هذا العصر على حال زاهية ال تقل
كثير عما كانت عليه في أطوارها األولى أيام الدول العربية.
132
Muh. Napis Djuaeni
133
Seni Pidato Arab
الفصل السادس
أنواع الخطابة
قسم اليونان قديما الخطابة إلى ثالثة أقسام تبعا ألصول الزمان
من ماض وحاضر ومستقبل وسموها "التـثـبـيـتـية" أو البيانية
والشورية والقضائية.
فاألولى :تختص بالزمن الحاضر لمدح فترغيب أو ذم فتنفير.
والثانية :تتعلق بالمستقبل لحمل السامعين على جلب النفع لألمة
أو دفع الضر عنها أو للحض على الحرب أو السلم وسن القوانين التي
تسير عليها األمة.
والثالثة :تختص بالماضي ،والغاية منها الدفاع عن متّهم بتبرئته
أو الحكم عليه بادانته وهي من اختصاص المحامين ورجال النيابة.
وهذا التقسيم وضعه أرسطو في كتابه المعروف بالخطابة ،وقد
سار على هذا التقسيم أرباب الخطابة عشرين قرنا ،ولعله لـم يتعرض
للخطابة الدينية لندرة استعمالـها في أمته ثم تطورت أحوال المعيشة
73
المدنية والسياسية والدينية مما دعا إلى تبذيل ذلك التقسيم.
73علي محفوظ ،فن الخطابة إعداد الخطيب (القاهرة :دار االعتصام ،)1984 ،ص.69 .
134
Muh. Napis Djuaeni
إذا كانت الخطابة تنقسم إلى ثالثة أقسام تبعا ألصول الزمان
فأصبحت اآلن تتنوع إلى أنواع عديدة وهي :الخطابة السياسية،
والخطابة القضائية والخطابة العسكرية والخطابة الدينية والخطابة
االجتماعية وخطابة المحافل وخطابة الرثاء وخطابة النكاح والخطابة
العلمية.
135
Seni Pidato Arab
137
Seni Pidato Arab
76األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،الخطابة وإعداد الخطيب (ط1.؛ القاهرة :دار
الشروف ،)1981 ،ص.86 .
77األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عمارة ،الخطابة بين النظرية والتطبيق (ط2 .؛ الجزء
االني ،القاهرة :األزهر الشروف ،سلسلة البحوث اإلسالمية ،)2008 ،ص.61 .
78األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،المرجع السابق ،ص.86 .
138
Muh. Napis Djuaeni
139
Seni Pidato Arab
األستاذ الدكتور محمود محمد محمد عمارة ،المرجع السابق ،ص.362 . 80
140
Muh. Napis Djuaeni
141
Seni Pidato Arab
األستاذ الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ،المرجع السابق ،ص.108 . 82
142
Muh. Napis Djuaeni
143
Seni Pidato Arab
الكبيرة المنظمة واآلثار البديعية المحكمة ولم يهتد بالسنن الكونية إلى
وجوب وحدة الصانع الحكيم يكون كاألنعام بل هو أضل ،وذلك سر
كون هللا تعالى ال يغفر أن يشرك به ألن الشرك قد عطل مواهبه وكل
حواسه من النظر في الكائنات ،وأنكب في الشهوات على وجهه.
والخطابة الدينية دائما ذات مغزى شريف وأغراض سامية نبيلة
ألنـها دائما تلفت الذهن إلى الجزاء األخروي وتحذر من الحساب على
األعمال ،وتذكر بالوقوف أمام هللا تعالى فهي بهذا ترفع اإلنسان عن
األغراض المادية وتتسامى به إلى المعنويات.
والخطبة السياسية تدور حول أعمال مادية بحتة من إنشاء
مشروعات مثمرة أو تنمية الزراعة وتنشيط التجارة وما إلى ذلك
والخطبة القضائية تدور حول تبرئة شخص أو عقوبته وق ّل مثل ذلك
في الخطب األخرى فهي جميعا تدور حول أمور دنيوية .أما الخطبة
الدينية فتشمل ذلك كله ،ولكنها تربطه بجزاء أخروي من هللا تعالى،
وهذا ما عبر عنه الشراح بقولهم :الخطبة الدينية تتجه باإلنسان إلى
السماء حيث تربطه الخطب األخرى إلى األرض وتسمو به إلى
المعنويات حين تـهبط به الخطب األخرى إلى الماديات ،والغرض
بين االتجاهين بعيد وواسع جدا.
إذا أراد أن يتكلم الخطيب عن الشرك الخفي الواقع في الناس
سواء جاء من طريق الرياء أو االعتماد على األسباب يقول :أن مثل
هذا قد تغلب عليه الشيطان بخيله ورجله فأضاع عليه الوقت بضياع
عمله ألن من يعمل لغيره ال بد له من جزاء إن كان عاقال بل من يعمل
لنفسه ال بد له من ثمرة يتوخاها ،والناس واألسباب المادية ال تأثير
لـها وال تجازي بثواب ،وقد اتقطع مدد هللا عنه فإنه لـم يعمل له ،وهذا
هو الخسران المبين ثم يذكر آيات وأحاديث التحذير من الشرك بنوعية
المنذرة بوخامة العاقبة وسوء المغبة.
وإذا خطب الخطيب في الزنا يذكر أضراره البدنية واألخالقية
واالجتماعية من اختالط األنساب وتفريق الوحدة وأن زواج الزانية
يضيع ماله على أوالد األجانب ،وأن الزانية والزاني قد هتكا حرمة
الزوج واعتديا على حقه الشرعي وهتكا االسرة وتشبها بالحيوان
144
Muh. Napis Djuaeni
األعجم ،وأن من اجترأ على هللا بارتكاب هذه الجريمة يجترئ في
سبيل شهواته على ضرر العباد والسعي في األرض بالفساد .فضال
عما في الزنا من التعرض لغضب هللا ومقته ،ثم يأتي بآيات وأحاديث
الزنا وفظاعة عقوبته حيث كان فاحشة وساء سبيال.
ومن يخطب في التحذير من الربا يذكر ما فيه من األضرار
المالية واالقتصادية وأنه ما انتشر في أمة إال ذلت بعد عزها وافتقرت
بعد غناها وفقدت قوتـها واستقاللها ووقعت في قبضة االستعباد .هذا
إلى ما في الربا من المحق وذهاب البركة ومحاربة هللا والتعرض
لغضبه وعقوبته في العاجل واآلجل ،ويستدل على هذا كله باألدلة
النقلية والمشاهدات الحسية.
ومن يخطب في التحذير من تناول المسكرات وتعاطي
المخدرات ذكر ما فيها من األضرار المالية والصحية والخلقية
واالجتماعية وأردف ذلك بما جاء فيها من الوعيد الشديد الوارد في
الكتاب والسنة.
وبالجملة إذا تكلم في المنكرات يحللها على هذا النحو بادئا بأشدها
خطرا وأكثرها وقوعا في األمة التي يخطب فيها ،ويعالجهم بالطرق
المتنوعة الحكيمة.
وإذا خطب الخطيب في باب األوامر والفضائل عمد الخطيب
إلى شرح شعب اإليمان شعبة شعية وتكلم عن كل شعبة منها على
حدة كالصالة والزكاة والصيام والحج والصدق والوفاء واألمانة
والحياء مبينا حكمة مشروعيتها وآثارها التي تعود على صاحبها
وعلى المجتمع اإلنساني ،وما في تركها من االتصاف بأضدادها من
خسارة عليه وعلى الحياة االجتماعية مشفوعا ذلك باألدلة النقلية
والعقلية والحسية مراعيا أيضا أكبرها خطرا وأكثرها شيوعا في
الناس.
وعندما يخطب الخطيب في المواسم بما يناسب الحال فيتكلم في
رمضان مثال في وجوب الصيام حتى على األمم السابقة مبينا سر
مشروعيته من ضبط الناس وأضعاف شهوتـها وكونـها وسيلة إلى
145
Seni Pidato Arab
تربية النفس وتـهذيبها على قوة اإلرادة فإنـها إذا انقادت لالمتناع عما
ال غني له عنه من الغذاء فأولى أن تنقاد لالمتناع عما ال حاجة لـها
فيه من الحرام ،فكان سببا في اتقاء المحارم وقوة العزيمة ،وأنه يبعث
في اإلنسان فضيلة الرحمة بالضعفاء والعطف على البائسين ،ثم يبن
ما للصائم عند هللا من عظيم المثوبة على هذا الجهاد العظيم ويذكر ما
ورد فيه من أحاديث الترغيب.
ويتكلم الخطيب في العيدين عن األعمال المطلوبة من صدقة
وأضحية وتـهليل وتكبير وصلة رحم وعطف على بائس وأرملة
وإكرام يتيم مرغبا في العفو عن الـهفوات والصفح عن الزالت وترك
الخصومات واإلصالح بين الناس ،ويحذر الناس من العوائد المحرمة
والبدع القبيحة ،وينبغي أن يتكلم على صدقة الفطر في الجمعة التي
قبل العيد ليحسن الناس أداءها في الوقت األفضل على الوجه
المطلوب.
ويتكلم في شهر ربيع األول على سيرة رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم بذكر نسبه وحسبه ومزايا قومه وعشيرته وأخبار مولده وتربيته
وصفة معيشته في نفسه وزواجه وسيرته مع أهله تمهيدا لبيان المقصد
األعظم وهو نبأ بعثته التي كانت رحمة للعالمين مبينا ما كان عليه من
األخالق الكريمة واألداب العالية وما تم على يديه من اإلصالح
وجالئل األعمال وما قاساه من األهوال والمتاعب الشديدة في سبيل
الدعوة إلى هللا تعالى مستمد ذلك كله من الكتاب المبين وصحيح السنة
وما تمس الحاجة إليه .ليتذكر المؤمنون منة هللا تعالى عليهم ببعثته
ويزداد تعلقهم بـهذا الرسول العظيم صلى هللا عليه وسلم ويحرصوا
على اتباعه واالقتداء به والتمسك بدينه وإحياء سنته والتحلى بآدابه.
ويتكلم على القرآن الكريم مبينا شيئا من فضائله وما يجب على
التالي والسامع له ،وأن القارئ إنما يتكلم بكالم هللا كنائب عنه في
إسماع الناس وما شرع لـهم فيه .وأن من أعرض عن القارئ فقد
أعرض عن هللا ،وأن من أخل باألدب عند سماعه فقد أخل باألدب بين
يدي ملك الملوك ،ويضرب لذلك األمثال ويذكر للناس إجماال ما في
القرآن من المقاصد وأنواع الـهداية التي تكفل لمن سلكها وتحلى بـها
146
Muh. Napis Djuaeni
سعادة الدارين ،وأن تالوته عبادة وسماعه عبادة وأن الخضوع عند
سماعه والتأثر به خضوع هلل ولجالله وآية الفالح والـهداية.
وعلى الجملة يحض الناس على احترام مجلس القرآن ويحذرهم
من انتهاك حرمته بالتغنى به أو اإلعراض عنه ،ثم يلفت الناس إلى
تعلمه وتدبره لتتسع عقولـهم وتستنير بصارئهم ويحث المسلمين على
المحافظة عليه بحفظ طائفة كثيرة من أبنائهم له في كل عصر محافظة
على ينبوع الملة وأساس السعادة في العاجل واآلجل.
147
Seni Pidato Arab
148
Muh. Napis Djuaeni
149
Seni Pidato Arab
150
Muh. Napis Djuaeni
خطبة النكاح هي الخطبة التي تقال عند عقود القران وهو نوع
ال يزال مستعمال في أيامنا وأكثر ما نستعمله نحن اآلن بعد أن يتم عقد
القران ليكون تـهنئة للزوجين وألسرتيهما ،وكانوا قديما يستعملونه
قبل إجراء العقد يجعلونه إعالنا من الزواج وآله ،ورغبة في األصهار
إلى آل الزوجة .وكان هذا الموقف متأثرا بعاداتـهم من وصف الزوجة
بالتمتع.
وخطبة النكاح في أيامنا هذه ال مشقة فيها وال تفترق عن أي
خطبة من خطب المناسبات األخرى.
وأنجح الطريق للخطيب في عقود القران أن ينجح كثيرا إلى
الحديث عن الزواج وأثره في الربط بين أسرة وأخرى وفي إنجاب
النسل الصالح وتشابه الفروع باألصول وما إلى ذلك .وأكثر ما انتهى
إلينا من خطب الزواج موجزا قصيرا قليل منه مطوال.
151
Seni Pidato Arab
152
Muh. Napis Djuaeni
التأبين مقبوال خفيفا على القلوب إال لذوي القدر الجليل والمآثر الحميدة
التى تشعر الناس بفقدهم.
والمنهاج العلمي لـها ما يأتي:
.1افتتاح الخطبة بما يناسب المقام من آية كريمة أو حديث شريف
أو حكمة بليغة أو مثل سائر أو بيت شعر حكيم وما إلى ذلك مما
يدل على أن الدنيا دار زوال أو دار فناء ال دار قرار أو دار بقاء
وأن عطاءها متبوع بالسلف وحلوها مشفوع بالمر كقوله تعالى:
.1كل نفس ذائقة الموت
.2كل شيء هالك إال وجهه
.3كل من عليها فان.
.4مدح الفقيد بذكر مآثره على نحو ما تقدم في منهاج المدح وزاد
هنا ذكر حاله عند الموت وسبب الوفاة كما لو مات شيخا ورعا
حميد الذكر يخشى هللا.
.5تسلية أهله وذويه ببيان أن الكل يشاركونـهم في الحزن
ويشاطرونـهم األسي وأنـهم ليسواهم المصابين فيه وحدهم
وليس األلم قاصرا عليها ،بل لـهم فيه شركاء.
.6ثم ينتقل فيرغب السامعين في االقتداء به والسير على نهجه
ويسلم على الفقيد ويدعو له وبذلك تتم الخطبة.
وخطب الشكر وهو الثناء بالجميل على المتفضل به بتعديد مناقبه
وذكر إحسانه ،قال في العقد الفريد :الشكر المتعارف بين الناس هو
إظهار النعمة والتحدث بـها وبسط اللسان بالحمد والتعظيم للمنعم بـها
والتنويه بذكره ورفع قدره ،وهو برهان على االعتراف بالجميل وعدم
نكران المعروف ،وذلك من أخالق الكرام وسجايا الفضالء ذوي
الحسب الرفيع ،فإن األصول الكريمة هي التي يملكها اإلحسان ،وقد
قيل" :لـم يشكر هللا من لـم يشكر الناس".
والمنهاج العلمي لـها ما يأتي:
.1ذكر صنيعة المحسن وارتياح المحسن إليه بقبولـها.
.2تعظيم قدر اإلحسان.
.3بيان أن هذه النعمة سيبقي ذكرها في النفوس ما بقيت فهو يشكره
عليها ما دام حيا.
153
Seni Pidato Arab
154
Muh. Napis Djuaeni
الفصل السابع
النماذج من الخطابة
) (1األمـانـة
الحمد هلل الذي حثنا على أن نتخلق بصفة األمانة ونـهانا عن سوء
الخلق والخيانة ،وأشهد أال إله إال هللا وحده ال شريك له أمرنا بأوامر
صلنا مجد الدنيا والسعادة (يوم لو التزمنا بـها عشنا أعزة مكرمين وح ّ
ال ينفع مال وال بنون إال من أتى هللا بقلب سليم) ،وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله جمع مكارم األخالق كلها ،فهو قدوة ألمته ليقتدوا بـه
في أخالقه وقال عن نفسه :إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق ،اللهم صل
وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين .
ََٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ْ َّ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ ُ ٓ ْ
أما بعد ،قال هللا تعالى ﴿ :يأيها ٱَّلِين ءامنوا َل َّتونوا ٱّلل وٱلرسول وَّتونوا
َ َ َ َ
َ َٰ َ َٰ ُ َ
ِكم َوأ ُنتم تعل ُمون ( ﴾ ٢٧األنفال.)27 : أمنت
ياعباد هللا ،جاء اإلسالم بشريعة سمحة بينت الحسن والقبيح وأقر الحق
والعدل فمنعت اعتداء األقوياء على الضعفاء ،وأعطت كل ذي حق
حقه وقررت مبادئ سامية تنشر بين الناس المودة وتبث فيهم روح
المحبة ،وتجعل العالقة االجتماعية بينهم قائمة على األخوة الخالصة،
يحافظ كل إنسان على حقوق غيره من المواطنين ويعرف ما له وما
عليه ،فأطمأت النفوس وسلمت األرواح واألموال واألعراض.
ووضح للناس المنهج القويم لآلداب واألخالق.
وإن من أجل الصفات التي حثت عليها شريعة اإلسالم صفة األمانة،
وهي في حقيقتها شعور المرء بتبعته في أمر يوكل إليه ،فيراقب ربه
ُ
الذي يطلع على سره وعالنيته ويعلم نجواه وحركات تفسهَ ﴿ :وه َو
َ َ َ ُ َ َ ُ َّ ُ َ َّ ُ
ّلل ِف ٱ َّ َ
ِسكم َو َجه َركم َويَعل ُم َما تكس ُِبون ٣ ِ م لعي ۡرض
ِ لسم َٰ َو َٰ ِ
ت َو َِّف ٱَل ٱ ِ
155
Seni Pidato Arab
﴾ (األنعام ،)3 :ولكي يتخلق اإلنسان بـهذه الصفة عليه أن يكون ذا
ضمير يقظ يدفعه إلى فعل الخير واجتناب الشر.
واألمانة هي الخلق الذي يتواصى المسلمون برعايته ويستعينون هللا
على حفظه ،وقال النبي صلى هللا عليه وسلم :ال إيمان لمن ال أمانة
له ،وال دين لمن ال عهد له (رواه أحمد).
وكثيرا ما كان الرسول يستعيذ من الخيانة التي تؤدي إلى سوء المنقلب
في األخرة كما يستعيذ من شفاء العيش في الدنيا .واألمانة صفة أنبياء
هللا ورسله فهم في الذروة العليا من مكارم األخالق ولـهذا كانت من
صفاتـهم الواحبة لـهم التي تـميزهم عن غيرهم.
وسيدنا يوسف كان أمينا في بيت العزيز ،فحينما تعرض لموقف من
َ
مواقف الفتنة ،وتعرضت له امرأة العزيز رد عليها بقوةَ ﴿ :و َر َٰ َودت ُه
َ َّ َ َ َ ََ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ َّ َّ ُ
ت لكَۚ قال َم َعاذ ٱّللِۖٗ ت ٱَلبوَٰب وقالت هي ٱل َِّت ه َو ِِف بَيت َِها عن نف ِ
سهِۦ َوغلق ِ
َّ ُ َ ٓ َ َ َ َ َ َ َّ ُ َ ُ ُ َّ َٰ ُ َ
إِنهۥ ر ِّب أحسن مثوايۖٗ إِنهۥ َل يفل ِح ٱلظل ِمون ( ﴾ ٢٣يوسف.)23 :
وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يلقب قبل بعثته بالصادق األمين
واستمر هذا اللقب له حتى من أعداء دعوته الذين اتـهموه بالسحر
والكهانة ،إال أنـهم كانوا يقدرون فيه صدقه وأمانته ،وال غرو في ذلك
ِيم ( ﴾ ٤القلم.)4 : ك لَ َع َ َٰ ُ ُ َ
َّ َ
َل خل ٍق عظ ٖ فقد مدحه بقولهِ ﴿ :إَون
أيها المسلمون :ليست األمانة مقصورة على حفظ الودائع وردها إلى
أصحابـها كاملة ،بل ذلك أحد مظاهرها ،وهللا تعالى قد أمرنا برد
َّ َّ َ َ ُ ُ ُ َ ُ َ ُّ ْ
األمانات وأداء الودائع إلى أصحابـها فقال ﴿ :إِن ٱّلل يأمركم أن تؤدوا
َ َ ُ
ك ُموا ْ بٱل َعدل إ َّن ٱ َّ َ كم ُتم بَ ََ َٰٓ َ َ َ َ َ ٱَلَ َم َٰ َ
ّلل نِع َِّما ِ ِ ِ ُت نأ اس
ِ ني ٱنلَّ ح ا ِإَوذ ا ِه له أ َل ِ إ ت
ِ َٰ ن
َ ٓ َّ َّ َ َ َ ُ ُ
يا ( ﴾ ٥٨النساء .)58 :وقال النبي ص ّٗلل َكن َس ِميعۢا بَ ِ يَعِظكم بِهِۗۡۦ إِن ٱ
صلى هللا عليه وسلم :من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى هللا عنه،
ومن أخذها يريد أتالفها أتلفه هللا (رواه البخاري) ،بل أن األمانة أعم
من ذلك وأشمل ،فهي تكون على السر بالكتمان على المال بالحفظ
وعلى العرض بالصيانة ،أنـها تشمل أمانة اإلنسان على نفسه وعلى
كل عمل يليه .وهللا تعالى سمى التكاليف والشرائع أمانة ،حيث قال:
156
Muh. Napis Djuaeni
157
Seni Pidato Arab
استغالل النفوذ وفي رفض الهدايا التي تعطى رشوة في سبيل قضاء
مصلحة.
والقرآن الكريم يمدح الذين يراعون األمانة في أعمالهم فيقول:
َٓ َ َ َّ َ ُ َ َ َ َ َ َّ َ ُ َ َ
ِين هم بِش َهَٰدَٰت ِ ِهم قائ ِ ُمون
ِين هم َِلم َٰ َنَٰت ِ ِهم َوعه ِدهِم َر َٰ ُعون ٣٢وٱَّل﴿ وٱَّل
َ َ ََّٰ ْ َ ُ َ َٰٓ
َ ُ َ ُ
ِين ُهم َٰ َ َ ََ َّ
ت ُّمك َر ُمون ﴾ ٣٥
لَع صَلت ِ ِهم َياف ِظون ٣٤أولئِك ِِف جن ٖ
َ ٣٣وٱَّل َ
(المعارج.)35-32 :
158
Muh. Napis Djuaeni
160
Muh. Napis Djuaeni
161
Seni Pidato Arab
) (3بـرالوالدين
َ َ َ َ ُّ َ َ َّ َ ُ ُ ٓ ْ َّ ٓ
ِض ربك أَل تعبدوا إَِل الحمد هلل رب العالمين ،الحمد هلل القائل ﴿ :وق َٰ
ََ َ ُ ٓ َ َ ُ ََ َُ س انا َۚ إ َّما َيبلُ َغ َّن ع ََ
ِند َك ٱلك
ِّب أ َح ُده َما أو ِلَكه َما فَل تقل َّ ُ َ َ َ
إِياه وب ِٱلو َٰ َِلي ِن إِح َٰ ِ
َ ُ َ َ َ َ ُّ
اح ٱَّل ِل م َِن يما َ ٢٣وٱخفِض لهما جن ل َّ ُه َما ٓ أُف َو ََل َتن َهر ُه َما َوقُل ل َّ ُه َما قَو َٗل َكر ٗ
ِ ٖ
ِيا ( ﴾ ٢٤اإلسراء،)24-23 : َحةِ َوقُل َّرب ٱر ََح ُه َما َك َما َر َّب َيان َصغ ٗ ٱ َّلر َ
ِ ِ
والصالة والسالم على نبي الرحمة والهدى سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه أحمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المسلمون الكرام
من األعمال الصالحة الجليلة ،والفروض الدينية األكيدة التي أوجب
هللا على عباده رعايتها والقيام بـها "بر الوالدين" فهو يأتي في طليعة
األعمال الصالحة ،ومن جملة الفروض التي يجبها هللا عز وجل والتي
يدخرها اإلنسان لغده وهو األخالق الكريمة التي تكسبها حسن السيرة
في الدنيا ورضاء هللا في األخرة.
عن ابن مسعود رضي هللا عنه قال:
سألت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أي العمل أحبّ إلى هللا تعالى؟
قال :الصالة على وقتها ،قلت ثم أي ،قال بر الوالدين ،قلت ثم أي ،قال
الجهاد في سبيل هللا (رواه البخاري ومسلم).
أيها المسلمون رحمكم هللا
إن حق الوالدين على الولد من أجل الحقوق وأعظمها بعد حق هللا
سبحانه وتعالى ،ألن هللا إذا كان هو الخالق الحقيقي للولد ،فإن الوالدين
هما مصدر هذا الخلق وسببه المباشر ،وألنهما بذال من التضحيات
والجهود من أجل تربية األوالد وإعدادهم للحياة ما يستحقان المكافأة
عليه.
سئل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :ما حق الوالدين على ولدهـما ؟
قال :هما جنتك ونارك (رواه ابن ماجه).
162
Muh. Napis Djuaeni
عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال :ثالث أيات نزلت مقرونة بثالث
َ ُ
قوله تعالى: َ
واحدة بغير قرينتها َ .إحداهما َ ال تقبل
ُ ْ َ ْ ُ ْ
ِيعوا ٱ َّ َ ْ
ام ُن ٓوا أط ُ
ِين َء َ َّ
﴿ يََٰٓأ ُّي َها ٱَّل َ
ّلل َوأطِيعوا ٱ َّلر ُسول َوأو ِل ٱَلم ِر مِنكمۖٗ .1
َ َّ ُ ُ ُ َ ُ ُّ ُ َ َّ َ َ َ
نتم تؤم ُِنون ب ِٱّللِوه إَِل ٱّللِ َوٱ َّلر ُسو ِل إِن ك فإِن ت َنَٰ َزع ُتم ِِف َشءٖ فرد
ا َ َ
َوٱۡلَو ِم ٱٓأۡلخ ِِر ذَٰل َِك َخيَ ٞوأح َس ُن تَأوِيَل ( ﴾ ٥٩النساء.)59 :
فمن أطاع هللا ولم يطع الرسول لم يقبل منه.
لصلَ َٰو َة َو َءاتُوا ْ ٱ َّلز َك َٰو َة َوٱر َك ُعوا ْ َم َع ٱ ََّٰ
لركِع َ
ِني ( ﴾ ٤٣البقرة: .2 ﴿ َوأَق ُ
ِيموا ْ ٱ َّ
)43
ُ
فمن صلى ولم يزك لم يقبـل منه.
َ َ َٰ ُُ َ َ َ َ
َليهِ َ
َحلت ُه أ ُّم ُهۥ َوه انا َٰ َ
نس َن ب َو َٰ ِ َ َ َ َّ َ
لَع َوه ٖن وف ِصلهۥ ِِف ﴿ ووصينا ٱ ِۡل َٰ ِ .3
ص ُ َ َ َٰ َ َ َ َ َ ُ َ
ي ( ﴾ ١٤لقمان)14 : َل ٱل َم ِ
ك إ ِ َّ ني أ ِن ٱشكر َِل ول ِو َِلي
ًعم ِ
فمن شكر هللا ولم يشكر والديه لم يقبل منه.
أيها المسلمون الكرام
إن رضا والديك عليك يكسبك مجموعة من الثمرات الطيبة والنتائج
الباهرة التي ال يمكن أن تحصلها من باب آخر ،وسنذكر لكم بعضها،
علّنا نسعى إليها جميعا ،فنكسب خير الدنيا واآلخرة وسعادتـهما.
أولى هذه الثمرات:
كسب رضاء هللا تعالى ،وهو منتهي ما يهدف إليه المؤمن في حياته،
وأعظم ما يحصله في دنياه وآخرته .فرضاء هللا تعالى أعظم من الجنة
َ ََّٰ َ َ وما فيها ،يقول هللا تعالى َ ﴿ :و َع َد ٱ َّ ُ
ّلل ٱل ُمؤ ِمن َ
ت َت ِريت جن ِٖني َوٱل ُمؤمِنَٰ ِ
ت َعدن َورض َو َٰ ٞن مِنَ سك َِن َطي َب ٗة ِف َج َّنَٰ
َٰ َ َ َ َ َٰ ُ َ َٰ َ َ َ َ َ
ٖ ِ ِ ِ ِ مِن ُتت ِها ٱَلنهر خ ِِلِين فِيها وم
ِيم ( ﴾ ٧٢التوبة.)72 : ٱ َّّللِ أَك َ ُ
ّبَۚ َذَٰل َِك ُه َو ٱل َفو ُز ٱل َعظ ُ
وقد أشار النبي صلى هللا عليه وسلم إلى أن رضاء هللا تعالى مرتبط
برضا الوالدين ،فقال صلى هللا عليه وسلم :رضا الرب تبارك وتعالى
في رضا الوالدين ،وسخط هللا تبارك وتعالى في سخط الوالدين (رواه
البزار).
163
Seni Pidato Arab
والثانية:
ضمان الجنة إن شاء هللا تعالى ،فقد جاء رجل إلى رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم ،وقال يا رسول هللا :أريد الجهاد ،قال صهم :ألك والدان
؟ قال :نعم ،فقال صهم ألزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما.
الثالثة:
طول العمر وسعة الرزق ،عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال ،قال
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من سره أن يمدّ له في عمره ،ويزاد
له في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه (رواه أحمد).
الرابعة:
تبركم
ضمانك بر أبنائك لك ،قال صلى هللا عليه وسلم :بروا آباءكم ّ
أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم (رواه الطبراني).
أيها المسلمون رحمكم هللا
إن بر الوالدين يكون بمجموعة من األقوال واألعمال والصفات يقدمها
الولد بين يدى والديه ونخص بالذكر منها ما يلي:
أوال :حسن صحبتهما وكمال رعايتهما
جاء رجل إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال :من أحق الناس
بحسن صحابتي ؟ قال صلى هللا عليه وسلم أمك ،قال ثم من ؟ قال:
أمك ،قال ثم من ؟ قال أمك ،قال ثم من ؟ قال أبوك (رواه البخاري
ومسلم).
ثانيا :طاعتهما وعدم معصيتهما إال إذا أمر بما لـم يأمر به هللا تعالى
قال صلى هللا عليه وسلم طاعة هللا طاعة الوالد ،ومعصية هللا معصية
الوالد (رواه البزار).
ثالثا :مخاطبتهما باللطف واللين والقول الكريم ،يقول تعالىَ ﴿ :وقَ َ َٰ
ِض
ََ َ َ ُ ُ َٓ س انا َۚ إ َّما َيبلُ َغ َّن ع َ َ ك َأ ََّل َتع ُب ُد ٓوا ْ إ ََّلٓ إيَّاهُ َوبٱل َو َٰ ِ َ َ ُّ َ
ِند َك ٱلكِّب أحدهما ِ َٰ ح إ
ِ ِن ي َل ِ ِ ِ رب
ُ
لَك ُه َما فَ ََل َت ُقل ل َّ ُه َما ٓ أف َو ََل َتن َهر ُه َما َوقُل ل َّ ُه َما قَو َٗل َكر ٗ َ َ
يما ( ﴾ ٢٣اإلسراء: ِ ٖ أو ِ
.)23
164
Muh. Napis Djuaeni
رابعا :برهـما بعد وفاتـهما ،جاء رجل إلى رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم فقال :يا رسول هللا هل بقى من بر أبوي شيء أبرهما به بعد
وفاتـهما ؟ قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :نعم ،الصالة عليهما
واالستغفار لهما ،وإنفاذ عهدهـما من بعدهما وصلة الرحم التي ال
توصل إال بـهما وإكرام صديقهما (رواه أبو داود وابن ماجه وابن
حبان).
خامسا :النفقة عليهما وعدم إمساك المال عنهما
جاء رجل إلى النبي صلى هللا عليه وسلم فقال :يا رسول هللا
ان أبي أنفد مالي (أخذ كل مالي) فقال له صلى هللا عليه وسلم :اذهب
وائتني بأبيك ،فنزل جبريل األمين على النبي صلى هللا عليه وسلم
وقال :إن هللا عز وجل يقرئك السالم ويقول لك :إذا جاءك الشيخ فسله
عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه ،فلما جاء الشيخ قال النبي
صلى هللا عليه وسلم ما بال ابنك يشكو ،تريد أن تأخذ ماله.
قال :سله يا رسول هللا هل أنفقته إال على عماته وخالته أو على نفسي؟
فقال النبي صلى هللا عليه وسلم :أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما
سمعته أذناك؟ فقال الشيخ :وهللا يا رسول هللا ما يزال هللا يزيدنا بك
يقينا .لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي ،فقال النبي صلى هللا
عليه وسلم :قل وأنا أسمع ،فقال :قلت
غذوتك مولودا وعلتك يافعا تُع ّل بما أجنى عليك وتنهل
فأخذ النبي صلى هللا عليه وسلم حينئذ بتالبيب ابنه ،وقال له :أنت
ومالك ألبيك (رواه ابن ماجه والطبراني والبزار).
أيها المسلمين الكرام
كثر العقوق في هذا الزمان ،وساءت صحبة األبناء آلبائهم وأمهاتـهم
حتي رأينا من يطيع زوجته ويعق أمه ،ويتودد إلى صديقه ويعق أباه،
وهذا غاية الشقاء ومنتهي االجرام ،حيث أساء إلى أحق الناس بحسن
صحبته وكرم مودته .وقابل بالعقوق والكفران معروف والديه ،فلم
يشكر لـهما سعيا ،ولم يوفهما حقا ولم يرع لـهما حرمة وال ذمة وال
كرامة .
وعقوق الوالدين من الكبائر التي ال يغفرها هللا عز وجل والتي يعجل
عقوبتها في الحياة قبل الممات وال ينفع مع العقوق عمل ،قال النبي
165
Seni Pidato Arab
صلى هللا عليه وسلم :الكبائر اإلشراك باهلل وعقوق الوالدين وقتل
النفس واليمين الغموس (رواه البخاري).
وقال أيضا ،ثالثة ال ينفع معهن عمل :الشرك باهلل ،وعقوق الوالدين
والفرار من الزحف (رواه الطبراني).
أعاذنا هللا جميعا من ذلك ونرجوه أن يجعلنا جميعا من الراضين
المرضيين اإلبرار المتقين وللمتقين إماما ،أنه سميع قريب جميب وآخر
دعواان أن احلمد هلل رب العاملني.
166
Muh. Napis Djuaeni
المــــراجــــــع
167